“أرتيا فون إيدينبرغ، لقد أظهرتِ كفاءةً بارزة بصفتكِ رئيسةً مؤقتة لدوقة إيدينبرغ طيلة السنوات الأربع الماضية.”
وكان محقًّا في كلامه.
لقد بذلت أرتيا مجهودًا يفوق الوصف.
كان الأمر صعبًا، لكنه مجزٍ.
تعلمت الكثير، واكتسبت أكثر، وحصلت أخيرًا على اعتراف الناس.
في اجتماع النبلاء الأخير، أُجمع بالإجماع على منحها لقب دوق.
“باسم كيليان فون أورفيوس، أُجيزُ لكِ خلافة دوقية إيدينبرغ.”
قال ذلك وهو يضع عصاه على كتف أرتيا المنحنية، ثم رفعها.
“من الآن فصاعدًا، أنتِ دوقة إيدينبرغ. أتطلّع لأن تسيري على دربٍ مشرقٍ ومشرّفٍ يليقُ بهذا الاسم بصفتكِ دوقةً للإمبراطورية.”
كانت تلك أول مرةٍ في تاريخ الإمبراطورية تتسلّم فيها امرأةٌ لقب الدوق.
وفي تلك اللحظة التاريخية، حبس النبلاء أنفاسهم.
وانفجرت بعض النساء، وعلى رأسهن إيفانجلين، بالبكاء من شدّة التأثر.
احمرّت عينا أرتيا قليلًا، لكنها لم تبكِ.
بل ابتسمت بثقة.
“سأكون دوقةً لا تخيب آمال جلالتك. أرجوك، راقب خطواتي.”
وفي تلك الليلة، أُقيم حفل في قصر إيدينبرغ احتفالًا بتسلّم أرتيا لقب الدوق.
وقد حضر جميع المقرّبين منها، وكان عددهم ضخمًا للغاية.
كأنّ جميع نبلاء العاصمة قد توافدوا.
وقدموا تهانيهم لها من أعماق قلوبهم.
وكانت سيسيليا أشدّهم حماسة.
“أن تُصبحي دوقة إيدينبرغ! كم هذا رائع!”
“أليس كذلك؟”
نفثت سيسيليا أنفاسها الحارّة وهي تحدّق بأرتيا، ثم فجّرت مفاجأة:
“أريد أن أصبح كونتيسة غولدجرس!”
تجمّد المحيطون بها للحظة.
حتى كونت غولدجرس نفسه قال بوجهٍ مذهول:
“عزيمتكِ رائعة، لكن لدينا جيريمي وريثًا للعائلة.”
قبل عدّة أشهر، أنجبت ماريغولد صبيًّا.
وكان فتى قوي البنية.
وكل من في العالم اعتقد أن جيريمي، هو وريث عائلة غولدجرس. حتى الكونت نفسه.
لكن ماريغولد كانت ترى الأمر مختلفًا.
“يا إلهي، أنا لا أنوي منح جيري أيّ لقبٍ على الإطلاق.”
“…..!”
بسبب التصريح الصادم، شَهَقَ الكونت غولدجرس وفتح عينيه على مصراعيهما.
“ما الفائدة من نيل لقبٍ نبيل؟ كل يوم صراعٌ خفيّ مع العائلات النبيلة الأخرى، ويستدعيه جلالته الإمبراطور كل حينٍ وآخر، وسوف يضطر للعمل حتى ينزف أنفه كي يُعيل العائلة.”
أردفت ماريغولد حديثها وهي تتذكّر طفلها النائم بهدوء في القصر.
“أتمنى أن يعيش جيري مرتاحًا، دون أن يعرف عناء الحياة. سأكون ممتنّة إن قبلت سيسيليا باللقب.”
سأل الكونت غولدجرس مدهوشًا وكأنّ أحدًا لكمه في وجهه:
“أحقًا تقولين ذلك؟”
“هل رأيتني أكذب يومًا؟”
فأيدتها سيسيليا قائلة:
“صحيح، أمي لا تكذب أبدًا! حتى مع أبي، لقد أخبرتكَ مؤخرًا بصراحة أن بطنك بات مثل الشرغوف!”
“…….”
