4
4. اليوم الحاسم.
شعرت روبيتا بالضيق من مهارات تمثيل زوجة أبيها السيئة، لكنها حاولت التحدث بأكثر النبرات لطفًا.
“لم أقصد ذلك….. حسنًا، سأتناول العشاء مع أبي اليوم….”
“لكن في رأيي تبدين متعبةً اليوم، من الأفضل أن تذهبي لتستريحي في غرفتكِ.”
“….كنتُ أشعر أيضًا أني متعبة اليوم.”
بعد أن سمعت الإجابة التي تريدها، ابتسمت برضا وذهبت.
في النهاية ما أرادته هو ألّا تأكل روبيتا.
دخلت غرفتها بتعبير فارغ ثم استلقت على سريرها.
شعرت بكل التوتر يتلاشى في لحظة.
تعلمها في مدرسة السحر ليس شيئًا سيئًا، السحرة من كينافين ليسوا مشهورين فقط في مملكة إيساربون، بل في كل مكان بالعالم.
لذا حتى وإن لم تكن في المملكة، يمكنها عيش حياة جديدة في الخارج وكسب الكثير من الأموال.
كان هذا هو سبب استمرارها في تلك المدرسة.
لكي تستطيع التعامل مع قوتها السحرية بشكل صحيح، يجب عليها إكمال دراسة الثلاث سنوات.
حتى وإن تخرجت من كينافين، إن لم تستطع استخدام السحر الأساسي فمن سيوظفها؟
‘يا إلهي، حتى في هذه الحياة العيش صعب.’
انتهت حياتها السابقة بعد صراع طويل مع مرض مزمن. لو لم تكن مريضة لاستطاعت أن تصبح طالباً جامعية وتعيش قصة حب كالشباب في سنها.
لكن كل ما فعلته كان الاستلقاء في المشفى وقراءة الروايات الإلكترونية من حين لآخر.
آخر رواية قرأتها كانت هذه الرواية، كان عنوانها:
“أيها الساحر العظيم، هل ترغب في أن نعيش قصة حب؟”
بعد أن انتهت حياتها في ذلك العالم، وجدت نفسها قد أصبحت إحدى شخصيات الرواية، روبيتا كروليجر.
هذا عالم حيث وقعت البطلة إلويز روش في حب البطل جايدن وندسور. والذي يتمتع بمثالية في كل شيء: المظهر، الذكاء، العائلة، والقدرات.
أما روبيتا….
‘كانت قاتلة متسلسلة.’
كانت روبيتا شخصية شريرة في الرواية تكن ضغينة لطلاب المدرسة.
أصبحت ساحرة سوداء مرعبة تقتل زملاءها السابقين واحدًا تلو الآخر.
‘في الحقيقة….. لو كانت روبيتا لا تزال موجودة، لكان من دواعي سروري تشجيعها على خطتها.’
لكن في النهاية، كأي شخصية شريرة، لاقت روبيتا نهاية مأساوية.
وذلك على يد جايدن وندسور، والتي كانت تحبه سرًا في الحقيقة.
‘الذكريات المؤلمة التي عاشتها روبيتا في مدرسة كينافين ظلّت تلازمها حتى بعد التخرج. في النهاية استحوذ عليها غضبها وحزنها وخططت لجرائم فظيعة للانتقام ممن تسببوا في حالتها. لم تذكر الرواية بالتفصيل كيف أصبحت روبيتا شريرة، لكن بعد تجربتي الشخصية، لقد فهمت بالضبط ما حدث.’
تذكرت روبيتا حياتها السابقة التي كانت مملة لسنوات وتحدثت دون وعي.
“حتى أنا إن ظللت أعيش هكذا فأصبح شريرة أيضًا. تبًا.”
ظلّت مستلقيةً في الغرفة تفكر في أشياء مختلفة حتى سمعت صوت طرق على الباب.
كانت صوفيا.
“آنستي، الكونت يناديكِ.”
“الآن؟”
أومأت صوفيا ببطء ووجهها يحمل تعبيرًا ليس بالجيد.
كان هذا سيئًا.
‘لا بد أنه يريدني لذلك السبب، رغم أن زوجة أبي غالبًا اختلقت عذرًا بأني مريضة.’
بمجرد عودته للمنزل ومناداتها، علمت روبيتا ما الذي كان يريده.
في تلك اللحظة غمرها شعور بالكسل والضيق.
“تشجعي آنستي.”
نظرت لها صوفيا وعينيها تحمل نظرات مشفقة.
“صوفيا، كيف هو مزاج أبي اليوم؟”
أغمضت صوفيا عينيها وهزّت رأسها.
‘يبدو أن نوبة غضبه كانت كبيرة اليوم.’
غالبًا فقد تم جمعه مجددًا من قبل النبلاء.
‘يا لي من مسكينة.’
سحبت جسدها المتعب ثم اتجهت إلى المكتب.
“لقد ناديتني يا أبي.”
حمل وجه الكونت كروليجر نظرات حادة. ثم خلع نظاراته ووضعها على مكتبه.
“روبيتا، حركيها.”
أشار إلى النظارة الموضوعة على المكتب وتحدث بصرامة.
كان يختبر مدى زيادة قوتها السحرية.
‘لقد عاد للمنزل للتو، لكن أول ما بدأ بالسؤال عنه هو القوة السحرية بدلًا من السؤال عن أحوالي.’
لم تكن راغبةً في ذلك، لكنها قامت بإخراج سحرها كما طلب منها.
لم يحدث سوى اهتزاز طفيف في النظارة لمدة 0.1 ثانية.
كان ذلك متوقعًا.
لكن تعبيره أصبح أكثر صرامة.
“روبيتا، لكم من الوقت تدربتِ خلال هذه الفترة؟”
“أنتَ تعلم أن القوة السحرية لا تزداد بالتدريب.”
خرجت إجابتها بفتور وازدادت الحدة في عيني والدها.
كان غالبًا ما يعود للمنزل ويفرغ غضبه على روبيتا بعد تعرضه للازدراء والسخرية من النبلاء.
دائمًا ما يقول:
“لمَ ما زالت قوتكِ السحرية في هذا المستوى؟ ابحثي عن طريقة لزيادتها.”
لكن هذا لم يكن شيئًا بإمكانها فعله في الحقيقة.
فقدرة المرء على استخدام القوة السحرية محددة منذ ولادته.
رأت أن وجهه بدأ يحمر أكثر ويتجه للون الأزرق.
‘يبدو أنه على وشك النطق بعباراته المعتادة.’
“كيف ذلك! أي شيء في العالم يمكن تحقيقه بالتدريب وبذل الجهد! هل استسلمتِ قبل أن تحاولي حتى؟ يالضعفكِ حقًا.”
‘آه، ما خطب هذا العجوز حقًا؟’
“لقد بدأ والدكِ من الصفر حتى وصل لما هو عليه الآن، لقد حقق كروليجر ما اعتبره الجميع مستحيلاً!”
تدفق حديثه عن أيامه شبابه كأنبوب مياه قد انكسر، ثم قال بضع جمل بدا أنه يحدث بها نفسه.
“لا يمكنني التغاضي عن أولئك الذين يجرؤون على ازدراء كروليجر. أجل، ما هم إلا حشرات عظيمة الفائدة لا فائدة منهم سوى لقوتهم السحرية.”
لم يستطع كبت غضبه وأخذ يصر على أسنانه.
‘أجل كما توقعت، لقد تجادل مجددًا مع النبلاء الذي يزدرون كروليجر…. ثم فليحاسبهم هم، ما ذنبي أنا؟’
سئمت من الاستماع لثرثرته المعتادة فحاولت قطع كلامه.
“أبي.”
