6
[…… ولهذا السّبب، تَهدّمَت قاعة الاجتماعات، فقرّرنا عَقْد اجتماعات الحاشية مؤقّتًا في قصر فرومروز. يُسعدني أنّي سأتمكّن من رؤية الآنسة.]
رمشتُ بعيني ببطء وأنا أُقلّب الرّسالة التي وصلت صباحًا.
أمم… يبدو أنّي لم أستيقظ تمامًا بعد.
شربتُ رشفة ماء، وتمطّيتُ قليلًا، ثمّ بدأت بقراءة الرسالة من جديد منذ بدايتها.
أي إنّ الدوق خلال الاجتماع غضب لأنّ الآخرين كانوا حمقى إلى حدٍّ لا يُطاق، فلوّح بسيفه، فانهدّت قاعة الاجتماعات، وهم الآن بحاجة إلى ترميم ضخم.
“اجتماعات الحاشية ستُعقد في قصر فرومروز مؤقّتًا… لا، لحظة، هل قرأتُ هذا جيّدًا؟”
من الأساس، كيف يُمكن لشخص أن يُحطّم قاعةً أثناء الاجتماع؟
“هذا عنفٌ خالص.”
بالتأكيد هذا النوع من البشر يجب تجنّبه. قد يكون الضّحيّة القادمة هو منزلنا… أو ربّما أنا.
“سأتجنّبه بكلّ الوسائل.”
[سنتناول الغداء سويًّا بعد اجتماع الصّباح.]
متى”يوم الاجتماع”؟
بما أنّ الرسالة وصلت اليوم، فربّما يكون الاجتماع بعد ثلاثة أيّام؟ أو إنْ كان الأمر عاجلًا، فبعد يومين؟
“هممم…”
يجب أن أفتعل جدولًا وأجد عذرًا لأخرج من المنزل.
سأذهب إلى فندق، أطلب خدمة الغرف، أستحمّ بمياه الينابيع المعدنيّة من المناجم، وأنام نومًا عميقًا لذيذًا مثل العسل.
طق طق.
بينما كنتُ أُخطّط لرحلة الاسترخاء هذه، طرقت الخادمة المخصّصة باب غرفتي.
كان الوقت أبكر قليلًا من المعتاد.
“آنستي، هل استيقظتِ؟”
“نعم.”
“الأمر أنّنا تلقّينا إشعارًا عاجلًا بوصول ضيوف.”
ماذا؟ نهضتُ واقفة فورًا عند سماع كلامها.
“مَن الضيوف؟”
“الدوق ديهارت وبعض النبلاء الآخرين.”
“متى…؟”
“في غضون عشـ…”
“عشر ساعات؟”
“… دقائق.”
دغدغ دغدغ.
وقبل أن تُكمل حديثها، سُمِع صوت الخيول وعجلات العربة من خلف النّافذة.
“آه، يبدو أنّهم وصلوا أبكر ممّا توقّعنا.”
تمدّدتُ على السّرير مجدّدًا.
في هذا الموقف البائس، لم يكن هناك ما يُواسيني سوى دفء السّرير وحنانه.
قدوم هذا العدد من النّبلاء إلى منزلنا أفقد الخدم عقولهم.
اجتماع الحاشية الذي يُعقد أسبوعيًّا في قصر الدوق ديهارت،
انتقل فجأة إلى منزل آل فرومروز،
فكان من الطبيعي أن يتوتّر الجميع،
لكن يمكنني أن أرى بوضوح كيف كانوا يبذلون جهدهم كي لا يُسيئوا لسمعة العائلة.
وبفضل ذلك، تمكّنتُ من الخروج خلسةً من غرفتي دون أن يلاحظني أحد.
“أنا آسفة لأنّي وُلدتُ كابنة كهذه!”
الجميع منشغل داخل قاعة الاجتماع، ولا أحد من الخدم يلتفت حوله. الآن هو الوقت المناسب للخروج دون أن يشعر بي أحد.
إنّها فرصتي الوحيدة. وبينما كنتُ أعبر القصر بحذر حتى لا تُصدر خطواتي صوتًا…
“أوه! أليست هذه الآنسة إيرين؟! مضى وقت طويل لم نركِ فيه!”
