“حسنًا، هاستينغز، كما قد تعلمين، لقد اخترنا ثلاثة طلّاب منتقلين هذا الفصل، مصنّفين من الأوّل إلى الثالث.”

في صباح اليوم الأوّل من المدرسة، استمعتُ إلى الشرح بينما كنتُ أسير مع معلّمة الصف F-2.

“ومع ذلك، أعلن الطالبان الآخران انسحابهما فجأة بسبب ظروف شخصيّة، لذا، الطالبة هاستينغز هي الطالبة المنتقلة الوحيدة هذا العام.”

“فهمتُ.”

أومأتُ بحماس كما لو كنتُ مليئةً بالنشاط، ابتسمت المعلّمة برضا.

“عادةً ما يتمّ تخصيص الطلّاب المنتقلين إلى الفصول التي تعاني من نقص في عدد الطلاب، والصفّ F هو دائمًا الوحيد الذي يعاني من نقص في عدد الطلاب، لهذا السبب يتمّ تخصيص الطلّاب المنتقلين إلى الصفّ F دون شروط.”

تبعتُ المعلّمة، ألقي نظرةً حولي.

كان ممرّ المدرسة هادئًا، إذ يبدو أنّ الجميع قد انتهى من الوصول، باستثناء بعض الطلّاب المتأخّرين الذين كانوا يركضون.

“في مدرسة سانت غلوريا الخاصّة، يتمّ تخصيص الفصول بناءً على الأداء الأكاديميّ كلّ عام، يتمّ تخصيص الفصول حسب الترتيب S، A، B، C، D، لكن الصفّ F يُعتبر صفًا خاصًا ويُستثنى، لذا فهو دائمًا يعاني من نقص في عدد الطلاب.”

“لماذا يعاني الصفّ F دائمًا من نقص في عدد الطلاب؟”

“يتمّ تخصيص الطلّاب في الفنون والرياضة إلى الصفّ F بغضّ النظر عن درجاتهم، بطبيعة الحال، عدد طلّاب الفنون والرياضة أقلّ بكثير من الطلّاب العاديّين، لذا هناك دائمًا نقص.”

آه، بينما يتمّ إعادة تخصيص الفصول من S إلى D سنويًا بناءً على الدرجات، يحتفظ الصفّ F فقط بقائمته بغضّ النظر عن الدرجات كلّ عام، لهذا يُعتبر صفًا خاصًا.

للعلم، كانت إيريكا في الصفّ S.

“يتمّ تخصيص الطلّاب المنتقلين في البداية إلى الصفّ F، لكن عندما يتغيّر العام الدراسيّ، يتمّ إعادة تخصيصهم إلى الفصول العامّة بناءً على درجاتهم، لذا ضعي ذلك في اعتباركِ.”

إذًا، بعد هذا الفصل، سأذهب إلى صفّ عامّ.

‘يجب أن أغادر هذه المدرسة قبل ذلك.’

يجب أن آخذ رافين وأغادر المدرسة قبل الصيف القادم لأنقذه من الموت، هذا إذا لم أتمكّن من كشف سبب وفاة رافين.

فتحت معلّمة الصف 2-F باب الفصل بحماس ودخلت.

“الجميع!، هل قضيتم إجازةً سعيدة؟”

لم أكن أعلم أنّ المعلّمة نشيطةٌ إلى هذا الحدّ، تقلّصت كتفاي قليلاً دون وعي.

“كما سمعتم جميعًا الإشاعات، لدينا طالبةٌ منتقلة.”

أشارت المعلّمة نحوي وأنا واقفة عند الباب، تقدّمتُ ببطء إلى مقدّمة الصف، حاملةً حقيبتي.

نظر إليّ طلّاب الصفّ F بوجوهٍ غير مبالية.

كنتُ قلقةً لأنّ هناك الكثير من الحديث عن الطالبة المنتقلة المثيرة للجدل، لكن الجميع بدا غير مهتمّ بي.

‘ما هذا؟، الجوّ يبدو غريبًا بعض الشيء.’

بينما كنتُ أراقب الجوّ وأبقى هادئةً للحظة، حثّتني المعلّمة.

“هاستينغز، قدّمي تحيّةً لزملائكِ.”

“سعيدةٌ بلقائكم، أنا ميلودي هاستينغز.”

حيّيتُ تلقائيًا بناءً على حثّ المعلّمة، ومع ذلك، لم يُظهر الطلّاب أيّ ردّ فعل.

بالأحرى، كانوا ينظرون إليّ بينما يتظاهرون باللامبالاة.

لكن سرعان ما، عاجزين عن كبح جماح أنفسهم، بدأوا بالهمس فيما بينهم.

“انظروا، إنّها أخت كرازفين، أليس كذلك؟”

“لا يبدون متشابهين.”

“إنّها أجمل ممّا كنتُ أعتقد.”

“سمعتُ أنّها ظهرت مغطّاةً بالدماء خلال امتحان النقل.”

“إنّها أخت كرازفين، يبدو أنّ الأخت غير عاديّة أيضًا.”

“يجب أن نكون حذرين.”

ثمّ حدث ذلك فجأة.

ركل أحدهم كرسيًا، وساد الصمت فجأةً في الصف.

عندما التفتُ برأسي نحو الصوت، رأيتُ وجهًا مألوفًا.

‘هاه؟’

شعرٌ رماديّ وعيونٌ ذهبيّة، وضعيّةٌ متعرّجة قليلاً وموقفٌ مرتخٍ، ابتسم الطالب الذكر عندما التقت أعيننا.

ليونارد نورتون رامسبورت.

كان الطالب الذي قابلته خلال امتحان النقل.

‘ظننتُ أنّه سيكون في الصفّ S، لكنّه في الصفّ F؟’

حقيقة أنّ طالبًا موهوبًا كهذا لن يفوّت المركز الأوّل في امتحان النقل لم يذهب إلى الصفّ S تعني أنّ ليونارد يجب أن يكون طالبًا في الفنون أو الرياضة.

قالت المعلّمة إنّ الصفّ F يقبل فقط طلّاب الفنون والرياضة بغضّ النظر عن الدرجات.

ابتسم ليونارد بلا مبالاة وأشار إلى المقعد أمامه.

“أيّتها المعلّمة، المقعد بجانب ولينغتون فارغ، يمكن للطالبة المنتقلة أن تجلس هنا.”

رأيتُ المعلّمة تتنهّد.

عند رؤية ذلك، فهمتُ لماذا يُطلق على ليونارد لقب جينارد*، النبلاء جميعهم يبدون غريبين بطريقةٍ ما.

(مثل ما قلت سابقًا جينارد تعني الكلب او الشخص ذو السلوك السيء)

“هل تودّين الذهاب للجلوس هناك؟، إنّه المقعد الفارغ الوحيد على أيّ حال.”

أشارت المعلّمة إلى المقعد الفارغ وغادرت الصفّ لفترة وجيزة.

توجّهتُ نحو المقعد أمام ليونارد تحت نظرات الطلّاب المثقلة.

كان زميلي في المقعد، المدعو ‘ولينغتون’، فتىً بشعرٍ بنيّ منهار على مكتبه بزيّ رياضيّ.

‘لنحاول ألا نبرز قدر الإمكان.’

البقاء هادئةً سيكون جيّدًا من أجل رافين أيضًا.

على أيّ حال، كنتُ أحاول تعليق حقيبتي على خطّاف المكتب والجلوس بهدوء وبحذر.

كان من المفترض أن يسير كلّ شيء كما خطّطتُ له لو لم يرفع زميلي النائم فجأة رأسه.

بام—!

بما أنّني كنتُ منحنيةً للجلوس على الكرسي، اصطدم وجهي مباشرةً برأس زميلي الصلب كالصخرة.

“آه.”

كان الألم شديدًا لدرجة أنّني كدتُ أبكي، وشعرتُ بسائلٍ دافئ يتدفّق من أنفي.

كما هو متوقّع، لقد نزف أنفي.

نظر إليّ جميع طلّاب الصفّ بعيونٍ مندهشةٍ وواسعة، وسُمعت أصوات الدهشة هنا وهناك.

أصبح الجوّ المحرج في الصفّ أكثر إحراجًا.

“مهلاً، ميلودي، لديكِ نزيفٌ أنفيّ، هل أنتِ بخير؟”

قفز ليونارد من مقعده مندهشًا وصرخ.

اعتذر زميلي في المقعد، الذي لا يزال نصف نائم، بوجهٍ مشوّش ومحرج.

“ميلو-نزيفٌ أنفيّ…؟، هل أنتِ بخير؟، أنا آسف، هذا بالتأكيد مؤلم، لكن كيف يمكن أن يكون اسم شخصٍ ميلو-نزيفٌ أنفيّ؟”

نظرتُ إليه بتعبيرٍ مذهول بينما كان أنفي لا يزال ينزف.

