64
- الصفحة الرئيسية
- جميع القصص
- البحث عن زوج للدوقة
- 64 - السيدة النبيلة والجميلة هي في الواقع...⁵
الفصل 64 : السيدة النبيلة والجميلة هي في الواقع …⁵
نظرت أرتيا مُباشرةً في عيني إيفانجلين وقالت بصوتٍ مليء بالعزم:
“سأعود إليّكِ مُجددًا بعد أنْ أصبح ‘إيثيريال’، يا عمتي.”
رأت إيفانجلين في عينيها الزهرية المُتوهجة بالإرادة الصلبة، وليس التراجُع أو الهروب، مِما جعلها ترفعُ زاوية شفتيها بابتسامةٍ خفيفة.
“حسنًا، آمل ألا يكون هَذا لقاؤنا الأخير.”
كانت هَذهِ أقل درجات اللطف التي يُمكن أنْ تُظهرها لابنة أخيها، التي التقتها لأول مرةٍ منذُ ثلاث سنوات.
خرجت أرتيا مِن القصر وركبت العربة، وعقدت ذراعيها بتعبيرٍ مُضطرب.
“إيثيريال…”
لَمْ يكُن لدى أرتيا أيُّ معرفةٍ كافية عن المُجتمع الراقي، حيث كانت تعيش بعيدةً عنه طوال هَذا الوقت.
لكن لَمْ يكُن ذَلك مشكلةً على الإطلاق.
لأنها كانت تملكُ صديقةً تعرف المجتمع أكثر مِن أيِّ شخصٍ آخر.
***
“أرتيا! أهلاً بكِ!”
فتحت بينيلوب ذراعيها لاستقبالها بحماس.
“آسفة، جئتُ دوّن موعدٍ مُسبق.”
“توقفي عن هَذا الكلام! ألَمْ أخبركِ أنْ منزلي هو منزلُكِ؟ أنا سعيدةٌ برؤيتكِ هُنا!”
أحمرّت وجنتا أرتيا بخجلٍ مِن تحية بينيلوب المليئة بالود.
بعد انتهاء الترحيب المُفعم بالحيوية، قادت بينيلوب أرتيا إلى غرفة الاستقبال.
“إذن، ما سبب زيارتكِ المُفاجئة؟”
كما توقعت، كان هُناك سببٌ وراء قدوم أرتيا دوّن موعد.
“في الحقيقة…”
بدأت أرتيا بسرد ما حدث لها اليوم. استمعت بينيلوب بفضول حتى كادت أنْ تبصُق شايها مِن الدهشة.
“إيثيريال؟!”
“نعم.”
“أظُن أنه سيكون مِن الأسهل جعل زوجي، الذي لا يعود إلى المنزل، أنْ يتوقف عن الخيانة بدلاً مِن هَذا!”
ثم أدركت بينيلوب أنها رُبما بالغت في كلامها، فأضافت بسرعة:
“لكنني لا أقصدُ أنكِ غيرُ قادرةٍ على ذَلك!”
ضحكت أرتيا دوّن أيِّ علامةٍ على الانزعاج.
“أعلم، أنتِ تقصدين أنْ الأمر صعبٌ للغاية.”
أنْ تُصبح ‘إيثيريال’ يتطلبُ أكثر مِن مُجرد النسب، اللياقة، والجمال، بل يحتاج إلى إقامة علاقاتٍ جيدةٍ مع سيدات المُجتمع أيضًا.
ناهيك عن أنْ اللقب يُمنح لواحدةٍ فقط مِن بين العديد مِن السيدات الطامحات إليّهِ، مِما يجعلُه أقرب إلى احتمال حدوث مُعجزة.
“لكنني سأحاول، فالمُعجزات تُمنح لأولئكَ الذين يسعون لتحقيقها.”
عند سماع كلمات أرتيا، رفعت بينيلوب إبهامها بإعجاب.
“لكنني لا أعرفُ شيئًا عن المُجتمع الراقي.”
لمعت عينا بينيلوب كما لو كانت قطةً رأت سمكة.
“هَذا مجالي!”
بوجهٍ مُتحمس، بدأت بينيلوب في الحديث عن أوضاع المُجتمع الراقي.
“حاليًا، هُناك ثلاث سيدات يُعتبرن قادة المُجتمع بلا مُنازع: ماريغولد فون غولدجرس، داليا فون غريك، وفريجيا فون إليزيوم.”