آآآه، اللعنة~!
ذاك الرجل عديم الإحساس!
عندما سمعتُ الصوت المألوف خلفي، استدرتُ ووضعتُ تعبيرًا خاليًا من الحياة على وجهي.
“واو. البارون أوستر~”
“لقد أصبحتِ شابّةً رشيقة!”
“ألستَ في اجتماع الآن؟”
بدأت تُراودني ذكريات العمل الكريهة مع الرّؤساء المتطفّلين.
أصابتني القشعريرة، فمسحتُ ذراعي بتأفّف.
في كلّ عمل جزئيّ عملتُ فيه، لا بدّ أن يكون هناك شخص كهذا.
إن حالفكِ الحظ، يُحاول أن يُزوّجك لابنه.
وإن لم يحالفك، يتحرّش بك متذرّعًا بالدعابة متناسيًا عمره.
البارون أوستر من النّوع الأول، لكن هذا لا يجعل الأمر أقلّ إزعاجًا.
وضعتُ نظري على لحية ذقنه كي لا أنظر في وجهه، وسألتُه بنبرة ضمنيّة: “ارجع إلى قاعة الاجتماع من فضلك.”
“إنّها فترةُ استراحة! تعالي، دعينا نتبادل الحديثَ قليلًا.”
“آسفةٌ. أنا مشغولة الآن.”
“هاهاها! ما زلتِ ممتعة في حديثك، آنستي!”
أنا لا أرى أيّ شيء مضحكً.
“كرّرتُها أكثر من مرّة، لكن ليس لديّ أيّ اهتمام بابنكَ ليمون.”
في الواقع، لم أحاول حتّى تذكّر اسمه. ليون؟ ليمون؟
قبيح كوالده، وطباعه أسوأ، لا يستحقّ الحفظ أصلًا.
“نعم! ابننا ريمون! تذكرتِه، أليس كذلك؟”
قلتُ لك إنّي لم أتذكّرهُ! ما زال يسمع ما يريد فقط.
حاول أن يضع يده المتخمة بالخواتم فوق كتفي، فابتعدتُ بسرعة وهيئته بقيت وكأنّه كان يقصدَ أن يصفّق، فصفّق وقال:
“اسمعي، ريمون حصل الشهر الماضي على جائزة مرموقة من العاصمة. بدا شهمًا وأنيقًا للغاية!
ولهذا نُخطّط لإقامة حفلة تهنئة…”
لماذا كلّ الآباء يستخدمون نفس الجملة: (تعالي قابلِي ابننا!)؟
لو لم تكن لعائلتهم يدٌ في صناعة صقل المعادن، لكنتُ تجاهلتُه ببساطة. لكنّي احترمتُ أبي…
بدأ يتحدّث عن أيّ الشخصيات من القصر الإمبراطوري ستحضر الحفلة، وأخيرًا وصل إلى الموضوع:
“كح كح، أودّ دعوة الآنسة إيرين إلى تلك الحفلة…”
“عذرًا، للأسف…”
“هم؟ ماذا قلتِ؟”
يوم خراب تجارتكم هو اليوم الذي أقطع فيه علاقتي بعائلتكم، وأنا أترقّب ذلك اليوم.
لكنّي أخفيتُ مشاعري جيّدًا، وكرّرتُ له خمس مرّات بأسلوبٍ لبق أن صحّتي لا تسمح بالحضور.
وفي نفس الوقت، كنتُ أُخفي يدي داخل كُمّي وأرفع له إصبع الوسطى.
آه~ إنّني حقًّا فتاة مثاليّة اليوم!
(لماذا جعلوا وقت الاستراحة طويلًا هكذا؟)
عندما كنتُ أعمل في المصنع، كنّا نأخذ استراحة عشر دقائق فقط بعد خمسين دقيقة من العمل!
تِك، هؤلاء الموظّفون الكبار…
“إيرين؟”
وبينما كنتُ أُفكّر بالثورة عليهم رغم أنّني وُلدتُ نبيلة، فُتح باب قاعة الاجتماع وخرج منه الدوق كايل.
