الفصل 22 : أَنا أَبذُلُ كُلَّ ما بِوسعي مَهما كان الخَصم ¹³
كان المكانُ ساحةَ فوضىٍ عارمة.
عندما بدأت الضجّة في مقاعد الحضور، ألقى صاحب الرقم 81 لوحة المزايدة وقفز هاربًا، وكأنه شعر بشيءٍ ما.
لكن الأمر لم يسرْ كما أراد.
“إلى أين؟”
“أآآه!”
فقد أمسك به رجلٌ ذو قناعٍ أسود وقذفه أرضًا بعنف.
وما إن تدحرج واصطدم بالحائط، حتى انتزع الرجل القناعَ عن وجهه وألقاه بعيدًا دون أيِّ اهتمام، ثمّ رفع أُذنه بتكاسل.
“حقًّا، هناك شيءٌ ما.”
“أوووه، آغغ…”
“اختر. إمّا أن أغرس هذا في طبلة أذنك، أو تخرجه بنفسك من أُذنك.”
نبرةُ الرجل كانت توحي بأنّه قد يفعلها فعلًا.
وبينما كان يرتجف، أخرج صاحب الرقم 81 أداة السحر المغروسة في أُذنه، ومعها الجهاز المتّصل بها، وسلّمها جميعًا.
سلّم كاسيان، الرجل ذو القناع الأسود، الجهازَ وصاحب الرقم 81 للحُرّاس، ثمّ استدار ليعود إلى مقعده.
لكنّه توقف.
“يا إلهي… لم أظنّ يومًا أنني سأسقطُ في فخّ ممهد السّوق. والأسوأ، أن تكون مؤامرة مدبّرة بينه وبين البائع؟ هذا…”
كانت صاحبة الرقم 80 واقفةً أمامه.
امرأةٌ تبدو ضعيفة، تضع نظّاراتٍ فوق القناع، وقد بدا العرق البارد يتصبب من تحتها من شدّة الذعر.
أراد أن يتجاهلها ويمضي، لكن كلماتها شدّت خطواته.
“سمعتُ أن كتابًا طالما رغبتُ به سيُعرض في المزاد اليوم، فهرعتُ بلا تردّد، ولم أكن أعلم أنَّ شيئًا كهذا سيحدث.”
“هل كنتِ تعلمين مسبقًا عن المعروضات؟”
“نعم. لقد وصلَتني دعوةٌ باسمي، تقول إنَّ (تفسير السّلطة) سيكون متاحًا في مزاد الليلة. لم أشارك في مزاد من قبل، فظننت أنَّ شهرتي بحبّ الكتب قد وصلت، وركضتُ بسعادة.”
لكنّ ذلك غير معقول. نظام الدعوة لا يُستخدم في المزادات الليليّة، بل فقط في المزادات النهارية الخاصة.
من المؤكّد أنَّ أحدًا استهدفها عن قصد.
وبناءً على الحدث الذي جرى، والقبض على رجلٍ كان يخفي جهاز إرسال في إذنه، بدا من غير المحتمل أنّه تصرّف بمفرده.
“على أيِّ حال، شكرًا جزيلًا لك. سمعتُ أنكَ كنت في مقاعد الحضور، أليس كذلك؟ لو لم تُساعدني، لخسرتُ مبلغًا ضخمًا، والمزاد لا يقبل الإلغاء.”
“لستُ مَن يجب أن تشكريه. هناك من ساعدكِ فعلًا.”
“أوه؟ مَن؟”
“هناك…”
لكن كاسيان تلعثم وهو يرى مقعد صاحبة الرهنات فارغًا تمامًا.
***
“إن عرفتَ من أنقذني، رجاءً أخبرني. أودّ أن أشكره بنفسي.”
كان كاسيان يقلّب بطاقةً كُتب عليها اسم: [هانا دييغو]، ثمّ مسح وجهه بتعب.
