استمتعوا
ظهرت نافذة نظام أمامي في اللحظة نفسها تقريباً.
<تحذير!>
<لقد ظهر الشيطان المصنّف في المرتبة 147 في عالم الشياطين، الكونت إسمير من دوسيون!>
لقد وصل سيد هذه الزنزانة.
وبفضل نافذة النظام التي انبثقت فور وصولي،
عرفت على الفور أين نحن.
هذا المكان هو ‘حضانة الوحوش التابعة للكونت إسمير‘.
كان ترتيب الكونت إسمير في هرمية عالم الشياطين أعلى بخمسة عشر مرتبة فقط من الانسة ألدرِد، التي تحتل المرتبة 162.
ومثلها، كان خصمًا يتجاوز قدرتي على المواجهة بكثير—ربما باستثناء الكاردينال روبين وفرسان النور الآخرين.
“همف، إذاً ثمة طفل عديم الفائدة بينكم، أليس كذلك؟ سأجعله طُعماً إذًا.”
طُ… طُعماً؟
كانت عيناه الزهرية تتلألأان ببريق بارد مرعب وهو يقترب.
عينا إسمير كانتا على شكل ماسي شيطاني،
بلون وردي صارخ يبعث على الرهبة في النفوس.
كان شعره الأسود الحالك يتطاير في شكل أشواك مروحية غريبة، يمنحه مظهراً شاذاً ومبتذلاً في آنٍ معاً.
وكان جسده الهزيل يكتسي بطقم سهرة فاخر مبالغ فيه،
بينما يتدلى خلفه سوطان متقاطعان يتحركان بتهديد غامض.
“من أنت؟“
سأل روبين بصرامة.
فابتسم إسمير بتعجرف، ناشراً ذراعيه وقال بنبرة متفاخرة.
“أنظروا حولكم! أليس هذا مدهشًا؟ أليس هذا مذهلاً؟
لا يوجد شيطان في عالم الشياطين كله يربّي وحوشًا أكثر مني!
هاهاها! اعتبروا أنفسكم محظوظين لسماع اسمي. أنا…”
…من تكون أنت؟
نفخ إسمير صدره بفخر مبالغ فيه، وكان وجهه يتوهّج اعتزازًا، وكأنه يشعر بسعادة لا يعلم سرها سواه.
ولقطع زهوه المتعجرف، قررت أن أتدخل بالكلام.
“أنت الكونت إسمير، أليس كذلك؟“
“!”
اتّسعت عينا إسمير الزهريتان بدهشة مذهولة.
كما أصيب روبين وفرسان النور الآخرون بالذهول نفسه.
أخذ إسمير يرتجف كمن أصيب بنوبة، وقال متلعثماً.
“كـ… كيف عرفتِ؟!”
وله كامل الحق في أن يتفاجأ.
فكيف لإنسان أن يعرف هويته؟
لم يُرَ الشياطين منذ أكثر من خمسمائة عام.
هززت كتفي بلا مبالاة، كأن الأمر بديهي.
“قرأت عنك في موسوعة عالم الشياطين. إنها كتاب عمره 500 عام، وقد ذكر أن بعض الشياطين من ذلك الزمان لا يزالون على قيد الحياة. واتضح أن الأمر صحيح.”
لكن الشخص الذي بدت عليه الصدمة الكبرى لم يكن إسمير، بل روبين.
“أأنت قرأت ذلك النص القديم؟ كيف حصلت عليه؟ إنه مكتوب بلغة قديمة لا يستطيع أهل هذا العصر قراءتها!”
ولم يكن مخطئًا.
فموسوعة عالم الشياطين كتاب نادر للغاية.
لكن حين كنت أعيش مع والدي في نيفرلاند،
كنا نملك نسخة منه في منزلنا.
كان والدي قد حصل عليه من أجلي،
وكان يقرأه لي بصوته لأنه يعلم كم كنت أعشق قصص الشياطين.
وهكذا تعلّمت تلقائيًا كيف أقرأ تلك اللغة القديمة.
فشرحت لروبين.
“نعم، كنا نملكها في المنزل وأنا صغيرة.
وتعلّمت اللغة القديمة من خلال قراءتها.”
“أأنتِ تقرئين اللغة القديمة؟”
بدا روبين وكأنه نسي وجود شيطان أمامه، من شدة ذهوله بما قلت.
وكان فرسان النور الآخرون مذهولين أيضًا.
وفيما تركّزت الأنظار كلها عليّ، ارتبك إسمير وصرخ.
“كفى! نعم، أنا الكونت إسمير! لقد عشت في عالم الشياطين لستمائة عام. وخلال خمسمائة منها، لم أتمكّن حتى من خدمة ملك الشياطين! لكن الآن، لقد عاد الملك أخيرًا، وأمامي فرصة لأثبت ولائي. وكيف سأثبت ذلك، تسألون؟“
ومن دون أن ينتظر إجابة،
مدّ ذراعيه مشيرًا إلى الأقفاص المليئة بالوحوش.
ثم أجاب عن سؤاله بنفسه.
“سأقدّم أطفالي الأعزاء في الحفل الذي سيُقام احتفالًا بعودة ملك الشياطين! هاهاها!”
حفل آخر؟
آه، هؤلاء الشياطين وحفلاتهم! يبدو أن الحفل لم يُقم بعد.
في تلك اللحظة، تقدّم روبين إلى الأمام وهو يحدّق بغضب مرعب وقال.
“اصمت، أيها الشيطان النجس. لن تحضر أي حفل.
ومن بين البشر جميعًا، اخترت استفزاز من لا يُستهان بهم.
استعد للموت على يدي!”
