البحث عن زوج للدوقة - 96
الفصل 96 : الأميرة المليئة بالجراح ¹²
في تلكَ اللحظة، استيقظت مِن خيالها.
إذا لَمْ أفعل شيئًا، فَلَن يتغيّر أيِّ شيء.
ستكبُر ابنتُها الصغيرة وهي ترى أمها المحبوبة وهي تًعاني. ستملأ عيونها الخضراء البريئة بالخوف واليأس، وفي النهاية ستُصبح عيونها مثل عيون فريجيا.
‘يجبُ أنْ أتحمل الضرب، كما تحملت أمي.’
“لا، لا أستطيع السماح بذَلك!”
لا يُمكنني السماح لابنتي بالعيش بهَذهِ الطريقة.
حتى لو أصبحت امرأة يلؤمها الجميع مِن كُل اتجاه، وحتى لو تعرضت لانتقامٍ فظيع مِن زوجها، يجبُ عليّ أنْ افعل كُل ما بوسعي.
مِن أجل ابنتي الصغيرة.
صرخت فريجيا بصوتٍ مليء بالدموع.
“سأقوم بتقديم الإبلاغ.”
كان مُجرد نطق هَذهِ الكلمات كأنها قد ارتكبت جريمةَ كبيرة، وشعرت بجسدها بتصلب. ومع ذَلك، فتحت فمها مرةً أخرى.
“ساعديني، سيدة إيدينبرغ.”
كانت نبرةُ صوتها مؤلمةٌ للغاية.
أمسكت أرتيا بيد فريجيا وهزّت رأسها بتفهم.
***
في اليوم التالي، جاء الكونت إليزيوم إلى منزل إيدينبرغ، كما لو كان قد علم بذَلك بطريقةٍ ما.
استغربت فريجيا مِن سبب قدومهِ إلى هُنا، خاصةً وأنها لَمْ تكُن تُحب أرتيا كثيرًا، لكنها لَمْ تُعر الأمر أهمية، إذ لَمْ تكُن مهتمةٌ بعلاقة النساء.
بدأ الكونت إليزيوم الحديث مُباشرةً.
“لقد جئتُ لأخذ زوجتي وابنتي.”
لكن أرتيا هزّت رأسها بحزم.
“لقد أصاب فريجيا الفزع بسبب ما حدث. أرادت أنْ تبقى هُنا لبضعة أيام أخرى.”
كيف يُمكن لامرأةٍ مُتزوجة أنْ تبقى في منزلٍ آخر، مع ابنتها أيضًا؟
كاد الكونت إليزيوم أنْ يصيح بغضبٍ، لكنهُ كبح جماح نفسهِ. لَمْ يكُن يُريد أنْ تُصبح شائعات سيئةً عنه بسبب هروب زوجته.
كان هو وزوجته يجبُ أنْ يظهروا كالثنائي المثالي دائمًا.
ابتسم الكونت إليزيوم ابتسامةً مصطنعة.
“في الواقع، كان هُناك بعض الخلافات البسيطة. يبدو أنْ زوجتي حزنت كثيرًا لأن رأيّها لَمْ يتوافق مع رأيي. فهي ذاتُ طبيعةٍ حساسةٍ جدًا…”
لَمْ يخطُر ببالهِ أنْ فريجيا قد تجرأت على إخبار أرتيا بما حدث البارحة.
كانت تكرهُ أنْ تظهر في موقفٍ مُخزٍ أمام الآخرين.
كان الكونت إليزيوم مُتأكدًا مِن ذَلك، فَتصرف ببساطة.
“أريدُ رؤية زوجتي، لكن سأنصاعُ وأعود. يجبُ على الزوج الانتظار حتى تهدأ زوجته.”
قبل مُغادرته المنزل، أضاف شيئًا غير مُباشر.
“سيدة إيدينبرغ، أرجو أنْ تُحافظي على سرية وجود فريجيا هُنا. أخشى أنْ يتسبب أيُّ كلامٍ في تشويه سمعتها.”