“لا تستمعي لكلماتي بلا مبالاة، يجب عليكِ بذل الكثير من الجهد…..”
“أجل، أبي…..”
“رغم أننا الآن في مستوى أقل، إلّا أنه في يوم ما سنصبح بنفس قوة النبلاء……”
“أبي يكفي!”
عندما ارتفع صوتها، توقف هو عن الحديث ونظر لها بذهول.
“أنتِ……..”
“لم أخبركَ من قبل لأنني لم أكن متأكدة، لكن في الحقيقة أعتقد أن قوتي السحرية تزداد.”
“……..”
“اليوم فقط لم أستطع إظهارها لأنني متعبة.”
فجأة رفع حاجبه ونظر لها بذهول، شعرت بأمل يلمع في عينيه.
“هل هذا صحيح؟”
“نعم، سأثبت لكَ ذلك قريبًا لذا انتظر فقط.”
“إن كنتِ تحاولين الهرب من التوبيخ عن طريق الكذب، فمن الأفضل أن تتوقفي.”
بدا أنه لا يصدقها رغم ظهور بعض الأمل في عينيه.
رغم أنه ظلّ يطلب منها طوال الوقت تطوير قدراتها السحرية، لكنه كان يعلم كم كان هذا غير معقول.
كلامه لروبيتا ما هو إلا تذمر متستر تحت غطاء النصيحة.
لذا كان من الطبيعي أن يشكل في كونها تكذب لمجرد تجنب التوبيخ.
“أعتقد أنني سأتمكن من إثبات ذلك قريبًا. وإن اكتشفت أني أكذب، فسأتقبل أي عقاب.”
عندما تحدثت بنبرة واثقة، صمت هو للحظة.
هل هذا يعني أنها تكذب الآن؟ بالطبع لا.
لمَ ستكذب؟ إن كان كذبًا فسيكتشف ذلك في غضون بضعة أيام.
لكنها في غضون يوم واحد، ستحصل على الغروسين، معزز الطاقة السحرية.
‘انتهى الوقت الذي أعاني فيه من الظلم بسبب ضعف قوتي السحرية!’
لم يعد هناك داعٍ للاستماع لتذمره بعد الآن، لذا تحدثت مرة أخرى بكلمات تثير كبرياءه لأقصى حد.
“أنا أعدكَ باسم كروليجر.”
لمعت عيناه بحدة عندما سمع ذلك.
بدا وكأن تعبيره الصارم سيسقط، استطاعت رؤية نظرة الأمل الشديد في وجهه وأنه يتمنى صدق كلماتها.
بصراحة، كادت تضحك على مظهره.
ثم تحدث فجأة بنبرة دافئة نوعًا ما عكس السابق.
“روبيتا، لا يهمني قدر قوتكِ السحرية. كل ما أريده هو جعلكِ تدركين أن ما بنيته بشق الأنفس قد ينهار في أي لحظة إن جلسنا مكتوفي الأيدي فقط. كل هذا من أجل مستقبل كروليجر.”
‘حسنًا هذا صحيح.’
“يجب أن تلتزمي بكلماتكِ من أجل شرف كروليجر. تذكري أن هذا الأمر يتجاوز موضوع القوة السحرية، إنه يتعلق بالثقة بين أفراد العائلة وسمعتها.”
“لا تقلق أن أعلم ذلك.”
بعد إجابتها الموثوقة، استطاعت رؤية تعبير وجهه يخف.
***
صباح اليوم التالي بعد أن انتهى اليوم السابق العادي والرهيب في نفس الوقت.
حان الوقت أخيرًا.
‘وقت الانطلاق.’
غادرت المنزل في وقت أبكر من المعتاد متظاهرةً بالذهاب إلى المدرسة. فارتدت عباءتها الحمراء وأخذت حقيبتها المليئة بكتب كالحجارة.
كانت تنوي الذهاب لشراء الغروسين، وهو معزز السحر الذي سيغير حياتها.
• ترجمة سما
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 4"