في الحُلْمِ، كنتُ غارقةً في كُومةٍ ضخمةٍ مِن ياقوتِ الشتاء الأزرق الفاخر، أضحكُ بسعادة.
‘كَمْ يَساوي هذا كُلُّه! لقد اكتملت خطّةُ ادّخار أموالي لِمَشيبي بهذا المَعدن~!’
ما إنْ نطقتُ بهذا حتّى خاطبني شَخصٌ ما كان إلى جانبي.
“أتُحِبِّين العملَ إلى هذا الحدّ؟”
“نَعَم؟ ما هذا الكلامُ عن العمل فجأةً؟”
“ألستِ تحتضنين كُومةً مِن الأوراق؟”
صوتُه كان منخفضًا عَذبًا، لكن مضمونَه لم يكُن كذلك.
فأنا الآن أحتضن جواهرَ وأنا مُستلقية، فما معنى كلامِه عن العمل والأوراق؟
زَفَرتُ باستهزاءٍ ‘هُمف’ ثم عُدتُ أحتضن جواهري الثمينة.
خشخشة-
‘هُه؟ خشخشة؟’
صدر صوتٌ لا يُمكن أنْ يخرج مِن الجواهر. حينها فقط خفّضتُ بصري إلى ما أحتضنه.
“مـ… ما هذا. أين ذَهبتْ جواهري كُلُّها!”
الأشياءُ التي كانت قبل قليلٍ جواهر، تحوّلت إلى أوراقٍ بيضاء مملوءةٍ بِحُروفٍ سوداء.
طلبُ تعديل قانونِ العمل في الشَّمال، مسألةُ تعديل الضرائب في الأراضي، سحبُ الموارد البشرية إلى المركز……
تَطايرَت تقاريرٌ مختلفة العناوين.
“لَمْ يَعُدْ لكِ أيُّ مَعدنٍ الآن.”
“لا، لَيس صحيحًا……!”
“المتبقّي هو العَمَل، العمل، العمل.”
“تَوَقَّف……!”
كنتُ أُغلق أذنيّ بِعَذابٍ مِن تلك الهمسات اللعينة التي لا تَكُفُّ عن مُلاحقتي.
“انهضي الآن. وإلّا فستُسحَقين فعلًا تحتَ العمل وتموتين.”
“لا أُريد…… أوووه……. إنّه الأسوأ…….”
“لا بُدَّ أن تَقبضي على مُحاوِل تَخريب الممتلكات.”
بَرق!
فتحتُ عينَيّ.
كان شَخصٌ ما بجانب رأسي يُتمتِم:
“واو، عجيب…… يبدو أنّ ما قاله الدوق كان صحيحًا.”
لكنّني لم أستطِع الإصغاء. كان الحُلم مُروِّعًا.
“لقد كان حُلمًا مُخيفًا حقًّا……. كُومةٌ مِن الأوراق…….”
“وها هُنا أيضًا أوراق.”
“آاااه! أفزعتَني!”
صرختُ حين اندفعت أوراقٌ بيضاءُ وحروفٌ سوداء فجأةً أمام عينَيّ. مـ… ماذا، أهذا لم يكُنْ حُلمًا؟
حين أبعدتُ الأوراق، ظهر وجهُ إدريان.
“لَمْ تَنهضي، فجئتُ لأُوقظك. أَنَمْتِ يومًا ونصف يوم؟ هذا تقريرٌ ميدانيّ. لقد تركَه الدوق لَكِ.”
“لا أُصدّق.”
“لا تقلقي. لقد جاء ورحل سريعًا فقط.”
“يعني فاتني الغداء.”
“إذن أنتِ هي المقصودة.”
ابتسم إدريان ساخرًا.
أنا مهما كنتُ مُتعبة، لا أُفوّت وجبةً أبدًا، فكم كنتُ مُنهَكةً هذه المرّة لأترك الطعام وأخلد للنوم؟
من المؤكّد أنّ صدمةَ فقدان المَعدن كانت عظيمة.
“صحيح، المَعدن!”
“لقد أصبحتِ بطيئة التفكير مُنذ قليل. قال الطبيب إنْ لا مُشكلة، هل أصيب رأسُكِ بشيء؟”
“قلتَ إنّ الدوق ترك شيئًا؟”
“تقريرًا ميدانيًّا. سأجعلهم يأتون لكِ بطعامٍ سريع، وبعد أن تأكلي، اقرئيه.”
إذن ما رآه أمامي قبل قليلٍ كان تقريرًا تركه الدوق.
بينما كنتُ نائمة نومًا عميقًا، متى تَفقّد وجمعَ المعلومات وكتبَ تقريرًا كاملًا؟ إنّه إنسان مُخيف.
أمسك إدريان برأسي يُقلِّبُه قليلًا ثم تركني، في نفس الوقت دخل أحدُ الخدم ووضع شطيرةً وشايًا بالحليب الساخن ثم انصرف.
تناولتُ شطيرةً وسألت:
“الدوق لم يترك إلّا هذا؟”
“نَعَم.”
“ولَمْ يَبدُ عليه أيُّ إصابة؟”
“أبدًا.”
“الحمد لله.”
كان عليّ أنْ أشكره بنفسي، لكنّني كنتُ نائمةً.
بما أنّه قد جاء بنفسه ورحل، فلعلّه لن يُرسل تايفون هذه المرّة. فكّرتُ بكيفية إرسال شكري. هل أذهب مع هديّة؟
وأنا أسُدُّ جوعي بالشطيرة، جلس إدريان أمامي وقال:
“الآن وقد أكلتِ، سأُخبرك.”
