بدأت أرتيا نشاطها الرسمي بصفتها الوكيلةً عن دوق إيدينبرغ.
أما كيليان، الذي اعتلى العرش حديثًا، فلم يكن أقل انشغالًا منها.
فقد شرع في تنفيذ السياسات التي كانت قد تعثّرت في عهد الإمبراطور السابق بسرعةٍ كبيرة.
كما تدخّل بحزمٍ لفضّ النزاعات المستمرة بين النبلاء، وإن كان تدخّله في الواقع أقرب إلى التهديد منه إلى الوساطة، إذ قال: “إن استمررتم في هذا الشجار، فلن أُبقي على أحدٍ منكما.”
كذلك نشطت حركة التجارة الخارجية. فبفضل سمعته القوية التي اكتسبها من ساحات الحرب، كان وجود كيليان وحده كافيًا لفرض الهيبة، مما مكنه من إدارة السياسة الخارجية بما يخدم مصلحة الإمبراطورية.
وفي خضم ذلك، شوهد كيليان وأرتيا معًا في أماكنٍ عدة: في القصر، وقاعات الحفلات، والشوارع، والمقاهي، وحتى في المنتجعات الأجنبية.
وكانا يظهران بمظهرٍ يفيضُ حبًّا، حتى إن المرء ليظن أن رائحة العسل تفوح من حولهما.
لم يكن هناك أدنى شك في أن الاثنين يعيشان قصة حب.
إمبراطورٌ أعزب لم يسبق له الزواج.
وامرأة ٌسبق لها الزواج، وتحمل حق وراثة لقب دوق.
تركيبةٌ بدت مستحيلة في نظر النبلاء، فصُدِموا، وعبسوا، وغضبوا.
لكن ومع مرور الوقت، أخذوا يستسلمون للأمر الواقع.
“آه، وما الذي سيتغير حتى لو أثَرنا الضجّة؟ إنهما يبدوان سعيدَين معًا لدرجة الجنون. فليفعلا ما يشاءان.”
وقد اكتسبت هذه الهالة من خلال قيادتها لعائلة إيدينبرغ بصفتها الوكيلة عن الدوق.
في الساعة السادسة صباحًا، وكما اعتادت، استيقظت أرتيا، وبدأت بيبي في تجهيزها.
وخلال السنوات الأربع الماضية، تطورت مهارات بيبي كثيرًا، حتى أصبحت تُقارن بأفضل الخادمات في العاصمة.
نظرت أرتيا في المرآة وابتسمت برضا.
“شكرًا لكِ، بيبي، كالعادة.”
توجهت أرتيا إلى المقر الرئيسي لشركة إيدينبرغ.
ومع توسّع أعمالها، كانت قد اشترت مبنًى كاملًا بالقرب من مسرح مونتيكرو لاستخدامه كمقرٍ للشركة.
وكان يعمل في هذا المبنى وحده مئات الموظفين.
حين دخلت، انحنى لها الموظفون باحترام.
“وصلتِ، سيدتي الرئيسة.”
“صباح الخير جميعًا.”
بادلتهم التحية بخفة وجلست إلى مكتبها.
وعلى المكتب لوحةٌ تحمل اللقب: رئيسة شركة إيدينبرغ.
فقد أصبحت الآن سيدة أعمالٍ معروفة، ليس فقط داخل الإمبراطورية، بل في الخارج أيضًا.
كانت تمتلك رؤيةً ثاقبة في اختيار الأعمال الفنية الناجحة، وحققت أرباحًا هائلة من خلال الشركات المختلفة التي أسّستها اعتمادًا على العروض المسرحية.
الكثيرون كانوا يأتون لرغبتهم في العمل معها.
“نرجو أن تتعاون شركة إيدينبرغ معنا في عملها الجديد. سنوافق على الشروط التي تضعونها.”
“ونحن كذلك!”
في خضم هذا التنافس الحاد، علا صوت الكونت غولدجوس قائلًا:
“كفاكم جميعًا. العمل الجديد لشركة إيدينبرغ سيكون معي كالمعتاد.”
كان الكونت غولدجوس شريكًا مقربًا للشركة منذ تأسيسها، لكن البقية لم ينسحبوا بسهولة.
“الأعمال لا تُدار بالعواطف أو العلاقات الشخصية. بل ينبغي اختيار الأكفأ والأكثر ربحًا. أليس كذلك، سيدتي الرئيسة؟”
عند هذا السؤال، ابتسمت أرتيا ابتسامةً ودودة ولكن ذات هيبة.
“بلا شك. شركة إيدينبرغ تختار شركاءها بناءً على معايير صارمة. فلنبدأ الاجتماع، إذًا.”
وبعد منافسة محتدمة، كان الكونت غولدجوس هو الفائز مجددًا لهذا العام.
لوّح بعقد الشراكة وهو يقول لأرتيا متفاخرًا:
“إبرام العقد بات أصعب فأصعب. إلا تفكرين في عقدٍ دائمٍ معي؟”
“ألم تُعلّمني أنت يا أستاذي أن العقود الدائمة لا فائدة منها، وخصوصًا حين أكون في موقفٍ أقوى؟”
قال وهو يضغط على لسانه بأسف:
“آه، يبدو أنك تعلمتِ جيدًا، أكثر من اللازم.”
“حين أخبرتُ زوجتي وابنتي أنني سأقابلك اليوم، أحدثنَ ضجةً من الغيرة. طلبنَ مني أن أختطفكِ بعد الاجتماع. هل تُوافقين؟”
“أعتذر، لدي مواعيدٌ اليوم.”
“لا خيار لدي إذًا. سأتحمل معاناتي معهما.”
قال ذلك وخرج بوجهٍ شاحب.
ثم واصلت أرتيا حضور عددٍ من الاجتماعات.
وفي منتصف النهار، زارها عمّاها، لكنها طلبت من الموظفين صرفهما لانشغالها.
كان ديريك وإيان قد ازداد وزنهما كثيرًا حتى بات من الصعب التمييز بينهما، وراحا يتذمّران وهما يعبسان.
“كنا نريد تناول الطعام معكِ، لكنكِ قاسيةٌ جدًا.”
“أحضرنا لكِ أكثر أنواع البسكويت رواجًا هذه الأيام، لكنكِ رفضتِ رؤيتنا.”
وبما أنه لم يتبقَّ لهما ما يفعلانه، توجّها إلى قصر إيفانجلين.
ورغم أنها لم تعُد تهتمّ بهما كما في السابق، إلا أنها لم تكن تطردهما مثل ابنة أخيهما المجنونة بالعمل.
وهكذا، ورغم أن سلطتهما في العائلة كانت قد انتُزعت بالكامل، إلا أن حياتهما كرجُلَين في منتصف العمر تسير في هدوءٍ وسلام، بفضل ما يتلقيانه من مصروفٍ وافر.
* * *
المكان الذي توجَّهت إليه أرتيا بعد انتهاء الاجتماع كان مسرح مونتيكرو.
وكان بطل العرض الذي يُعرض حاليًا هو لوكا.
أصبح لوكا، الذي بلغ الثانية والعشرين من عمره، بلا منازع النجم الأول في الإمبراطورية.
وكانت السيدات الجالسات في قاعة المشاهدة يطلقنَ آهات الإعجاب في كل مرةٍ يظهر فيها لوكا على المسرح.
ولم يكن ذلك لأنهنَّ وقعن في سحر الشخصية التي يُؤدّيها فقط.
بل لأنهنَّ سحرنَ تمامًا بشخص لوكا نفسه.
‘نعم، يُمكنني أن أتفهم ذلك.’
هزّت أرتيا رأسها موافِقة وهي تنظر إلى لوكا.
جسدٌ متماسك، وفكٌّ قويّ، ونظرةٌ حادة.
كان لوكا في الثانية والعشرين، تفوح منهُ رائحة شابٍ يافع، منعشٍ وساحر في آنٍ واحد.
وكانت مقولة أن جميع قلوب نساء العاصمة قد سُلبت لصالح لوكا، ليست مجرد مزحة.
في تلك اللحظة اتسعت عينا أرتيا.
فقد نظر إليها لوكا بعينين ناعمتين منحنيتين نحوها.
كانت المسافة بينهما بعيدة، بل وكانت القاعة مظلمة أيضًا.
ومع ذلك، كان لوكا ينجح دومًا في إيجادها على الفور وسط الجمهور.
‘في مثل هذه اللحظات، أشعر وكأن لوكا يمتلك قوى سحرية هو الآخر.’
ولوّحت أرتيا بيدها بخفة وهي تشعر بالدهشة.
وبعد انتهاء العرض، ذهبت أرتيا إلى غرفة الاستراحة وقدّمت باقات الزهور للممثلين.
وقدمت واحدةً منها إلى لوكا أيضًا.
“لقد أنهيتَ العرض الأخير بشكلٍ رائع. مباركٌ لك.”
“شكرًا جزيلًا.”
ابتسم لوكا ابتسامةً مشرقة.
كان الناس يقولون إن لوكا أصبح رجلاً ساحرًا يستطيع أن يخطف قلب أي امرأةٍ إذا أراد.
لكن في عيني أرتيا، ظلَّ لوكا فتى بريئًا كما كان دائمًا.
“يوجد عددٌ كبيرٌ من معجبيك محتشدين أمام المسرح كأنهم نجومٌ متلألئة.”
ولم يكن ذلك فقط لأن اليوم هو العرض الأخير لهذا العمل.
بل لأن لوكا قرر أن يذهب إلى ريجو مع رام، قائلاً إنه يرغب في العمل مع أشخاصٍ مختلفين وصنع أعمالٍ جديدة في عالمٍ أوسع.
وحين سمع المعجبون هذا الخبر، بكوا وكأنهم سمعوا أكثر الأخبار المأساوية في العالم.
“لا تذهب، لوكا!”
ومن هدّأهم كانت شارلوت، رئيسة نادي معجبي لوكا.
قالت بعينين دامعتين:
“لوكا ذاهبٌ ليُصبح ممثلًا أعظم. لذا إن كُنتُم معجبين حقيقيين، فعليكم أن تدعموه بدلًا من التمسك به كالمصّاصين!”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 184"