“تم شلّ أعمال تنغويل بالكامل، والدائنون الذين باتوا قلقين على أموالهم يقتحمون قصرها يوميًّا مطالبين بسداد ديونهم، أما الخدم فقد هربوا جميعًا، ولَمْ يبقَ أحدٌ في القصر.”
“بل إنْ بعض الخدم، الذين كانوا يحملون ضغينةً ضدّها، تركوا شتائم مكتوبةً على جدران القصر قبل رحيلهم، بل ووصل الأمر ببعضهم إلى ترك فضلاتٍ أمام باب غرفتها.”
“أوه…”
شعرت أرتيا بالغثيان وأغلقت فمها، لكن بيبي تابعت حديثها.
“بالإضافة إلى ذَلك، فإنْ أولئكَ الذين تعرضوا للتنمّر مِن قِبل تنغويل في الماضي بدأوا برشق القصر بالحجارة، مِما أجبرها على الهرب والاختفاء.”
“هَذا جيد، في ظل هَذهِ الفوضى، لَن يكون لديها وقتٌ للتصرف بحماقةٍ لبعض الوقت.”
رغم أنْ سقوط تنغويل حدث أسرع مِما توقعت، إلا أنْ أرتيا لَمْ تكُن راضيةً تمامًا.
أرادت أنْ تُدفعها إلى ثمنٍ أشدّ قسوة.
لكن، مع اقتراب موعد العرض المسرحي، لَمْ يكُن لديها الوقت الكافي للانشغال بها.
“أعدك، بعد انتهاء العرض، سأجلبها إليّكَ وأجعلها تعتذر منكَ بصدق.”
بالنسبة إلى لوكّا، لَمْ يكُن يهتم كثيرًا بمصير تنغويل.
لكن معرفة أنْ أرتيا تبذل جهدها لأجله جعلته سعيدًا، فابتسم وأومأ برأسه.
وفي ذَلك اليوم، غنّى لوكّا لأول مرة.
رغم أنهُ كان يتوقف أحيانًا ويتردد وكأنه يخشى نظرات الآخرين، إلا أنْ صوته كان جميلًا، حيث امتزجت الكلمات باللحن بسلاسة.
وعندما انتهى مِن الغناء، تنفّس بعمق وحاول النظر إلى أرتيا، لكن فجأةً، قفز رام نحوه وتعلّق به.
“هَذا بالضبط ما كنتُ أريده! هَذا ما كنتُ أبحث عنه!”
أما ميخائيل وساندرا، فرفعا إبهاميهما.
“أحسنت، أيُّها الصغير!”
في خضم هَذهِ الأجواء الحماسية، كان لوكّا يبحث بعينيه عن أرتيا.
ثم، بينما كان لا يزال يحمل رام المعلّق به، اقترب منها وسألها.
“سيدتي، هل كنتُ جيدًا؟”
حتى تلكَ اللحظة، كانت أرتيا متأثرةً بما حدث، لكنها استعادت وعيّها وأجابت بحماس.
“نعم! لقد كانت أغنيةً رائعة، لوكّا!”
عند سماع كلماتها، احمرّ وجه لوكّا وأخفض رأسه بخجل.
فما كان مِن أرتيا إلا أنْ مدّت يدها وبعثرت خصلات شعرهِ الأحمر بلطف.
ابتسم لوكّا.
كانت ابتسامتُه ساحرة لدرجة أنْ رام، الذي كان يتدلى مِن خصره، بقي مُتجمدًا مِن الدهشة.
***
“لَمْ يتبقَ سوى أيامٍ قليلةٍ على عرض مسرحية قلب الدوق الشمالي المُشتعل.”
“المخرج والممثلون جميعهم مِن نخبة الإمبراطورية، لذا الجميع مُتحمّس لمعرفة كيف ستؤدي دوقة إيدينبرغ معهم.”
مع مرور الأيام، ازداد اهتمام النبلاء.
وأصبح الحصول على تذاكر الليلة الأولى أصعب مِن العثور على منصب الإيثيريال.
بل إنْ بعض النبلاء، مُتجاهلين كبرياءهم، لجأوا إلى أرتيا للتوسل إليّها مِن أجل الحصول على تذاكر.
“دوقة إيدينبرغ، هل يُمكنكِ منحنا تذكرتين فقط؟”
كان مِن بينهم مَن تربطهم بها علاقة، ومنهم مَن لا تربطهم بها أيُّ صلة.
لكنَّ إجابة أرتيا كانت واحدةً للجميع.
“في الحقيقة، أودّ ذَلك، لكن نظرًا لاهتمام عدد كبير مِن الناس بالحصول على التذاكر، فإنَّ منحها لعددٍ قليلٍ فقط قد يُثير كلامًا غير مستحب، سواء عني أو عنكِ.”
رغم خيبة أملهنّ، إلا أنْ النساء تقبّلن الأمر، فقد أدركنَ أنَّ أرتيا كانت عادلةً مع الجميع.
