74
- الصفحة الرئيسية
- جميع القصص
- البحث عن زوج للدوقة
- 74 - السيدة النبيلة والجميلة هي في الواقع...¹⁵
الفصل 74 : السيدة النبيلة والجميلة هي في الواقع…¹⁵
‘عليّ أنْ أكون حذرةً حتى لا تلمس يدي أيِّ شيء.’
رهاب النساء. تذكرت هَذهِ الكلمة التي باتت تنساها تدريجيًا وهي تُرتب ربطة العنق بحذر.
كان قريبًا منها لدرجة أنْ أنفاسهُ كانت تكاد تُلامسها، ورغم ذَلك، فاجأها عبيرُ الصابون المنعش الذي يفوح منه.
في ذَلك اليوم، أدركت لأول مرةٍ أنْ العطر يُمكنه دغدغة القلب.
بعد ذَلك، قام كيليان بتبديل ملابسهِ أربع مراتٍ أخرى، وجميعها كانت مِن اختيار أرتيا.
في كل مرةٍ كان كيليان يخرُج مرتديًا زيًا جديدًا، كانت أرتيا تُحدق فيهِ وكأنها مسحورةٌ.
استعادت وعيّها أخيرًا وفكرت.
‘أنا أجلسُ وأشاهد فقط، لكن الأمير يبذل جهدًا كبيرًا في تبديل الملابس مرارًا. يبدو أنهُ يُحب الملابس كثيرًا.’
لكن ذَلك كان مُجرد سوء فهم.
في الحقيقة، كيليان كان يكرهُ مثل هَذهِ الأمور المزعجة. حتى قياس مقاساتهِ كان يُضايقه، لدرجة أنْ نوكتورن كان يتكفل بذَلك بسريةٍ لصُنع الملابس المُناسبة له.
لكن السبب الوحيد الذي جعله يتحمل هَذا العرض وكأنهُ مهرجٌ كان بسبب أرتيا.
في اللحظات التي تنعكس فيها صورته فقط في عينيها ذاتُ اللون الوردي المّشابه للزهور المهروسة، كان يشعرُ بنشوةٍ غامرة. كان قلبُه يرتجف، وحرارةٌ حلوة تتصاعد في داخله.
إذا كان بإمكانهِ أنْ يظل مُمسكًا بنظراتها هَكذا، فقد كان على استعدادٍ لمواصلة هَذا الهراء مدى الحياة.
لو لَمْ يتدخل نوكتورن، لاستمر بذَلك بالفعل.
“صاحب السمو، قد يكون الأمر مُحرجًا للسيدة إيدينبرغ، ألا تعتقدُ أنه مِن الأفضل إنهاء الأمر هُنا؟”
أدرك كيليان الحقيقة.
كان يعلم أنْ أرتيا لَمْ تُشاركه هَذهِ اللحظات بدافع اللُطف أو الحُسن النية، بل فقط مِن باب المُجاملة للأمير.
بالنسبة له، مرت هَذهِ اللحظات في لمح البصر، ولكن بالنسبة لأرتيا، لا بدت أنها كانت فترةٌ مُرهقة تتمنى انتهاءها بأسرع وقتٍ مُمكن.
أحس بفجوةٍ بينهُما، لكنهُ لَمْ يعرف كيف يُقلّصها. وكل ما استطاع فعله هو…
“حسنًا، لنتوقف هُنا.”
التفوه بكلماتٍ لَمْ يرغب بها إطلاقًا، والسماح لها بالمغادرة.
لَمْ يكُن يُدرك حتى أنْ أرتيا كانت تُفكر بنفس الطريقة التي كان يُفكر بها تمامًا.
‘كنتُ أود أنْ أرى المزيد، يا للأسف.’
***
بعد ذَلك، تجولت أرتيا في الشارع ثلاث مرات.
وفي المرة الرابعة، التقت أخيرًا بإحدى السيدات الزهرية، ماريغولد فون غولدجرس.
لكن، على عكس ما خططت له، لَمْ تستطع الاقتراب منها وإلقاء التحية بشكلٍ طبيعي.
كان ذَلك لأن ماريغولد كانت في مواجهةٍ مشحونة مع فتاةٍ صغيرة لا يتجاوزُ عمرها العشر سنوات.
أرتيا أدركت هوية الفتاة الصغيرة على الفور.
«سيسيليا فون غولدجرس.»
كانت ابنة زوج ماريغولد، الكونت غولدجرس، مِن زوجتهِ السابقة.
قدمت ماريغولد فستانًا مزينًا بشريطٍ جميل لسيسيليا.
“إنهُ فستانٌ مِن تصميم أشهر المُصممين هَذهِ الأيام. جربيه، سيسيليا.”
لكن سيسيليا عَبُست ورفضت، مِما جعل نبرة ماريغولد الودودة تبدو بلا معنى.
