3
“لقد تم الأمر!”
وعلى عكس سكوت الذي كان سعيدًا لدرجة أنه كاد يقفز، تحدّث آرون آيزنهاور ببرود:
“أراك لاحقًا.”
عاد إلى سيارته المكشوفة دون أن يلقي عليّ التحية.
‘يا له من شخص حقير.’
وبغضّ النظر عن تصرفه، لم يكن قميصي القطني الرقيق كافيًا لحمايتي من البرد، لذا سارعت إلى الصعود إلى سيارة سكوت.
“آسف، كلوي. لنذهب إلى المنزل الآن.”
تحدث سكوت وهو يحكّ مؤخرة عنقه التي احمرّت مثل أذنيه.
“آسف لأنني جعلتكِ تنتظرين.”
“اعتذارٌ واحد يكفي.”
“ماذا؟”
“توقف عن الاعتذار.”
ابتسم سكوت ابتسامة محرجة وهو يعبر بوابة المدرسة.
“صحيح… آسف.”
يا إلهي، كيف أتعامل مع هذا الفتى اللطيف؟ هززت رأسي يائسة، وأسندت ظهري إلى المقعد.
كان سكوت صديق طفولة كلوي، ومنذ المرحلة الابتدائية ظل الصديق الوحيد لها. وبحكم أننا نسكن في الحي نفسه، كان كثيرًا ما يقلّني بسيارته عندما يكون والداي مشغولين.
“وداعًا.”
ابتسم سكوت بخجل ولوّح لي.
“نعم، أراكِ غدًا.”
عندما نزلت من السيارة، رمقني سكوت بنظرة كأنه يريد قول شيء آخر.
“ما الأمر؟”
“ذاك… أنتِ تعرفين أن لدينا تدريب الفرقة الموسيقية غدًا، صحيح؟”
آه صحيح. كنت على وشك أن أنسى زهرة إنجازات الـ«نيرد»: فرقة العزف المدرسية.
وعندما أومأت، راح سكوت يراقب وجهي بحذر قبل أن يسأل:
“بما أنكِ ستعودين معي بعد التدريب، هل… هل آتي لاصطحابكِ في الصباح أيضًا؟”
لو أتى سكوت لاصطحابي، فسأفلت من سخرية الطلاب في الحافلة. لكن هذا لا يعني أنهم سيتوقفون عن السخرية.
‘من المؤكد أنهم سيسخرون قائلين إن النيرد يتواعدان.’
وبمجرد أن تخيلت السخرية المتواصلة طوال اليوم، قررت أن أتحمل جولة واحدة منها في الحافلة أفضل من يوم كامل.
“لا، سأستقل حافلة المدرسة.”
ما إن رفضت، حتى انكمشت كتفا سكوت وكأنه شعر بخيبة أمل.
“آه، آسف. لقد تجاوزتُ حدودي.”
“الأمر ليس هكذا. ثم ألم أخبرك أن تتوقف عن الاعتذار؟”
ضحك سكوت بضعف:
“صحيح. لا أعرف لماذا أتصرف هكذا دائمًا.”
ترك هذه الكلمات الغامضة، ثم حرك ناقل السرعة.
“إذن، أراكِ غدًا في المدرسة.”
“نعم.”
وبعد أن ودّعته، عدت مباشرةً إلى المنزل، استحممت، ثم غفوت.
وفي اليوم التالي، جلست كعادتي في مقدمة الحافلة، أتحمل سخرية الطلاب.
“انظروا، النيرد!”
“هاهاها، هل رأيتم كيف جلست للتو؟”
“حقًا، هذا مضحك للغاية!”
لم أفهم ما المضحك بالضبط، لكن على ما يبدو كنتُ مصدر كوميديا لا تنضب. عبست، ملصقةً جبيني إلى نافذة الحافلة.
آه، ماذا سأفعل مع مادة التفاضل والتكامل؟
وبينما كنت غارقة في همّي المصيري حول الحفاظ على معدل 4.0 رغم هذه المادة، توقفت الحافلة عند المدرسة. نزلت، وهممت بالدخول من البوابة مباشرة، لولا أن—
“آه!”
