كانت تعابير وجهها باردة وخالية من العواطف، بشعر أسود ناعم وغرّة مقصوصة بدقّة.
كانت جميلة بمظهر هادئ ومتعالٍ بشكل عام.
“لا يمكن للعامّة أن يصبحوا نبلاء فقط لأنّ الأزمنة تغيّرت، في هذه الأيّام، لا يعرف العامّة مكانهم.”
“ماذا؟، كيف عرفتِ أنّني من العامّة؟”
“أنا كاشفة روائح العامّة.”
“النبلاء يعرفون حقًا كيف يكتشفون أشياء غريبة.”
عند ردّي، نظرت إليّ زميلتي في الغرفة بتعبير مذهول.
“…لا تفكي أغراضكِ حتّى يبدأ الفصل الدراسي، العاميّة نصف المُهيَّأة لن تدوم طويلًا هنا على أيّ حال.”
لم أكن أعرف عمّا تتحدّث.
عندما أمَلتُ رأسي بحيرة، تنهّدت وتحدّثت بنظرة متضايقة.
“هل تريدين الرهان؟، بعد أسبوع من بداية الفصل الدراسي، ستُقدّمين استقالتكِ.”
استهزأت بي بكلماتها الحادّة، لكن ذلك لم يزعجني.
إذا التقيتُ بـرافين قبل الموعد المتوقّع، فقد تكون هناك فرصة فعلًا لمغادرة المدرسة خلال أسبوع.
‘هل هكذا يكون جميع النبلاء؟’
لم يبدُ ليونارد هكذا.
لم أهتمّ ومددتُ يدي إلى زميلتي في الغرفة للمصافحة.
“حسنًا، لنتراهن.”
لن يهمّ إذا أخذتُ رافين وغادرتُ، لكنّني قرّرتُ مجاراتها والمضيّ قدمًا.
“ماذا؟”
عند إجابتي، نظرت إليّ زميلتي وكأنّني امرأة غريبة، يبدو أنّها لم تتوقّع منّي ردًا إيجابيًا.
بطبيعة الحال، لم تقبل عرض المصافحة، وتجاهلت رغبتي في الرهان، ثم عادت إلى قراءة كتابها.
في تلك اللحظة، أخرج القطّ الذي كان مختبئًا خلف حقيبتي رأسه.
—مياو.
عند سماع المواء، رفعت زميلتي رأسها فجأة.
ورأيتُها، عيناها المتلألئتان.
بينما كانت تنظر إلى القطّ بحماس، عندما التقت أعيننا، أشاحت بنظرها بسرعة.
التقطت كتابها على عجل وتظاهرت بالقراءة مجدّدًا، رغم أنني رأيت كلّ شيء.
نظرتُ إليها للحظة، ثمّ لاحظتُ السرير الفارغ والمكتب والخزانة وبدأتُ بتفريغ أغراضي.
بعد ذلك، وضعتُ القطّ على المكتب وتفكّرتُ.
“ماذا يجب أن أسمّيك؟”
—مياو.
نظر إليّ القطّ بنظرة شاردة.
كان قطًا هادئًا بشكل غير عادي.
على الرغم من أنّ هذا القطّ كان بعيون صفراء، على عكس ذلك ذو العيون الزرقاء من قرية تشيسويند، بدا أنّه يظهر كلّما كنتُ في خطر.
بينما كنتُ غارقة في التفكير، جاء صوت تمتمة من مكان قريب.
“…ــيزابيث.”
ما هذا الصوت؟
“من فضلكِ، سمّيه إليزابيث، إنّه اسم لطيف جدًا، وأنيق جدًا.”
عندها فقط أدركتُ أنّ زميلتي في الغرفة كانت تهمس بصوت بالكاد يُسمع، كالبعوضة تقريبًا.
كانت لا تزال جالسة على الأريكة، تقرأ كتابها بوجهها الخالي من العواطف كالمعتاد.
أمَلتُ رأسي للحظة، ثمّ، عندما أدركتُ أنّها كانت تتحدّث إليّ، أجبتُ.
“إليزابيث اسم قديم الطراز نوعًا ما…”
“قديم الطراز؟، كيف يمكنكِ قول ذلك؟، إليزابيث اسم جميل جدًا!، هاه.”
رفعت صوتها فجأة من المفاجأة، وتجمّدت زميلتي في مكانها.
تحوّل وجهها إلى أحمر كالطماط، ربّما لم يكن حتّى أحمر كالتفّاحة.
سعلت على الفور بإحراج وتجنّبت التواصل البصري، محاولة إنقاذ كرامتها رغم أنني قد سمعت كلّ شيء بالفعل.
هززتُ كتفيّ وقُلتُ.
“بما أنّه قطّ أسود، أعتقد أنّ أسم ‘كامانغ’ سيكون مثاليًا.”
(كامانغ يعني الأسود بالكوري، كنت بخليه بلاك ولا بلاكي، بس في كم شخص قالوا دايم الحيوانات اسمها بلاك ولا بلاكي كامانغ راح يكون مميز)
“لا!، كيف يمكنكِ إعطاء اسم غير متحضر لهذا المخلوق اللطيف؟”
بوجه متحمّس بشكل مفرط، ألقت زميلتي الكتاب وخطت مسرعة.