“لا أريدُه.”
“إذًا، ماذا عن هَذا الفستان؟”
“لا أريدُه.”
“وهَذا الفستان…”
عندها، صرخت سيسيليا بغضب.
“قلتُ لا!”
بصوتها المدوي، التفت جميع مَن في المتجر نحوها ونحو ماريغولد.
ابتسمت ماريغولد بتوترٍ، وقد احمرّ وجهُها مِن الإحراج، وحاولت تبرير الموقف.
“يبدو أنٌ ابنتي ليست في مزاجٍ جيد اليوم. دعينا نؤجل شراء الفستان ونعود إلى المنزل الآن.”
لكن سيسيليا، التي كانت مُمتلئة بالعناد، لَمْ تستجب بسهولة.
“لا أريدُ الذهاب معكِ! استدعي أبي! سأغادر فقط إذا جاء أبي!”
اختفت الابتسامة عن وجه ماريغولد، وانعقدت حاجباها بضيق.
“أبوكِ مشغول، لا يستطيعُ القدوم إلى هُنا الآن.”
“إنْ استدعيته، سيأتي! لذا، استدعي أبي حالًا!”
عقدت سيسيليا ذراعيها بعناد، ومِن الواضح أنها لَن تتزحزح حتى يتم تنفيذ مطلبها.
نظرت ماريغولد إلى سيسيليا بوجهٍ مُرتبك، ثم زفرت أنفاسها بعمق.
استدعت أحد الخدم وأعطتهُ أمرًا، وبعد وقتٍ طويل، ظهر الكونت غولدجرس في المتجر.
عند رؤيتهِ، أظهرت ماريغولد ارتياحًا واضحًا وسارعت إلى استقباله.
“حبيبي!”
لكن الكونت تجاهلها تمامًا وسار مُباشرةً نحو سيسيليا.
“سيسيليا.”
“أبي!”
قفزت سيسيليا إلى أحضانهِ على الفور.
كان لقاءً حارًا كما لو أنهما لَمٌ يلتقيا منذُ عشر سنوات.
في هَذهِ الأثناء، وقفت ماريغولد على بعد خطوة، تُراقب المشهد بوجهٍ مذهول، قبل أنْ تستعيد رباطة جأشها وتتقدم نحوهما.
“يبدو أنْ ابنتنا كانت تفتقدُكَ.”
“الطفلة في هَذهِ الحالة، ومع ذَلك ما زلتِ تتحدثين بهَذهِ السطحية؟!”
تفاجأت ماريغولد بصوت الكونت غولدجرس القاسي.
“ماذا تعني بهَذهِ الحالة؟”
“الطفلة التي كانت تُطيع كلام الكبار بلطف تُصبح هَكذا بِمُجرد أنْ تخرج معكِ. ماذا تفعلين لها لتُصبح هَكذا؟”
اختفت الابتسام مِن وجه ماريغولد تمامًا.
كان الأمر دائمًا على هَذا النحو.
سيسيليا، التي كانت تتصرفُ كالملاكٍ أمام والدها، تتحول إلى شيطان عندما تبقى وحدها مع ماريغولد. وعلى الرغم مِن أنها كانت تتحمل ذَلك دوّن أنْ تنفجر غضبًا، إلا أنْ الكلمات التي كانت تتلقاها دائمًا كانت نفسها.
لكن لو حاولت الجدال في هَذهِ اللحظة، فَلَن يؤدي ذَلك إلا إلى تأجيج غضب زوجها.
فزوجها، ذو الطبع الناري، كان يفقدُ صوابه أكثر عندما يتعلق الأمر بابنته.
في النهاية، كتمت ماريغولد غضبها.
“يبدو أنني لَمٌ أفهم مشاعر سيسيليا جيدًا. سأبذل المزيد مِن الجهد.”
ارتسمت ابتسامةٌ شريرة على شفتي سيسيليا، التي كانت في حُضن والدها.
لكن الكونت غولدجرس، الذي لَمْ يرَ ذَلك، قال بصوتٍ مُتذمر.
“لقد مرت خمسُ سنواتٍ منذُ أنْ أصبحتِ أمها. سيكون مِن الأفضل أنْ تُظهري النتائج بدلًا مِن مُجرد المحاولة.”
“نعم…”
لَمْ يكُن لدى ماريغولد، التي بدت مُحبطةً، أيُّ فرصةٍ ليُشفق عليها الكونت غولدجرس، لأن سيسيليا عانقتهُ على الفور.
“أبي، أنا جائعة.”
“الآن؟ ألَمْ تتناولي الطعام؟”
“لَمْ آكل جيدًا. أمي جعلت الخادمات يقدمنَ لي أطعمةً لا أحبُها…”
في الواقع، كان ذَلك فقط لأنها كانت تأكل اللحم فقط، مٍما سبب لها الإمساك، لذَلك قُدمت لها أطباق نباتية.
