1
منذ اندلاع الحرب العالمية السادسة تدمر كوكب الأرض تماما بعد أن عانى من دمار شامل وانتقل البشر الناجون للعيش في الفضاء لتبدأ رسميا العصور الكونية
و في العام مائة وثلاثة وعشرين من العصر الكوني فشلت خطة إصلاح الجينات البشرية مما أدى لظهور عيوب وراثية غير قابلة للإصلاح في الجينات البشرية وأصبح التكاثر والنسل أمرا صعبا للغاية فانخفض عدد سكان العالم بشكل حاد وألغت الحكومة الاتحادية الكونية عقوبة الإعدام رسميا
ولكن من أجل مكافحة الجريمة والحفاظ على السلامة البشرية
أنشأت الحكومة الاتحادية نظام حكم قضائي خاص للمجرمين الخطيرين وأطلقت عليه
اسم اليأس
لقد وضعوا قيودا خاصة على القوى الروحية
للمجرمين المحكوم عليهم ثم ألقوا بوعيهم الروحي في نظام العقاب والإصلاح وأرسلوهم إلى بيئات يائسة متنوعة ليعانوا ويهلكوا في عوالم افتراضية قاسية
بينما أجساد المجرمين فقد وضعت في كبسولات سبات تحت درجات حرارة منخفضة ولن يستعيدوا حريتهم إلا بعد محو قيمة الإجرام تماما والنجاح في عملية الإصلاح
__________________
اسم السجين: يي لي
الجنس : أنثى
العمر : تسعة عشر عاما
مستوى الجريمة : الفئة S
قيمة الإجرام : سبعة عشر ألفا وسبعمائة وثمانية وأربعون
… بدء فحص الحالة الروحية للسجين
في فضاء ناصع البياض كان صوت آلي بارد وخال من المشاعر يتردد باستمرار كانت يي لي تجلس على الأرض بوضعية مريحة ومسترخية وتسند يديها للخلف وهي ترفع رأسها قليلا لتنظر إلى بياناتها الشخصية المعروضة على شاشة افتراضية في الفضاء لم تظهر أي ملامح اضطراب على وجهها ذي التفاصيل الدقيقة ولم تكن تشعر بالضياع أو الحيرة تجاه وضعها الحالي ولا بالخوف أو الذعر من العقاب الوشيك بل كانت عيناها السوداوان تلمعان بوميض من الحماس والرغبة في التجربة
نعم إنها مجرمة خطيرة على وشك أن ترسل إلى عوالم اليأس لتقضي فترة عقوبتها
الحالة الروحية الحالية للسجينة ؛ طبيعية
… جاري البدء في تلاوة قواعد اليأس
__________________
القاعدة الأولى
الهدف الأساسي من اليأس هو العقاب والإصلاح حيث يخضع السجين لعقوبات جسدية ونفسية في بيئات قاسية لتغيير أفكاره الإجرامية وحثة على بدء حياة جديدة لذا يجب على السجين التعاون بنشاط مع عملية الإصلاح
القاعدة الثانية
بمجرد إنشاء عالم اليأس لا يمكن للسجين إنهاؤه بأي شكل من الأشكال قبل الوصول إلى معايير العقاب الكاملة
ولكن انطلاقا من النزعة الإنسانية توجد فرصة للنجاة في كل عالم يتاح للسجين فرص محددة للنجاة
فرصة للنجاة!!
تحرك البريق في عينيها الضيقتين قليلا مما جعل وجهها الذي كان يبدو خاملا وباردا قبل قليل ينبض بالحياة فجأة
القاعدة الثالثة
يجب على السجين في عالم اليأس الحفاظ على الشخصية الافتراضية التي يجسدها ولا يسمح له بالكشف عن هويته الحقيقية أو التصرف بتهور ومن يخالف ذلك سيعتبر أنة فشل في قضاء عقوبته مما يؤدي الى أزدياد قيمة إجرامه حسب تقدير النظام
انتهت تلاوة القواعد هل لدى السجينة أي اعتراض
… لا
انطلق صوت الأنثوي البارد دون أي تردد أو ارتياب بل كان من الممكن سماع شرارات من الحماس تشتعل في نبرتها الهادئة
بدء إنشاء عالم اليأس العد التنازلي بعد ؛ خمسة أربعة ثلاثة اثنان واحد
مع انتهاء كلمات النظام شعرت يي لي بضوء أبيض ساطع ينفجر فجأة أمام عينيها
وبعد ذلك مباشرة بدأ كل شيء من حولها بما في ذلك هي نفسها يتحول إلى رمال بلورية تتدفق بسرعة نحو الضوء الأبيض
وفي النهاية تلاشى واعيها في العدم
……..
لينينغ استيقظي!!