حتى أرتيا، التي لَمْ تُشارك في المُجتمع، كانت تعرف هَذهِ الأسماء.
لقد سيطرنَ على مُجتمع العاصمة لسنواتٍ عديدة، ولأن أسماؤهنَ تحتوي على أسماء زهور، أطلق عليهنَ لقب ‘سيدات الزهور’.
“الشيء المُثير هو أنهنَ لسن مُتنافسات، بل هنّ في تحالفٌ قوي.”
“تحالُف؟”
“نعم، قبل ثلاث سنوات، أصبحت فريجيا ‘إيثيريال’، وفي العام التالي كانت ماريغولد، ثم داليا في العام الذي بعده. لَمْ يكُن ذَلك مُصادفةً، لقد كنّ يدعمنَ بعضهُنَ البعض بالتناوب.”
وبما أنهنَ يتمتعنَ بنفوذٍ كبير، فقد أدى اتحادهنَ إلى قوةٍ هائلة.
“هَذا العام، تقود فريجيا العديد مِن التجمُعات، مِما يعني أنها تسعى للقب ‘إيثيريال’ مرةً أخرى.”
بينما كانت أرتيا تستمعُ بهدوء، سألت بينيلوب فجأةً:
“ماذا عنكِ، بينيلوب؟”
“ماذا؟”
أمالت بينيلوب رأسها في حيرةٍ، فأوضحت أرتيا:
“ألا ترغبين في أنْ تُصبحي ‘إيثيريال’؟”
“ماذا؟!”
“لديكِ الكثير مِن الأصدقاء، وتهتمين بالجميع، وذكية، وذاتُ شخصيةٍ رائعة، وجميلة، وتعرفين كيف تُبرزين جمالكِ…”
لَمْ تستطع بينيلوب سوى النظر إلى أرتيا بذهولٍ بينما تنهال عليها كلمات الإطراء بلا توقف.
“هل تمزحين؟ أم أنكِ تقولين هَذا فقط لإرضائي؟”
لكن عيني أرتيا الوردية كانتا صادقتين تمامًا.
لَمْ تستطع بينيلوب تحمُل ذَلك أكثر، فاحمرّ وجهُها وصاحت:
“توقفي…!”
“….؟”
“أنا أحبُ نفسي كثيرًا، لكنني لستُ عظيمةً بما يكفي لأكون ‘إيثيريال’!”
كان ذَلك بمثابة إقرار بعدم رغبتها في المُبالغة في الثناء، لكن أرتيا علقت ببراءة:
“لكنّكِ عظيمةٌ جدًا، بل أكثر مِما تظُنين.”
‘هَذهِ الفتاة الماكرة!’
لَمْ تستطع بينيلوب كبح مشاعرها أكثر، فاحتضنت أرتيا بقوة.
* * *
في تلكَ الليلة، وقفت أرتيا عند النافذة تُحدق في القمر الأبيض.
“الحفل الذي سيتم فيهِ اختيار ‘إيثيريال’ سيُقام بعد نصف عام…”
بحلول ذَلك الوقت، يجبُ أنْ تُصبح شخصيةً ذات تأثيرٍ كبير في المُجتمع الراقي.
وأفضل طريقةٍ لتحقيق ذَلك هي حضور الحفلات الاجتماعية.
لكن بالنسبة لأرتيا، التي كانت تجدُ صعوبةً في التعامل مع الناس، كانت مُشاركاتها في الحفلات الاجتماعية نادرةً للغاية.
“لقد كنتُ أُجبر على الحضور عدة مرات بفضل والدي أو لويد.”
ولكن في تلكَ المرات، لَمْ تستطع حتى النظر في أعيُن الآخرين، وكانت ترتجف، مِما جعل ردود فعل السيدات تجاهها باردةً للغاية.
“كيف يُمكن لدوقة إيدينبرغ أنْ تكون بهَذا الضُعف؟”
سخريةٌ، ازدراء، شفقة.
كانت قاعة الحفل المُتألقة أشبه بالجحيم بالنسبة لها.
‘لكن ليس بعد الآن.’
كانت أرتيا تعتزمُ التجول في قاعات الحفلات الاجتماعية بكُل ثقة، كما لو كانت أرنبًا يجري بحريةٍ في الحقول. لكن كان هُناك مشكلةٌ واحدة.
