البحث عن زوج للدوقة - 100
الفصل 100 : الأميرة المليئة بالجراح ¹⁶
“……!”
أوسعت أعين النساء في دهشةٍ عند سماع الكلمات الصادمة. في صمتٍ مُهيب، تابعت أرتيا بصوتها المُنخفض.
“لذَلك لَمْ أستطع أنْ أبقى مكتوفة الايدي. أعرفُ كم يكون مؤلمًا أنْ يتعرض أحد أفراد العائلة لمثل هَذا الأمر.”
ابتسمت أرتيا ابتسامةً مريرة وهي تراقبُ تعبيرات النساء.
كانت جميعهنَ يحملن نفس تعبير الدهشة، ولكن كانت بعض العيون تهتزّ بشكلٍ خاص، وكأنها تًعبر عن فهمٍ أعمق للألم.
“لا ينبغي أنْ ينتهي الأمر عند فريجيا فقط.”
كان لا بد مِن أنْ تتعاطف العديد مِن النساء اللاتي عانين مِن نفس الألم، وأنْ يغضبن. بذَلك فقط ستكتسبُ فريجيا القوة لمواجهة زوجها.
“كان زوجي السابق دائمًا يخبرني بعد أنْ يضربني ‘أنتِ مَن قصرتِ كزوجة، كُل شيء هو خطؤكِ.’ …ماذا تعتقدن؟”
قالت أرتيا بهدوء، بينما كانت تدعو في قلبها أنْ يُظهر شخصٌ ما ليزيد مِن اتقاد النار التي أشعلتها، ليُصبح اللهب كبيرًا بما يكفي لقلب هَذا العالم.
سادت لحظةٌ ثقيلة غير مريحةٍ بين النساء اللواتي يتناسب مظهرهنَ مع الأناقة.
شعرت بعضهنَ بالحرج مِن كيفية الرد، بينما نظرت أخريات إلى أرتيا بنظراتٍ تُعبر عن التعاطف.
وبينما كانت هُناك امرأةٌ أخرى…
“أريدُ أنْ أسأل. هل كان مِن العدل أنْ يضربني زوجي بسبب عدم قدرتي على إنجاب طفل؟”
قالت بمرارة.
تلألأت عيون أرتيا الوردية.
لقد اشتعلت النار.
كانت تأثيراتُ ماريغولد وداليا مذهلة. لَمْ تعُد نساء النبلاء قادراتٍ على لوم فريجيا علنًا.
في هَذا الجو، استمرت بعض التصريحات المُدهشة مِن النساء.
“لقد تعرضتُ للضرب مِن زوجي أيضًا.”
على الرغم مِن حساسية الموضوع، فإنْ عدد النساء اللواتي تجرأنَ على التحدث كان ضئيلاً، لكن التأثير كان هائلًا.
كانت هُناك نساءٌ تعرضن للضرب مِن أزواجهن، ونساء شاهدن أمهاتهنَ يتعرضن للإساءة، وأخرياتٌ لديهن بنات تعرضنَ للاعتداء.
بكت العديد مِن النساء بدموعٍ مِن الغضب.
لَمْ يعُد موضوع فريجيا أمرًا يخص شخصًا آخر.
“إذا كان صحصحًا أنْ الكونت إليزيوم قد اعتدى على زوجتهِ بدوّن سبب، فيجبُ أنْ يتلقى العقاب المُناسب. ذَلك سيُساعده على فهم ما فعلهُ على أنه جريمة وسيكون أكثر حذرًا. وليس الكونت إليزيوم وحده، بل جميع الأزواج الآخرين.”
ظهرت امرأةٌ أخرى تطالبُ بصوتٍ عالٍ بدعم فريجيا. وهَكذا، بدأت الأصوات المُعارضة في الارتفاع أيضًا.
“يجبُ على الزوجة أنْ تُطيع زوجها وأنْ تُحافظ على هدوء الأسرة. بدلاً مِن ذَلك، تجرؤ على جعل زوجها مُجرمًا وتحطم الأسرة. يجبُ أنْ تُعاقب زوجة الكونت إليزيوم.”
انتشر الصراع مثل حريقٍ في غابة، وأثر ذَلك على الرجال النبلاء أيضًا.