كان كأنهُ يتحدث كما لو كانت فريجيا قد ارتكبت تصرُفًا مُخزيًا.
لَمْ يُفكر في أفعاله هو.
عندما كادت أرتيا أنْ تُفجر غضبها على هَذا الرجل الوقح، كتمت مشاعرها وتظاهرت بعدم معرفتها.
“نعم، كصديقةٍ لفريجيا، سأبذل قصارى جهدي لحماية سمعتها.”
لَمْ يكُن الكونت يعلم أنه بعد مغادرتهِ، كانت أرتيا ستبدأ في اتخاذ إجراءاتٍ لتحقيق ما قالته.
بمُجرد مغادرته، بدأت أرتيا وفريجيا العمل معًا على كتابة الوثائق.
كانت وثيقةً للإبلاغ عن العُنف المُتكرر الذي تعرضت لهُ فريجيا مِن زوجها الكونت إليزيوم.
“هَذا ليس مذكراتٍ خاصة أو رسالةٌ لصديقة. إنها وثيقةٌ رسمية تُقدّم إلى المحكمة. لا يُمكن كتابة الأمور بشكلٍ غامض. يجبُ أنْ تسجلي الحقائق بدقة، مع ذكر التواريخ. وسيكون مِن الجيد إذا أرفقتي أدلة.”
“كيف تعرفين كُل هَذا؟”
“لأنني كتبتُ شيئًا مُشابهًا مِن قبل.”
فَلَم يكُن هُناك اختلافٌ كبير بين الوثائق التي تطلبُ الطلاق مِن زوج غيرِ صُلح أو تلكَ التي تطلبُ توقف زوج عن العنف.
***
في اليوم التالي، ذهبت المرأتان معًا إلى المحكمة.
قدمت فريجيا، التي ارتدت فُستانًا داكنًا أكثر مِن المُعتاد، الوثائق التي كتبتها طوال الليل إلى القاضي الأدنى.
لكن عندما رأى القاضي أنْ السيدة التي قدمت الوثيقة هي زوجة الكونت إليزيوم، وهي شخصيةٌ بارزة، بدأ بقراءة الورقة على الفور.
ومع مرور الوقت، بدأ وجهُ القاضي يتجعدُ. وعندما انتهى مِن قراءة الوثيقة، قال بتعبيرٍ يدل على الحرج.
“سيدة إليزيوم، هَذا المكان ليس مُخصصًا للتعامل مع قضايا الأزواج الخاصة.”
تدخلت أرتيا، التي كانت بجانب فريجيا.
“لقد قرأت الوثيقة كاملة، ومع ذَلك تقول هَذا؟ الأمر ليس مُجرد مسألةٍ زوجية، بل هو حادث اعتداءٍ واضح. القانون الإمبراطوري ينصُ على أنْ أيِّ اعتداء على جسد شخصٍ آخر يُعد جريمةً كبيرة تستحقُ السجن.”
على الرغم مِن أنْ القاضي بدا مُتفاجئًا مِن ذكر القانون، إلا أنهُ استعاد وجهه الصارم بسرعة.
“حتى مع ذَلك، مِن الصعب أنْ يتدخل القوانين في شؤون العائلة. يجبُ حل الأمور مثل هَذهِ داخل المنزل.”
“لكننا هُنا لأن الأمور لَمْ تُحل داخل المنزل.”
“مع ذَلك، لا يُمكنني قبول هَذهِ الوثيقة.”
كان موقف القاضي الأدنى أشد مِما توقعت. فقد اعتادوا على التعامل مع قضايا النساء اللواتي يتعرضن للعنف مِن أزواجهنَ بسطحية.
‘ماذا أفعل؟ مِمَن يجبُ أنْ أطلب المساعدة مرةً أخرى؟’
كانت فريجيا تعضّ شفتها الجافة في تلكَ اللحظة. ثم فتحت أرتيا فمها.
“إذاً لا يوجد خيارٌ آخر.”
هل ستستسلمُ تلكَ المرأة المجنونة الآن؟ بدأ وجهُ القاضي بالتوهج مع كلمات أرتيا.
“لا بد مِن طلب المساعدة مِن مملكة فالينتا، موطن فريجيا.”
“……؟!”
عند ذكر مملكة فالينتا، اتسعت عينا كُل مِن فريجيا والقاضي.
“فريجيا هي ابنةُ الملك المحبوبة، وإذا علم الملك بذَلك، سيغضبُ بشدةٍ، وقد يتحول الأمر إلى مشكلةٍ دولية.”
أضافت أرتيا بابتسامةٍ شريرة.
“رُبما سيبدأ حربًا؟”
على عكس الشائعات، لَمْ تكُن فريجيا الابنة الأكثر تفضيلًا لدى ملك فالينتا. ومع ذَلك، لَمْ يكُن مِن المُمكن مقارنة قوة مملكة فالينتا بالإمبراطورية، حتى لو اندلعت الحرب.
ومع ذَلك، كان وصف ابنة الملك التي يُحبها والدها وكلمة حرب كانا كافيين لتهديد قاضٍ أدنى.
رأت أرتيا أنْ وجه القاضي شحُب، واستغلت الفرصة وهمست لفريجيا (بصوتٍ مسموع).
“إذا سأل الملك مَن الذي آذاكِ يا فريجيا، أخبريهِ عن الكونت إليزيوم وأسماء كُل مَن تجاهلوا تعرضكِ للاعتداء.”
مثلًا، اسمُ القاضي الذي تجاهل شكوى الاعتداء رغم شجاعتها…
عندما التقت أعين أرتيا والقاضي، أطلق صرخةً مُفاجئة.
كان مِن الواضح أنْ الخيار الأفضل بالنسبة له هو تجنُب غضب الملك، بدلاً مِن مواجهة غضب رئيسهِ بسبب عدم قبول الشكوى.
لَمْ يترك القاضي الفرصةً تفوته، بل أخذ الوثيقة مِن فريجيا.
“سأقبلُ الشكوى رسميًا. سيتمُ إجراء تحقيقٍ شامل في هَذا الأمر، وسيُتخذ القرار المُناسب.”
تجمدت ملامحُ فريجيا للحظة، ثم ابتسمت ابتسامةً مُشرقة.
“شكرًا لكَ.”
“……!”
تورد وجهُ القاضي، الذي بدا وكأنهُ لَن يخرج منه قطرة دمٍ واحدة، بسرعة.
رأت أرتيا ذلك وابتسمت.
“هَذهِ هي البداية.”
في اليوم التالي، جاء الكونت إليزيوم إلى منزل إيدينبرغ، وقد زالت عنهُ تمامًا هالة الثقة التي كان يظهرها بالأمس، وصرخ.
“فريجيا!”
منعتهُ بيبي، ووقفت أرتيا بجانبها.
“هل تتصرفُ بهَذهِ الطريقة دوّن إذن، وترفعُ صوتكَ في منازل الآخرين؟ هَذا ليس مِن تصرفات كونتٍ معروف بأنهُ مثالٌ للرجولة.”
بدلًا مِن الرد على كلمات أرتيا، أطلق الكونت نظرةً حادة.
“هل جعلتِ زوجتي البريئة تُبلغ عني؟”
“آه، لذَلك جئتَ إلى هُنا. لكن يبدو أنكَ لا تعرفُ زوجتكَ جيدًا. فريجيا ليست ساذجةً لتسقُط في فخك.”
واصلت أرتيا حديثها بصوتٍ واضح.
“لقد اتخذت فريجيا هَذا القرار بمحض إرادتها.”
لا، لا يُمكن أنْ يكون ذَلك.
لقد نشأت كعبدٍ مُطيع طوال حياتها. في طفولتها كانت تحت سيطرة والدها، وبعد الزواج كانت تحت سيطرة زوجها.
لذا، مِن المؤكد أنها تحت السيطرة الآن أيضًا، مِن قبل أرتيا فون إيدينبرغ.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة