في غرفة غارقة في الظلام بحيث يتعذر تمييز أي شيء فيها،
جلس رجل على كرسي يئن بأصوات متآكلة،
يلوي خصلات شعره الطويل حول أصابعه.
“همم. لماذا؟”
مؤخرًا، كان سؤال يشغل باله حتى قبل أن يغمض عينيه للنوم يؤرقه بلا هوادة.
“لماذا عدتِ إلى هناك؟”
رغم أنها أكدت رغبتهما في المغادرة بأسرع ما يمكن وعدم الارتباط بأولئك الأشخاص مجددًا، اختارت تلك الطفلة العودة إلى هناك برغبتها لتغرق أكثر في أوحال تعاملاتهم.
“لا بد أن يكون هناك سبب ما.”
أدار عينيه ببطء على المكتب.
كان متراكمًا بأكوام شاهقة من الأوراق البيضاء.
بينها ملاحظات عن شجرة التفاح الجنية، وأساطير حول الجنيات، وسجلات تتبع تحركات شخص ما.
التقط الرجل إحدى الرسائل.
[شجرة التفاح الجنية. من فضلك، احصل على أكبر قدر ممكن.
أنا مستعدة لدفع أي مبلغ من المال.]
نقر على المكتب بنمط إيقاعي، من سبابته إلى خنصره،
كأنه يعزف على البيانو.
حين قرأ الرسالة أول مرة،
تبادرت إلى ذهنه فرضيات شتى تشكلت وتبددت مرات عديدة.
الآن، لم تبق سوى فرضية واحدة.
صرير.
أطلق الكرسي صوتًا مخيفًا وهو يميل إلى الخلف بكامله،
محدقًا في السقف.
“ربما يكون من الأفضل أن أتحقق بنفسي.”
رفع يده اليسرى في الهواء.
وعلى الرغم من بساطة الإيماءة،
ظهر شخص لم يكن مرئيًا حتى تلك اللحظة في الفراغ الخالي.
“هل ناديتني، سيدي؟”
انحنى ظل مكسو بالسواد الكامل نحوه، منتظرًا الأوامر.
“هل يمكنك تسليم هذا إلى تلك الطفلة عن طريق الشخص في عائلة أرسيل؟”
ابتسم الرجل ابتسامة عريضة وهو يناوله الرسالة التي كتبها.
***
“فقط عندما ظننت أنني سأقضي أخيرًا بعض الوقت مع تيتي.”
تنهيدة.
تنفست سيلا بعمق وأعادت قراءة الرسالة التي تلقتها عبر أحد مرؤوسي كين.
[إذا أردتِ الحصول على تفاحة الجنيات، فعليكِ القدوم اليوم~]
عندما قرأت النهاية المتموجة،
شدّت قبضتها دون أن تدرك، مما جعل الرسالة تتجعد.
‘يا لتهوره.’
كانت لديها فكرة تقريبية عن سبب ذلك،
لكن هذا لم يعنِ أنها استحسنته.
وبعد أن فرقت شعرها، أدخلت سيلا الرسالة إلى صدرها.
‘كان عليّ مقابلته لبيع السيركا على أي حال،
لذا سأعتبرها مجرد لقاء مبكر قليلًا.’
كان العزاء الوحيد الصغير أن تيتي كان هادئ بشكل غير معتاد اليوم.
عادةً، حين تذكر سيلا لقاء كين، كان تيتي يعبر عن استيائه بوضوح، لكنه اليوم كان نائم بهدوء، يصدر أصوات شخير خافتة.
‘من المؤسف أنني لن أرى محاولته اللطيف لمنعي من المغادرة.’
بينما كانت تفكر في تيتي، وصلت سيلا بالفعل إلى مكان اللقاء.
وبعد التأكد من اسم المتجر على الرسالة،
فتحت باب المقهى.
دينغ.
استقبلها صوت جرس، تبعه صوت ترحيب صاحب المحل.
عبقت رائحة القهوة الغنية في الهواء، مهدئة حواسها.
‘وجدته.’
سرعان ما رصدت سيلا وجهًا مألوفًا وسط الحشد.
شعر بني حليبي كثيف ومشعث كالفطر، يغطي حتى جسر أنفه.
بشرة بيضاء نقية كالثلج وفك حاد.
كان بلا شك – العم كين.
‘ذلك المظهر المميز يبرز أينما كان.’
فجأة، تذكرت لقاءهما الأول.
“سأساعد النقابة على النمو بسرعة،
لكن في المقابل، سيكون عليكِ أن تكوني يديّ وقدميّ.”
مع خياراتها المحدودة للغاية داخل العائلة،
كانت بحاجة إلى مساعدة من الآخرين.
لهذا السبب بحثت عن مخبأه، الذي عرفته من القصة الأصلية.
أمسك كين، الذي كان فضوليًا حول كيفية اكتشافها لمخبأ النقابة، بيدها حين عرضت اقتراحها بجرأة.
من تلك اللحظة، بدأت علاقتهما.
“أوه، لقد وصلتِ؟”
على الرغم من الضوضاء حوله،
بدا أنه شعر بوجودها وأدار رأسه نحوها فورًا.
