الفصل 45 : تّحيّةٌ شَّرِسة ¹²
الآن لم يعد هناك جدوى من قلب محل الرهن رأسًا على عقب.
فبما أن الإغلاق وشيك، فإن العثور على الجد الذي لم يأتِ بعد سيكون بمثابة الحصول على خيطٍ ما.
لا بد أن هناك سببًا لكون تحركات ذلك العجوز غامضة. من المؤكد أنه يختبئ لأنه يشعر بالذنب.
وبما أن تتبع ايفور تقلص بهذا الشكل، كان يجب على كاسيان أن يشعر بالفرح.
ولكن، لماذا؟
“……هاه.”
بدت عليه الحيرة وكأن شيئًا ما يزعجه.
هل هو حدسٌ يخبره أن هناك سرًا مخفيًا في متجر الرهن هذا؟
أم ربما…….
‘أليس هذا غير مريح أيضًا؟’
كان كاسيان يحدق في إليشيا، التي كانت نائمةً وهي تتكور على نفسها، ثم مسح شعره بخشونة.
هل السبب هو أنها لا تستخدم دفتر الحسابات كوسادةٍ هذه المرة؟
ركع كاسيان على إحدى ركبتيه، وسحب البطانية برفق محاولاً أن يضع الدفتر تحت رأسها.
وفي تلك اللحظة، تحركت إليشيا قليلاً.
“ممم…”
وبالصدفة، وضع كاسيان ذراعه تحت رأسها كوسادة.
تحركت تفاحة آدم في حنجرته.
رموشها الطويلة، أنفها الصغير المرتب، شفتيها، وخصلات شعرها الوردية التي لامست أطراف أصابعه…
كانت المسافة قريبةً بشكلٍ مزعج.
بدأ يشعر بحرارة تصعد إلى أذنه.
أدار نظره بعنف إلى الجهة الأخرى، لكن فجأةً توقف.
‘جهاز التتبع يلمع.’
وميض.
وميض وميض وميض.
كان الجهاز السحري المدفون بين خصلات شعر إليشيا الوردية يضيء بشدة.
ولا يوجد سوى سببٍ واحد لوميض جهاز تتبع هالة لوغينوت بهذا الشكل المستمر.
“هذا يعني أن ايفور كان هنا. ومؤخرًا أيضًا!”
أغمض كاسيان عينيه بقوة.
***
غرب الإمبراطورية، دوقية ألكيميا.
كان صوت كبير الخدم الذي يخدم الدوقة المسنة هادئًا ورقيقًا.
‘فالمنزل لم يكن يومًا بحاجةٍ لأصوات مرتفعة.’
الخدم الذين عملوا منذ زمن طويل كانوا مخلصين، وكانت الدوقة نفسها طيبة الخلق.
“سيدتي، سأقرأ عليك البرقيات والرسائل التي وصلت اليوم.”
“……يمكنني التحقق منها بنفسي. إنك تتعب كثيرًا.”
مرت رسائل دعوات الحفلات وحفلات الشاي بسرعة.
“لقد مر أكثر من عشر سنوات منذ أن ظهرتِ في المجتمع، ومع ذلك، هناك مَن لا يزال يرغب في رؤيتكِ.”
“إنه لأمرٌ جميل. لكن هذه العجوز لا تريد سوى أن تعيش بهدوء بين أحضان الطبيعة.”
“نعم، سأقوم بالرد عليها بلطف.”
“حسنًا.”
كانت الدوقة تنظر عبر نظارتها إلى الزهور والأشجار خلف النافذة، وتمتمت بصوت خافت:
“يقال إن شلالات وجبال الشمال جميلةٌ للغاية.”
“……سيدتي.”
“آه، كنت أتحدث فقط. إن ذهابي إلى الشمال بجسدي هذا لَن يجلب لي سوى المرض.”
ابتسمتُ بسخرية وهي تجلس على كرسي متحرك.
لقد كانت ضعيفةً جسديًا منذ الولادة، وكانت تحب الطبيعة، لكنها لم ترها عن قرب قط.
كل ما كانت تفعله هو النظر إلى الزهور والأشجار في الحديقة.
‘رغب الكثيرون أن يكونوا أولادًا لها بالتبني طمعًا في ثروتها ولقبها، وأرسلوا لوحاتٍ ضخمة كهدية، لكنها لم تعجبها أيٌّ منها.’
لقد تزوجت الدوقة، لكنها لم تُرزق بطفلٍ بسبب مرضها.
لذا كان هناك كثيرون يحاولون كسب رضاها ليصبحوا أبناءها أو بناتها بالتبني.
كانوا يقولون: “لتكوني مطمئنة، خذي هذه!” ويرسلون لوحاتٍ ضخمة تُصوّر مناظر طبيعية، لكنها كانت تعيدها جميعًا.
هل كان السبب أن تلك اللوحات لم تعجب ذوقها الرفيع؟
وفيما بدأ كبير الخدم يشعر بالإحباط، التقط آخر رسالة.
“أوه، هذه…”
“ما الأمر؟”
“هناك رسالةٌ بلا اسم مرسل.”
من أرسلها؟
فتح الظرف وهو يشعر بالفضول، وزاد تعجبه حين رأى محتواه.
“يوجد فقط صورةٌ واحدة بداخلها.”
“دعني أراها.”
أخذت الدوقة الصورة.