“أوه!”
ذلك كان قبل أن أرتطم بالبطلة لفيلم المراهقين هذا، بريتني أندرسون.
“هل فقدتِ عقلكِ؟!”
أثارت صديقاتها المخلصات جلبة كبيرة.
“ماذا لو تأذت بريتني بسببكِ؟!”
“بري، هل أنتِ بخير؟”
إحداهن أخرجت منديلاً وقدّمته لها.
“امسحي به يا بري، قد تنتقل إليكِ جراثيم «النيرد».”
ماذا؟! رميتُهنّ بنظرة باردة، وقبل أن أفتح فمي، تحدثت البطلة بريتني:
“يا فتيات، لا تتحدثن هكذا مع كلوي.”
كونها تذكرت اسمي كان صادمًا بما يكفي، لكنها ذهبت أبعد من ذلك وسألتني بلطف:
“هل تأذيتِ؟”
آه… هذه هي شخصية البطلة الحقيقية. أردت أن أسألها إن كانت بخير أيضًا، لكن صديقاتها كن سيثُرنَ ضدي بالتأكيد. ثم إن لا خير في الانجرار وراء أبطال القصة.
“آ-آسفة!”
تراجعت سريعًا بخطوات مرتبكة ورأسي منخفض إلى الأسفل.
“تبا، هذه نيرد…”
لكن على ما يبدو، اعتذاري المرتبك لم يُرضِ صديقات بريتني، بل زاد الطين بلة.
“فتاة لا تستطيع حتى الاعتذار بشكل صحيح، ومع ذلك تصبح المفضلة لدى المعلمين؟ حقًا؟”
بدأ الغضب يغلي في داخلي، متسائلةً على أي إيقاع عليّ أن أرقص لإرضائهن، إلى أن جاء صوت بري:
“كفى، توقفن. كلوي على وشك أن تبكي.”
……عذرًا؟ تبكي؟! لم يقترب الأمر حتى. بالعكس، كنت مشغولة بتخيّل قبضتي وهي تصفع وجوههنّ المتعجرفة.
لكن ما دمت صُنّفت فجأة «الفتاة الباكية»، لم أجرؤ على رفع رأسي.
“اذهبن أنتن أولًا…!”
لوّحت بيدي في الهواء بشكل ضعيف، محاوِلة إنهاء الموقف، فانفجرت الضحكات من حولي.
“هاها! نيرد.”
تحت وقع سخريتهن، شددت قبضتي بصمت. عندها—
“تنحّين.”
كان الصوت المتجهم لآيزنهاور.
“يا إلهي، آرون…!”
وكأنهن اتفقن مسبقًا، تراجعت صديقات بري خطوتين أو ثلاث دفعة واحدة، ليتركن الساحة لها وله. ومن مجال رؤيتي، كان حذاء بري الأنيق يقابل حذاء آيزنهاور الرياضي اللامع.
“هذه المدرسة ليست ملككن وحدكن.”
يا لوقاحته! كدت أرفع رأسي لأحدّق فيه بحدة، لكن تذكرت أنه أحد الأبطال أيضًا.
حسنًا… سأبتعد ببطء.
وما إن بدأت أتحرك للخلف، حتى قاطعني صوته الحاد:
“أليس من الأدب أن تعتذري قبل أن ترحلي؟”
ماذا؟! رفعت رأسي بسرعة، متفاجئة. هل… يتحدث إليّ؟
نعم، إنه يقصدني.
كان آرون آيزنهاور يحدّق بي، وكأنه لا ينوي التراجع مطلقًا. كان واضحًا أنه مصمم على انتزاع اعتذار مني ولو كلّفه الأمر حياته.
ماذا أفعل الآن؟
وبينما كنت أبحث عن مخرج بعيني، ضحكت بريتني بإحراج:
“آسفة يا آرون.”
وضعت يدها برفق على كتفه وأردفت:
“كلوي لم تتورط في هذا الأمر إلا بسببي، فلا تلُمها. الذنب ذنبي أنا.”
آه… بري اللطيفة. من جديد لامست طيبتها قلبي، لكن ذلك الفظّ إيزنهاور مرّ بجانبها دون أن ينطق بحرف، دافعًا إياها ببرود.
خفضت بريتني يدها التي بقيت معلقة في الهواء بإحراج، ثم التفتت إليّ:
“كلوي، سنذهب الآن. آسفة مجددًا لأنني اصطدمت بكِ سابقًا.”
انحنيت بخجل مرة أخرى:
“ل-لا بأس…!”
لوّحت بيدي بارتباك، بينما انفجرت رفيقاتها ضاحكات قبل أن يجررن بري نحو الداخل.
وبينما أحدّق في ظهورهن، ارتطم شيء بكتفي بعنف، تلاه ألم لاذع. من يجرؤ على الاصطدام بي وسط هذا الممر الواسع؟!
“لماذا تسدّين الطريق، أيتها النيرد؟”
…إنه كايل. رمقته بغضب، لكنه اكتفى بابتسامة مستفزة ورفع كتفيه قبل أن يمضي. الوغد، كان واضحًا أنه تعمد ذلك.
يومًا ما سأتشاجر مع هذا الرجل بشدة.
هززت رأسي بيأس ومضيت في طريقي. ولم أكن أعلم أن «يومًا ما» ذاك سيأتي أسرع مما توقعت—فقد حلّ في وقت الغداء.
في طريقي إلى الكافتيريا، اصطدمت مباشرة بكايل جينسن.
“تبًا، لماذا كان لا بد أن تقفي هنا بالذات؟!”
حقًا؟! هذا ما يقوله، وأنا التي ابتللت من رأسي حتى قدمي بالكاتشب والخردل؟!
قلت وأنا أحدّق فيه بغضب:
“مهلًا… ماذا تنوي أن تفعل حيال هذا؟”
ضحك ساخرًا، كأنه لا يصدق ما سمعه:
“ها! وماذا عن غدائي أنا؟ لدي حصة تربية بدنية بعد الظهر! وأيضًا لدي تدريب كرة قدم بعد انتهاء الدوام!”
“…بإمكانك ببساطة شراء وجبة أخرى.”
كتمت غضبي وتابعت:
“لكنني لا أستطيع التجول هكذا.”
قهقه باستهزاء وقال:
“ولمَ لا؟ أنتِ تجوبين المدرسة بهذا الوجه القبيح بالفعل!”
ولم يكتفِ بهذا، بل أشار بذقنه نحو ملابسي المتسخة:
“ثم يمكنكِ غسل ثيابك في حمام المدرسة وارتداؤها مجددًا!”
كنت على وشك الرد والمطالبة بملابس بديلة، لكن أمسك أحدهم بمعصمي.
“تعالي معي.”
كان آرون آيزنهاور. وعندما حاولت غريزيًا أن أحرر يدي، قال ببرود:
“ألا ترين أن الطلاب لا يستطيعون تناول الغداء بسبب شجاركما؟”
وبالفعل، تجمع حولنا حشد كبير. نصفهم عالق في الطابور بانتظار دخول ا
لكافتيريا.
“إذن، اتبعيني.”
لم أفهم كيف كان ذلك مبررًا لأتبعه، لكن إيزنهاور تصرّف وكأن الأمر محسوم، واقتادني نحو غرفة تبديل الملابس الرياضية خلف الكافتيريا.
═══∘ ° ❈ ° ∘═══
ترجمة : أوهانا
الانستا : han__a505
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
Chapters
Comments
- 3 - 003 || دور "النيرد" في فيلم مراهقين³ 2025-08-27
- 2 - 002 || دور "النيرد" في فيلم مراهقين² 2025-08-27
- 1 - 001 || دور "النيرد" في فيلم مراهقين¹ 2025-08-27
التعليقات لهذا الفصل " 3"