وفي تلك اللحظة، انبعث النّور من وسط العتمة التي كنتُ أعيش فيها.
بدون تردّد، تركتُ البارون خلفي وسرتُ بسرعة نحو الدوق.
“يا دوق!”
في مثل هذا الوضع، بدا وكأنّه مخلّصي.
ارتسمت على وجهي ابتسامة صادقة لا شائبة فيها. أخيرًا، تحرّرتُ من حديث البارون المملّ!
قضاء وقت مع الدوق في تناول الغداء أفضل مئات المرّات من الاستماع لثرثرة ذلك الرجل.
“آه!”
“احترسي.”
من فرط الحماس، كدتُ أتعثّر عند التوقّف، فأمسكني برفق كي لا أسقط.
“كيف حالكِ الآنسة؟”
“تعافيتُ بسرعة بفضل الشاي الذي أرسلتَه. أشكرك.”
لن أنسى طعمه المروّع حتّى في قبري.
“لو كنتِ أرسلتِ ردًّا، لكنتُ أكثر سعادة.”
بأيّ ردّ أردّ؟ لو كنتُ قد كتبتُ شيئًا بعد شرب ذاك الشاي، لكان مجرّد رسالة وداع.
“هيهي. سأفعل لاحقًا.”
لكنّي لم أضِف شيئًا. لأنّ البارون كان يُراقبنا من الخلف.
“وبما أنّ الحديث قد بدأ بالفعل…”
أدخلَ يده في معطفه، وأخرج ظرفًا لامعًا تملؤه زخارف ذهبيّة على شكل ورود.
“رسالة تعبّر عن مشاعري. هل يمكنني أن أستلم جوابكِ عند انتهاء الاجتماع؟”
كان الظرف لامعًا بشكل مبالغ فيه، لدرجة أنّي عبستُ لا إراديًّا.
حتّى ألواح عكس الضوء في تصوير المشاهير ليست بهذه اللمعان.
تردّدتُ قليلًا في استلام الرسالة من شدّة سطوعها، فقال بهدوء:
“هل يجب أن أطلب من تايفون أن يُمسكها بفمه ويسلّمها إليكِ؟”
ماذا؟
ما هذا الغزل الغريب الذي لم أتوقّعه أبدًا؟
“تا، تا، تايفون… سلّمني إيّاها مُعلّقةً في ساقه!”
آه. لقد تلعثمتُ.
ردّ هو ببساطة:
“ظننتُ أنّك تُحبّين هذا النوع من الكلام.”
سمعتُ من حولي أصوات شهقات خافتة من النبلاء الذين تجمّعوا من دون أن أشعر.
أوه، يبدو أنّهم كانوا يستغلّون وقت الاستراحة فعلًا.
وجوه النبلاء المعروفة من عدّة عائلات كانت تُحيط بنا:
هايلاند، كرويزن، غرايستون، أبيردين، برايت مون… و…
“إيرين…!”
حتى أبي موجود.
هاهاها… رفعتُ زوايا فمي بابتسامة مصطنعة وأنا أكاد أبكي من داخلي. ابتسمي، إيرين…
بعد فشل محاولة الهرب، عدتُ إلى غرفتي، وفتحتُ الظرف اللامع لأتفحّص محتواه.
“كما توقّعتُ تمامًا.”
أوّل سطر في الرسالة كان مكتوبًا فيه [محضر الاجتماع]. بل وتاريخ اليوم نفسه.
أي أنّ الدوق أمضى اجتماع الصّباح في تدوين الملاحظات على دفاتره الخاصّة، ثمّ أعطاني إيّاها.
وسط كلّ ذلك،
كان من السخيف أن أرى كيف كانت الرسالة مرتبة ومنظمة
من المقدمة إلى ملخص المحتوى.
كنت أتساءل مؤخرًا لماذا أصبح يرسل رسائل طبيعيةً جدًا،
والآن عرفت السبب.
طق طق.
“إيرين… صغيرتي…”
“هاه؟ أليس من المفترض أنك في اجتماع الآن؟”
“هل أعطاك دوق كايل رسالة حب؟”
“ليست رسالة حب.”
