“تمامًا كأختي، لا تعرف إلّا العناد. لكن… هذا سيَنتهي اليوم. لم أعد أنوي التساهل مع كاترينا بعد الآن.”
كان كروديل يشعر بالمتعة.
بلدٌ يتحرّك بكلمةٍ واحدةٍ منه كما يشاء؟
هل هناك لهوٌ أمتع من هذا؟
ومن المؤكّد أنَّ الأميرة تفكّر بالشّيء ذاته. حتى الآن، كانت تتصرّف بتكبّر فقط لأنّها ظنّت أنّها تمنح الآخرين رأفتها.
لكن كروديل لم يعُد ينوي أن يُظهر أيَّ رحمةٍ بعد الآن.
‘سأدعها تجوع. لا خيار آخر لديها. في النهاية، كاترينا ستسلّمني قلادة أختي.’
ومع تفكيره في القلادة الزمرديّة، كنز العائلة والمُقدَّسة لديهم، لعق كروديل شفتَيه ودفع الخادمة وفتح الباب.
في غرفةٍ صغيرةٍ للغاية لا تليق أن تكون للأميرة، كانت هناك من تجلس في منتصفها.
رغم صوت فتح الباب، لم تلتفت.
“الأميرة كاترينا.”
لم تُجب.
ابتسم كروديل بسخرية واقترب منها وهو ينظر إلى ذراعها المربوطة إلى قدم السرير.
“لينا.”
ثمّ رفع ذقن الأميرة بأطراف أصابعِه.
“إلى أيِّ حدٍّ تنوين جعل هذا الخال يبدوُ شريرًا، ها؟ لو فقط نطقتِ، لكان بإمكاني التوقّف عن هذا. أتعتقدين أنني أرغب في إيذائكِ؟ إذًا، هيا، لِنُنْهِ الأمر. تكلّمي، قولي ما عندكِ.”
كان صوته ناعمًا ومُهدّئًا، لكن فجأة، انقضّ وأمسك بعنق الأميرة.
“قلادة أختي. أين هي؟”
وحين فتحت كاترينا فمها أخيرًا، نظر إليها كروديل بعينين مليئتين بالتوقّع.
“إنّها ليست قلادة أختك.”
“ماذا قلتِ؟”
“إنّها قلادة والدتي. ولن تتمكّن أبدًا من العثور عليها.”
ابتسمت الأميرة.
“لأنّني ابتلعتُها.”
عيناها الخضراوان كانتا محمرّتَين بالدماء.
“ماذا…!”
“لذا، إن كنتَ تريدها، سيتوجّب عليكَ شقّ بطني. جرّب إن استطعتَ، يا خالي.”
تراجع كروديل بدهشة أمام كلمات الأميرة الحادّة، تلك التي كانت تعيش في خوفٍ تام منذ وفاة والدتها الإمبراطورة.
ثمّ تمتمت كاترينا وهي تنظر إليه.
“…سأحميها.”
رغم أنَّ صوتها بالكاد يُسمع، لكنّ عينيها كانتا تقولان ما لا يُقال بالكلمات.
“لذا، أيّتها السيّدة، أرجوكَ احمِها. كما فعلتِ دومًا، أرجوكِ استمري في رعايتِها.”
كأنّها كانت تُردّد في قلبها كلمات شخصٍ آخر.
كروديل، وقد بدا كأنّه رأى شبحًا، تراجع بخوفٍ وهو يعضّ شفتيه.
ثمّ صرخ:
“نادوا الخادمات حالًا!”
لابد أنّها تُلقي بكذبة. بالتأكيد.
تلك الأميرة الغبيّة والجبانة، مستحيل أن تكون قد فعلت ذلك فعلًا.
على الأرجح، قد أخفت القلادة في مكانٍ ما فقط.
لكن، ورغم ذلك، شعر وكأنّه لا يستطيع التنفّس.
“اقلبوا هذه الغرفة رأسًا على عقب، لا، اقلبوا القصر بأكمله! أريد تلك القلادة!”
صرخ كروديل بصوتٍ أعلى.