ما الذي يتحدث عنه؟، لا بدّ أنّه لا يزال نصف نائم.

ما إن انتهى ولينغتون من الكلام، رنّ الجرس من برج الساعة في ساحة المدرسة.

دينغ— دينغ—

كان الجرس يشير إلى بداية الدرس.

عندئذٍ فقط فقد الطلّاب اهتمامهم بي وبدأوا بالتحضير للدرس.

“نزيف أنفكِ لا يتوقّف، يجب أن تذهبي إلى المستشفى.”

تمتم زميلي في المكتب، الذي كان يسدّ أنفي بمنديل، بوجهٍ جديّ جدًا.

قام ليونارد، الذي كان يستمع بهدوء إلى حديثنا من المقعد الخلفيّ، فجأة.

“ميلودي، هل أساعدكِ؟”

“هاه؟، كيف؟”

ظننتُ أنّه سيقول لي كيف أوقف نزيف الأنف، لكنّه قال “أعذريني” ورفعني، للدقّة، رفعني مثل كيس دقيق.

آه، أعتقد أنّ النزيف الأنفيّ يزداد سوءًا.

“إنّه مبالغٌ فيه قليلاً أن نذهب إلى المستشفى بسبب نزيف أنفيّ، أليس كذلك؟، لنذهب إلى المستوصف، ولينغتون، تأكّد من شرح هذا الموقف جيّدًا للمعلّمة.”

بعد تحذير ولينغتون، أخرجني ليونارد من الصفّ.

حتّى وأنا محمولة مثل كيس، أمسكتُ أنفي ونظرتُ حولي.

كان الممرّ هادئًا، ربّما لأنّ الدروس قد بدأت.

كانت قلعة جوهانس، حيث تتجمّع فصول F من السنة الأولى إلى الرابعة، تمتلك جوًا مختلفًا تمامًا عن المبنى الرئيسيّ.

ربّما لأنّه أقدم مبنى في المدرسة، كان متآكلاً ويقع في زاوية، ممّا يعطيه شعورًا كئيبًا بعض الشيء.

‘يبدو باردًا بعض الشيء أيضًا.’

ارتجفتُ لا إراديًا، شعرتُ بالقشعريرة، وقال ليونارد، الذي كان يحملني.

“تحمّلي قليلاً، المستوصف في الطابق الأوّل.”

أومأتُ، لكن سرعان ما أدركتُ أنّ سبب البرد لم يكن مجرّد الهواء البارد.

كان هناك شيء خلفنا.

‘ما هذا…؟’

كانت أشياء غريبة تطفو في ممرّ قلعة جوهانس.

أشكالٌ طويلةٌ مستديرةٌ شبه شفّافة مغطّاة بقماشٍ أبيض نقيّ تطفو حولنا.

‘أعتقد أنّهم يسمّون تلك الأشياء أشباحًا في كتب الصور التي قرأتها وأنا صغيرة.’

“ما الخطب؟”

لاحظ ليونارد أنّ شيئًا ما غير صحيح، فتوقّف عن المشي ووضعني أرضًا.

بعد لحظة من الشعور بالدوار، أشرتُ فوق كتف ليونارد.

“ما هي تلك الأشياء؟”

“ماذا؟”

التفت ليونارد لينظر في الاتّجاه الذي أشرتُ إليه.

كانت الأشياء الشبيهة بالأشباح لا تزال تطفو هناك.

“عمّ تتحدّثين؟”

التفت ليونارد إليّ بوجهٍ متعجّب.

“تلك الأشياء البيضاء، ألا تراها؟، تطفو في الممرّ…”

تلاشى صوتي، وكانت تعابير ليونارد تزداد حيرةً.

عندئذٍ أدركتُ.

يبدو أنّ ليونارد لم يرَ تلك الأشباح على الإطلاق، للأسف، يبدو أنّني الوحيدة التي تستطيع رؤيتها.

” عندما تعودين بالماضي، ستظهر علامة على الآنسة هاستينغز، ربما بسبب هذه العلامة، ستحصلين على عيون تستطيع رؤية ‘الأشياء التي لا يمكن للآخرين رؤيتها’ “

عندئذٍ فقط تذكّرتُ ما قاله رئيس مجلس الطلّاب.

هل يمكن أن تكون هذه هي ‘الأشياء التي لا يمكن للآخرين رؤيتها’ التي تحدّث عنها؟