في تلك اللحظة، نفد صبري تمامًا. وما إن استعدت وعيي، حتى كنتُ قد هشّمت وجهه مرات عدة بصينية الغداء.
“كلوي كيم!”
والنتيجة؟ انتهى بي الأمر مسحوبة إلى مكتب المدير.
“اعتداء جسدي؟! لا أصدق ما أسمع!”
أخذت نفسًا عميقًا وبدأت أدافع عن نفسي:
“هو من بدأ أولًا بتعليق عنصري. قال لي: اذهبي وكلي كلبًا.”
اتسعت عينا المدير بدهشة.
“يا إلهي! أحقًا تفوّه جون بتلك العبارة؟”
آه، إذن اسمه جون؟ أومأت برأسي مطيعة، ثم تابعت:
“في هذه الأيام، هناك الكثير من العائلات الكورية التي تربي الحيوانات الأليفة. أن يقول لي إن عليّ أكل كلب، أي فرد من العائلة، فهذا ازدراء عنصري صريح.”
هز المدير رأسه موافقًا.
“معكِ حق يا كلوي. لكن هذا لا يبرر اعتداؤكِ على زميلكِ.”
ماذا كان يُفترض بي أن أفعل إذاً؟ أبتلع غضبي وأصاب بداء الكَمَد¹؟ عضضت شفتي وأسقطت بصري إلى الأرض.
[ الشرح¹: داء الكَمَد: هو حالة حزن شديد أو كآبة مستمرة، تشبه الاكتئاب المزمن، غالبًا بسبب الهموم المكبوتة أو الانعزال النفسي. ]
“كلوي، سمعتُ أنكِ تدرسين آرون آيزنهاور.”
“……”
“عقوبتكِ ستكون مرتبطة به. يجب أن ينجح في الاختبار القادم، وهذه ستكون مسؤوليتكِ.”
“ماذا؟!”
شهقت مصدومة، وحاولت الاعتراض:
“لكن هو—”
“لا مجال للنقاش. اعتبريها بديلًا عن الاحتجاز.”
ثم أشار بيده نحو الباب:
“يمكنكِ المغادرة الآن. لا يزال عليّ تحديد عقوبة جون—سيُوقف عن الدراسة لمدة أسبوع.”
أوه، إذن نال عقوبة جادة. حين فتحت الباب، رأيته جالسًا متراخيًا على الكرسي في الخارج. ومع علمي أنه على وشك الإيقاف، ازداد الأمر لذة. رفعت له إصبعي خفية قبل أن أغادر بخطوات واثقة.
ومع ذلك، فمن الآن فصاعدًا، أولئك الأوغاد الذين اعتادوا السخرية مني سيبقون على مسافة، وذلك وحده بدا مكافأة كافية بالنسبة لي.
رنّ جرس الحصة التالية.
“هاه، الجرس. لنستعد للحصة.”
لوّحت لسكوت وتوجهت إلى خزانتي.
・ 。゚ ✧ : * . ☽ . * : ✧ ゚。 ・
“آه، أنا منهكة.”
كما توقعت، لم يجرؤ أحد على مضايقتي مجددًا. لكن الجلوس طوال الحصص في حالة ترقب أنهكني. كل ما أردته هو العودة إلى المنزل سريعًا…
“هيه.”
اعترض آيزنهاور طريقي. عندها تذكرت.
صحيح، اليوم موعد الدروس الخصوصية.
حدّقت فيه بعينين فارغتين، فانعقد حاجباه بشدة.
“لماذا تنظرين إليّ هكذا؟”
“لا شيء. هل أدّيتَ جيدًا في اختبارك؟”
“هاه؟”
“اختبار الهندسة. أتيتني الأسبوع الماضي لتأخذ الملخص، تذكر؟”
عندها بدأ آيزنهاور يشيح بنظره متظاهرًا بالانشغال.
“ما الأمر؟ أرني ورقة الاختبار.”
“سأ… أعطيك إياها عندما نصل إلى المنزل.”
“وفّر على نفسك وأعطني إياها الآن.”
حاولت أن أبدو مهدِّدة، لكن بالطبع لم ينجح الأمر. يا لهذا الأحمق مفتول العضلات! لم أحصل على ورقة الاختبار إلا بعدما ركبتُ معه في سيارته المكشوفة. النتيجة: صفر كبير.
“هاه…”
تنفست بعمق. كيف يُفترض بي أن أرفع علامة شخص كهذا إلى درجة C في الاختبار القادم؟ مهما أعدت التفكير، لا أرى حلًا. عندها تحدث آيزنهاور فجأة:
“لقد قاتلتِ جيدًا اليوم.”
“ماذا؟”
“الأشخاص الذين يتجاوزون حدودهم يجب أن يوضعوا في مكانهم. لذا… أحسنتِ.”
لم أتصور قط أن أسمع شيئًا كهذا منه.
“…شكرًا.”
“لا شكر على واجب.”
ببراعة معتادة، انعطف آيزنهاور يسارًا وأوقف السيارة في كراجه.
“وصلنا. هيا، انزلي.”
