انحنت أرتيا نحو أرسين الجالس على كرسيٍّ خشبيٍّ متحرّك.
“أحيّي نسل أورفيوس العظيم، أنا أرتيا فون إيدينبرغ.”
ثم سُمِع صوتٌ رقيقٌ صغير.
“ارفعي رأسكِ، أرتيا.”
رفعت أرتيا نظرها ببطء.
الأمير الذي لم يكن يجب أن يولد.
الأمير الذي كان يجب أن يموت منذ زمن.
أرسين فون أورفيوس، الذي كانت الشائعات تحيط به خفية، والذي كان ممنوعًا حتى ذكر اسمه في المناسبات الرسمية.
ذلك الذي لم يسبق لأيٍّ من النبلاء رؤيته لأنه كان محبوسًا دومًا في جناح الإمبراطورة، وفي لحظة رؤيته الأولى، لم تستطع أرتيا صرف نظرها عنه.
كان يبدو شابًا صغيرًا رغم أنه يبلغ من العمر أربعة وعشرين عامًا، أي أكبر من كيليان وأرتيا بعام.
لم يكن وجهه الشاحب وجسده النحيف يوحيان بالضعف فقط، بل كان فيهما سحرٌ غامضٌ يتدفّق من ملامحه الدقيقة التي تبدو كما لو أن فنانًا أبدعها بعناية.
“سعدتُ بلقائكِ.”
بصوتٍ لطيف، استعادت أرتيا وعيها وهزّت رأسها.
“وأنا أيضًا سعيدةٌ بلقائك.”
خلافًا لما كانت تخشاه، تمكّنت أرتيا من الحديث مع أرسين بسهولة.
وذلك بفضل الجوّ الدافئ الذي يخلقه أرسين بطريقته الخاصة.
والأهم من ذلك، أنها استمتعت بالحديث عن كيليان.
“كيف كان شكل سموّ الأمير كيليان في صغره؟”
“كان صغيرًا جدًا وجميلًا للغاية. وكان يناديني بـ هيونغ.”
هيونغ؟!
غطّت أرتيا فمها من شدّة الظرافة التي شعرت بها من هذه الكلمة.
ضحك أرسين بخفة.
“كيليان كان طفلًا لطيفًا وحنونًا للغاية.”
“كما توقعت، سموّ الأمير أرسين هو أكثر من يعرف كيليان على حقيقته. أشعر بالظلم والغضب عندما يتحدث عنه البعض بكلماتٍ سيئة، كأن يقولوا إنه مجنون أو نحو ذلك.”
ورغم أن كيليان لم يكن يشعر بالارتياح لذلك الحديث، إلا أنه بقي صامتًا ولم يقل شيئًا.
فأرتيا وأرسين، أغلى شخصين على قلبه، كانا يبتسمان وينظران إلى بعضهما البعض في لحظةٍ بدت كأنها حلم، ولم يُرد أن يفسدها.
لكن للأسف، لم يدم ذلك الحلم طويلًا.
فجسد أرسين بدأ يضعف.
كحّة.
بمجرد أن سُمع صوت سعال أرسين، نهض كيليان بسرعة وتفقّده.
“إن عدتَ إلى الغرفة واسترحتَ فستكون بخير. لا تقلق.”
طمأن أرسين كيليان، ثم التفت نحو أرتيا.
وبينما كانت أرتيا تنظر إليه بوجهٍ ممتلئ بالقلق، نظر إليها أرسين بعينيه الذهبيّتين الباهتتين.
“أرتيا، أرجوكِ اجعلي كيليان سعيدًا دائمًا.”
بصوتٍ ضعيفٍ يكاد لا يُسمع، لكنه كان محمّلًا بحبٍّ عميقٍ لا يُقاس.
وشعرت أرتيا برغبةٍ جارفةٍ في البكاء، لكنها أجابت بحزمٍ وعينان حمراوان.
“نعم، سأفعل.”
ابتسم أرسين كمن اطمأن.
وانتهى اللقاء القصير على ذلك.
***
في طريق العودة من القصر الإمبراطوري إلى المنزل.
كانت أرتيا تركب ظهر كيليان الذي تحوّل إلى فهدٍ أسود.
فوق ظهر الفهد الذي كان يجري بسرعةٍ وكأنّه يطير في السماء، استرجعت أرتيا أحداث الساعات الماضية.