أهتز كتف يي لي وشعرت كأنها تستيقظ من حلم طويل فتحت عينيها فجأة لتجد نفسها مستلقية على طاولة بجانب الحائط
وقع بصرها على وجه يفيض بالشباب كانت فتاة ذات شعر طويل تسحب يدها التي ربتت بها على كتفها
قائلة : هيا استيقظي لقد انتهى الدوام الدراسي
اعتدلت يي لي في جلستها كما طُلب منها وبدأت تتفحص ما حولها بهدوء ودون إثارة الانتباه
كانت هذه غرفة صف واسعة وصاخبة تمتلئ بطاولات دراسية تكدست فوقها جبال من الكتب
وطلاب شباب يرتدون زيا مدرسيا موحدا باللونين الأزرق والأبيض لم تكن كلمات المعلم المكتوبة بالطبشور على السبورة قد مُسحت بعد وعلى اللوحة الخلفية كتبت عبارة تنازلي للامتحانات النهائية بقي مئتان وثمانية وثلاثون يوما بخط ملون وكبير
رفعت يي لي حاجبيها قليلا وبدت عليها ملامح المفاجأة
المشهد أمامها لم يكن سوى فصل دراسي عادي لطلاب السنة الثالثة ثانوي في بداية القرن الحادي والعشرين على كوكب الأرض ولا يبدو بأي حال من الأحوال أن له علاقة بما يسمى بانظام اليأس
هل يعقل أن تجربة حياة الجحيم لطلاب الثانوية هي العقاب والإصلاح المخصص لها
!!! تم إنشاء عالم اليأس الأول
بينما كانت غارقة في حيرتها رن صوت آلي بارد في رأسها
في عالم اليأس هذا يمكن للسجينة خصم عشر نقاط من قيمة إجرامها الأساسية مقابل كل يوم تقضيه
خصم عشر نقاط مقابل يوم واحد فقط أليس هذا الرقم كبيرا بعض الشيء؟
ازداد تعجب يي لي عند سماع ذلك هل هذا هو نظام العقاب والإصلاح الذي يرتعد منه المجرمون وتذكره الألسن بالخوف والرهبة
معيار اكتمال عالم اليأس هو الموت التام للشخصية التي تجسدها السجينة أما وقت الخدمة الفعلي فسيتم تحديده من قبل لجنة مراجعة اليأس حسب ما تراه مناسبا
فكرت يي لي للحظة ثم بدءت تتسائل بما أن هناك معيارا لاكتمال العالم فلماذا يقال إن هناك وقتا محددا للخدمة سيتم ترتيبه
هذا تناقض صارخ
المترجمة ( الي مافهم قصدهم هو في معيار محدد مامذكور بناء علية يتم تحديد نهاية هذة المرحلة لكن في نفس الوقت يقولون في وقت محدد لنهاية المرحلة هم يحددو)
اكمل الصوت البارد بقولة : يرجى من السجينة استكشاف التفاصيل بنفسها أثناء عملية قضاء العقوبة
نتمنى لك رحلة عقاب موفقة
…. عاد الصمت التام ليسكن عقل يي لي
“فيمَ سرحتِ؟ هيا اجمعي أغراضكِ لنلحق بمكان في المقصف، إن تأخرنا قليلاً سنضطر للانتظار طويلاً!”
أعادها صوت الفتاة ذات الشعر الطويل وهي تستعجلها إلى أرض الواقع
”حسناً
أغلقت الكتاب المفتوح أمامها ووضعته بعشوائية فوق كومة الكتب على الطاولة ثم نهضت قائلة: “لنذهب
“بسرعة، بسرعة!”، كانت الفتاة تحتضن مجموعة من الكتب، وانطلقت على الفور تقود الطريق نحو خارج الفصل
تبعتها يي لي وهي تمر بحذر بين تلال الكتب المتراكمة حتى خرجتا من الفصل
كان الصخب لا يزال يملأ المكان خارجاً وفي الممرات كان الطلاب يتحركون ويمرحون في مجموعات صغيرة هنا وهناك
بينما كانت يي لي تتبع الفتاة كانت تراقب المحيط بدقة
كان وقت الغروب، والشمس تميل نحو المغيب ناثرة أشعتها الذهبية الأخيرة على الأرض
موقعهما الحالي في الطابق السادس من مبنى التدريس ومن الممر المطل على الأسفل كان بإمكانها رؤية معظم أرجاء المدرسة بوضوح
على يسار مبنى التدريس كان هناك مبنيان صغيران من ثلاثة طوابق مصطفان جنباً إلى جنب أحدهما مبنى المكاتب للمعلمين والآخر مبنى مجمع يضم المختبرات والمكتبة وقاعة الحاسوب
أما بوابة المدرسة فكانت تقع على يمين مبنى التدريسي وفي الساحة الصغيرة أمام البوابة انتصب برج ساعة شاهق
