البحث عن زوج للدوقة - 91
الفصل 91 : الأميرة المليئة بالجراح ⁷
‘لماذا أنفقتُ كل تلكَ الديون لإقامة هَذا الحفل…؟’
كان ذَلك ليُصبح هو كل شيء ليكون محور اهتمام الجميع.
لكن لا أحد كان يهتمُ به. حتى لو رقص مرةً أخرى مع فريجيا، كان مِن الواضح أنْ مجرى الأمور لَن يتغيّر.
كان هَذا الأمر يجعلُه غاضبًا.
“يا لهُ مِن أميرٍ بائس. لماذا جاء فجأةً إلى حفلي وبدأ بتلكَ الفوضى، رغم أنه لَمْ يظهر في حفلات النبلاء الأخرى حتى بعد أنْ طلبوا منه القدوم؟”
أطلق إليزيوم لعنةً في قلبه بينما تناول النبيذ مِن الكأس.
كانت عينا فريجيا التي تقفُ بجانبه تتلألأ برعب.
بِمُجرد انتهاء الرقصة، هرعت أرتيا خارج قاعة الاحتفال. أرادت الابتعاد قليلاً عن أنظار الجميع المُتطفلة.
لكن كانت هُناك مشكلةٌ واحدة. كيليان، المُتسبب الرئيسي في كُل هَذا، كان يتبعُها عن كثب.
عندما وصلت أرتيا إلى الحديقة التي تفتقر إلى الناس، استدارت فجأةً وصرخت،
“لماذا تتبعني؟”
خرج صوتها أكثر حدةً مِن المُعتاد. اعتقدت أنْ كيليان سيتفهم الأمر.
كما توقعت، لَمْ يكُن كيليان غاضبًا على الإطلاق. لكنهُ قال…
“مِن مُخيف أنْ أكون وحدي هُناك.”
“…..؟”
“يوجد الكثير مِن النساء.”
“……؟”
نظرت أرتيا إلى كيليان بعينين مليئتين بالدهشة، كما لو كانت ترى قطةً تأكل جزرة. ثم تنهدت.
‘نعم، هَذا صحيح، أمامي فقط هو يشعرُ بالراحة، لكن رهاب النساء لَمْ تختفِ.’
وضعت أرتيا يدها على جبهتها وسألته،
“لماذا أتيت إلى هُنا في الأصل؟ إنها ليست حفلةً مهمة يجبُ أنْ تحضرها كأمير.”
“لأقوي الروابط في المجتمع.”
“لماذا، يبدو أنْ هُناك شبهةً في كلامكَ؟”
“لأنهُ ليس صحيحًا.”
“أنتَ تكذُب بصراحة.”
تخلت أرتيا بسرعة عن محاولة فهم سبب قدومه، وأجابت على طلبه.
“هَذهِ الحفلة تختلف عن حفلة كروفاشون التي ذهبت إليّها سابقًا. لا أستطيع أنْ أقول للنساء ‘إذا لمستِ سمو الأمير ستدفعين الثمن’ دوّن ارتداء قناع.”
فَلو حدث ذَلك، ستتحدُث الشائعاتٌ عن أنْ كيليان وأرتيا جُن جنونهما.
لَمْ يكُن بإمكانها تدمير السمعة التي كافحت لبنائها لعدة أشهر بهَذهِ الطريقة.
عندما رأت كيليان يعبُس، قال شيئًا غير متوقع.
“هل سبب مشكلتكِ هو أنا؟”
ترددت أرتيا قبل أنْ تومئ برأسها.
كانت أرتيا الزوجة الوحيدة المُطلقة في الإمبراطورية.
كانت قادرةً على الاجتماع مع العديد مِن الرجال بسبب عدم وجود زوج، ولكن في الوقت نفسه، كان مِن السهل أنْ تتورط في فضائح.
كانت ستُصبح فتاةً سيئة تخلت عن زوجها واستمتعت مع رجالٍ آخرين.
إذا انتشرت تلكَ الشائعات، سيكون الأمر مُنتهيًا.
وبذَلك، لَن تتمكن أرتيا مِن أنْ تُصبح إيثيريال.
“لا أستطيع أنْ أتخيل ما قد يُقال بعد رؤية رقصةٍ مع سمو الأمير.”
بالطبع، كيليان ليس رجُلًا عاديًا، لذا يُمكن أنْ يمر الأمر على أنهُ ضمن تصرفات أميرٍ مجنون. ولكن مِن ناحيةٍ أخرى، قد تظهرُ شائعاتٌ غريبة عن وجود امرأةٍ خاصة في حياة الأمير الذي يُعاني مِن رهاب النساء.
إذا كان الأمر كذَلك، ستُصبح المشكلةً أكبر.
‘لقد كنتُ مجنونةً. انجذبتُ إلى وجه الأمير. كان ينبغي لي أنْ أتصرف كما لو كنتُ قد أغشي علي لأتفادى الرقص…’
فجأةً، لمست أصابع كيليان جبهتها المتجعدة.
كانت أصابعُه، بملمسها الخشن كفارسٍ خاض المعارك، تُلامس جبهتها برفق، وكأنها تُحاول تخفيف تجاعيدها.
“م-ماذا تفعل…؟”
قال كيليان، وهو ينظرُ إلى أرتيا المذهولة.
“لا تقلقي مِن هَذا. سأجعل الشائعات التي تخشينها تتلاشى.”
كانت أرتيا تُريد أنْ تسأل كيف؟، لكن فجأةً جاء صوت خشخشةٍ مِن بعيد.
دوّن وعيّ، جذبت أرتيا كيليان وأخفت جسدها بين الأشجار.
لَمْ ترغب في سماع الشائعات عن وجود علاقةٍ سرية بعد الرقص مع الأمير أمام الجميع.