نوكتورن وأرسين.
أقرب شخصين إلى كيليان، باركا علاقتها به وشجّعاها.
عندها، تلاشى القلق الذي كان يعشّش في قلبها، وبدأت تشعر بشجاعةٍ : ربما يُمكنها أن تبقى بجانبه.
(حتى لو بدوتُ متهوّرةً وبلا خجل… سأسمح لنفسي أن أحلم بمستقبلٍ مع سموّ الأمير.)
مهما كان شكل ذلك المستقبل.
عانقت أرتيا الفرو الأسود الناعم بشدّة.
وفي الوقت نفسه.
عاد أرسين إلى غرفته، وكان يلهث بصعوبةٍ ووجهه شاحب.
خروجٌ لم يتجاوز الثلاثين دقيقة.
ومع ذلك، كان جسده الضعيف غير قادرٍ على تحمّله، فاحتضن ذلك الجسد المتألم، وفكّر في أرتيا.
كما قال كيليان.
(إنسانة جميلة ودافئة كزهر الكرز في ربيعٍ مشمس.)
وشعر بالسعادة.
لأن المرأة التي يُحبّها كيليان كانت هكذا.
فهي وحدها من يمكن أن تُسعد كيليان، الذي عاش حياته كلها وحيدًا.
وفي اللحظة التي ابتسمت فيها عينا أرسين برقة، رغم الألم الذي كان يهزّ جسده كله، خرجت من شفتيه كلمات مختلفة تمامًا:
“أريد تمزيقها وقتلها.”
قال أرسين بصوتٍ بارد، وقد تغيّرت ملامحه تمامًا.
“كيليان لي. لا أحد يملك الحق في البقاء إلى جواره سواي.”
ثم تبدّل تعبير وجهه مرةً أخرى، وكأنه على وشك البكاء.
“لا… يجب على كيليان أن يتحرر مني. عليه أن يلتقي بأشخاصٍ يستطيعون منحه سعادةً حقيقية.”
ثم ابتسم أرسين ابتسامة مخيفة، وكأنه يسمع شيئًا مضحكًا.
“لو كنتَ تؤمن بذلك حقًا، لكان عليك أن تموت منذ زمنٍ يا أرسين فون أورفيوس.”
“……!”
“كنتَ دائمًا تتحدّث بالكلام فارغ فقط، وتكافح كدودةٍ من أجل البقاء.”
لأنك أردت أن تعيش.
لأنك كنتَ تريد أن تبقى بجانب كيليان ولو لوقتٍ أطول!
لم يستطع أرسين قول شيء، فتابع الصوت الآخر داخله.
“لن نترك كيليان أبدًا.”
لأننا نُحبّه كثيرًا.
***
تم افتتاح مكتب شركة إيدينبرغ للإنتاج أخيرًا بشكلٍ رسمي.
في الطابق الثالث من مسرح مونتي كريستو.
كان المكتب يعجّ بالزوار يوميًا.
وزائر اليوم كان الكونت غولدجرس.
ابتسم الكونت غولدجرس، الذي بدا وجهه شرسًا كقطاع الطرق.
“طلبات شراء ألماس الثلج تزداد بشكلٍ حاد.”
كانت أرتيا قد تعاونت مع الكونت غولدجرس لإنتاج ألماس الثلج الذي ظهر في عمل “قلب دوق الشمال المشتعل”.
رغم أنها سمّته ألماس الثلج، إلا أنه في الحقيقة مجرد ألماسٍ عادي.
لكن التصميم الفريد الذي يشبه بلورات الثلج، إلى جانب القصة الرومانسية التي تحكي عن حب دوق الشمال، جعلت منه منتجًا يحظى بشعبيةٍ كبيرة.
تحدث الكونت غولجوس مقترحًا.
“بما أن الطلب يتجاوز العرض، ما رأيكِ بزيادة كمية الإنتاج؟”
“السبب الذي يجعل الألماس مميزًا أكثر من غيره من الأحجار الكريمة هو ندرته. كلما كان الحصول عليه صعبًا، زادت قيمته. لذا سأُبقي الكمية كما هي.”
“سيغضب الزبائن ويشتكون كثيرًا، أليس كذلك؟”
“تلك هي استراتيجيتي في البيع. كلما زادت لهفة الزبائن، زادت شعبية المنتج.”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 162"