اندفعت أرتيا فورًا نحو القصر الإمبراطوري دون تردّد.
كان من المفترض أن تُقدِّم طلبًا مُسبقًا لدخول القصر وتحصل على إذن بذلك، لكنها دخلت مباشرة متجاوزة جميع الإجراءات.
بل وكان ذلك بمرافقة نوكتورن، أقرب المقرّبين من كيليان.
وذلك بفضل الترتيبات التي قام بها كيليان مسبقًا.
“هل صاحب السمو بخير؟”
فأمال نوكتورن رأسه وكأنه سمع شيئًا غريبًا.
“ما المقصود من سؤالك؟”
“أسأل عمّا إذا كان يعاني من مرضٍ أو شيءٍ من هذا القبيل.”
لم يسبق لأحد أن سأل عن حال كيليان بصدق كما فعلت أرتيا الآن.
فقد كان يُلقَّب بـ الأمير المجنون، وكان الجميع يهابونه، وذلك بسبب قوته الجسدية الخارقة التي لا تكاد تُصدّق.
ضاقت عينا نوكتورن باهتمام كما لو أن الأمر راق له.
“إنه بصحةٍ جيدة.”
فاطمأنّت أرتيا، وانفرجت ملامحها بينما تابعت سيرها في الممر الطويل.
كان هذا هو الممر نفسه الذي سلكته حين جاءت تطلب من كيليان مساعدتها في الطلاق.
آنذاك، كانت مرتعبةً من لقائه.
أما الآن، فالأمر مختلفٌ تمامًا.
‘أريد لقاء صاحب السمو حالًا.’
كانت ترغب في معانقته، والنظر في عينيه، وأن تخبره كم اشتاقت إليه.
لكنها كتمت رغبتها في الجري نحوه حفاظًا على هيبتها، وسارت حتى وصلت إلى باب ضخم.
فتح نوكتورن الباب وأشار لها بأدب.
“تفضّلي بالدخول.”
عند لقاء أفراد العائلة الإمبراطورية، يجب على المرافقين الانتظار في الخارج.
تبادلت أرتيا النظرات مع بيبي التي كانت تتبعها.
‘سأعود حالًا.’
فأومأت بيبي برأسها.
دخلت أرتيا قاعة الاستقبال.
سارت على السجادة الذهبية الطويلة حتى توقفت.
كان كيليان جالسًا على الكرسي الضخم في الطرف الداخلي من القاعة.
عند رؤية وجهه بعد أيام، ابتسمت أرتيا كفتاة صغيرة.
“صاحب السمو!”
وما إن همّت أرتيا بالاقتراب منه…
“وقاحة!”
“……؟!”
توقّفت أرتيا عند سماع صوته البارد، وحدّقت فيه.
عندها فقط أدركت.
أن عينيه الذهبيتين اللتين تنظران إليها لم تكونا دافئتين كعادتهما، بل كانتا باردتين وقاسيتين.
‘ما هذا؟’
ضرب قلبها بقوة.
“أدّي التحية كما ينبغي.”
رغم أن عقلها أصبح أبيض فارغًا، حاولت أرتيا فهم الموقف بكل ما أوتيت من جهد.
هل ارتكبتُ خطأً ما؟
هل أغضبته؟
سرعان ما عضّت شفتها.
لا، لم يسبق لصاحب السمو أن غضب مني بهذه الطريقة.
هو… لم يسبق أن نظر إليّ بتلك النظرات القاسية.
ورغم أن الفكرة بدت مجنونة، انفلت الشك من بين شفتيها.
“من أنت؟”
لم يُجب كيليان، بل اكتفى بالتحديق بها.
ذلك الصمت جعل أنفاسها تختنق.
لكن ما كسر الصمت الأبدي كان صوتًا خافتًا.
“لقد اكتشفتِ الأمر بسرعة.”
“……!”
اتسعت عينا أرتيا حين أدارت رأسها باتجاه الصوت.
منذ متى كان هناك؟
في مكانٍ لم يكن مظلمًا، كان آرسين جالسًا على كرسيٍّ خشبيٍّ متحرك.
وحين التقت عيناها بعينيه، تراجعت خطوة إلى الخلف دون وعيٍّ منها.
فهو لم يكن آرسين الذي عرفته سابقًا؛ بل كان يشعّ بنظراتٍ لم ترها من قبل.
“ما، ما هذا؟”
اتسعت عينا آرسين بدهشة.
“اكتشفتِني أنتِ أيضًا؟ كنت أظنّكِ مجرد امرأةٍ لا قيمة لها، لكنكِ تملكين عينًا ثاقبة.”
بدأ جسد أرتيا يرتجف بالكامل.
كيليان، الذي أصبح باردًا كالثلج.
وآرسين، الذي أصبح حادًا كالشوك.
الوقوف بين هذين الرجلين الغريبين جعلها تشعر وكأنها تعيش كابوسًا بشعًا.
***
لم تستطع أن تتنفس بشكلٍ طبيعي.
لكن أرتيا عضّت شفتها حتى سال الدم، في محاولة للبقاء واعية.
حينها تمتم آرسين وكأنه يحدّث نفسه.
“لم أكن أنوي الوصول إلى هذا الحد… لكن معارضة كيليان كانت شديدةً للغاية.”
رغم أن أرتيا لم تفهم تمامًا ما يقوله، إلا أنها أصغت بكل حواسها.
فربما تجد في كلماته مفتاحًا للهروب من هذا الكابوس.
“لكن رغم توسّلاتي وصراخي، أصرّ على اختياركِ بدلًا مني. كم هو وقح.”
“لذلك… لم يكن أمامي خيارٌ سوى استخدام السحر.”
كلمة السحر اخترقت عقل أرتيا كحدّ السيف.
“م، ماذا فعلتَ بصاحب السمو كيليان؟!”
“كل ما فعلته هو أنني أمرتُه أن يُطيع أخاه الأكبر. بالطبع، لم يكن الأمر سهلًا. فقد استخدمت السحر للتسلّل إلى عقل كيليان، وكاد هذا الجسد الضعيف أن يتحطّم… لكن…”
تحوّلت نظرات آرسين إلى كيليان الجالس بلا تعبير.
“لكن كيليان، الذي لاحظ ذلك، قَبِلَ بقوتي السحرية.”
أخي الصغير الظريف، لذا لم أستطع إلا أن أقع في حبك.
كانت عيناه الذهبيتان الضبابيتان مملوءتين بمحبّةٍ ثقيلةٍ عميقة،
وعلى العكس، كان وجه أرتيا مشوّهًا من شدّة الصدمة.
تابع آرسين حديثه وهو يحدّق بها.
“أنت لا تعلمين… كم من الزمن كرهتُ فيه كيليان، ثم في النهاية… أحببتُه.”
ولذلك، أصبح كيليان أغلى ما لديه.
كان كيليان يمثل العالم بأسره بالنسبة لآرسين.
لكن حين ظهرت أرتيا، تشقّق ذلك العالم.
فبالنسبة لآرسين، كانت أرتيا شرًّا مطلقًا لا يُحتمل وجوده.
وأشار آرسين إلى أرتيا بأصابعه الهزيلة الجافة وقال:
“كيليان، تخلّص من تلك المرأة.”
نهض كيليان من كرسيه وسحب سيفه من خصره.
تقدّم نحو أرتيا بوجهٍ باردٍ خالٍ من أي مشاعر، دون أن تنبس هي ببنت شفة.
كان غريبًا… وكان مخيفًا.
لكنّه كان كيليان.
كيليان فون أورفيوس، الرجل الذي تُحبّه.
تكلمت أرتيا بصوتٍ مرتجف، وعيناها محمرّتان.
“إنها أنا، أرتيا فون إيدينبرغ.”
“……”
“أنا أرتيا فون إيدينبرغ … المرأة التي تُحبّها!”
اهتزّت القاعة الضخمة بصراخها المليء بالمرارة.
لم تكن لدى أرتيا أي قدرةٍ سحرية،
لكن نداءها البائس حمل قوةً جارفة، كعاصفة.
كانت تتوسل أن يتحرّر الرجل الذي تحبّه من سحرٍ مقيت، ويعود إلى طبيعته.
لكن…
ضحك آرسين ساخرًا.
“تخلّي عن ذلك الوهم، ظنّكِ أن لمشاعر البشر التافهة قوةٌ خاصة. لو كان ذلك ممكنًا، لأصبح كل البشر سحرة.”
لكن السحر كان قوةً لا تُمنح إلا لأقلّية مختارة،
وأمام هذه القوة، لا يمكن للإنسان العادي سوى أن يُسحق كحشرة.
لإثبات كلامه، رفع كيليان سيفه عاليًا.
انعكس مشهد السيف في عيني أرتيا الزهرية بوضوح.
وقبل أن يهوي السيف، انفتح الباب فجأة واقتحمت بيبي الغرفة.
أخرجت خنجرًا كان مخفيًّا في ملابسها، ورمته باتجاه كيليان.
وفي اللحظة التي رفع فيها كيليان سيفه ليصدّ الخنجر،
استغلت بيبي الفرصة وانطلقت بسرعة، ووقفت أمام أرتيا لتحميها.
لكن كيليان رفع سيفه مجددًا وهاجم أرتيا.
اعترضت بيبي الضربة بخنجرها.
صرّت على أسنانها وهي تحاول الصمود.
‘الفرق في القوة كبيرٌ جدًا…’
لن تصمد طويلًا.
“اهربي، يا سيدتي!”
لكن أرتيا، التي بالكاد استعادت وعيّها، هزّت رأسها.
“لـ، لا أريد!”
رغم أنها لم تكن تفهم الموقف تمامًا، إلا أن حدسها أخبرها.
كيليان سيقتل بيبي.
‘لا يُمكنني ترك بيبي خلفي!’
وكأن كيليان سخر منها، هاجم من جديد بسيفه.
تصدّت بيبي للضربة، لكن شقوقًا بدأت تظهر في نصل سيفها.
“سيدتي، هيا بسرعة!”
صرخت بيبي بلهفةٍ، وفي اللحظة نفسها، التحم السيفان مجددًا.
وكانت تلك هي النهاية.
مع صوت تحطّمٍ حاد، انكسر سيف بيبي.
‘إذا واجهتِ وحشًا أقوى منكِ، لا تفكّري في القتال أبدًا… اهربي دون أن تلتفتي.’
كان صوت والدها يتردد في ذهنها.
لكنها لم تستطع الفرار.
فهي لم تكن صيّادة الآن، بل خادمةً وفية لأرتيا.
ألقت بيبي بجزء السيف المكسور واحتضنت أرتيا بشدة.
وهوى سيف كيليان القاسي على الاثنتين دون رحمة.
مع صوتٍ مروّع من تمزّق اللحم وتحطّم العظم، تطاير الدم القاني.
لكن بيبي لم تعبس. لم تصرخ.
بل صرخت نحو أرتيا فقط:
“اهربي!”
وانهمرت الدموع من عيني أرتيا.
لم يعد هناك وقتٌ للذهول.
كان عليها أن تهرب، أن تنجو.
وفي الجهة الأخرى، كان آرسين يبتسم وكأنه يشاهد مسرحية،
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 174"