حتى مع شعره الذي يغطي عينيه جزئيًا،
أضاء وجه كين بابتسامة عريضة مفعمة بالبهجة.
“مر وقت طويل، عمي.”
“لسنا بعيدين جدًا في العمر. إلى متى ستظلين تنادينني ‘عمي’؟ ألا تعتقدين أن ‘اخي الأكبر’ سيناسبني أكثر؟”
“سأفكر في الأمر – بمجرد أن تقص شعرك.
لكن الأهم، ماذا عن شجرة التفاح الجنية؟”
جلست سيلا مقابله، وطرحت سؤالها،
وهي تدرك جيدًا أنه لن يقص شعره أبدًا.
“آه، هذا غير عادل. لكنني أعرف مكان شجرة التفاح الجنية.”
أجاب كين بنبرة تحمل مسحة من الزهو.
“لم تؤمّنها؟ تعرف موقعها فقط؟”
“هه، لا داعي للقلق. إنها في مكان آمن لا يستطيع أحد الوصول إليه بسهولة، لذا لم أدعِ ملكيتها رسميًا بعد. لكن…”
توقف كين، ومد يده تحت الطاولة.
وبعد لحظة قصيرة، وضع سلة على الطاولة.
“لقد وجدتها. ها هو الدليل.”
بحركة سريعة، سحب القماش عن السلة،
كاشفًا عن ثمرة مستديرة بلون يذكر بالسماء.
الثمرة ذات اللون الأزرق،
كما وصفتها النصوص تمامًا، تألقت أمام عينيها.
‘إنه واضح.’
كانت بلا شك تفاحة الجنيات.
“لقد وجدتها حقًا.”
ثنت سيلا أصابعها الطويلة النحيلة، ثم مدت ذراعها نحو السلة.
لكن كين، متجنبًا يدها، رفع السلة بعيدًا عن متناولها.
“قبل أن أسلمها لكِ، أود أن أسمع قليلًا عن وضعكِ.”
أطلقت سيلا تنهيدة عميقة.
وعلى الرغم من أن عينيه كانتا مختبئتين خلف شعره،
شعرت بنظراته الثاقبة المستمرة عليها.
“كنت سأخبرك على أي حال، حتى بدون تصرفك هكذا.”
“أوه، ما هذا؟ هل بدأتِ أخيرًا تثقين بي وتعتمدين عليّ…؟”
“إنما سؤالك سيُجاب عنه بوضوح من خلال أفعالي القادمة.”
“بالطبع. متوقع. بوو-هوو.”
أصدر كين صوت بكاء مصطنع قبل أن يسند ذقنه على يده.
“حسنًا إذًا، أخبريني. لماذا عدتِ إلى هناك؟”
“إنها قصة طويلة بعض الشيء – هل أنت متأكد أنك موافق على ذلك؟”
“بالطبع.”
شرحت سيلا بعناية كل ما حدث حتى الآن.
ومع استطالة روايتها، تلاشت ابتسامة كين الخفيفة تدريجيًا.
استقر فمه في خط رفيع،
وما كان في السابق جوًا خفيفًا كالريشة حوله بدأ يشعر بثقل أكبر.
“انتهت قصتي الآن.”
“واو، هذا يتجاوز ما تخيلته…”
أطلق كين ضحكة جوفاء، مرر يده على فمه، كأنه مذهول.
كان الارتباط المفاجئ بين البحث عن شجرة التفاح الجنية وعودتها إلى قصر الماركيز قد خطرت في باله من قبل، لكن سماع تأكيدها ترك في نفسه استياءً غير متوقع.
“هل أقتلهم جميعًا من أجلكِ؟”
“لا، شكرًا. لماذا تعتقد أنني عدت إلى قصر الماركيز؟”
حملت تلك العبارة الواحدة وزنًا من المعاني غير المعلنة.
“حسنًا، حسنًا. لن آخذ ما هو لكِ.”
قال كين، مهزًا رأسه مستسلمًا.
ثم، كأنه قلب مفتاحًا، انحنت شفتاه إلى الأعلى مجددًا،
عاد تصرفه إلى الخفة مرة أخرى، حتى كاد يبدو شخصًا مختلفًا.
“سأحضر لكِ شجرة التفاح الجنية فورًا، كما وعدت.”
“شكرًا.”
“همم.”
جلس كين ورجلاه متقاطعتان، يبدو غارقًا في أفكاره،
يهز قدمه المعلقة لأعلى ولأسفل بلا هدف.
البحث عن آثار الجنيات، التي كانت تُعتبر مجرد أساطير،
كان كالبحث عن إبرة في كومة قش.
حتى في القصة الأصلية، لم يكن هناك أدنى ذكر للجنيات.
“لكن إذا كان الأمر يتعلق بنقل لعنة، أليس ذلك قصة مختلفة؟”
رفعت سيلا رأسها بسرعة.
قابلت نظراتها، وانحنت شفتاه في ابتسامة ماكرة ذات معنى.