اقتربت منّي بخطوات سريعة، مشيرة إلى كامانغ الذي كان جالسًا بهدوء على المكتب.
“انظري كم هو أنيق، إليزابيث اسم مثالي!”
بينما كانت تقول ذلك، داعبت القطّ بخفّة بمهارة مذهلة.
بدا القطّ راضيًا عن لمستها، وخرخر بسعادة، كان قطّ بلا مبادئ كثيرة.
بعد لحظة، بدا أنّ كامانغ سيكون بالفعل الاسم المثالي لهذا القطّ.
الآن، زميلتي، التي كانت تداعب كامانغ علانية، قالت فجأة شيئًا غير متوقّع.
“إحضار قطّ كحيوان أليف كان خطوة جيّدة.”
“ماذا تعنين بذلك؟”
“ماذا؟، هناك تلك الخرافة القديمة، القطط يمكنها رؤية الأشباح وطردها، مع أجواء المدرسة هذه الأيّام، وجود قطّ حولك قد يجعل الأمور تبدو أكثر أمانًا.”
“هل أجواء المدرسة مقلقة؟”
توقّفت للحظة، ثمّ نهضت وتوجّهت إلى مكتبها، وفتحت درجًا.
عبثت فيه لفترة قبل أن تسحب دفتر قصاصات سميكًا وكبيرًا.
إيريكا لين كوينزبيري.
ألقيتُ نظرة سريعة على الاسم المكتوب على دفتر القصاصات، إذن، اسمها كان إيريكا.
وضعت إيريكا دفتر القصاصات على مكتبي وقلّبته.
كان مليئًا بقصاصات متنوّعة، لكن الكثير منها بدا يتعلّق بأحداث مقلقة.
كانت غالبيّة القصاصات من لوحة إعلانات المدرسة.
“انظري إلى هذا، أوه، بالطبع، إنّه سرّ أنّني أخذت هذه المذكرات من لوحة الإعلانات، حسنًا؟”
أومأتُ برأسي تأكيدًا وقرأتُ المذكّرة التي أشارت إليها.
(الصورة تلقونها في نادي الروايات ولا في التلغرام)
كانت هذه منذ شهرين، في الثامن من يونيو.
أصبحتُ فجأة فضوليّة وسألتُ إيريكا عنها.
“لماذا احتفظتِ بهذا في دفتر القصاصات؟”
بدت إيريكا غير مرتاحة وتجنّبت التواصل البصري، وبقيت صامتة.
لكن بعد فترة، عندما رأت أنّني أنتظر إجابة، اعترفت أخيرًا.
“في الواقع… أنا مهتمّة بعض الشيء بقصص الأشباح…”
نظرت بعيدًا بخجل.
“إذن يا إيريكا، أنتِ لم تجربي قصّة شبح المصعد بنفسكِ، أليس كذلك؟”
ناديتها إيريكا، وليس كوينزبيري، ولم تبدُ متضايقة.
بدت كفتاة قاسية وباردة في البداية، لكن يبدو أنّها كانت رقيقة بعض الشيء من داخلها.
“أجل، لكن كان هناك عدد لا بأس به من الشهود بين الطلّاب في طابقنا، بالطبع لا أحد يصدّق ذلك حقًا.”
كما هو متوقّع، ليس الجميع يستطيع رؤية الأشباح.
‘حتّى في مدرسة مشهورة بكونها تابعة للكنيسة السماويّة، تحدث أشياء غريبة مثل هذه.’
تأسّست مدرسة سانت غلوريا الخاصّة بواسطة الكنيسة السماويّة.
وجزيرة غلوريا، حيث تقع المدرسة، تُعتبر قلب تاريخ البابويّة.
قبل مئة عام، أعلنت البابويّة الحرب على الأرواح الشريرة، وختمت راهبة من البابويّة جميع الأرواح الشريرة قبل أن تصبح شهيدة.
اسم الجزيرة، غلوريا، سُمّي أيضًا على اسمها.
يقال إنّ المدرسة أُسّست لقمع الطاقة الشريرة في ذلك المكان.
في ذلك الوقت، كان من الطبيعي تمامًا أن يؤمن الناس حول العالم بالأرواح الشريرة ويتبعوا الدين.
لكن في الوقت الحاضر، لم يعد الناس يؤمنون بالأرواح الشريرة.
العصر الحالي هو العصر الذهبي.
زادت الوظائف، أصبحت الحياة أكثر راحة، ولدى الناس الآن وقت فراغ أكثر، بالتالي، قلّ عدد الأشخاص الذين يتبعون الدين أو المعتقدات الخارقة بشكل أعمى.
يعامل الناس قصص الأشباح كمجرد شائعات، كما تشير المذكرة على لوحة الإعلانات.
‘لكن الأشياء التي اختبرتُها ليست مجرد قصص أشباح، إنّها حقيقيّة.’
تذكّرتُ كم كان من الصعب الهروب من قرية تشيسويند، لم يكن ذلك حلمًا.
التعليقات لهذا الفصل " 11"