دويٌّ خافت. خفق قلب سيلا بعنف. وبشكل غريزي، التفتت بأنظارها إلى ليليا. كانت واقفة بانتصاب، ثم تقدّمت نحو ستيلا.
وبالنظر إلى الابتسامة المشرقة التي تعلو وجهها، بدا واضحًا أنّ سيلا لم تُخْطئ السمع.
ملهمة ستيلا – ليليا. كان هذا جزءًا من الحبكة الأولى في القصة الأصلية.
‘لقد كان هذا مقدّرًا.’
‘ما الذي يحدث؟‘
مرّت ثلاثة أيام على عودتها. وخلال هذه المدة، تغيّر الجو في المنزل، حيث خرجت ليليا من عزلتها، وجعلتها ستيلا ملهمتها.
قطّبت سيلا حاجبيها. لقد باغتها هذا التحوّل المفاجئ في الأحداث كالموج الجارف، لكنها لم تسمح لنفسها بالانجراف، بل أخذت أنفاسًا بطيئة ومدروسة لتُقيّم الموقف. وعندها التقت عيناها بعيني ليليا في الهواء. انعكست في عيني ليليا انحناءة كهلال القمر.
“آه، والآن تذكّرت، لعلّك لا تعلمين لأنك لم تكوني في المنزل. لكنك تعرفين من هي ستيلا، أليس كذلك يا أختي؟“
نظرة ليليا المترقّبة، المفعمة بالفخر والانتصار، انتظرت جواب سيلا. فاستجابت سيلا وقدّمت الجواب الذي ترغب به ليليا.
“بالطبع أعرف. أي نبيلة لا تعرف شهرة ستيلا؟ إنها تُكلّف كل عام بتصميم ثوب ميلاد جلالة الإمبراطورة، والكثيرون يحلمون بارتداء إحدى تصاميمها.”
‘كنتِ واحدةً منهم.’ لكنها أمسكت لسانها، وانتظرت أن تُكمل ليليا تفاخرها.
“في الحقيقة، خرجتُ بالأمس وصادفتها. قالت ستيلا إنها ترغب في أن أكون ملهمتها، وجاءت تبحث عني. كنت على وشك الذهاب معها إلى مرسمها.”
وأثناء حديث ليليا، وضعت ستيلا يديها على صدرها واسترجعت اللحظة بأسلوب درامي. ضحكتها، خفيفة وعذبة، ملأت الجو.
“آه يا إلهي، شعرت برعب شديد حين وجدت يرقة على فستاني! لم أكن أعرف ما أفعل، وقد جاءت الانسة ليليا وأنقذتني. لا يمكنني وصف مدى امتناني. كان ذلك من الأيام النادرة التي خرجتُ فيها وحدي، ولم يكن هناك أحد ليساعدني. والآن حين أتذكّر، أشعر وكأنه كان قَدَرًا.”
“قَدَر؟“
“نعم، علامة من السماء لأجد ملهمتي. الانسة ليليا هي قدري.”
ابتسمت ليليا بخجل، ومرّرت يدها بلطف على وجنتها.
“حتى لو كان أحد غيري هناك، لما أمكنه تجاهل امرأة في محنة.”
“آه يا للعجب… بل متواضعة أيضًا!”
هتفت ستيلا، ممسكة بخديها المحمرّين بكلتا يديها، ودموعها تلمع في عينيها. وبينما قلّلت ليليا من شأن فعلها، مؤكّدة أن أي شخص كان سيفعل الشيء ذاته، كانت ستيلا تؤكّد على تميّزها.
أغمضت سيلا عينيها نصف إغماضة، وسمحت للكلمات أن تنساب دون أن تُقاطعها.
‘تمامًا كما في الرواية.’
اللقاء ذاته. والدافع ذاته.
[في طريق العودة إلى عقار أرسيل، نظرت ليليا من نافذة العربة واتّسعت عيناها. امرأة ترتدي قبعة عريضة كانت تضرب الأرض بقدميها من الرعب قبل أن تنهار أرضًا. وعلى الرغم من أنها لمحتها لمحة عابرة، فقد لاحظت أن المرأة كانت ترتجف، فأمرت بإيقاف العربة على الفور.
“لحظة من فضلك!”
أسرعت للتحقّق ووجدت يرقةً متشبّثة بثوب المرأة. آه، هذا هو السبب! وباستخدام المظلّة التي كانت تحملها، أزالت ليليا الحشرة بحذر.
“أنتِ بخير الآن، سيدتي.”
“شـ… شكرًا لك.”
رفعت المرأة رأسها، وهي ما تزال ترتجف، فتوسّعت عينا ليليا بدهشة.
“ستيلا؟“
“أعتذر عن عجزي عن تحيّتك كما يليق. ساقاي خانتاني، وأنا أرتعب من الحشرات… سأردّ لكِ الجميل لاحقًا.”
تمتمت ستيلا بصوت خافت، وجهها شاحب، ودموعها تنهمر. ستيلا الشامخة دومًا، التي كانت دومًا تبدو أسمى من كل النبيلات، بدت الآن صغيرة وهشّة. وتألم قلب ليليا لرؤيتها على هذه الحال.
“لا حاجة لأن تردّي لي الجميل. ما رأيك أن تشربي معي كوبًا من الشاي بدلًا من ذلك؟“
في تلك اللحظة، قطعت صوتُ ستيلا المتفاجئ أفكار سيلا.
“أوه يا إلهي! انظري إلى الوقت! علينا أن نذهب، انسة ليليا.”
“حسنًا! لكن هل يمكنك أن تذهبي أولًا؟ أريد فقط أن أقول شيئًا لأختي، وسألحق بك فورًا.”
“هممم… أنتِ جريئة حقاً، انستي. حسنًا، سأسبقك.”
ردّت ستيلا، وهي تلقي نظرة جانبية نحو سيلا تحمل شيئًا من الاستياء، قبل أن تتوجّه إلى الطابق السفلي. كانت نظرتها الأخيرة كفيلة بإيصال الرسالة. راقبتها سيلا بهدوء وهي تبتعد.
‘لا بدّ أن السبب هي ليليا.’
في الرواية، صُوِّرت ستيلا على أنها تكره ما تُسمى “الشريرة” التي كانت تؤذي ليليا. كانت تمدح ليليا في كل مجلس اجتماعي، وتهاجم الشريرة علنًا.
‘كان من المفترض أن تكون الداعمة الأولى لمكانة ليليا في المجتمع. وكنتُ أخطط لقطع علاقتهما قبل أن يحدث ذلك.’
اغتمّت عينا سيلا قليلاً وهي تُفكّر في التحدّي الجديد أمامها.
تنهدت في داخلها، واستسلمت لحقيقة أنها ستضطر لترك خطتها الأصلية. إن كانت علاقتهما قد وصلت إلى هذا الحد، فعليها أن تبحث عن وسيلة أخرى. عبثت بأطراف شعرها، ثم رفعت رأسها.
“ما الذي تودين قوله لي؟“
“بما أنكِ أهديتني هدية، فقد فكّرت في ردّها بنصيحة.”
اقتربت المسافة بينهما حتى غدت خانقة. امتلأت عيونهما إحداهما بالأخرى. ولأول مرة، تغيّر ميزان العلاقة بينهما – سيلا، التي كانت دومًا تنظر إلى ليليا من علٍ بفعل فارق الطول، اضطرت الآن إلى رفع رأسها، في حين أن ليليا، التي لطالما كانت ترفع نظرها، باتت تنظر إليها من الأعلى.
وبينما كانت تستمتع بهذا التحوّل، أمالت ليليا رأسها واقتربت، وهمست بصوت منخفض قرب أذن سيلا.
“يقولون إن من يشتهي ما ليس له، سينفجر في النهاية من جشعه.”
ثم مدت يدها وأزاحت خصلة من شعر سيلا الذهبي المائل إلى الحمرة خلف أذنها. لامست أصابعها بشرتها برفق، ثم تابعت.
“القدر يسير كما كُتب له.”
أطلقت ليليا ضحكة نقيّة، كضحكة فتاة صغيرة، ثم مرّت بجانب سيلا ونزلت الدرج. وظلّ صدى ضحكتها، الذي يشبه دوران الكرات الزجاجية، يتردّد طويلًا في أذني سيلا.
***
في غرفتها، جلست سيلا على الكرسي تجفّف شعرها المبتل بمنشفة. كانت إحدى الخادمات قد عرضت عليها مساعدتها في تجفيف شعرها بعد الاستحمام، لكنها رفضت بلطف. لقد اعتادت الوحدة، وفي هذه اللحظة كانت مشغولة البال.
كان ماركيز أرسيل يعاملها بلطف مؤخرًا، مما جعل الخادمات أكثر حذرًا، وأخذن يرمقنها بنظرات قلقة. لكنها لم تكن كريمة بما يكفي لتقلق بشأن خادمة لم تؤدِّ واجبها كما يجب.
كان شعرها الرطب يلتصق بأصابعها كقشور أفعى مائية باردة. وأثناء تمرير أصابعها في خصلها المتشابكة، قطع تفكيرها صوت طرق على الباب.
“عذرًا، انستي. أحضرتُ لكِ المرطّبات الخفيفة التي طلبتِها.”
دخلت سارا تحمل صينية بيدها. التقت أعينهما للحظة قبل أن تخفض سارا نظرها وتنحني.
مسحت سيلا الرطوبة من يديها، ثم تناولت عنبًا من الصينية ووضعته في فمها. وأثناء مضغها البطيء، اقتربت سارا وأمسكت بالمنشفة.
“هل لي أن أُجفّف شعرك أثناء إخباري لكِ بما حدث في الأيام الثلاثة الماضية؟“
“تابعي.”
بدأت يد سارا تجفف شعر سيلا بعناية، بينما راحت تسرد الأحداث بصوت هادئ لا يتزعزع. كل كلمة كانت تنغرس في سمع سيلا.
“غادرت الانسة ليليا أرسيل غرفتها بعد خمس ساعات من مغادرتكِ أنتِ والسيد كاليكس.”
‘خمس ساعات.’
أي أنها خرجت من غرفتها بعد أسبوع من زيارة ثيودورو. الفرق هو أنها آنذاك غادرت غرفتها فقط، بينما الآن خرجت من العقار بالكامل.
“وعندما سمعتُ حديث الماركيزة، بدا أنها تنوي أن تُعيد الانسة ليليا إلى المشاركة في النشاطات الاجتماعية. وسمعتُ أيضًا أنها ستلتقي بالسيدة ديانيس اليوم.”
“وكيف كانت ردة فعل الماركيزة تجاه تغيّر ليليا المفاجئ؟“
بعد أن أخبرت سارا الماركيزة بزيارة سيلا للماركيز، سُمح لها بالاقتراب أكثر من الماركيزة. وبينما كانت سيلا تدحرج حبّة عنب بين أصابعها، انتظرت الجواب.
“حين تفاجأ الجميع من التغيّر المفاجئ للآنسة ليليا، كانت الماركيزة الوحيدة التي ظلّت هادئة.”
“الوحيدة التي ظلّت هادئة…”
“نعم.”
توقفت العنبّة عن الدوران بين إصبعيها. هل جرى بينهما حديث حول الأمر؟ يبدو ذلك منطقيًا. فلا أحد أقرب إلى ليليا من الماركيزة.
“وقد سمعتُ الماركيزة تتحدث مع إحدى خادماتها عن مسابقة الصيد وحفل التنكّر.”
“لقد حان موعدهما من جديد.”
مسابقة الصيد وحفل التنكّر هما من أبرز المناسبات السنوية في الإمبراطورية. خلال النهار، يخرج الفرسان الشجعان والنبلاء للصيد في الغابات، وفي الليل يُقام حفل تنكّري فاخر. كان الغرض الأصلي من المناسبة هو التضرع من أجل حصاد وفير، لكن معناها تغيّر على مرّ السنوات.
“هممم…”
أطلقت سيلا همهمة خافتة وهي تحاول تجميع خيوط المعلومات. ليليا تخرج من العقار. ستيلا، أشهر مصمّمة في الامبراطورية. الصيد، والحفل التنكّري.
لم يكن هذا كافيًا لاستنتاج أن ليليا ستحضر المناسبات. لم يكن ذلك ما يهم سيلا. ما كانت تبحث عنه هو سبب هذا التحوّل الذي طرأ على ليليا، ولماذا بدأت أحداث الرواية الأصلية تتكرّر. لكن مع المعلومات الحالية، كان من الصعب رسم صورة واضحة.
وبينما كانت تفرك أصابعها اللزجة، قطّبت حاجبيها قليلًا.
‘كان هناك أيضًا فصلٌ عن مسابقة الصيد في الرواية الأصلية…’
في الرواية، قامت نبيلة غارت من ليليا باستئجار ساحر لنقلها قسرًا إلى الغابة خلال المسابقة. وهناك وجدت نفسها في خطر، حتى أنقذها كاليكس، مما قرّب بينهما.
شدّت سيلا أصابعها بقوة وهي تستغرق في التفكير. ثم، بعد لحظة، فتحت شفتيها.
“فهمت. هل هناك شيء آخر بدا لكِ غريبًا؟“
سارا، التي كانت قد طوت المنشفة بعناية ومشطت شعر سيلا، لزمت الصمت، وكأنها غاصت في أفكارها. توقفت للحظة، ثم استأنفت التمشيط وتحدّثت بتردد.
“هناك… أمرٌ واحد، لا أعلم إن كان غريبًا أم لا. الأمر مُبهم بعض الشيء…”
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 50"