وفيما كان كبير الخدم يفكر بمن أرسلها، قالت الدوقة بصوتٍ مرتفع – وهو أمرٌ نادر.
“حضّر العربة حالاً.”
“عفوًا؟!”
“علينا الذهاب إلى مزاد فيلوسوفي الليلي!”
وفي حين انشغل الخدم بالتجهيز لهذا الخروج النادر، التقط كبير الخدم الصورة مرة أخرى ليتفحصها عن كثب.
كانت الصورة لطبق، مرسوم عليه شلال.
وكانت هناك مذكرةٌ صغيرة ملصقة أسفل الطبق:
“أراك الليلة، في مزاد فيلوسوفي الليلي.”
***
في وقتٍ متأخرٍ من الليل، قبل منتصف الليل بقليل.
خرجت من القاعة وأنا أتمطى.
“لقد أنهيت كل المهام. والآن لم يبقَ سوى الانتظار.”
أعدت التقديم للحصول على التصاريح، وتلقيت رسالة تؤكد أن كبير خدم دوقة ألكيميا استلم الرسالة.
“حان وقت التوجه إلى المزاد.”
في الطريق، نظرت إلى متجر الرهن المظلم.
“ألتر أيقظني بالفعل.”
كنت أظن أنه سيكتفي بضبط المنبه.
لكنه، بدقةٍ متناهية، أيقظني بعد 30 دقيقة تمامًا.
“استيقظي.”
وبعد أن أيقظني، خرج فورًا.
“هل تسلل إلى الطابق الثاني بينما كنتُ نائمة؟”
كنت منهكةً لدرجة أنني لم أُقفل باب الطابق الثاني جيدًا.
ألتر بالتأكيد لم يُفَوّت تلك الفرصة، خاصة وأنه كان يشك دائمًا بأنني أخفي سيفه.
لكن بما أنني لا أتعامل بالمسروقات، فلا شيء أخافه.
“لم أظن أنني سأعرضه بهذه السهولة.”
عدم إظهاري الطابق الثاني له كان جزئيًا بسبب المبادئ، وجزئيًا بسبب عنادي.
وعندما راجعت، وجدت كل شيء في مكانه. يبدو أنه نظر فقط ولم يلمس شيئًا.
“هل هذا يعني أنه لن يأتي مجددًا؟”
كنت دائمًا أفكر في كيفية طرده، لكن الآن بعدما فكرت أنه قد لا يعود، شعرت بغرابة.
هززت رأسي.
“قضية ألتر، وقضية أيلان، وقضية لينا… كلها معقدة. لكن لا يمكنني معرفة نتائجها الآن.”
القلق المسبق لا فائدة منه. من الأفضل التركيز على الحاضر.
“بعض الأمور لا تُعرف إلا بعد أن تمر.”
وسرعان ما لاح في الأفق مبنى المزاد.
لكنني لم أتوجه مباشرةً إليه، بل نظرتُ إلى العربات.
“كما توقعت.”
ها هي عربة روزان…
“وعربة دوقة ألكيميا.”
ابتسمتُ وأنا أضع القناع على وجهي.
“أنا متشوقةٌ، يا روزان. لأرى وجهكِ عند منتصف الليل.”
***
في قسم المشتريات في مزاد فيلوسوفي.
كانت روزان تغلي من الداخل، رغم القناع الذي أخفى ملامح وجهها.
أن تحضر مزادًا ليليًا من هذا المستوى المنخفض؟ بدل المزاد الأسبوعي الذي لا يُدعى إليه سوى من تجاوزت صفقاتهم 2 مليار؟
كل هذا بسبب هوغو، وكارلوس، ونيكولاس الفاشلين.
“لو أن نيكولاس رسم نسخةً مقنعة من «غابة كولونيا»!”
نيكولاس لم يُرَ له أثرٌ اليوم.
حتى أنه لم يخرج لتوديعها.
هل خاف من انكشاف الخداع واختبأ في مرسمه؟
“كمثل النعامة التي تظن أن إخفاء رأسها يخفي جسدها أيضًا.”
“لكن لا بأس. نيكولاس ليس سوى فرشاةٍ مؤقتة. ما أن أحصل على الساحر سأرميه.”
وحينها، سأريه اللوحة الأصلية «غابة كولونيا» وسأسحق كبرياءه الغبي.
ضحكت روزان بسخريةٍ وهي تفكر.
“حتى النهاية، أنتَ مزعج يا عمي. لكن هذه نهايتك.”
فحتى ميكيلي لم يظهر في حي الرماد.
ولم تقترب منها إليشيا أيضًا.
“يعني أن متجر الرهن انتهى أمره.”
وعندما يُغلق، سيبدأ ميكيلي بالبحث عن ممتلكاته المخبأة.
وعندها، يمكن تتبعه وتسرق ما يملك.
“الثروة المدفونة داخل «غابة كولونيا» ستكون مفتاح البداية.”
بينما كانت تغرق في التفكير، بدأ المزاد الخاص باللوحات.
“«غابة كولونيا»، نبدأ من مليون قطعة. هل من مزايدة؟”
رفعت روزان الرقم بلا اهتمام.
من سيشتري هذا الهراء غيرها؟
لكن…
“مليون وخمسون ألفًا. مليون ومئة ألف…”
استمرت المزايدات.
“ماذا؟”
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
التعليقات لهذا الفصل " 45"