“بماذا؟”
“عندي خبرٌ سيّئ، وآخر أسوأ. أيُّهما تسمعين أوّلًا؟”
فَغَرتُ عينيّ وحرّكتُ رأسي نافيةً.
“لا أُريد سماع أيٍّ منهما.”
“كلاهما عن المَعدن، لقد انهار بالكامل، فلا شيء يُمكن إنقاذه.”
“قلتُ لا أُريد السماع.”
“والخبر الأسوأ: بوليصةُ التأمين ضد الأضرار لا مفعولَ لها. استُخدِم في جريمةٍ ضدّ الدولة، فتمّت مصادرته لصالح الإمبراطوريّة.”
“ماذا تقول.”
سقطَتْ آخرُ قَضمةٍ مِن الشطيرة على الطبق.
“يعني لَمْ أحصل على أيِّ تعويض…….”
“بالضبط. لقد أصبحتِ فقيرة.”
ابتسم إدريان ساخرًا.
“مُستحيل. أنا ضحيّة، لِماذا؟ وقد دفعتُ التأمين؟”
“مؤسف فعلًا.”
“عندي أوراقٌ تُثبِت أنّني لَمْ أتورّط في الجريمة!”
كنتُ أتنفّس غيظًا.
وقد كان لي الحقّ. ففي مكتبتي ملفّ كامل باسم [وثائق تطوير مَعدن آيسلين]، يحوي خططَ التعدين، تقارير الإنتاج، وصكوكَ التسجيل، كُلُّها موثّقة.
لقد اعتنيتُ بكلّ شيء بدقّة لِمُواجهة أيّ ظرف. ومع ذلك، خسرتُ المعدن فجأةً في ليلةٍ واحدة! الأمرُ مُحبط ومُؤلم.
مددتُ فورًا الأوراق إلى إدريان.
“انظر! لَمْس الأوراق يُظهر التوقيع! يُستَخدم حبرٌ خاصّ ممزوجٌ بالكلس للتوقيع على وثائق المَعدن. أنتَ تعرف ذلك، صحيح؟”
“لَمْ أكنْ أعلم.”
“هذه ليست وثائق مُزوّرة بل أصلية! مُصدّقة مِن الإمبراطوريّة!”
“لكن أمام القانون الإمبراطوريّ، لا وُجودَ لِقُوى النُّبلاء.”
وبينما استمرّ إدريان في مُمازحتي: “أُوف، أُختُنا الصغيرة أصبحت فقيرة، ماذا سنصنع؟”، رَكَلتُهُ بساقي غير المصابة.
كنتُ أعلم أنّني أستطيع العيش برغدٍ بأموال العائلة، لكن حتّى النبلاء قد ينهارون كُلّيًّا إذا ابتلعَتهم مُصيبةٌ كبيرة.
أحسستُ بالضيق وخَفَضتُ رأسي، أحدّق فقط بسجّادة الأرض.
لقد اجتهدتُ كثيرًا في هذه الحياة لبناء مستقبلٍ سعيدٍ مضمون.
حين ظللتُ صامتةً طويلًا، اقترب إدريان وقال مُتردّدًا:
“إيرين، هل تبكين؟ يا فتاة، لأجل أمرٍ كهذا…… لدينا أموالُ العائلة، لن تُصبحي فقيرةً أبدًا. سأُعطيكِ مصروفًا إنْ أردتِ…….”
“سَيَدفعون الثمن.”
“أوغ!”
رفعتُ رأسي فجأة، فأصبتُ ذقن إدريان وسقط متألّمًا. لكنّني لم أُعِره انتباهًا.
“لن أبقى ساكنة.”
“آه، أرجوكِ ابقي ساكنة.”
كنتُ أظنّ أنّني يجب أنْ أهدأ وأنتظر التعويض، لكن تفكيري تغيّر.
“سأقبض على مَن فجّر مَعدني.”
“هذا عملُ فِرقة التّحرّي ونحن.”
“نعم. نحن.”
“لكنّكِ لستِ ضمن هذا ‘النحن’.”
صحيح أنّني لستُ فارسةً ولا عضوًا في فرقة التّحرّي، لكنني جرّبتُ الحياة في هذا العالم: بطؤهم يُثير الجنون. قد يستغرق الأمر سنوات.
وإنْ تَفكّكت الفرقة في المُنتصف، سيضيع كُلُّ شيء.
‘فلْيقُم الإنسانُ بنفسه بشؤونِه.’
عزمتُ على التخلّص مِن الكآبة واتّخاذ القرار.
في حياتي السابقة، تورّطتُ في كثيرٍ مِن الاحتيالات:
عقارات، وظائف، اتّصالات…… وكان عليّ دائمًا أنْ أركض وحيدةً مِن هنا وهناك وأحلّها بنفسي لأنّه لا مالَ لي لأُوكّل محاميًا.
“لن أبقى ساكنة. سأبدأ فورًا- أوه، إدريان، أنفكَ ينزف.”
“هذا بسببكِ…….”
“يبدو أنّ الجوّ جافّ جدًّا. اعتنِ بنفسك. عليك أنْ تعمل بجدّ وتُطعم أختك الفقيرة.”
ربّتُّ على كتفه، أخذتُ الأوراق، وطردتُه مِن الغرفة.
لا أحدَ يستطيع إيقافي أنا إيرين!.
✧───── ⋆⋅☆⋅⋆ ─────✧
ستجدون الفصول دومًا متقدمةً لهذهِ الرواية في واتباد وقناة الملفات،
حَسابي واتباد : _1Mariana1
( حسابي السابق قد حُذف)
وستجدون إعلانات تنزيل الفصول قبل هيزو في الرابط المثبت أول التعليق ~ ❀
التعليقات لهذا الفصل " 25"