السبب الوحيد الذي جعله يزور المزاد رغم انشغاله بالتحقيق، هو الخبر الذي وصله بأنَّ تلك المرأة مِن محلّ الرهنات ستحضر.
‘ظننتُ أنّها قد تأتي لبيع “لوغينوت”، لكن…’
لا، لم تكُن كذلك.
مع أنَّ مشبك الياقوت قد ومض أمامها للحظة، لكن لو كانت تحمل “لوغينوت” الحقيقي، لما توقّف عن التوهّج.
لم تذكر سبب حضورها، لكنّها بدت كأنّها أتت ببساطة للمشاركة في المزاد.
عرضت بعض الأغراض من محلّها، درست المعروضات، ثمّ…
‘لاحظتْ محتالًا ومنعته. كيف يمكن لواحدةٍ من أعوان إيفور أن تفعل ذلك؟’
راودته فكرةٌ غريبة.
ربّما، فقط ربّما، تكون بريئةً فعلًا.
لكنّه هزّ رأسه بقوة. لا، هذا مستحيل.
‘حتى إيفور نفسه اكتسب ثقة الناس وعمل بجدٍّ لعدة أشهر. لم يتخيّل أحد أنّه سيسرق السيف.’
لذا لا يمكن الوثوق بها لمجرّد بضع كلمات أو تصرّفات.
‘وردّة فعلها تجاه لوحة الغابة كانت غريبةً أيضًا. لا بدّ من مراقبتها أكثر.’
وفوق ذلك، لا يزال المشبك يلمع.
رغم أنها لم تلمس لوغينوت أو تُخفيه، إلا أنّها مرتبطةٌ به بشكلٍ ما.
‘من حسن الحظّ أنّني كنت أرتدي قناعًا.’
رغم أنَّ أدوات السحر ممنوعةٌ في المزاد، إلا أنّه لم يقلق، فقد اتخذ احتياطاته.
غطّى الندبة بالقناع، وأخفى الوشم بقميصٍ طويل الرقبة.
الشيء الوحيد الذي لم يغطِّه القناع هو لون عينيه، لكنه عالج الأمر باستخدام عدساتٍ رماديّة، وليست أدواتٍ سحرية.
صنعتها تقنيّة دوقيّة، لا تُستخدم طويلًا لكنها تؤدّي الغرض.
ومع ذلك، عندما رمقته تلك المرأة عدّة مرّات، انتابه شعورٌ غريب.
رغم أنّه لم يكن ممكنًا أن تكتشفه.
“كم مقابل استئجارك لساعة؟”
من يقول جملة استغاثةٍ بتلك الطريقة؟
دون أن يعترف لنفسه أنّه مسؤول جزئيًا عمّا حدث، ابتسم كاسيان لا شعوريًا، ثمّ أعاد تعبير وجهه إلى الجمود.
(هي فقط تُربكني بكلامها الغريب.)
في يده كانت عصاٌ ثلاثيّة الطي.
حين استعاد أداة السحر من الحارس، قال له الأخر: “هذه أداة رفيقتك.” فأخذها دون تفكير.
نظر إلى العصا الثقيلة، وفكر فجأة:
‘قالوا إنهم سيتعاملون مع جهاز الإرسال، لكن كيف؟ هل كان في حقيبتها شيء؟’
كان من السهل تمييزها على الطريق ليلاً، فهي الوحيدة التي لم تترك حقيبتها الضخمة لأحد، بل كانت تحملها بنفسها.
لماذا بدا ظهرها مثقلًا من الخلف؟
ولماذا كانت عيناها محمرّتَين؟
‘أنا لا أقلق. إنما أراقب لأنّها قد تكون خيطًا يدلّني.’
وعندما عاد كاسيان، التقى بمساعده، ميلتون، الذي كان يترقّب بقلقٍ غير معهود.
