“لا تسيئي الفهم. لم ألحق بكِ لأنّني قلِقتُ عليكِ أو شيءٍ من هذا القبيل.”
“لكنّني لم أقل ذلك؟”
“لكنّ وجهكِ كان على وشك أن يقوله.”
مع أنّه لم يكن كذلك هذه المرّة.
هززتُ كتفي وتقدّمتُ بالسير أمامه.
سمعتُ صوته خلفي:
“هل حصل شيء؟”
“شيء؟ أوه… تقصدني أنا؟”
“لا، ليس لأنّني مهتمٌّ بكِ.”
“إذًا ما السبب لسؤالك؟”
قطّب كاسيان حاجبيه وتنهّد:
“رأيتُ حقيبتكِ مليئةً بالأدوات الدفاعي، فسألتُ فحسب. أنتِ تُديرين متجرًا في حيّ الرماد، وأنا أنتمي إلى نقابة المعلومات، فإذا وقع أمرٌ في هذا الحيّ، من واجبي معرفته.”
آه، لهذا السبب إذًا؟
يبدو سببًا مقبولًا. أجبتُ ببرود:
“لم يحدث شيءٌ يُذكر.”
ولم يكن من المجدي أن أذكر أنَّ لصًّا حاول اقتحام المتجر.
“ولكن… اشتريتِ كلّ هذه الأدوات الدفاعيّة؟”
“شراؤها لا يضرّ، أليس كذلك؟ ربّما أحتاج إليها يومًا ما.”
“أليس من الأفضل ألّا تحتاجي إلى استخدامها أصلًا؟ هل لديكِ أعداء؟”
“العدوّ قد يظهر في أيِّ وقت. أليس من الأفضل أن أكون مستعدّةً على أن أندم لاحقًا؟”
“في رأيي، أعظم أعدائكِ هو أنتِ نفسك، تحديدًا حين تمشين دون أن تنظري أمامكِ.”
ثمّ اقترب صوتُه من خلفي، إذ انتقل كاسيان من المشي خلفي إلى جانبي الأيمن.
“أأنتِ متأكّدة أنّه لم يحدث شيء فعلًا؟”
“ممم… في الواقع، حصل شيء بسيط.”
“تفضّلي، أخبريني.”
“تتذكّر يومَ المزاد؟ اليوم الذي التقينا فيه؟ في الصباح، هطلت أمطارٌ غزيرة.”
ضاقَت عيناه قليلًا.
“أتذكّر. ثمّ ماذا؟”
“ظننتُ أن ألقي نظرةً احترازيّة، فوجدتُ أنّ المطر يتسرّب من سقف الطابق العلوي. مع أنّني دفعتُ المال لإصلاحه، يبدو أنّه لم يتحمّل شدّة المطر. اضطررتُ إلى شراء موادٍّ جديدة وإصلاحه بنفسي. لكن لا بأس، أصلحته بشكلٍ جيّد، ولو جاء إعصار فلن يتسرّب شيء بعد الآن.”
توقّفتُ فجأة عن المشي.
كاسيان وقف أمامي، مقاطعًا طريقي.
’هل هناك حاجزٌ آخر؟ لماذا دائمًا يقطع طريقي؟ بإمكانه الحديث دون الوقوف أمامي.’
نظرتُ إليه في حيرة، فطرح بصوتٍ منخفض قليلًا، كما لو كان يحمل تردّدًا:
“ذلك المتجر… هل هو ثمينٌ بالنسبة لكِ؟”
ضحكتُ، لأنَّ السؤال كان غير متوقَّع إطلاقًا.
كنتُ على وشك أن أجيب: “بالطبع”، لكنّه أكمل:
“…هل هو ثمينٌ لدرجة أنّكِ قد تبكين بمرارةٍ لو حدث له مكروه؟”
كان وجه كاسيان يحمل تعبيرًا معقّدًا.
“أه… نعم، بالتأكيد.”
تخيّلتُ للحظة ما لو أنَّ المحلّ انهار فعلًا، كما قال كاسيان.
رغم أنّني لا أحبّ هذه الفكرة إطلاقًا، لكن إن حدث ذلك، فلن أكتفي بالبكاء… بل سأتدحرج على الأرض وأنا أصرخ.