كأنّه يحاول إخفاء اضطرابه أمام تغيّر الأميرة التي طالما استهان بها.
***
في الفجر الباكر.
خرج الوزير العجوز من عند الوصيّ الملكي بعد أن أرهقه طوال الليل، واتّجه نحو فرسان القصر الإمبراطوري.
وقبل أن يفتح الباب، تنهّد تنهيدةً عميقة. فقد جاء ليقول أمرًا مزعجًا للغاية.
لكنّ الباب انفتح فجأةً قبل أن يلمس المقبض.
“تفضّل بالدخول.”
“آه، السيّد آيلان. بالطبع، كيف لي أن أظنّ أنّك لم تشعر بقدومي؟ يبدو أنّني تردّدتُ بلا داعٍ.”
نظر إليه الوزير العجوز دون أن يردّ، بينما كان آيلان يُشير له بدعوةٍ مهذّبة.
إنّه قائد فرسان القصر الإمبراطوري. أعلى منصب يمكن أن يصله الفارس.
ورغم ذلك، كانت غرفة مكتبه متواضعةً للغاية.
باستثناء ساعة الرّمل السوداء، لم يكن هناك شيءٌ على المكتب.
نظر الوزير العجوز إلى الفارس الشابّ المنظّم دائمًا، بنصف إعجابٍ ونصف شفقة، قبل أن يسعل قائلاً:
“هل سمعتَ عمّا حدث في القصر الليلة الماضية؟ فرسان القصر الإمبراطوري… سيقومون بمهمّة تفتيش المتاجر.”
كان يمكن تكليف الحرس الملكي بتلك المهمّة، فهم كُثر.
لكنّ الوصي الملكي تعمّد أن يُكلّف فرسان القصر تحديدًا، وكان واضحًا السبب.
‘إنّه يريد كسر شوكتهم. لأنّهم لا يخضعون له إطلاقًا.’
فرسان القصر يُقسمون بالولاء للعائلة الإمبراطوريّة، لا للوصي.
وهم دائمًا ما يقفون بوجه أوامره بذريعة المبادئ: “لا يمكن”، “هذا مخالف”…
فكان ذلك انتقامًا منه لإذلالهم.
ومن هنا جاءت مهمّة التفتيش السخيفة التي لا يُكلّف بها سوى الحرس العادي.
‘وإن لم يُنجزوها بشكلٍ صحيح… فسيتّخذها ذريعة لتقليص عدد الفرسان.’
“أجل، سمعتُ.”
آيلان، الذي كان على علمٍ بكلّ هذا، ردّ بهدوء.
“لن نُهمل الأمر. لا تقلق.”
“…أجل. لم أكن لأقلق لولا أنّكَ أنتَ المعني. أليست أنتَ أكثر من يتمسّك بالمبادئ في القصر؟”
ابتسم الوزير العجوز مجبرًا وسعل مجددًا.
“لكن… هناك أمرٌ آخر أُمرنا به.”
“تفضّل.”
“الأميرة كاترينا… يُقال إنّها أضاعت قلادةً ورثتها عن جلالة الإمبراطورة.”
القلادة الزمرديّة الثمينة التي كانت الأميرة تحبّها، يعرفها كلاهما.
“وقد أمضينا الليل كلّه نبحث عنها في القصر دون جدوى. فيبدو أنّها تسرّبت إلى الخارج…”
وكلاهما كان يدرك أنَّ الوصي يطمع فيها.
لم يحتج الأمر إلى شرحٍ مفصّل، فخفض آيلان بصره.
“يريدون استعادتها.”
“نعم. وكما تعلم، فهذه ليست مجرّد قلادة، بل هي قطعةٌ مقدّسة. ولا أظنّ أنّها ستقع في يد شخصٍ عاديّ، بل على الأرجح، سيُحاول أحدهم بيعها سرًّا عبر متجرٍ مخصّص للبضائع المسروقة. لذا…”
أشار الوزير إلى نقطةٍ على الخريطة.
“في هذه المنطقة المليئة بالمشبوهين. وهي من ضمن مناطق التفتيش التي كُلّفتم بها.”