“لم أجد شيئًا مريبًا داخل المزاد، فلمَ هذا الاضطراب؟ هل هناك جديد من مورو؟”
“لا، لا أخبار من مورو.”
“إذن؟”
“أأ… ألستَ من ترك أداة السحر بشكل بطاقةٍ في محلّ الرهنات؟ لم نستقبل أيّ صوتٍ منها حتى اليوم، لكن…”
「هـ… ههك… كيف أتعامل مع هذا… هه…」
“يبدو أنها كانت تبكي بصوتٍ مكتوم صباح اليوم، تحت الطاولة مباشرةً… ثمّ انقطع الصوت تمامًا. لا أعلم ماذا حدث، لذلك جئتُ إليك.”
ثمّ ارتسم الأمل على وجه ميلتون فجأة.
“آه! ألم تلتقِ بها اليوم؟ هل بدت بخير؟ هل حدث شيءٌ لها؟”
لكن كاسيان لم يستطع الإجابة.
فمن بين كلّ الأسئلة التي وجّهها إليها، لم يكن هناك سؤال واحد عن حالها.
مرّر يده بعنفٍ في شعره.
“لا أعلم.”
لماذا؟
كان هناك ألمٌ في أطراف قلبه.
***
في وقتٍ متأخرٍ من الليل.
خرج كارلوس بعد توقيعه على ورقة حظر الدخول الدائم. وما إن رأى العربة المزيّنة بوردة، تراجع بخوف.
لكن الأوان كان قد فات. فقد طُرح فيها كما يُرمى كيسٌ ثقيل.
“كح، كخخ…”
“سمعتُ عن الفوضى التي تسبّبت بها.”
صوتٌ بارد.
رفع كارلوس رأسه المرتجف وهو مستلقٍ جزئيًا، فرأى الكونت هوغو منطويًا في أحد الزوايا. وقبل أن يتمكّن من رؤية السيّدة روزان، دوست حذاؤها ظهره.
“ظننتُ أنَّ هوغو وحده يكفي ليخيّب ظنّي. لكن أن تعودَ أنت أيضًا وقد أفسدتَ هذا العمل السهل؟! هل تُدرك كم الخسارة التي سبّبتَها لي؟”
“آسفٌ جدًّا، سيّدتي! كان ذلك حادثًا غير متوقّعٍ أبدًا!”
“أتُخفي فشلكَ وراء كلمة حادث؟”
“أقسم أنّه كان حادثًا! من كان يتوقّع تعطل جهاز السحر فجأة؟! ولم أذكر اسمكِ إطلاقًا!”
راح كارلوس يبكي كالأطفال.
كان يشعر بالظلم. لماذا تعطّل الجهاز في ذلك التوقيت بالذات؟
بدأ بإلقاء اللوم عشوائيًّا:
قال إنَّ الرقم 81 كان غبيًّا، وإنَّ تلك الفتاة المريبة أزعجته ففقد تركيزه، وإنَّ لوحةً غريبة طُرحت بسعر مليار قطعة ثمّ سُحبَت، مِما أدّى إلى فوضى في المزاد…
“انتظر.”
توقّف سيل كلام كارلوس فجأة.
“اللوحة التي سُحبت بسعر مليار؟ ما اسمها؟”
“هاه؟ أآه! كانت تُدعى غابة كولونيا!”
ساد الصمت للحظة.
“اخرج.”
“نعم؟ نعم، حاضر!”
خرج كارلوس مسرعًا، وأُغلِق الباب.
“كنتُ أنوي التخلّص منه لاحقًا، لكنّي ظننت أنّه قد يصلح على الأقلّ في بعض المهام الصغيرة. لم يتمكّن حتى من إزاحة هانا دييغو.”
قامت روزان بقبض يدها بشدّة.
“حسنًا… سأفكّر بطريقةٍ للتخلّص منه لاحقًا. أمّا أنت، هوغو…”
ارتجف هوغو عند سماع اسمه.
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 22"