نظر الكونت غولدجرس إلى ماريغولد وسيسيليا بتعبيرٍ غريب على وجهه.
لم يعودا يبدوان كأشخاصٍ غرباء. بل كأنهما أمٌّ وابنتها.
باتت الأيام التي كانت تسودها الجفوة بينهما أشبه بالذكرى البعيدة.
اقترب وجه الكونت من البكاء، لكنه تنحنح وضبط صوته.
“مع ذلك، لا يمكن أن نُقرّر على عَجَل من سيتسلّمُ اللقب. ما زلنا لا نعلم ما يفكر فيه جيري.”
سألته سيسيل بنبرة معاتبة.
“وإن أراد جيري أن يُصبح كونتًا، هل ستمنحه اللقب؟”
“سيسيل، والدكِ ليس شخصًا تقليديًا إلى هذا الحد.”
تحدث الكونت غولدجرس بنظرات رجل أعمال.
“سأمنح اللقب لمن يكون أكثر كفاءةً بينكما.”
حينها فقط ارتسمت ابتسامةٌ على وجه سيسيليا.
“حسنًا، أنا واثقةٌ من نفسي.”
فصاحت ماريجولد مازحة: “سيسيليا، اربحي!”
وفي تلك الأثناء، كانت فريجيا محاطةً بعددٍ من السيّدات.
فقد انفصلت فريجيا قبل عدّة أشهر عن شركة إيدينبرغ وبدأت مشروعًا في مجال الأزياء.
كانت تبحث عن مواهبٍ لتعمل معها، وقد أبدت العديد من السيدات النبيلات اهتمامًا كبيرًا.
وذلك بفضل تلاشي الصورة النمطية القائلة إن المرأة العاملة تفتقر إلى الرقيّ.
“من ترغب في العمل معي، فلتأتِ إلى القصر. سأُجري مقابلاتٍ رسمية ثم أقرر.”
فبدت علامات الحماسة على وجوه السيّدات عند سماع كلمة “مقابلة” التي لم يألفنها.
وكأنهنّ شاركن في أمرٍ بالغ الأهمية.
وفي ناحيةٍ أخرى، كانت بينيلوب تتحدث مع السيّدات بصوتها الجهوريّ المعتاد.
“بيني، لماذا أصبحتِ جميلةً هكذا مؤخرًا؟”
“منذ أن انفصلت عن زوجي، لا بل عن ذاك الرجل الغريب، بدأت بشرتي تتوهّج حتى دون أن أفعل شيئًا~”
كانت بينيلوب قد طلّقت زوجها مؤخرًا.
وقد ازدادت حالات الطلاق بين النبلاء في السنوات الأخيرة، فلم يعد أمرًا غريبًا.
كانت داليا تراقب أجواء الحفل وتضحك ضحكة خفيفة.
كانت قد قصّت شعرها إلى مستوى الكتفين وارتدت فستانًا ذا طابعٍ رسميّ، مظهِرةً صورةً جريئة وغير معتادة.
“لقد تغيّر العالم بطريقةٍ مسليّةٍ فعلًا.”
باتت النساء يطالبن بالطلاق بكل فخر، ويرغبن في العمل، ويطمحن لنيل الألقاب.
ومن قاد هذا التغيير كانت أرتيا.
“دوقة إدينبرغ.”
عندما نادت داليا بهذا الاسم، احمرّ وجه أرتيا.
“ناديني فقط أرتيا في مثل هذه المناسبات.”
“لا أريد، لقب دوقة إيدينبرغ رائع.”
“هل يمكنني أن أُسمّي بطلة روايتي التالي باسمك؟”
“باسمي أنا؟”
“نعم، إنها قصةُ أميرةٍ لم يُعترف بها كوريثةٍ للعرش، لكنها تُصبح ملكةً في النهاية.”
اتسعت عينا أرتيا ثم ابتسمت ببهجة.
“يا له من شرفٍ عظيم أن أظهر في روايةٍ للكاتبة ريدليب!”
كان الحفل في ذروته.
الجميع يضحك ويتحادث.
وفجأة ظهر رجلٌ في هذا المكان.
كان كيليان.
في اللحظة التي دخل فيها، تغيّر الجو تمامًا.
صمت الجميع وحدّقوا به.
لم يكن يرتدي زي الإمبراطور الرسميّ، بل ارتدى بدلةً سوداء بسيطة بلا زينة.
وقد زادته هذه البدلة الأنيقة التي لامست جسده جمالًا وهيبة، كأنه ملاكٌ أرسله حاكم الليل.
تقدم كيليان نحو أرتيا.
“شكرًا على الدعوة، أرتيا.”
شهق المحيطون بهم بدهشة.
كيف له أن يتحدث معها بهذه الأريحية! بل ويناديها باسمها مباشرةً!
لكن وحدها أرتيا لم تندهش، بل ابتسمت وكأن الأمر يُعجبها.
“بل أنا من يشكرك على الحضور، كيليان.”
زاد اتساع عيون الحضور عند سماعها تناديه باسمه مباشرة.
وفي خضم هذه الأجواء المتوترة، مدّ كيليان يده نحوها.
“هل ترقصين معي؟”
“بكل سرور.”
تشابكت يداهما.
وعزف الفرقة الموسيقية الحاذق بدأ من جديد بعد أن كان قد توقف. تحرّك جسداهما بانسجام مع اللحن الجميل.
وبسرعة، تحوّلت نظرات الناس من الذهول إلى إعجاب تجاه هذا الثنائي.
تحدث كيليان وهو ينظر إلى أرتيا:
“فستانٌ ورديّ، كما في ذلك اليوم.”
“كنتُ أعلم أنك ستتذكر.”
لقد ارتدت فستانًا وردي اللون يُشبه ذاك الذي ارتدته في حفل بلوغها، ولكن كان التصميم الآن أكثر نضجًا بكثير.
تأمّل كيليان أرتيا.
فأرتيا في الثامنة عشرة من عمرها لم تكن كما هي الآن في السادسة والعشرين.
الفتاة الخائفة أصبحت امرأةً واثقة.
لكن هناك شيءٌ واحد لم يتغير.
“جميلة.”
تغيّرت نظرة كيليان الحادة إلى ابتسامةٍ ناعمة.
خفق قلب أرتيا بقوة. فعلى الرغم من السنوات التي قضياها معًا، ما زالت كلمات كيليان قادرةً على أن تلامس قلبها بعمق.
قالت أرتيا وهي تستمع إلى خفقات قلبها.
“كيليان.”
“نعم؟”
“هل تتزوجُني؟”
“……!”
توقفت خطوات كيليان.
ثم توقفت الفرقة الموسيقية فجأة، وقد بدت عليهم الحيرة.
لم يسمع الجميع ما قالته أرتيا، لكنهم شعروا بأن شيئًا عظيمًا قد حصل، ففتحوا أعينهم بدهشة.
حدّق كيليان في أرتيا بعينين متسعتين.
“إن أصبحتِ زوجتي، ستواجهين الكثير من المتاعب.”
فكيف يمكن لامرأةٍ تقود عائلتها أن تصبح إمبراطورة؟ النبلاء سيثيرون ضجةً كبيرة.
وحتى إن أصبحت الإمبراطورة بعد التغلب على الرفض، فلن تتوقف المشقّات.
فالإمبراطورة لا تعيش حياةً رغيدة خاليةً من المتاعب.
ضحكت أرتيا بمرح.
“لا بأس. أنا شخصُ كفءٌ جدًا.”
“…….”
“لذا، دعني أكون إلى جانبك.”
سأمسك بيدك عندما تشعر بالوحدة.
وسأُعيرك كتفي عندما تتعب.
وسأحارب عنك إن شعرت بالخوف.
وسأُربّت على ظهرك عندما تحزن.
لذا……
“كُن زوجي، كيليان.”
الإمبراطور لا يجب أن يبكي أبدًا.
وخاصة أمام الناس.
لكن كيليان لم يستطع أن يتمالك نفسه.
ارتجف بريق الدموع في عينيه التي لطالما كانت حادّة كعيني وحش، ثم ما لبثت أن انحنت برفق.
كطفلٍ عاش في قسوة الشتاء، وها هو يلتقي بالربيع أخيرًا، بابتسامةٍ مشرقة.
النهاية : البحثُ عن زوجٍ للدوقة
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿《التليغرام》
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 185"