“مَن يجرؤ على انتهاك سلطة رب الأسرة!”
كانت السلطة في الإمبراطورية تعود للرجال. شعروا بغضبٍ شديد مِن تصاعد قضية الاعتداء على الزوجة إلى هَذا المستوى.
بالطبع، كان الكونت هو الأشد غضبًا.
“مِن غير المعقول أنْ يتم تسجيل هَذا النوع مِن الشكوى رسميًا. أطلبُ منكَ إلغاء هَذهِ الشكوى فورًا!”
دخل إيرل إيلسيوم المحكمة وهو يصرخ بغضب.
نظر القضاة، الذين كانوا جميعًا رجالًا، إلى الكونت إليزيوم بتفهُم. لكن…
“يجب ُالتحقيق بدقةٍ في أيِّ شكوى تم تقديمُها، وإصدار الحُكم المُناسب وفقًا لقواعد المحكمة.”
لَمْ يكُن بالإمكان تدمير القواعد الصارمة للمحكمة لمُجرد أنْ بعض النبلاء قدموا شكاوى.
لو لَمْ يكُن الكونت إليزيوم يرتدي قناع اللطف والتهذيب، لكان قد صرخ وضرب جميع الرجال المُحيطين به.
عاد إلى القصر بعد كبح مشاعرهُ المُتصاعدة، بدأ الكونت إليزيوم في قذف الأشياء حولهُ بغضب.
خلال صوت تحطم الأشياء، صرخ الكونت إليزيوم بوجهٍ مشوّه.
“سأجعلُهم يدفعون ثمن ما فعلوه. لَن أترك أيِّ شخصٍ تسبب في وصولي إلى هَذهِ الحالة…!”
بالطبع، كانت فريجيا هي المُستهدفة، وكذَلك أرتيا فون إيدينبرغ التي أغوتها.
* * *
ارتعشت أرتيا.
“هل أصابني بردٌ مُفاجئ؟ رُبما أكون ملعونة.”
لَمْ يكُن مِن الغريب أنْ تشعر بذَلك.
فمع تصاعد قضية فريجيا، كانت أرتيا، التي تدعمُها بنشاط، تتعرضُ أيضًا لكُل أنواع الإهانات.
شعرت فريجيا بالأسف لذَلك، لكنها لَمْ تستطع فعل شيء سوى الإعتذار. ولكن أرتيا أومأت برأسها قائلة إنْ الأمر على ما يرام.
“على أيِّ حال، لقد وصلت سمعتي إلى الحضيض عندما تطلقت.”
لكن الأهم مِن ذَلك، لَمْ يكُن لديها الوقت للقلق بشأن ذَلك الآن.
كانت أرتيا تُركز على إشعال لهبٍ أكبر حتى موعد المُحاكمة.
وكان هَذا يومًا آخر مِن تلكَ الأيام.
حفلةُ شاي في الصباح، اجتماعٌ في الظهر، وعشاءٌ في المساء.
تنقلت بين ثلاثة أماكن، تتحدث عن مدى قسوة وخوف ما تعرضت لهُ مِن اعتداءٍ مِن زوجها.
اعترفت بعض النساء اللواتي تأثرن بكلمات أرتيا أنهنَ تعرضنَ لتجاربٍ مُماثلة، بينما أبدت أخرياتٌ انزعاجهنَ ورفضهن سماع ذَلك.
ظهر رجلٌ في تجمع النساء، يُهددهنَ بنظراتٍ حادة.
“يبدو أنكِ تظُنين أنْ الرجال سُذج. لقد تجرأتِ على طرد زوجكِ وطلب الطلاق، والآن تُحاولين تشويه سمعة الرجال الآخرين بقولكِ إنهم يضربون زوجاتهم؟”
ردت أرتيا بصوتٍ هادئ رغم الأجواء العدائية.
“أحترمُ الجميع بغض النظر عن الجنس. لكن مَن يجبُ أنْ يُحاسب هم الذين لا يستطيعون السيطرة على مشاعرهم ويسببون بالأذى للآخرين. هل يُمكن لرجُلٍ مُحترمٍ مثلكَ أنْ يدعم هَذا التصرف الحقير؟”
“ماذا؟!!”
تجهم وجهُ الرجل بشدةٍ. لو لَمْ يتدخل الآخرون، لكان قد اعتدى على أرتيا.
***
بينما كانت أرتيا مُستلقيةً على السرير، همست لنفسها.
“كان مِن المُمكن أن ْأتعرض للضرب… لكن…”
لو حدث ذَلك، لكان الوضع قد تصاعد بشكلٍ أكبر، ولتزايدت الأصوات المدافعة عن فريجيا.
لكنها سرعان ما هزّت رأسها.
“فريجيا تشعرُ بالأسف ولا تعرف ماذا تفعل، وإذا ظهرتُ ومعي جروح على الوجه، ستبكي كطفلة.”
لَمْ ترغب في ذَلك، ولَمْ تكُن بحاجةٍ إلى ذَلك.
كان الجو يتشكل بشكلٍ أسرع وأكثر ملاءمةٍ مِما توقعت.
ولَمْ يكُن هَذا التدفق نتيجةً تأثير سيدات الزهور أو الاستياء المكتوم مِن العُنف الذي عانت منهُ النساء النبيلة فحسب.
“رُبما تكون وسائل الإعلام في صفنا.”
لو كانت وسائل الإعلام قد نشرت محتوى سلبي عن فريجيا، لما كان بالإمكان تشكيل هَذا الجو بسهولة.
لكن وسائل الإعلام لَمْ تُركز على الإثارة، بل سجلت الحقائق المؤكدة فقط. بل إنْ بعض وسائل الإعلام دعمت فريجيا مِن خلال تسليط الضوء على العُنف.
“هل لأن فريجيا أميرة؟ لكن بلدُها ليس لهُ القوة التي تُخيف وسائل الإعلام الإمبراطورية. إذا كان الأمر يتعلق بالخوف، فَمِن الأكثر منطقية أنْ يخافوا مِن الكونت إليزيوم، الذي لديهِ سلطةٌ أكبر.”
وصلت أرتيا إلى استنتاج.
“هل هُناك مَن يُساعدنا؟”
عندما همست بذَلك، سمعت صوتًا خافتًا جعلها تًدير رأسها لتجد قطًا أسود جالسةً على النافذة.
“نوي!”
قفزت أرتيا مِن السرير لتُرحب بنوي بحماس.
على الرغم مِن أنْ زيارة نوي كل بضعة أيام كان ينبغي أنْ تُصبح مألوفة، إلا أنْ أرتيا كانت دائمًا تشعرُ بالسعادة كما لو كانت هَذهِ هي المرة الأولى التي يأتي فيها.
“نوي لا يُحب اللمس، لذا لا أستطيع مداعبته أو الإمساك بقدمه…”
بدلاً مِن ذَلك، نظرت أرتيا إلى القط الأسود بعينيها المليئتين بالمودة.
أمام تلكَ النظرة، بدا أنْ القط الأسود يتصنع التعالي كما لو أنْ قلبهُ لا ينتمي لها، مِما جعل أرتيا تدور عينيها.
“عينيكَ حقًا جميلة.”
كانت أعين القط الذهبية كأنها مصنوعةٌ مِن الذهب المذاب، جميلةٌ وغامضة.
بينما كانت تُحدق بها، خطر على بالها رجل.
كيليان، الذي يمتلك عيونًا ذهبية نقيةً تُشبه عيون نوي.
تجولت صورة كيليان، الذي رآتهُ خلال الأشهر القليلة الماضية، في ذهنها.
تذكرت أرتيا الجُرح على خدها الذي كانت قد نسيته، وقرر أنْ يُقدم لها مرهمًا.
تذكر أيضًا أنْ الفتاة الخجولة التي رأها منذُ زمنٍ طويل تُحب الجزر.
اقترابه مِن المُطلقة الوحيدة والرقص معها، وشعوره بالغضب كأنْ ما حدث لها هو أمرٌ يخصه، وعندما تتقابل أعينهما، يبتسم ابتسامةً خفيفة دوّن أنْ يُدرك.
همست أرتيا بلا وعي.
“لماذا يتعامل الأمير كيليان معي بهَذا اللطف؟”
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
《واتباد: cynfti 》 《انستا: fofolata1 》