ألقت يي لي نظرة على الساعة المثبتة في قمة البرج كانت تشير إلى الخامسة وأربعين دقيقة تقريباً
كان ملعب المدرسة ومباني السكن الطلابي تقع خلف مبنى التدريس بينما يقع المقصف والمتجر المدرسي بين السكن ومبنى التدريسي
استغرقت يي لي مع الفتاة أكثر من خمس دقائق من السير السريع للوصول إلى المقصف
بدى المقصف واسعاً ،يتسع لما لا يقل عن أربعمائة أو خمسمائة شخص لتناول الطعام في وقت واحد وبما أنه وقت انتهاء الدروس فقد كان المكان يغص بالرؤوس المتحركة
”كالعادة اذهبي أنتِ لحجز مكان وسأقوم أنا بإحضار الطعام” حشرت الفتاة الكتب التي كانت تحملها في حضن يي لي ودون أن تنتظر رداً استدارت وأسرعت نحو الطاولات الطويلة التي توضع عليها أطباق الطعام
تقبلت يي لي المهمة بهدوء تام وفي النهاية وجدت مكاناً في زاوية قريبة من المخرج وجلست فيه
أثناء وقت الانتظار قامت بالبحث في ذاكرة صاحبة الجسد الأصلية المتبقية في عقلها وعلمت أن اسمها هو لينينغ وهي طالبة عادية في الصف الثالث الثانوي
في هذه المدرسة
أما الفتاة ذات الشعر الطويل قبل قليل فهي زميلتها في الطاولة وصديقتها المقربة وتدعى تانغ تشي وبقية الذكريات لم تكن سوى تفاصيل يومية عادية ومعلومات مفيدة قليلة جدا
وبينما كانت تراقب الوجوه الحيوية التي تتحرك أمامها لم تستطع يي لي إلا أن تشعر بفضول متزايد أين هو ما يسمى باليأس على وجه التحديد؟؟
بعد الانتظار لعشر دقائق تقريبا شقت تانغ تشي طريقها أخيرا عبر حشود البشر العارمة وعادت حاملة صينيتي طعام ممتلئتين
قالت وهي تلهث دون أن تنسى طلب الثناء
تعالَي تعالَي امتدحيني بسرعة يوجد اليوم طبق لحم الدجاج المفضل لديكِ لقد أنجزت المهمة وأحضرته لكِ
أنتِ رائعة حقا أجابتها يي لي بثناء سخي ومدت يدها لتستلم الصينية التي قدمتها لها
كانت الصينية تحتوي على ثلاثة أنواع من الخضار وحصة من الأرز وإلى جانب لحم الدجاج كان هناك حصة من التوفو المطهو بصلصة الصويا وحصة من الكرنب المقلي التفتت تانغ تشي إلى الجانب الآخر من الطاولة وجلست في مواجهتها
وقالت بعد الانتهاء من الأكل لنذهب إلى المتجر الصغير فأنا أريد شراء بعض الأشياء حسنا وافقت يي لي ورفعت قطعة من اللحم باستخدام عيدان الأكل
كانت قطعة اللحم ذهبية اللون ومغطاة بالصلصة بشكل متساو وتفوح منها رائحة تجمع بين الحموضة والحلاوة وتبدو فاتحة للشهية للغاية
أرادت تذوقها
ولكن قبل أن تضع قطعة اللحم في فمها رن في أذنيها فجأة صوت جرس صف
قالت تانغ تشي وهي تعض على عيدان الأكل بابتسامة لقد دقت الساعة السادسة للتو لقد جئنا مبكرين اليوم
لكن في تلك اللحظة ومع انتهاء دقات الجرس الست انطفأت فجأة جميع مصابيح الفلورسنت في سقف المقصف
وفي الضوء الخافت تغيرت ملامح يي لي البغتة
لقد شاهدت بعينيها الفتاة التي تجلس أمامها وهي تتغير بسرعة مذهلة ومرئية للعين المجردة
بدأت بشرتها البيضاء الناعمة بالجفاف والتحول إلى اللون الداكن ثم الأزرق وبدأت خطوط شبكية بنية داكنة تشبه بيوت العنكبوت في الانتشار على وجهها
بدأت دماء حمراء داكنة تسيل من فتحات وجهها
وبعد ذلك مباشرة بدأ جلد جسدها بالكامل في الانتفاخ والتبثر والتعفن
وفي النهاية بدأت الدماء والقيح ذو الرائحة الكريهة في التدفق من الجروح المتفجرة وتساقط شعرها وأظافرها ومن خلال الأنسجة المتعفنة تحت الجلد كان يمكن رؤية العظام البيضاء الموحشة بوضوح
الفتاة التي كانت تبتسم قبل لحظة واحدة تحولت الآن تماما إلى جثة مرعبة ومنفرة!!!!!!
التعليقات لهذا الفصل " 1"