يا للدهشة…
هذا الكونت، الذي يُعرف بولعه الشديد بابنته،
لم يذهب للاجتماع الذي استُؤنف مجددًا،
بل صعد إلى غرفتي على وشك البكاء.
ومع أنني أقدر مشاعره،
إلا أن تركه لمكان العمل أثناء الاجتماع
لم يكن مقبولًا أبدًا.
‘إن لم نرد أن يكون بيتنا هو التالي الذي ينهار…’
فالدوق رجل قد يحطم غرفة الاجتماعات
في نوبة غضب!
بدأت أهدئ والدي بلطف
وأدفعه خارج الغرفة:
“هيا، يجب أن تعود لعملك.
لديك ابنة صغرى مثل الأرنب
تحتاج لإعالتكِ،
وولدان يشبهان الوحوش
لا يحتاجان للإعالة.”
“لكن… هل أنتِ متأكدة أنها ليست رسالة حب؟”
“نعم نعم،
امسح دموعك وانزل.”
“أنا لم أستعد بعد لأراكِ ترحلين بعيدًا عني!”
“وأنا أيضًا لم أستعد بعد
لأرحل عن نفسي!
لذا، كفّ عن البكاء.”
إذا سار كل شيء حسب خُطتي
(رغم أن الأمور لا تسير كما أريد تمامًا…)
فلا يوجد احتمال لأن يحصل شيء بيني وبين الدوق.
وبينما كنت أطرد والدي بلطف خارج الغرفة
وأهم بإغلاق الباب،
خطر لي فجأة بندٌ من البنود
التي قرأتها للتوّ في تلك الرسالة:
[بند تطوير دواء كاشف للمانا التفاعلية]
هممم…
لو تولت عائلتنا هذا المشروع،
أعتقد أننا سنتمكن من تشغيله بكفاءة.
بدأت أطرق الباب بلطف بأصابعي بينما أفكر
وأحسب الأمور في رأسي.
عائلة فرومروز تعمل منذ أجيال
في تجارة الأعشاب النادرة،
الأدوية، وأحجار السحر.
وبفضل هذه المجالات،
أصبحت علاقتنا ودّية نسبيًا مع برج السحر،
على عكس معظم عائلات الشمال الأخرى.
‘بما أن الموضوع يتعلق بالمانا،
فمن المؤكد أن بقية العائلات
لن ترغب في التعامل مع ساحري البرج.’
توقفت أصابعي عن الطرق.
لقد أنهيت حساباتي.
“كونت فرومروز، تعال للحظة—”
“همم؟”
شدَدتُ ياقة والدي
وهمست في أذنه:
“عندما يطرحون موضوع دواء كشف المانا
في الاجتماع،
قل إننا سنتولى الأمر.”
“دواء الكشف؟”
رغم أنه لم يُكمل جملته،
إلا أنني فهمت ما يقصده:
“أمر مزعج ولا عائد منه… فلماذا؟”
أومأت برأسي بثقة:
“الجميع سيتفادى المهمة
وسيحاول تمريرها للآخرين.
فلنأخذها نحن.”
كان من الخسارة تجاهل هذا المشروع.
ثم دفعت والدي بلطف:
“اتفقنا؟
الآن عد إلى الاجتماع فورًا.”
ولكن حقًا من يهرب من اجتماع كهذا؟
أيعقل أن الهروب سِمَة متوارثة في عائلتنا؟
لكنني لم أكن أعلم حينها…
أن الدوق، بعد نهاية الاجتماع،
سيأتي إليّ بتلك النظرة المبتهجة على وجهه
ويقول:
“أرغب في تناول الغداء مع الآنسة فرومروز على انفراد.”
ولم أكن أعلم أيضًا….
أنني قمت مجددًا بفعل شيء ذكي
جعله مهتمًا بي أكثر….
✧───── ⋆⋅☆⋅⋆ ─────✧
ستجدون الفصول دومًا متقدمةً لهذهِ الرواية في واتباد وقناة الملفات،
حَسابي واتباد : _1Mariana1
( حسابي السابق قد حُذف)
وستجدون إعلانات تنزيل الفصول قبل هيزو في الرابط المثبت أول التعليق ~ ❀
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 6"