اتسعت عينا أرتيا. كان الكونت إليزيوم وفريجيا يقفان تحت ضوء القمر.
‘لماذا جاء الزوجان اللذان يُحبان أنْ يكونا في مركز الاهتمام إلى رُكنٍ مُظلم؟’
عندما فكرت في ذَلك… نظر الكونت إليزيوم إلى فريجيا بغضب.
“ماذا لديكِ؟”
كان صوته غاضبًا تمامًا، على عكس الشائعات التي تقول إنهُ يُحب زوجته بشغف.
“أظُن أنكَ تشربُ كثيرًا. إذا ارتكبت خطأً أمام الضيوف، سيكون الأمر مروعًا!”
جذبها الكونت إليزيوم مِن شعرها الذهبي.
“هل رأيتني أرتكبُ خطأ أمام الضيوف مِن قبل؟”
هزّت فريجيا رأسها، غير قادرةٍ على الرد. ضغط الكونت إليزيوم على شعرها بقوةٍ اكبر وقال بصوتٍ منخفض.
“إذن، اصمتي. حتى لو كنتُ ثملًا، سيتجاهل الناس الأمر.”
كان عليها أنْ تومئ برأسها وتظهر عدم القلق، لكن جهودها كانت بلا جدوى، فقد امتلأت عينا فريجيا الخضراوان بالدموع الشفافة.
عندما رأى الكونت إليزيوم ذَلك، انطلقت منهُ لعنات.
“كنتُ أحاول كبح غضبي بسبب الأمير، والآن تُثيرين غضبي، يا عزيزتي.”
“……!”
“إذا كنتِ قد تصرفتِ بشكلٍ صحيح، لما كنتُ مضطرًا لإقامة هَذا الحفل. كنتُ أريد أنْ أتحمل حتى انتهاء الحفل، لكن لَمْ أستطع التحمل أكثر. يجبُ أنْ أعاقبكِ.”
أخرج الكونت إليزيوم سلسلةً كانت حول صدرهِ وأمسك بها بكلتا يديه.
كانت السلسلة، التي كانت تُعتبر أكسسوارًا أنيقًا، تُعطي انطباعًا مرعبًا كأنها عصا تُستخدم لتدريب الوحوش.
كانت فريجيا ترتجف كأوراق الشجر.
“لا، مِن فضلك، عزيزي. هُناك الكثير مِن الضيوف.”
“لا تقلقي. سأجرحُكِ في مكانٍ لا يُلاحظه أحد.”
على الرغم مِن أنْ الابتسامة أثناء تحمل الألم ستكون مرهقة، فإنْ ذَلك لَمْ يكُن مِن شأنه.
في اللحظة التي كان فيها الكونت إليزيوم على وشك توجيه السلسلة الى فريجيا، صاحت أرتيا مِن خلف الشجرة.
“توقف عن هَذا التصرُف المقزز، كونت إليزيوم!”
نظر إليزيوم بفزعٍ حوله.
“مَن هُناك؟”
“ينبغي عليكَ أنْ تقلق بشأن تصرفاتكَ المُتناقضة عندما تكون بمفردكَ مع زوجتك، بدلًا مِن التفكير في مَن أنا.”
كانت نبرة الصوت التي تأتي مٍن الظلام هادئة، لكنها كانت تحملُ انتقاداتٍ واضحة.
تألقت عينا الكونت إليزيوم بشكلٍ مُخيف.
“ماذا أفعل؟ هل أبحثُ عنكِ وأقطعُ لسانكِ؟”
لَمْ يكُن الأمر صعبًا إذا كانت مُجرد خادمة. لكن، مِن أسلوب حديثها، كان مِن الواضح أنها واحدةٌ مِن النبلاء الحاضرين في الحفل.
إيذاء النبلاء قد يُسبب المتاعب.
‘لكن يُمكنني إعطائكِ تحذيرًا.’
“إذا كنتِ تجرؤ على التحدث بهَذهِ الطريقة، فَمِن الواضح أنكِ قد رأيتِ على شيئًا لا ينبغي عليكِ رؤيتُه.”
“……”
“لا أعرف مَن أنتِ، لكنكِ اتخذت قرارًا حكيمًا. إذا خرجتِ إلى العلن، ستُصبحين عدوتي.”
كان الكونت إليزيوم مِن الطبقة العليا بين النبلاء. وكان مِن النادر أنْ يجرؤ أحدٌ على معاداته، حتى لو كان الأمير المجنون.
“سأغفرُ لكِ تدخلاتكِ بيني وبين زوجتي، لذا تفضلي بالصمت ولا تنشُري شائعاتٍ لا داعي لها. إذا كنتِ ترغب في الحفاظ على حياةٍ هادئة، تذكري بأنهُ إذا انتشرتي الشائعات عني وزوجتي، سأجدُكِ مهما كان الأمر.”
“توقف عن التصرف كقمامةٍ ولا تلمس زوجتكَ بعد الآن. إذا كنتَ تُريد الحفاظ على حياةٍ زائفة.”
استشاط إليزيوم غضبًا، وبدلاً مِن البحث عن صاحب الصوت، أطلق تهديدًا صارخًا.
“إذًا غيّرتِ رأيكِ وقررتي نشر الشائعات، لا يهمُني. إنْ صورتي وصورة زوجتي متينة. سيعتبرُ الناس مَن يتحدثُ بأكاذيبّ سخيفة بدوّن دليل كاذبًا. وأنا لدي القدرة على جعل ذَلك يحدُث.”
بعد أنْ أنهى كلماته، أرخى إليزيوم عينيهِ بلطف.
مد يده نحو فريجيا، التي كانت ترتجفُ مِن الخوف.
“فريجيا، هل أنتِ بخير؟”
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة