وافق ديلان أخيرًا على اخذ هيوغو. فلو لم يفعل، لما سُمح له حتى
بأن يخطو قدمه في أي مكان آخر، ناهيك عن منصب المدير. لذا، لم يكن أمامه خيار آخر
حينما وصل الخبر إلى فلوينا، ابتسمت ابتسامة خافتة وهنّأت إيلي، التي أجهشت بالبكاء مرة أخرى.
قالت
“شكرًا لك على مساعدة إيلي وهيوغو نيابة عن الأطفال.”
فأجابت بهدوء.
“تدخّلت فقط لأن الحل كان سهلًا. إن أردتِ شُكري، فاشكري من بجانبي. لقد وافق على رعاية الأطفال بشكل كامل.”
قالت بتردّد.
“شكرًا لك…؟“
“نادِني ليكس.”
“نعم، شكرًا لك، ليكس.”
بعد أن شكرت ليكس، همست لإيلي أن تُحضِر هيوغو. فنهضت الطفلة باكية أخيرًا وخرجت. ومع خروج إيلي، جلس الثلاثة المتبقون في مكتب نائبة المديرة ليبحثوا ما لم يُتح لهم من قبل.
قال أحدهم.
“فهمت الآن. إذن، ديلان كان متورطًا في قمارٍ غير قانوني.”
فردّت الأخرى.
“بدايةً، لا أنوي التبليغ عن ذلك. حتى لو طُرد ديلان، فسترسل عائلة شتاين بديلًا عنه.”
“أتفق معك. لا نعلم من سيكون المدير القادم.”
كان من الأفضل إبقاء ديلان الذي يمكن السيطرة عليه، على أن يأتوا بشخص مجهول. فاتفق الثلاثة على هذا القرار بالإجماع.
وفجأة سُمع صوت من الخارج.
“نائبة المديرة فلوينا! اختي سيل! أحضرت هيوغو!”
أطلت إيلي وهي مشرقة الوجه، تمسك بيد صبي صغير، يشبه الجرو بشعره الرمادي، يلتقط أنفاسه ثم ينحني بأدب فاق سنّه.
“شكرًا لسماحكم لي بالبقاء مع إيلي.”
قالت إيلي، وكأنها تتباهى.
“أختي سيل، سأُعيد سومي كما قلتِ. لعبت معها دون أن أبكي.”
سومي؟ بدا الارتباك على وجه سيلا، لكنها ما لبثت أن فهمت حين سلّمتها إيلي دُمية.
“لا بد أنك قضيت وقتًا ممتعًا معها.”
“نعم! حتى أنني سميتها سومي، ولأنها قالت إنها تريد أن تكون أختي الصغيرة، قلت لها إنها تستطيع ذلك.”
“رائع. لقد أحسنتِ فعلًا.”
وضعت سيلا الدمية في صندوقها. عندها انخفضت فلوينا إلى مستوى إيلي وهمست لها،
“إيلي، عليّ أن أخبرك بشيء.”
“ما هو؟“
“تتذكرين أن والدتك وعدتك بالعودة بعد عام؟“
“نعم. أعلم أنه تبقى عام واحد من أصل خمسة.”
وعدتها أن تعود في عيد ميلادها. وإن تأخرت، فربما في العام الذي يليه… أو بعده. لكنها وعدت أن لا تتجاوز الخمسة أعوام. غير أنها لم تفِ بوعد العودة “بأقرب وقت ممكن“.
قالت فلويْنا بحنان.
“أعلم أنكِ محبطة لأنها لم تأتِ بعد. لكن إن عادت في العام المقبل، أنوي أن أرسل رسالة إلى الانسة سيل. هل ترغبين في لقائها آنذاك؟“
كانت كلماتها حريصة، تعلم كم هو مؤلم للأطفال انتظار شخص لا يعود. وقد رأت أطفالًا رفضوا لقاء أهلهم بعد غياب طويل، وكانت تخشى أن يحدث الأمر ذاته مع إيلي.
لكن إيلي أومأت برأسها، رغم قلق فلوينا.
“أريد رؤية أمي أيضًا. إن لم تأتِ بعد عام، سأحزن، لكن لا بأس الآن لأن هيوغو معي.”
أجاب هيوغو بحزم وكأنما يعاهدها.
“سأبقى بجانب إيلي مهما حدث.”
مدّت إيلي يدها الأخرى، تلك التي لا تمسك بهيوغو، وأمسكت بيد سيلا.
“والآن لدي اختي سيل أيضًا.”
اتسعت عينا سيلا بدهشة، ثم نظرت إيلي إليها بخجل وهي تنحني بخفة. رغم قصر الوقت الذي جمعهما، بدا أن إيلي قد تعلّقت بها.
مدّت سيلا يدها الأخرى ولطّفت خصلات شعر إيلي. الملمس كان مختلفًا عن تيتّي.
قالت سييلا.
“سيأتي أحد لأخذك بعد أسبوع.”
“هل سأراكِ مجددًا، أختي سيل؟“
“سأزوركِ بين الحين والآخر.”
“حسنًا!”
بعد الوداع، اعتدلت سيلا بوقار، والتقت عيناها بنظرة دافئة من فلوينا.
“فلوينا؟“
“آه، يبدو أنني كنت أحدّق بكِ دون أن أشعر. تُذكّرينني كثيرًا بشخص ساعدني من قبل.”
“ترين جدي فيّ؟“
“نعم. تشبهينه كثيرًا. بل أكثر من الماركيز آرسيل نفسه.”
“لم يقل لي أحد ذلك من قبل…”
“لأن الآخرين لا يملكون أعينًا.”
قالتها فلوينا بحزم، فأطلقت سيلا ابتسامة خفيفة.
صعدت الاثنتان إلى عربة بسيطة لا توحي بمكانة مالكيها، لكن داخلها مهيأ لراحة السفر.
قال كاليكس مبتسمًا بخمول.
“أخيرًا، سنركب القارب.”
عيناه خلف رموش كثيفة كانت كعيني مفترس شبعان. رغم انتهاء مهمتهما، قررا عدم العودة فورًا للعاصمة، بل قضاء أيام في فيلا كاليكس.
‘أخبرت الماركيز بذلك، فلا بد من الحفاظ على المظاهر.’
وإن تأخرا، فستبدأ الماركيزة في مضايقة زوجها، وذلك ليس بالأمر السيئ.
قالت سيلا.
“رحلة بالقارب تبدو فكرة جميلة. آمل أن يكون الطقس جيّدًا هذه المرة.”
وانطلقت العربة بسرعة.
***
بعد ثلاثة أيام، وصلت العربة إلى عقارات ماركيز آرسيل. حين نزلت، أمسكت سيلا بخفة بذراع كاليكس وهما يتوجهان نحو القصر الفخم.
‘هناك أمر مريب…’
منذ لحظة وصولها، شعرت بوخز قلق يلامس جلدها.
سمعت ضحكًا.
“هاها… هل سمعتم ذلك؟“
“هذا ما قلتُه… أوه! مرحبًا بعودتكما.”
كان الخدم يتحدثون ويضحكون، يتوقفون فجأة عند رؤية كاليكس وسيلا وينحنون بأدب. لكن وجوههم، التي كانت باهتة قبل سفرهم، أضحت مشرقة كسماء ممطرة صافية.
أحست كأنها غريبة دخلت عالمًا آخر. ظلت سيلا تُمعن النظر في محيطها دون أن تفضح توترها.
وفي لحظة كانت تستعد فيها لصعود الدرج، جاء الصوت الذي لم تكن ترغب بسماعه.
“أوه؟ أختي!”
لقد التقت بمن كانت تتمنى تفاديها.
“مر وقت طويل.”
وجهها، الذي كان متجهمًا، أصبح نقيًا كالحليب. عيناها الزرقاوان تنظران إلى سيلا، ولكن لم تعد تدمعان. الشفتان، اللتان كانتا تقذفان الغضب، تبتسمان الآن ببراءة وكأن شيئًا لم يكن.
شعرت سيلا بالخطر.
فالتغيّر في أجواء القصر سببه بلا شك… ليليا.
قالت سيلا بهدوء.
“هل يُسمح لك بالخروج من غرفتك الآن؟“
اقتربت ليليا من كاليكس وتظاهرت بالقلق.
“نعم، أنا بخير. الجميع قلق، لكن لا يمكنني البقاء حبيسة إلى الأبد!”
“هذا مطمئن. بالمناسبة، خلال إقامتنا في فيلا كاليكس، اخترت لكِ هدية.”
فهي تعرف ليليا جيدًا، واعتادت قراءة ملامحها. في البداية بدت منزعجة، لكنها أخفت ذلك سريعًا خلف ابتسامة نقية… لم تكن تمثيلًا، بل ابتسامة حقيقية.
‘ما الذي حدث لها؟‘
قررت سيلا أن تستدعي سارا فور وصولها إلى غرفتها. لكن قبل ذلك…
“انسة ليليا، أقلقتني حين لم تلحقي بي. كنت قد طلبت منكِ الذهاب أولًا.”
استدارت سيلا نحو الصوت.
امرأة في منتصف العمر، يتخلل الشيب شعرها الرمادي المجعّد. ملابسها الفاخرة ومظهرها المهندم يجعلانها تبدو أصغر من سنها. بروش على شكل فراشة يلمع على صدرها.
‘ذلك البروش…’
لا توجد آنسة أو سيدة نبيلة في الإمبراطورية لا تعرف صاحبة هذا البروش. وكأن ليليا أكدت شكوكها حين نطقت الاسم.
“آسفة يا ستيلا، لقد شغلتني المحادثة مع أختي.”
ستيلا – أشهر مصمّمة في الإمبراطورية. تحلم كل فتاة نبيلة بارتداء تصاميمها.
لكن لسيلا، كانت ستيلا تعني شيئًا آخر…
‘لقد أنقذتها ليليا وأصبحت ملهمتها لاحقًا.’
حدث من أحداث القصة الأصلية… كان من المفترض ألّا يقع إلا بعد زمن طويل.
لم تفهم سيلا سبب وجود ستيلا الآن، لكنّها رأت فيه فرصة. قبل أن تصل لحظة التحوّل الكبرى، قررت أن تُفسد علاقتهما.
وبينما فكّرت بذلك، ضحكت ستيلا بخفّة ورفعت يدها نحو فمها.
“لا بأس. يمكنني الانتظار إلى الأبد من أجل ملهمتي.”
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 49"