كتعويذةٍ لطرد الزبائن المُزعجين؟ لكنه يبدو الزبون الأكثر إزعاجًا على الإطلاق.
وبينما كنتُ أفكر، ابتسم بسخرية.
“صاحب متجر الرهونات يتعامل مع كل شيء. يشتري أشياء ثمينةً بثمنٍ بخس ليبيعها بثمنٍ مرتفع. سواء كانت هَذهِ الأشياء بشرًا أم جمادات، لا أظُن أنْ هُناك فرقًا بالنسبة لأمثالكم.”
“بل يوجد فرق. أولًا، لدينا خزائنٌ لعرض الأشياء، لا لعرض البشر.”
“إذًا المشكلة في الخزائن؟”
“لا، إنْ كان لا بد مِن تحديد المشكلة، فهي مشكلةُ منطقٍ وسلوكٍ سوي.”
كان الرجل يُحدق بي بينما أرد على كل كلمةٍ يقولها، كأنهُ يراقبني أو يتحقق مِن شيءٍ ما.
لكن ماذا؟ أيظُن بأنني لا أُجيد المراقبة؟
منذ أنْ كنت أعيش في الشوارع، صرتُ خبيرةً في التحديق والتحدي. فبادلتُه النظرة بثبات.
‘مِن المؤكد أنه ليس مِن طرف هيوغو. لو كان كذَلك، لاختار شخصًا أكثر طواعية وأقل تخويفًا.’
فَمِن يكون هَذا المجنون الذي ظهر فجأةً؟
راجعتُ سجل الزبائن لدى جدي في ذهني، ولَمْ أجد أيِّ شخصٍ بهَذا الشكل. إذًا هو ليس زبونًا سابقًا أيضًا.
وبينما أفكر، تحدث الرجل.
“حسنًا، في هَذهِ الحالة، سأطلبُ شيئًا آخر.”
“انتهى وقت العمل.”
“لكني أريدُ شراء شيء.”
“ما نوع الشيء الذي تبحثُ عنه، أيُها الزبون؟”
قال “هاه؟” وكأنَّ تغيّر أسلوبي المُفاجئ قد أذهله، لكن لَمْ يكُن أمامي خيار. ابتسمتُ بوقاحة.
بما أنْ اليوم هو يوم إعادة الافتتاح، ورغم تشجيعي للزبائن على البيع بنظام التوكيل، فقد باعني العديد منهم أشياء قديمةً كانت لديهم، مِما قلّل مِن السيولة المتوفرة لدي.
‘نعم. لنكسب المال. المال هو المال، حتى لو جاء مِن مجنون.’
إنهُ ليس أمرًا لا يُحتمل إذا فكرتُ فيهِ كتجربةٍ لزيادة خبرتي مع الزبائن المزعجين.
قبضتُ يدي بخفية.
“أبحثُ عن سلاح. لكن لَمْ أر شيئًا في الطابق الأول.”
“الأسلحة محفوظةٌ في الطابق الثاني. إذا أخبرتني بالمواصفات التي ترغبُ بها، سأُحضر لكَ بعض الخيارات المُطابقة. للأسف، هذه هي سياستنا.”
“زبائني دقيقون في اختياراتهم. وهَذا أمر مؤسف.”
زبائن؟
هل يعني أنه جاء بناءً على طلب أحدهم؟
ابتسمت وأجبتُ بينما كنتُ أحلل الأمور في رأسي.
“ونظري أيضًا دقيقٌ جدًا. بالتأكيد ستُعجبكَ اختياراتي.”
“أقصد أنني أريدُ أنْ أراها وأختار بنفسي.”
“بإمكانكَ رؤيتها واختيار ما يناسبكَ، مِن بين الخيارات التي سأعرضُها. نرجو تفهم الأمر لأسبابٍ تتعلقُ بالسلامة.”
“لأسبابٍ تتعلقُ بالسلامة إذن؟ إذًا أعدُكِ ألا تتضرر أيُّ قطعة. وإنْ حدث ذَلك، سأعوّضكِ بضعف قيمة الشيء التالف.”
“لا، ليس لأجل سلامة الأغراض، بل لأجل سلامة الزبون.”
“…سلامتي أنا؟”
هَذهِ كانت المرة الثانية التي بدا فيها الرجل مذهولًا. وكأنها أول مرةٍ يسمع فيها شيئًا كهَذا.
أجبتُه بهدوء.
“نعم. لا يجوز أنْ تُصاب بأذى.”
“هل أبدو كشخصٍ قد يُصاب بالأذى لأنه لا يُجيد استخدام السلاح؟”
“مَن يدري؟ لا أحد يعلم أنهُ سيصاب حتى يُصاب فعلاً. الاحتياط واجب.”
يا له مِن شخصٍ كثير الجدال.
وبينما أتمتم بهَذا في داخلي، ضاقَت عينا الرجل فجأةً.
“يبدو أنْ بين ما تحتفظين بهِ هي أشياءٌ ثمينةٌ جدًا، أليس كذلك؟”
أومأت برأسي دوّن تردد.
“نعم.”
وهَذا، في الحقيقة، أمرٌ بديهي.
فكل غرضٍ يتركه الزبائن لدينا هو ثمينٌ بطريقته الخاصة.
وليس الأمر مُتعلقًا بالقيمة المالية. حتى وإنْ بدا عديم القيمة في نظر الآخرين، إلا أنْ فيهِ ذكرياتٍ وحنين.
لكن ذَلك المجنون لَمْ يبدُ راضيًا بإجابتي.
“حسنًا. إذًا دعيني أُجرّب. أحضريهم. السلاح الذي أبحث عنه هو سيف.”
نبرة صوتهِ أصبحت باردةً فجأة.
‘ما الخطب؟ هل هُناك مبلغٌ ضخم وراء هَذا السيف؟’
“إنه سيف يُمسك بيدٍ واحدة، وشفرة النصل ذات شكلٍ ماسي. مقبضهُ مرصعٌ باللؤلؤ وبعض الجواهر، والنصل يحمل آثار استخدام.”
وبينما كنت أُقلّب السجل بحثًا، توقفت لحظة.
وصفهُ للسيف بدا مألوفًا.
هل لأنه سيفٌ مذكور في السجل؟ لا. بدا لي بأنني قد سمعتُ بهَذا الوصف مِن قبل.
“ألا توجد له ميزةٌ أخرى؟”
“بلى، الميزة الأهم.”
كنتُ أحاول استرجاع ذاكرتي، لكن جملتهُ الأخيرة جعلتني أتجمد في مكاني.
“السيف الذي أبحثُ عنه… مسروق.”
نظراتُه التي صوّبها نحوي كانت حادةً كالسيف.
بادلته النظر لثوانٍ طويلة.
“مؤسف. يبدو أنكَ أتيت إلى المتجر الخطأ.”
وأغلقتُ السجل بقوة.
“نحنُ لا نتعامل بالمسروقات.”
المال مهم، لكن ما لا يجوز لا يجوز. قلتُ ذَلك بلهجةٍ حازمة، وضممتُ ذراعيّ.
ارتسمت على شفتيهِ ابتسامةٌ مائلة.
“هل تقولين ذَلك لأنكِ تؤمنين بهِ فعلاً؟ أم لأنكِ تتظاهرين؟”
“أنا جادة. نحنُ لا نتعامل بالمسروقات. لا نبيعها ولا نشتريها.”
“قلتِ إنكِ دقيقةٌ في اختياراتكِ، فهل يمكنكِ تمييز المسروقات مِن مُجرد النظر إليّها؟”
كان واضحًا أنهُ يسخر.
فكلامه معناه: لو قرر الزبون أنْ يخدعكِ، هل بإمكانكِ معرفة الحقيقة؟
فالأشياء لا تنطق لتقول: “هًذا ليس مالكي الحقيقي!”
وكيف يُمكن تمييز ما إذا كان الغرض مسروقًا فعلاً؟
“لا. مِن المستحيل معرفة ذَلك بالعين المجردة.”
“حسنًا، إذًا…”
“لكننا نبذل قصارى جهدنا للتمييز بينها.”
وقررتُ أنْ أشرح له بهدوء.
“عندما نستلم غرضًا، نُراجع شهادة الأصالة الخاصة بهِ. ونقارنها مع الفاتورة أو سجلات المزادات إنْ وُجدت. فأننا نتحققُ منه مرةً وثانية وثالثة.”
لأنه بالتأكيد ليس أول شخصٍ يظُن هَذهِ الظنون.
“وإنْ كان الغرض لا يحمل شهادة، كالدُمى أو الكتب مثلاً، فالحوار مع الزبون هو ما يُعطينا خيوطًا. كأنَّ نسأله عن شعورهِ عند شرائه، أو مدى تعلقهِ به، أو سبب عدم رغبتهِ في بيعه مُباشرةً، وهَكذا.”
“وماذا لو كانت كل تلكَ الوثائق، مِن فواتير ومزادات وشهادات، مزورة؟ ألا تفكرين في أنكِ قد تُخدَعين؟”
“بالطبع أفكر بذَلك. بل أقلق حيالهُ يوميًا.”
ونظرتُ إليّه بثبات.
“لكن، إنْ وضعت ثلاثة أقفالٍ ومع ذَلك تعرّضت للسرقة، فهل اللوم يقع على مَن لَمْ يضع القفل الرابع؟ أم على اللص نفسه؟”
كان وجهه حينها جامدًا كصقيع الشتاء.
“وحتى لو تبيّن بعد التأكد أنْ الغرض مسروق، فسأتعاون مع التحقيقات بأقصى ما أستطيع.”
لأنني، في مثل هَذهِ الحالات، أكون أنا الضحية أيضًا.
“فأرجو أنْ تؤجل مواعظكَ لحين القبض على اللص، أيُها الزبون.”
قلتُ له ذَلك بحزم.
‘لحظة، الآن فقط قد أدركت.’
شعرت بشعورٍ مألوف.
هجومه على المتجر، شكوكهِ في التعامل بالمسروقات، تلميحاتهُ عن تجارة البشر…
كل هَذا، أين سمعتُه مِن قبل؟
“أيُها الزبون، عذرًا.”
الآن فهمت.
لا أعلم مَن هو هَذا الرجل، أو ماذا يبحث عنه.
‘لكنني أظُن أنني عرفتُ مِن أين جاء.’
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿《التليغرام》
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 8"