لهذا، أومأتُ برأسي، لكن بقيَ السؤال: لماذا يسألني هذا أصلاً؟
’ربّما من باب جمع المعلومات؟’
رفعتُ رأسي إليه، فرأيته لا يزال يحمل نفس التعبير المعقّد، رغم أنّني أجبته.
تلاقت نظراتنا.
’هل هو خائف؟’
بعيدًا عن مسألة الإعجاب أو الكراهيّة، عليّ الاعتراف بشيء: لا أدري إن كنتُ أخافه، لكنّه وسيمٌ فعلًا.
نظرتُ إليه مطوّلًا، وبدت أذنه تميل إلى الاحمرار قليلًا.
“لماذا تنظرين إليّ هكذا؟ هل هناك شيءٌ تغيّر في وجهي؟”
لا يمكنني أن أقول له: “أردتُ أن أتفقّد وجهك لأنَّ البعض يقول إنّه مخيف”.
ثمّ إنَّ تقييم وجوه الآخرين ليس شيئًا يقال بصوتٍ عالٍ، سواءٌ أكان إيجابيًّا أو سلبيًّا.
لذا أجبته باختصار:
“كنتُ أتساءل لِمَ لا نتحرّك.”
“آه، حسنًا.”
تنحنح كاسيان، ثمّ استدار ومشى أمامي.
’لِمَ أشعر أنّه مختلفٌ قليلًا عن المعتاد؟’
راقبتُ ظهره.
ساقاه طويلتان. لا أعلم إن كان ذلك بفعل التمارين أم أنّه مجرّد بنية جسديّة طبيعيّة، لكنّ كتفيه أيضًا عريضان.
أمّا قميصه… يبدو صغيرًا عليه نوعًا ما.
وأنا أُمال رأسي بتساؤل، وصلنا إلى محلّ الرهن.
“حسنًا، لنتفاوض. بحسب ما سمعت من ويليام، فإنَّ الطلبات البسيطة تبدأ من مئة ألف قطعةٍ ذهبيّة. وبما أنَّ طلب المزاد لم يستغرق وقتًا طويلًا، فماذا عن مئتي ألف، شاملةً مكافأة النجاح؟”
“قبل ذلك، أريد أن أوضّح شيئًا.”
كنتُ على وشك فتح التفاوض بسعرٍ منخفض، لكن كاسيان قاطعني.
أهو يحاول المبالغة في شرح مدى معاناته؟ حسنًا، لن أدفع أكثر من السعر السوقي.
أشرتُ له بنظري: “تابع، ما هو؟”
“نقابة المعلومات لا تقتصر خدماتها على جمع المعلومات فقط.”
لم أفهم تمامًا.
أي أنّني فهمتُ كلامه، لكن لم أفهم لِمَ يخبرني بذلك.
لعلّه أساء فهم تعابير وجهي، فمرّر يده على وجهه وتابع:
“بإمكاننا تقديم خدمات الوساطة، أو التنسيق، أو توفير الأفراد. مثلًا، إن احتجتِ إلى حُرّاس أو أمن، يمكنكِ طلب ذلك منّا.”
“أوه…”
“حتّى عندما يسرّب المطر من سقف المتجر.”
“آها.”
’إذًا كان الأمر مجرّد ترويجٍ للخدمات؟’
بما أنّني تلقّيتُ من ويليام معلوماتٍ مجانيّة، فقد أكون مطالبةً بردّ الجميل عبر تقديم طلباتٍ بسيطة مثل جمع الشائعات وما إلى ذلك.
في النهاية، العلاقات هي تبادل، وللعمل التجاريّ أهميّةٌ في بناء علاقاتٍ طيّبة مع التجّار المحيطين.
وفوق ذلك، فإنَّ حديث كاسيان بهذا الشكل يعني أنّه استمع إلى حديثي باهتمام.
’يقوم بعمله جيّدًا. حتّى لو كان مجرّد ترويج، فمن الواضح أنّه يهتم.’
“شكرًا لك. إن تسرّب المطر مجدّدًا، سأتّصل بك.”
“وأمرٌ آخر. ألم تسألي ويليام عن مستشار؟ شخصٌ يفهم الأسلحة؟”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 27"