‘لا يوجد مكانٌ مُناسب يُمكنني حضوره!’
بعد طلاقها، قلّت الدعوات التي كانت تصلُها بدافع الفضول، وغالبية الدعوات التي لا تزال تصلها كانت مِن عائلات ترغبُ في تزويجها مُجددًا.
بعد الكثير مِن التفكير، اتخذت أرتيا قرارها.
“حفلةُ الشاي التي ستُقام في القصر الإمبراطوري بعد نصف شهر، هي هو الخيار الأفضل.”
على عكس حفلات النُبلاء الخاصة التي تعتمدُ على العلاقات، يتم إرسال الدعوات إلى حفلات الشاي في القصر الإمبراطوري بشكلٍ موحد إلى النُبلاء الذين لديهم مكانةٌ مرموقة.
‘إنهُ المكان المثالي للعودة إلى المُجتمع الراقي.’
تألقت عينا أرتيا الوردية بإشراقٍ يُشبه أزهار الكرز المُتفتحة حديثًا.
***
كان القصر الإمبراطوري يعُج بالحركة استعدادًا لحفلة الشاي التي ستُقام بعد أيامٍ قليلة.
بالطبع، لَمْ يكُن كيليان مُهتمًا بهَذا الحدث على الإطلاق.
إلى أنْ سمع كلمات نوكتورن.
“أرتيا فون إيدينبرغ ستحضرُ حفلة الشاي؟”
“نعم، لقد تأكدتُ مِن وجود اسمها في قائمة الحضور.”
بالطبع، لَمْ يكُن نوكتورن يكترثُ عادةً بقوائم حفلات الشاي أو بِمَن سيحضرها.
لكن هَذهِ المرة، دفعهُ حدسُه للتحقق.
حدسُه الذي تطور مِن خدمتهِ لعشرات السنين تحت إمرة الأمير المجنون، أخبرهُ أنه إذا حضرت أرتيا حفلة الشاي وعرف كيليان بذَلك مُتأخرًا، فَسيُثير ضجةً كبيرة مُتسائلًا لماذا لَمْ يُبلَّغه بالأمر مُسبقًا.
وكما توقع، تألقت عينا كيليان الذهبية بوميضٍ حاد لَمْ يُظهر حتى عند تلقيهِ تقارير سريةً في ساحة المعركة.
‘حتى في الحرب، لَمْ يكُن رد فعلهِ بهَذهِ الحدة.’
تمتم نوكتورن في داخلهِ، وهو يتبعُه.
بخطواتٍ واسعة، اتجه كسليان مُباشرةً إلى قاعة الحفل، حيثُ كانت الاستعدادات لحفلة الشاي تجري على قدم وساق.
عند ظهورهِ المُفاجئ، تجمدت الخادمات في أماكنهنَ قبل أنْ يُسرعنَ في خفض رؤوسهن.
‘لا تجعلي عينيكِ تلتقي بعينيه! إنْ فعلتِ، فقد يقتُلكِ أميرنا المُصاب برهاب النساء في أيِّ لحظة!’
وسط هَذهِ الأجواء المتوترة، تقدمت خادمةٌ مسنّة ذاتُ شعرٍ رمادي وانحنت أمام كيليان.
“تحياتي لسموك، سليل أورفيوس العظيم.”
رغم أنها انحنت وفقًا لقواعد القصر، إلا أنْ تعابيرها كانت مليئةً بالحيرة.
لَمْ تستطع تخمين السبب الذي دفع الأمير للحضور إلى هَذا المكان.
عندها، تسللت إلى أذنيها نبرةٌ باردة جعلت ظهرها يقشعر.
“أردت فقط التأكد مِن سير التحضيرات.”
“……؟”
سمعت كلماتهِ بوضوح، لكنها لَمْ تستطع تصديقها.
‘لماذا يهتمُ الأمير بهَذهِ الحفلة؟ بل حفلةُ شاي مُخصصةٍ للسيدات فقط؟’
لكن كيليان لَمْ يكُن يهتم بتساؤلاتها، وألقى نظرةً سريعة على القاعة قبل أنْ يُعلن أوامره.
“زينوا القاعة يوم الحفل بالورود الوردية، على أنْ يكون لونها مثل مزيج الفراولة والحليب الأبيض.”
“……؟”
“واجعلوا جميع الحلويات تحتوي على الجزر.”
“……؟؟”
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة