و لكن الإمبراطورة لم تَكُن لديها الرغبة في سماعِ كلماتِ شخصٍ تكرَهُه.
“اخرج مِن هنا!”
و أصرّ كيليان على أنّه يريد مراقَبة حالة آرسين.
لكن مهما كانَ كبيرًا و قويًا مقارنة بأقرانِه ، فإنه كانَ لا يزال طفلاً.
تم أخذُ كيليان على أيدي الخَدَم.
“من فضلكِ دعيني أبقى هنا!”
كان وجه أرسين ، و هو مستلقٍ على السرير ، شاحبًا كما كان عندما التقيا لأول مرة.
مثلُ شخصٍ ميّت.
أو مثل شخص على وشكِ الموت.
لا.
لا أستطيعُ الانفصالَ عن أخي بهذه الطريقة.
قبل أن يُغلَق الباب مباشرة …
“أرسين فون أورفيوس!”
في اللحظةِ التي نادى فيها كيليان بإسمِ أرسين ، أشرقت عينا كيليان الذَهَبيّتان و بدأ جسد أرسين يُغَلِّفه نفس الضوء.
“لا تَمُت”
و تابع كيليان بعيونٍ دامعةٍ ،
“لا تَمُت! لا تَمُت! لا تَمُت!”
تدفّق الدمُ الأحمر من أنفِ كيليان، وتألّقت عيناهُ الذهبيتان.
وفي الوقتِ نفسه، أصبَحَ الضوءُ المُحيط بجسدِ أرسين أكبر.
كانَ الأشخاصُ الموجودين في الغرفَةِ مذهولين لدرجة أنُهم اضطِّروا إلى إغلاقِ أعيُنُهِم بإحكام.
بعد فترة …
“ها …”
خرجَت شهقة صغيرة من فم أرسين.
الإمبراطورة ، التي سَمِعت الصوتَ من مكانٍ قريبٍ ، احتضنَت جسد أرسين الصغير.
“آه ، أرسين!”
عادَ الدِفءُ إلى جَسَدِه ، الّذي كانَ باِردًا كالثلج.
حتى صوتُ التنفس و نبضُ القلبِ الّذي لم يُشعَر به.
فتح أرسين عينيهِ ببُطء بين أحضانِ الإمبراطورة.
انحَنَت عينا كيليان بلُطفٍ و هو يَنظر إلى العُيونِ الذهبية الضبابِية.
“أرسين …”
جلجل-!
مع هذه الكلماتِ ، انهارَ كيليان.
كان كيليان مريضًا لمدة أسبوعين كاملين.
فتح كيليان عينيهِ بعد أن تحمّل الألم الرهيب الّذي جعل جسده كله يرتجف و أطلق تأوهًا ، و ما رآه هو الإمبراطور.
كان هناك غضبٌ شديد في عينيه الذهبيتين الباردتين.
فتح الإمبراطور فمه ،
“أخبرتكَ إلا تقترب منه ، حتى بالخطأ. لماذا ذهبتَ إلى هناك؟”
لقد أنكر الإمبراطور أرسين تمامًا.
إلى درجة أن أي شخص يذكُر آرسين ولو قليلاً سيكون أمرًا لا يُغفَر له.
لذلك أبقت الإمبراطورة زيارة كيليان إلى أرسين سرًا كاملاً.
لكن الأمور ساءت عندما انهار كيليان ، و حتى الإمبراطورة لم تتمكن من منع انتشار الخبر.
“أجِبني”
كان كيليان يُكافِح بشدة ، ولا يزال لا يشعر بأنه على ما يرام.
لو كان يعلم أن كيليان كان يحاول شفاء أرسين بالسحر ، لم يكُن لـيطلب ذلك …
كيليان ، الذي جمع أفكاره ، تمكن من إخراج صوته ، الذي لم يكن يخرج بشكل صحيح ، و تحدث.
“لقد فعلتُ ذلك لأنني افتقدتُ أخي”
كلمة واحدة مؤلمة نطق بها طفل لم يتجاوز العاشرة من عمره بعد.
و لكن الإمبراطور ، بعيدًا عن التأثر ، غيّر وجهه كما لو أنه سمع شيئًا لم يكن ينبغي له أن يسمعه.
“كيليان فون أورفيوس” ، صوت تهديد رن.
“أنت من سيخلفني و يحكم الإمبراطورية. من غير المقبول أن تستسلم لمشاعر تافهة و تقترب من كائن مشؤوم”
قام الإمبراطور بزيادة عدد مرافقي كيليان و جعلهم يراقبون كل تحركات كيليان.
حتى في لحظة النوم.
بعد ذلك ، لم يتمكن كيليان من رؤية أرسين لفترة طويلة.
حتى مرض الإمبراطور و بدأت قوته تتزعزع.
* * *
تحولت عيون أرتيا إلى اللون الأحمر بعد سماع قصة كيليان.
بدت عيون كيليان حزينة للغاية و هو يتحدث بهدوء.
سألت أرتيا و هي تحاول جاهدة حبس دموعها.
“أليسَ صحيحًا أنّ الأمير أرسين الذي سقطَ بسبب قوّة جلالتِك قد استعادَ وعيَه؟ إذًا ، أليسَ هذا يعني أن حالتَه قد بدأت تتحسَّن؟”
“لا. حتى بعد ذلك، لم يستطع أخي أن يمشي، ولم يستطع التعرّض لأشعّة الشمس ، و كان يمرض من أقلّ سبب.”
أكمل كيليان كلامه بصوتٍ منخفض:
“قوّتي لم تكن ذاتَ نفعٍ لأخي على الإطلاق”
لماذا خفق قلبها فجأة عندما قال ذلك؟
احتضنت أرتيا كيليان بقوّة.
ثم نظرت إليه بعينين واسعتين و قالت: “لا تقل ذلك.”
“……”
“لقد بذلتَ كلَّ ما بوسعك لأجل أخيك وأنتَ لا تزال صغيرًا. وهذا بحدِّ ذاته أمرٌ عظيم ومُشرِّف”
و مع أنه لم يردَّ عليها ، واصلت أرتيا حديثها:
“انظر إلى عائلتنا. لا يوجد وئامٌ بين أعمامي و هُم إخوة ، بل إنهم يخشون أن يُنتزَع منهم أيُّ شيء، فيتعاركون على كلِّ صغيرة وكبيرة. أمَّا جلالتُك، فتمتلك قلبًا طيّبًا ونبيلًا. أنت حقًّا شخصٌ طيّب”
كانت كلماتٍ لم يسمعها كيليان من أحدٍ طيلةَ حياته. و في لمحِ البصر ، ارتسمت ابتسامةٌ على وجهه الذي كان يكسوه البرود.
“تابعي، أريدُ المزيد من مديحِكِ”
“حسنًا، لا بأس. يمكنني فعلُ ذلك حتّى مطلع الفجر”
بدأت أرتيا تسردُ مميّزات كيليان بحماسة، وكأنها عازمةٌ على السهر طوال الليل.
في البداية، كان كيليان يصغي إليها بسرور، لكن شيئًا فشيئًا، بدأ يقطّب حاجبَيه.
لطيف ، دافئ ، ظريف ، حنون …
‘هل تتحدّث عني حقًّا؟’
كان كيليان الذي تصفه مختلفًا تمامًا عن كيليان الذي يعرف نفسه. ظنَّ أنها تبالغ لتُسعِده ، لكنّ نظرات أرتيا كانت صادقةً وجادّةً للغاية.
‘إنها ترى فيَّ هذا الرجل حقًّا …’
لم يستطع أن يُخفي دهشتَه، لكنّه في الوقت نفسه، شعر بوخزٍ لطيفٍ في قلبه.
كان أمرًا عجيبًا و سارًّا في آنٍ معًا ، أن تراه بعينَيها بهذا الشكل.
“و أيضًا، جلالتُك إنسانٌ شديدُ الرّقّة. ألم تلاحظْ أنني لم أنمْ جيّدًا فور رؤيتِك لي في ذلك اليوم ، و ألقيت بي على السرير و غطّيتَني باللحاف؟”
اتسعت عينَا أرتيا وهي تتحدّث بحماسة.
ففي معصمِها، الذي لم يكن عليه شيء قبل قليل، كان هناك سوارٌ يلمع بحجرٍ من الألماس الوردي.
“ما هذا …؟”
ضحك كيليان بهدوء وهو يراها تلاحظ السوار أخيرًا.
“هل تتذكرين هذا السوار؟”
هزّت أرتيا رأسها إيجابًا، فقال كيليان:
“رفضتِه من قبل لأنّ رجلًا هو من سيقدّمه لكِ. لكن ، هل سترفضين سوارًا يقدّمه لكِ حبيبكِ؟”
احمرّ وجه أرتيا على الفور.
“ح-حبيبي؟! من أين تعلمتَ هذه الكلمة؟!”