كانت مدينة الرماد.
ثمّ سلّمه كيسًا صغيرًا.
“هذه أداةٌ لتعقّب القطع المقدّسة من معبد شجرة العالم. كما تعلم، لا تُحدّد قطعةً بعينها، لكنها قد تُفيدكم. و…”
تنهد الوزير وهو ينظر إلى الخريطة.
“بما أنّها منطقةٌ مشبوهة، فإنَّ العثور على أيِّ قطعةٍ مقدّسة غير القلادة سيُعتبر أيضًا إنجازًا.”
إنجازٌ قد يُنقذ فرسان القصر من المخاطر التي تُهدّدهم.
لم يقل كلماته الأخيرة بصوتٍ عالٍ، بينما آيلان، الذي استلم الأداة بخشوع، بدا وجهه ملبّدًا، لكنّه أجاب بهدوء:
“سأنفّذ الأمر، وسأجري تفتيشًا تمهيديًّا.”
“حسنًا. أتمنّى لك التوفيق.”
“سأبذل كلّ جهدي لأُعيد القلادة إلى سموّ الأميرة.”
لم يقل “من أجل الوصي”، بل من أجل الأميرة.
كان ردّه صلبًا كأنّه سيكسر قبل أن ينحني.
هزّ الوزير العجوز رأسه بدلًا من أن يضيف شيئًا.
“أذهب بسلام.”
***
“حقًّا؟ تمّ بيع الطابع الذي أودعتُه بسعرٍ مرتفع هكذا؟”
“بالطّبع! إنّه طابعٌ نادرٌ صُدر فقط بألف نسخة بمناسبة عيد ميلاد الإمبراطور. أحد الهواة اشتراه بعينين تتلألأ!”
“رائع… لم أتوقّع شيئًا كهذا من دفتر الطوابع المترب في المخزن. أحسنتُ فعلًا حين قرّرت بيعه بهذه الطريقة!”
“أحضري باقي الطوابع أيضًا. قد نجد من بينها كنزًا آخر. سأُقيّمها لكِ بدقّة.”
“سأفعل بالتأكيد! يا إلهي، هذا خبرٌ رائع!”
طابعٌ كان يُقدَّر بثلاثة آلاف قطعة، بِيع بـ800 ألف.
ورغم أنَّ رسوم البيع كانت 10% أي 80 الف، فقد حصلتُ على ما يقارب ضعف ذلك نقدًا.
“آه، الرسوم 80 الف قطعة فقط.”
“أوه، لكن من الذي ساعدني على بيعه بسعرٍ كهذا؟ لو اشترته السيدة مباشرةً، لربّما ربحت أكثر، لكنّكِ اقترحتِ البيع بالوكالة من أجلي. لذا، خذي هذا.”
ورغم أنّه من غير اللائق الرفض بعد كلّ هذا الكلام، قبلتُ مبتسمة.
حصلتُ على 150 الف قطعة غولد. أصبح لديّ الآن قدرٌ لا بأس به من المال النقدي.
‘بدأتُ بمليون قطعة، والآن تجاوز دخلي الثلاثة ملايين.’
ما بين المزادات، والبيع بالوكالة، والشراء، والرهن، كنتُ أعمل بجهد.
المال يجذب المال. والآن حان وقت استثماره.
‘أعتقد أنَّ الوقت مناسبٌ لبدء الاستثمار فعليًّا.’
وفجأةً، سألني أحد الزبائن:
“سيدتي، ستأتين إلى الاجتماع العام لاحقًا، صحيح؟”
الاجتماع العام.
اجتماع دوري لاتحاد التّجار.
“بالطبع.”
ما إن سمعتُ عن الاجتماع، حتى قرّرتُ الحضور مهما كان.
ليس لأنّني مهتمّة بالاجتماع نفسه، بل لأنَّ ما يُطرح فيه من مواضيع هو المهمّ.
“لا يمكنني أن أغيب عن مناسبةٍ كهذه.”
ابتسمتُ بثقة.
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 29"