تبعته إلى غرفته وأنا أفكر مليًا قبل أن أسأل:
“هل تعتقد أنك قادر على الحصول على C في الاختبار القادم؟”
لم يُجب، بل جلس على الكرسي متجهمًا. مهلاً، عندما يسألك أحد سؤالًا، أليس من اللباقة أن تجيب؟
“أجبني. هل تستطيع؟”
رمقني عندها بنظرة متبرمة قبل أن يرد أخيرًا:
“لقد رأيتِ نتيجتي قبل قليل. وما زلتِ تظنين أنني أستطيع؟”
… تمسكي بالصبر. رددتُ في داخلي كلمة واحدة: “تحمّلي”، وجلست بجانبه.
“إذن، لنقم برهانًا.”
مع أن لا أمل حقيقي، بل مجرد خيط ضئيل من الاحتمال، أشرت نحوه:
“إن تمكنتَ من الحصول على درجة C في الاختبار القادم، سأحقق لك أمنية واحدة.”
صحيح أن الأرجح أنه لا يحتاج إلى أي أمنية، لكن… من يدري؟
“وعد حقيقي؟”
لكن بدا وكأن ذلك الفتى قد انخدع بسهولة على غير المتوقع.
“طبعًا، وعد حقيقي!”
وعندما مددتُ خنصري نحوه بإغراء، أخرج هو الآخر خنصره مترددًا بعدما رمقني بنظرة جانبية، ثم شبك إصبعه بإصبعي.
“لا مجال للتراجع الآن.”
“وأنتِ كذلك.”
تمتم ساخطًا وهو يفتح كتابه الدراسي، وكأن عينيه اشتعلتا فجأة بلهيب. لبرهة، خُيِّل إليّ أنني أتوهّم. لكن لا… كنت محقّة، أليس كذلك؟
كانت تلك المرة الأولى التي أرى فيها آيزنهاور بهذه الحماسة. بل خطر لي: ربما ما زال هناك أمل فيه بعد كل شيء.
نعم… لنجتز معًا هذا الاختبار، ونبلغ الجامعة التي نريد!
وأنا أراقبه في تلك الحال، عزمت على تشديد عزيمتي ومتابعة تدريسه بجدّية أكبر.
انتهى ذلك اليوم على نحو مدهش وجميل، وظننت أن الغد سيكون أفضل. لكن…
・ 。゚ ✧ : * . ☽ . * : ✧ ゚。 ・
“ستتقدّم المرشحات للقب ملكة العودة وأميرة العودة لتحية الجميع قبل بدء الحفل الراقص، ثم يعدن للصعود إلى المسرح مجددًا بعد انتهائه.”
كنت أنصت لشرح ديريك بيرسون نصفَ إنصات، وقد غمرني شعور غريب، كأنني لا أعرف أين أنا ولا من أكون.
“كلوي، هل فهمتِ؟”
“هاه؟ آسفة… ماذا قلت؟”
ارتسمت ابتسامة هادئة على وجه ديريك بيرسون، أما المحيطون بنا فكانوا على النقيض تمامًا.
“يا للغباء.”
“من ذا الذي رشّح فتاة مثلها؟ إنها تجلب العار.”
“يُقال إن كايل من الصف الحادي عشر هو من رشّحها. فقط ليجعلها أضحوكة.”
توالت الضحكات المكتومة والهمسات اللئيمة، تضغط فوق صدري كحمل ثقيل.
“كلوي، لا بد أنكِ متعبة،” وكانت بريتني وحدها من قلقت لأجلي، وقدّمت لي زجاجة ماء.
“إنه ماء منقوع بأوراق النعناع.”
“شكرًا لكِ.”
غمرتني مشاعر دافئة، جارفةً كل مشاعري السلبية. لم تسخر مني، أجل… هي البطلة الحقيقية بلا شك، نقية القلب كالحرير.
وما إن ارتشفت قليلًا حتى ظل عبق النعناع منعشًا في فمي.
آه… كما توقعت، حتى الماء الذي تشربه البطلة له طعم مختلف.
أعدتُ الزجاجة إلى بري بابتسامة، فبادلتني بابتسامة مشرقة.
بري… لقد منحتكِ صوتي أيضًا كأميرة العودة.
وبينما كانت تعيد تركيزها على ديريك، شجّعتها في داخلي على مستقبلها المضيء.
“هل فهمتن جميعًا؟ إذن، يوم الخميس القادم عند السادسة مساءً يجب أن تكنّ جاهزات ومجتمعات في غرفة الانتظار.” أنهى ديريك الاجتماع.
ومما التقطته أذني من شرحه، كان الترتيب على النحو التالي:
على كل مرشحة أن تظهر بصحبة مرافق عند التحية الافتتاحية في الحفل، ثم يمكنهن الاستراحة خلاله، ليعدن مجددًا في الختام انتظارًا لإعلان ملكة العودة وأميرة العودة.
“يا له من إزعاج…” تمتمتُ بضيق وأنا أنهض. عندها اقترب مني ديريك.
“كلوي، هل أنتِ بخير؟”
“آه… نعم.”
لم أشأ أن أتورط أكثر مع رئيس مجلس الطلبة، فانحنيت قليلًا ثم قلت:
“سأذهب الآن–”
“انتظري
لحظة.”
أوقفني ديريك بيرسون. ظننت أنه على وشك إلقاء طلب تافه آخر، لكن كلماته التالية فاجأتني:
التعليقات لهذا الفصل " 10"