“في الرواية التي نصحتِني بقراءتِها. الكلمة تُطلَق على شخصٍ يكون صديقًا و عشيقًا في آنٍ معًا. و هي تعبّر تمامًا عن علاقتِنا”
‘هذا ليس المعنى المقصود أصلًا…’
رغم أنّها شعرت بالذهول، إلا أنَّ أطرافَ شفتيها ارتجّت بلطف.
كان استخدامه لتلك الكلمة، بلفظٍ راقٍ ونبرةٍ بريئة، دون أن يدرك أنها تُستعمل بين الفتيات الصغيرات من عامة الناس … يجعلُه يبدو ظريفًا للغاية.
أمسكت أرتيا بالسوار تُقلبه بين يديها بعاطفةٍ جياشة.
“شكرًا لك … إنه جميلٌ حقًّا”
تحدث كيليان وهو يُداعب السوار المُلتفّ على معصمِها.
“في رواية قلب الدوق الشمالي المتّقد، كان داخل ألماسة الثلج قلبُ راينهارت. وهذا السوار أيضًا يخفي شيئًا مميّزًا”
“وما هو؟”
“لقد وضعتُ فيه سحرًا يحميكِ عند وقوعكِ في خطر.”
وقد استخدمتُ فيه كلَّ ما لديَّ من قوّة.
“هي المرةُ الأولى التي أستخدم فيها سحري بهذه الطريقة، لذلك لا أعلم إنْ كان سينجح فعلًا.”
أغمضت أرتيا عينيها بلطف وقالت: “لا بأس. على أيّ حال، جلالتُك سيكون دومًا بجانبي.”
ضحك كيليان بخفة، ثم قبّل معصمها الذي يحمل السوار وقال: “إجابةٌ مثاليّة.”
* * *
بعد انشغالٍ طويل بسبب الأعمال، أقامت أرتيا أخيرًا حفلَ شاي.
و كانت بينيلوب أول الحاضرين.
“شكرًا على الدعوة ، تيا!”
قالتها بحماس ثم سألت بوجهٍ متحمّس:
“هل صحيحٌ أن ذلك الشخص سيأتي اليوم؟”
“نعم، قلتُ لكِ إنّه سيأتي.”
عندها صاحت بينيلوب بفرحةٍ و ضمّت قبضتيها بحماس.
لم يمرَّ وقتٌ طويل ، حتى وصلت كلٌّ من ماريغولد و فريجيا.
وأخيرًا، حين ظهرت داليا، ركضت بينيلوب نحوها حاملةً كتابًا بيدها.
“الكاتبة ريدليب! هل يمكنني الحصول على توقيعك؟!”
أومأت داليا برأسها بابتسامة:
“بالطبع.”
في اليوم الذي اندلع فيه الحريق في مسرح مونتيكرو ، كشفت داليا عن هويّتها كالكاتبة “ريدليب”.
وقد ذُهِلت كلٌّ من ماريغولد وفريجيا، اللّتين كانتا معها في ذلك اليوم.
وخاصةً ماريغولد، التي لم تستطع تصديق الأمر حتى بدأت تتلعثم: “أ-أنتِ كنتِ ريدليب؟! لِمَ لم تخبريني من قبل؟!”
“لم أملك الشجاعة. أعتذر لأنني أخفيتُ الأمر”
إرتبكت ماريغولد من ساطةُ الاعتذار.
“لا، لا داعي للاعتذار أصلًا…”
“……”
“أنا أتفهَّم. لو كنتُ أعرف ذلك مسبقًا، لكنتُ على الأرجح قد نشرتُ الأمر في كلّ أرجاء العالم!”
وفوق كلّ شيء، لم تكن ماريغولد من النوع الذي يغضب لأنّ صديقةً أخفت عنها سرًّا بسيطًا.
ثم قالت بعينَين لامعتَين، وكأنّها لم تُصدم أصلًا:
“بما أنّكِ أفصحتِ عن الأمر لنا، فهذا يعني أنّكِ لا تنوين إخفاءه بعد الآن، أليس كذلك؟”
“نعم.”
عند إجابة داليا، غمرَ الحماسُ قلبَ ماريغولد.
وسرعان ما بدأت تُحدّث الجميع هنا وهناك عن أنّ داليا هي الكاتبة “ريد ليب” ، ثم كانت دومًا تُضيف بكلّ فخر: “كاتبة الرواية الأكثر شهرةً هذه الأيام هي صديقتي! أليست رائعة؟”
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿《التليغرام》
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 165"