وهَكذا، بعد يومٍ مُزدحمٍ آخر، سقطت أرتيا على سريرها منهكة.
“هااااه…”
تسرّب صوتٌ غريب مِن جسدها المُرهق حتى أقصى حدوده.
كان عليها أنْ تُغيّر ملابسها…
أنْ تستحم…
أنْ تتناول العشاء…
***
حين دخل كيليان مِن النافذة، وجد أرتيا نائمةً على السرير مرتديةً ثياب الخروج.
لَمْ يكُن ذَلك أمرًا مفاجئًا.
ففي الآونة الأخيرة، بات هَذا يحدُث كثيرًا.
نظر إلى كومة الأوراق المُبعثرة بجانبها.
“لو كان كل النبلاء مُتفانين في عملهم مثلها، لشهدت الإمبراطورية ازدهارًا غير مسبوق.”
وبينما كان يُفكر بذَلك، اتّسعت عيناه الذهبيّتان.
فقد كان هُناك شيءٌ مرسوم على أحد أطراف الورقة المليئة بالكتابة.
تنهد كيليان بذهول ونظر إلى أرتيا النائمة ببراءة، غير مدركةٍ أنها رسمتهُ بهَذا الشكل المخيف.
“……”
أطال النظر إليّها.
خصلاتٌ فضية رقيقة…
أنفٌ مستقيم وأنيق…
وشفاهٌ صغيرة وممتلئة…
تذكّر حين لامست شفتاها شفتَيه ذات مرة.
رغم مرور شهور على ذَلك، إلا أنْ جسده اشتعل بحرارة وكأنَّ الأمر قد حدث بالأمس.
راح يقبض يدهِ ويفتحها مرارًا، لكن دوّن جدوى.
فقد ظلّت عيناه تنجذب إلى شفتيها.
أراد أنْ يقترب.
أنْ يلمسها.
‘أنا لستُ كلبًا مسعورًا!’
زمجر على نفسهِ بغضب، ثم نهضّ بسرعة.
ومرةً أخرى، فشل في البقاء بجانبها لفترةٍ طويلة.
***
عندما فتحت أرتيا عينيها، وجدت رأسها موضوعًا على وسادةٍ وبطانية تغطيها.
وهي ما تزال نصف نائمة، رمشت قليلًا، ثم اتّسعت عيناها فجأةً عندما رأت الورقة الموضوعة بجانبها.
بجوار رسمة كيليان السيئة التي رسمها بمهارةٍ أقل مِن مهارة الأطفال، كان هُناك رسمٌ دقيق للغاية لامرأة، وكأنَّ فنانًا ملكيًا هو مَن خطّه.
بدت المرأة وكأنها نسخةٌ طبق الأصل مِن أرتيا، إلا أنَّ أذني أرنب صغيرتين برزتا مِن رأسها.
“هاهاها!”
لَمْ تستطع كبح ضحكتها، فقد كان الرسم لطيفًا للغاية.
***
عشية العرض.
بعد انتهاء آخر بروفة، دوّى تصفيقٌ حارّ في القاعة، وكان الجميع يُصفّق بحماس.
أما رام، فقد مدّ ذراعيهِ وهو يصيحُ بحماسٍ.
“هَذا مُذهل! إنهُ مثالي! لا شك أنَّ هَذا العمل سي…”
لكن أرتيا قاطعتهُ بضربهِ بشكلٍ خفيف بكتاب النص الذي كانت تحملُه.
“توقف، إذا واصلت قول أشياءٍ كهَذهِ، قد ينقلبُ الحظ ضدنا.”
لكن رام نفخ الهواء مِن أنفه بمرح.
“هيا، لا وجود لشيءٍ كهَذا! بِمُجرد أنْ يرتفع الستار، سيغرقُ العالم في البكاء والتأثر! سيأتي الناس إليّكِ، مُتشبثين بأطراف ثوبيكِ، يشكرونكِ على صنع عرضٍ كهَذا!”
“أنا أيضًا أعتقد ذَلك، لكن…”
وضعت أرتيا يدها على فمها، ثم أعادت ترتيب تعابير وجهها.
“يُقال إنْ الحظ قد يغار إنْ تصرّفنا بغرور. لذا، فلننهِ اليوم بهدوء ونستعد للغد.”
وافق الجميع على كلامها، وغادروا إلى منازلهم بصمت.
وعادت أرتيا إلى المنزل أبكر مِن المُعتاد.
وبسبب توترها، شعرت أنْ معدتها لَن تهضم الطعام جيدًا، فاكتفت بوجبةٍ خفيفة.
بعد مراجعةٍ أخيرة للعرض، استلقت على السرير.
ثم نظرت سريعًا نحو النافذة.
في الأيام الأخيرة، كانت تنهار مِن الإرهاق بِمُجرد أنْ تدخل غرفتها، ولهَذا لَمْ ترَ كيليان منذُ مدة.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 153"