وبحركة سريعة، استدعى سيفًا فضيًا لامعًا،
طويلاً وثقيلاً بدرجة يمكن تمييزها بمجرد النظر.
كان نصل السيف يتوهّج بضوء سماوي،
كأنّه مشبع بالطاقة الإلهية، وقد صُقِل بقوة روحية مقدّسة.
وفي لحظة، قفز روبين في الهواء وهاجم إسمير بسيفه.
كانت حركاته سريعة ودقيقة لدرجة أن عمره،
والذي يبدو أنه في أواخر الأربعين، بدا كفتى في مقتبل العمر.
واستل فرسان النور الآخرون سيوفهم على الفور،
واتخذوا وضعيات دفاعية.
قاوم إسمير الهجوم بسوطه، فصدّ ضربة روبين.
لكن روبين لم يتراجع، بل هاجم مرة أخرى بسرعة عمياء.
كلينغ! كلينغ!
ارتطم السوط بالسيف مراراً.
كان السوط مشدوداً بقوة،
فيما كان سيف روبين يتقدّم كالريح بأجنحة من نور.
وللحظة، بدا أن سيف روبين بدأ يتغلّب على السوط.
لكن فجأة، انطلق السوط الثاني لإسمير كحية سامة،
فاقتلعت قضيبًا حديديًا من أحد الأقفاص.
وبدأت الوحوش المحبوسة تصرخ وتزمجر بشراسة متجددة.
“كياااه!”
“!”
“صاحب السمو!”
اندفع فرسان النور لمحاربة الوحوش الهاربة،
لكنهم لم يتمكنوا من إيقاف جميعها عن التوجّه نحو روبين.
“آه! أُغغ!”
“كوغغ!”
قاتل الفرسان بشراسة، ولم يكن ثمة مجال لي للتدخل.
وفي خضم الفوضى، شقّ سيف روبين أحد الوحوش بجراح عميق.
“هاهاها!”
وفي الأثناء، تراجع إسمير إلى مسافة آمنة وهو يضحك بغطرسة.
يا للجبان! لا شك أنه أطلق الوحوش ليتفادى مواجهة مباشرة مع روبين.
اتخذت نظرته طابعًا أكثر جدية،
وتوهّجت عيناه الزهريتان بخبث قاتم.
“عبيدي الجدد، أطعموا أطفالي الأعزاء جيدًا. يجب أن يسمنوا حتى يحبّهم ملك الشياطين. لا تجعلوهم يموتون خلال دقيقة مثل البشر السابقين. لا أطلب منكم أن تكونوا طعامًا لهم، بل أطْعِموهم أيها الحمقى! هاهاها!”
“ابقَ مكانك!”
روبين، وقد أنهى اثنين من الوحوش، اندفع نحو إسمير مجددًا.
لكن إسمير اختفى فجأة،
ولم يبقَ منه سوى صوته يتردّد في أرجاء الكهف.
“احذروا! إن جاع صغاري أكثر، سيزدادون وحشية.
أطْعِموهم لمئة يوم، وسأدعكم تعودون إلى عالم البشر. هاهاها!”
“……”
في ظل ضحكاته المترددة،
استمر فرسان النور في قتال الوحوش المتبقية.
كانت الوحوش، بأنيابها المتوحشة وغضبها العارم،
تمزق زي الفرسان وتترك خلفها خيوطاً من الدم.
كانت المعركة قصيرة لكنها دامية.
وقد قُضي على جميع الوحوش الهاربة،
لكن الأقفاص الباقية ضجّت بوحوش باتت أشد هياجًا وغضبًا.
قال أحد الفرسان وسط الضجيج.
“إطعامهم؟ لم لا نقتلهم جميعًا صاحب السمو؟“
فأجابه فارس آخر بهدوء.
“لا يمكننا ذلك. إذا أردنا النجاة والعودة،
يجب أن نلتزم بقوانين الزنزانة. لا خيار سوى إطعامهم.”
غامت ملامح روبين وهو يتمتم.
“مئة يوم؟ قال إن علينا إطعامهم لمئة يوم؟“
“……”
ليس وقتًا قصيرًا.
ساد الصمت بين الفرسان.
بدت فكرة إطعام الوحوش لمئة يوم مضيعة فادحة للوقت—وقت قد لا يبقون فيه على قيد الحياة.
وكيف سيوفّرون طعامًا لأنفسهم طوال تلك المدّة؟
الأغلب أنهم سيهلكون قبل اكتمال المدة.
ومع ذلك، لم يكن القضاء على الوحوش خيارًا كذلك.
فقد كلفهم القتال مع حفنة منها إصابات جسيمة.
وكان ذلك الشيطان يعلم ذلك جيدًا.
خطة إسمير واضحة—كان يخطط لقتلنا بطريقة أو بأخرى.
وبعد صمت طويل، قال روبين أخيرًا.
“هذا عالم الشياطين. الزنزانات هنا لها قوانينها الخاصة. إذا فعلنا ما أمر به ذلك الشيطان، فقد ننجو ونعود إلى عالم البشر.”
“لكن صاحب السمو!”
احتجّ أحد الفرسان.
“قد نموت قبل مرور المئة يوم!”
“إذن سنصمد. لا سبيل آخر للنجاة“،
قال روبين بحسم، منهياً أي اعتراض.
حتى وإن حاولوا الهرب،
فالعثور على مخرج لن يعني الأمان في قلب عالم الشياطين.
وبينما كانوا يتباحثون، نطقتُ بتردد.
“…أم… لديّ فكرة. هل لي أن أشاركها؟“
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات لهذا الفصل " 31"