لكن كالعادة، لَمْ يكُن لدى الكونت غولدجرس أيُّ نيةٍ لسماع ما لدى ماريغولد لتقوله.
أطلق تنهيدةً طويلة كما لو كان هَذا أمرًا مُعتادًا، ثم أمسك بيد سيسيليا.
“هُناك مطعمٌ قريب تُحبينه، فَلنذهب إليّهِ.”
“حسنًا!”
ضحكت سيسيليا بفرحٍ وسارت مع والدها.
“انتظروني، سآتي معكم.”
هرعت ماريغولد، التي تُركت وحدها، للحاق بهما.
بعد اختفاء الثلاثة جميعًا، خرجت أرتيا من خلف أحد الأعمدة وهمست بدهشة:
“سمعتُ أنْ تربية الابنة كانت صعبةً عليها، ويبدو أنْ ذَلك صحيح حقًا.”
خلال لقاءاتها مع العديد مِن السيدات، تمكنت أرتيا مِن معرفة الكثير مِن المعلومات عن المُجتمع، بما في ذَلك عن ماريغولد.
ويبدو أنْ علاقتها بابنة زوجها كانت أسوأ مِما سمعته. كانت ماريغولد تُحاول جاهدًة إخفاء ذَلك، لكن مِن الواضح أنْ الجميع كانوا على علمٍ .بالأمر.
“إذا استغللتُ هَذا الأمر، رُبما…”
توهجت عيناها الوردية الصافية بلونٍ أعمق كما لو كانت تكتسبُ لونًا جديدًا.
***
بعد فترة، عندما زارت أرتيا شارع دايموند مرةً أخرى، رأت ماريغولد وسيسيليا مُجددًا.
وكان المشهد شبيهًا تمامًا بالمرة السابقة.
“أعتقد أنْ الزينة المرصعة بالياقوت ستبدو رائعة على ابنتنا. لنضعها على شعركِ.”
اقتربت ماريغولد مِن سيسيليا بابتسامةٍ مُتكلفة، لكن هَذهِ المرة أيضًا أمالت رأسها بإصرار.
“لا أريدُ ذَلك.”
“فقط جربيها لمرةٍ واحدة…”
“قلتُ بإنني لا أريدُها!”
رفعت سيسيليا يدها الصغيرة وضربت يد ماريغولد بقوةٍ، مِما جعل الزينة تسقطُ على الأرض تاركةً خدشًا أحمرّ على يدها.
ساد الصمت بين الاثنتين للحظة.
قبل أنْ تتمكن ماريغولد مِن الكلام، انفجرت سيسيليا في البكاء.
راقبت أرتيا المشهد مِن بعيدٍ بذهول.
‘لا دموع على الإطلاق، إنها تُصدر صوت بكاءٍ فقط.’
كان واضحًا لأيِّ شخصٍ أنهُ بكاءٌ زائف.
ومع ذَلك، هرعت الخادمات مِن بعيد وأحطن بسيسيليا.
“لا تبكي، آنستي.”
أخذت الخادمة الأكبر سنًا، التي كانت المربية، سيسيليا بين ذراعيها وربتت عليها.
كانت هَذهِ المرأة مِن أقارب عائلة غولدجرس، واهتمت بسيسيليا منذُ ولادتها، وكان لها علاقةٌ وطيدة بزوجة الكونت الراحلة، لذا لَمْ تكُن تنظر بعين الرضا إلى ماريغولد.
“لو أنكِ تركتها وشأنها بدلًا مِن إجبارها على ذَلك…”
في العادة، لَمْ تكُن ماريغولد لتسمح للمربية أو الخادمات بالنظر إليّها بهَذهِ الطريقة.
لكن عندما يتعلق الأمر بسيسيليا، كانت تُصبح ضعيفة.
فإذا بدأت المربية والخادمات بنشر الأحاديث، ستُصبح ماريغولد فجأةً زوجة الأب الشريرة في نظر الجميع.
لذَلك، كان مِن الأفضل تهدئة الأمور بسرعةٍ بدلًا مِن إثارة غضب الكونت غولدجيرس.
وكان هُناك حلٌ واحد دائمًا.
الاعتذار لسيسيليا.
حتى لو تجاهلت سيسيليا كلماتها تمامًا، كان عليها أنْ تبدو وكأنها تُحاول مواساة الطفلة بأيِّ طريقة.
بوجه مُتألمٍ، فتحت ماريغولد فمها لتنطق بالاعتذار.
لكن فجأة…
“سيدة غولدجرس، هل أنتِ بخير؟!”
اتسعت عينا ماريغولد.
فَفي موقفٍ لَمْ يكُن لأيِّ أحدٍ أنْ يتدخل فيه، ظهرت أرتيا.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة