أرتيا، التي أمسكت فجأةَ بفنجان الشاي ذو البخار المتصاعد، بدا عليها الارتباك.
“ليس لديّ أيُّ أعراضٍ للبرد على الإطلاق…”
“حين كنتِ في السابعة مِن عُمركِ، لعبتِ كثيرًا بالثلج وعُدتِ إلى المنزل تشعرين بحكةٍ في أذنيكِ، ثم أُصبْتِ بالبرد وظللتِ طريحة الفراش طوال الشهر. هل نسيْتِ؟ اشربيهِ بسرعة.”
نطقت المرأة المريضة بطريقةٍ متوسلة، فَلَمْ تستطع أرتيا إنكار الأمر أكثر.
ارتشفت رشفةً مِن الشاي وصرخت في داخلها.
يا له مِن طعمٍ حلو!
كان مذاقهُ مزعجًا للغاية بالنسبة لأرتيا، التي تكرهُ الحلويات.
لو لَمْ يكُن هُناك الطعم المر الخفيف للزنجبيل، لما استطاعت شُربه على الإطلاق.
لكنها لَمْ تُظهر أيَّ انزعاجٍ وأفرغت الفنجان بالكامل.
عندها فقط، بدا أنْ المرأة قد شعرت بالارتياح.
“في الماضي، كنتِ تزمّين وجهكِ مهما أضفتُ مِن العسل لأنكِ تكرهين طعم الزنجبيل، لكنكِ الآن تشربين بسهولة. يبدو أنْ ابنتي قد كبرت.”
لكنني لستُ ابنتكِ، جولي.
ابتسمت أرتيا، مُتذكرةً ما حدث قبل أيام.
في ليلةٍ مُظلمة، غادرت أرتيا قصر دوقية إيدينبرغ.
لَمْ يكُن هُناك سوى بيبي وبينيليوب على علمٍ بذَلك. حتى كاثرين كانت تظُن أنْ أرتيا مريضةٌ وتلازم غرفتها.
والسبب وراء هَذهِ السرية هو شايلوك.
ذَلك الرجل يًحاول منع أيِّ أحدٍ مِن مُساعدتي. لكن هَذهِ المرة، لَن أسمح لهُ بذَلك أبدًا.
لذَلك، طلبت مِن بينيليوب نشر إشاعةٍ بأنها محبوسةٌ في غُرفتها بسبب حُزنها الشديد على اقتراب زواجها القسري.
إذا وصلت هَذهِ الأخبار إلى شايلوك، فَلَن يشُكّ في غيابها.
وبعد التحضيرات، وصلت أرتيا إلى قصرٍ يقعُ في منطقةٍ نائية بعيدةٍ عن العاصمة.
تقدمت إلى الحارس عند البوابة وقالت.
“أخبروا الكونت بلورانس أنْ أرتيا فون إيدينبرغ، ابنة سيلفيا، قد جاءت لزيارته.”
لَمْ يمضِ وقتٌ طويل حتى عاد الحارس وأرشدها إلى غرفة الاستقبال.
كانت الغرفة مُعتمةً حتى في وضح النهار، إذ أُسدلت الستائر لمنع دخول الضوء.
وفي الداخل، كان يجلسُ رجلٌ مُسنّ ذو شعرٍ أبيض، مُستندًا على عصاهً. إنه الكونت هيمفري فون بلورانس.
كان الجو مًشحونًا بالكآبة، وكأنْ الرجل مريض.
انحنت أرتيا لهُ باحترام.
“مرّ وقتُ طويل منذُ أنٌ رأيتُكَ، يا عمي.”
“…..”
كان هيمفري ابن عم والدتها، سيلفيا.
وبالرغم مِن فارق السن الكبير بينهما، فقد كانت علاقتًهما جيدةً إلى حدٍ ما. لكن بعد زواج سيلفيا، انقطع التواصل بينهما تقريبًا.
وبطبيعة الحال، لَمْ تكُن هُناك أيُّ لقاءاتٍ بينها وبين أرتيا.
آخر مرةٍ رأى فيها هيمفري أرتيا كانت في جنازة سيلفيا.
‘أمي!’
كان وجهُه مليئًا بالحُزن وهو يرى قريبتهُ الصغيرة تنوح بحرقةٍ على والدتها الراحلة.
عانقها بصمتٍ.
وكان ذَلك آخر ما حدث بينهُما. منذُ ذَلك الحين، لَمْ يتبادلا حتى التحية.
لقد أصبحا كالغرباء تمامًا.
تحدث هيمفري أخيرًا، دوّن أنْ يُظهر أيَّ مشاعر ترحيب.
“لماذا أتيتِ إليّ فجأةً؟”
أجابت أرتيا وهي تشبُك يديها معًا.
“أريدُ أنْ أقترض المال منك.”
اهتزّ بريقُ عيني هيمفري للحظة، لكنهُ سرعان ما عاد إلى طبيعته.
سألها بصوتٍ رتيب.
“كم تُريدين؟”
” ٢٠٠ مليار.”
“…..!”
لَمْ تكُن عائلة الكونت بلورانس ثريةً بشكلٍ خاص ولا فقيرة، بل كانت عائلةٌ نبيلة متوسطة الحال.
لكن حتى بالنسبة له، كان مبلغ ٢٠٠ مليار كبيرًا جدًا. خصوصًا أنهُ طلبٌ مِن ابنة عمٍ بالكاد يراها بعد سنواتٍ طويلة.
كانت أرتيا تُدرك ذَلك، لكنها لَمْ يكُن لديها خيارٌ آخر.
الشخص الوحيد الذي يُمكنه مساعدتها ولو قليلاً كان عمها الجالس أمامها.
تنهد هيمفري بتعبٍ وقال بصوتٍ خافت.
“سأعطيكِ ١٠٠ مليار مِن خزنتي، لا داعي لإعادتهَ. لكن عودي ولا تأتي إلى هُنا مرةً أخرى.”
كانت كلماتُه جافةً، تدل بوضوحٍ على أنهُ لا يريدُ أيّي علاقةٍ بها.
لكنهُ لَمْ يطردني مُباشرةً، بل عرض علي المال. ولَمْ يُحاول استغلالي بشروطٍ قاسية.
شعرت أرتيا ببصيص أملٍ وقالت بحزم.
“أنا لا أطلب المال مجانًا، بل كقرض. إذا منحتني ٢٠٠ مليار ، فسأبذل قصارى جهدي لمساعدتكَ، يا خالي.”
“ليس لديّ اهتمامٌ بالقوة أو الثروة. ما الذي يُمكن أنْ تُساعديني بهِ؟”
أجابت أرتيا بصوتٍ واضح.
“سمعتُ أنْ زوجتُكَ مريضة.”
“…..!”
في تلكَ اللحظة، تغير بريقُ عيني هيمفري، الذي ظل طوال الوقت غارقًا في كآبتهِ كأنهُ مريض.
كانت زوجتُه، هيلين، تًعاني مِن مرضٍ طويل الأمد.
فعل هيمفري كل ما بوسعهِ لعلاجها.
استدعى الأطباء المشهورين، وأحضر لها أعشابًا نادرةً لَمْ يكُن حتى أفراد العائلة المالكة قادرين على الحصول عليها بسهولة.
وحين انتشرت هَذهِ الأخبار، تدفق الناس مِن جميع أنحاء الإمبراطورية مدّعين قدرتهم على علاجها، لكن لَمْ يستطع أحدٌ شفاءها.
صرخ هيمفري بغضب.
“كيف ستُساعدينني؟ هل جئتِ تحملين دواءً سحريًا يشفي هيلين؟ أم أنكِ تنوين كسر اللعنة التي أصابتها؟!”
“…..”
“استقبلتُكِ بكرمٍ لأنكِ ابنةُ سيلفيا، لكنكِ جئتِ تخدعينني! لَن أمنحكِ حتى فلسًا واحدًا، ارحلي فورًا عن هَذا القصر!”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 45"