“أتعتقدين أنني لا أستطيع العثور على ما فعله أولئك الرجال؟
إذا هززنا عائلة أرسيل بما فيه الكفاية،
سيتضح شيء ما. ألا تعتقدين ذلك؟”
“…هذا منطقي.”
أجابت سيلا،
تستنشق بعمق وتزفر ببطء وهي تومئ برأسها موافقة.
“إنه محق. إذا كان هناك طريقة لنقل لعنة،
فلا بد أن تكون هناك طريقة لعكسها أيضًا.”
كان ذلك شيئًا لم تفكر فيه، كانت منشغلة جدًا بالانتقام لدرجة أنها لم تعطِ الأولوية للبحث عن الجنيات.
“سأترك الأمر لك.”
قالت، منحنية رأسها بأدب.
كانت يداها ترتعشان قليلًا وهي تفعل ذلك.
في تلك اللحظة، مد كين سلة نحوها.
“كنت سأعطيكِ هذه على أي حال، لذا خذيها.”
عندما تلقت السلة، عبقت رائحة الفاكهة الحلوة في أنفها.
بانعكاس لا إرادي، خفضت سيلا رأسها،
ولاحظت كيسًا ورقيًا مثبتًا في فجوة السلة.
حتى مجرد حمل الكيس شعرت بثقله المفاجئ.
“ما الذي في الكيس الورقي؟”
“إنه هدية أحضرتها، ظننت أنكِ قد تحتاجينها.
هناك أيضًا بعض المعلومات المثيرة التي اكتشفتها مؤخرًا،
لذا تحققي منها لاحقًا. للآن، يجب أن نستمتع.”
ارتفع صوت كين وهو ينادي أحد أفراد الطاقم.
في نهاية نبرته المرحة، تبع ذلك همهمة خفيفة.
بعد لحظات قليلة،
امتلأت الطاولة بمجموعة متنوعة من الحلويات التي طلبها.
“إذا ساعدتكِ تفاحة الجنيات على التعافي،
يمكننا الذهاب في جولة حلويات معًا لاحقًا.”
“سأفكر في الأمر بمجرد أن تنتهي كل الأمور وأجد بعض الوقت الحر.”
“أوه! رائع، رائع! لو كان ذلك من قبل،
لكنتِ رفضتني رفضًا قاطعًا. ما الذي تغير؟”
“إذا شعرت بتحسن، لن تكون هناك مشكلة. ليس شيئًا خاصًا.”
سيلا، بعينيها مثبتتين على الحلويات على الطاولة،
ارتشفت من شايها الحلو الممزوج بقليل من المرارة.
كانت هذه الحلاوة الوحيدة التي يمكنها الاستمتاع بها الآن.
“أنا ممتنة لأنك أشرت إلى ما فاتني أولاً،
لكن لا داعي لقول الحقيقة.”
ومع ذلك، كين، بذراعيه متقاطعتين،
نظر إليها بمكر، كأنه يعرف كل شيء بالفعل.
“هل هذه فرصتي؟
إذًا ربما يجب أن تبدئي بمناداتي ‘الأخ الأكبر’…”
“عمي، ركز فقط على تناول حلواك.”
“…حسنًا…”
قبل أن يمضي وقت طويل،
أصبح طبق الحلوى أمام كين خاليًا تمامًا.
مسحت سيلا شفتيها بمنديل وأخرجت صندوقًا أسود أنيقًا من متعلقاتها وهي تتحدث.
“لقد أخبرت مرؤوسك عن هذا بالفعل. تتذكر، أليس كذلك؟”
“هل السيركا داخل هذا؟
هل وجدتِها من خلال طرقك الشخصية المعتادة مجددًا؟”
“لا. لقد أعطاها لي أحدهم.”
“ماذا؟ أعطاها لكِ أحدهم؟”
قفز كين من مقعده.
“لا تقولي لي انه رجل! لست مستعدًا لأتركك تتزوجين بعد…!”
بدلاً من استنزاف نفسها في محاولة الشرح،
اختارت سيلا تجاهله والمضي قدمًا.
‘لقد هدأ أسرع مما توقعت.’
في تلك اللحظة القصيرة، صمت كين.
عادةً كان سيستمر في الحديث بلا توقف الآن،
لكن سيلا شعرت أن شيئًا ما ليس على ما يرام.
حولت نظرها إليه.
على الرغم من أن عينيه كانتا مختبئتين بشعره،
كان رأسه مائلًا بطريقة غريبة.
‘ما الذي رآه ليتصرف هكذا؟’
أمالت سيلا رأسها قليلًا إلى الجانب، متعجبة.
“!”
تسارعت أنفاس سيلا وخفق قلبها.
اقترب رجل طويل القامة يرتدي معطفًا باهتًا غير متناسق نحو المقهى.
لم يكن ذلك وحده ليشكل مشكلة.
لكن عندما رفع رداءه قليلًا، أصبح وجهه مألوفًا لا لبس فيه.
“صاحب السمو؟”
للأسف، لم يكن سواه.
***
تم القبض عليها بالجرم المشهود!!😭😂😂😂
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 12"