لحسنِ الحظّ، وصل الدوق إلى القصر سالمًا من غير أنْ تتجمّد قدماه، أو يُصاب بالزكام، أو يلقى حتفه في الطريق. ثمّ بعث برسالةٍ.
تظاهرتُ بعدم الاهتمام، لكن لا أنكر أنّ قلبي اطمأنّ حين علمتُ أنّ ، دوق الشمال، لم يُقتَل.
وكأنّ الأمر كان بالأمس.
‘طبعًا، لأنّه كان حقًّا بالأمس!’
ثمّ ها هو اليوم، في الصباح الباكر، أستيقظ على صوتٍ غريبٍ يوقظني، فإذا بالدوق كايل دِهارت أمام عيني!
“صباح الخير، يا سيّدة.”
“???”
“انهضي. علينا أنْ نُنجز رومانسيّتكِ سريعًا.”
ظننتهُ حلمًا. كما في تلك الليلة قبل أيّام، حين جاء يتسلّق النافذة مثل روبانزل.
اعتقدتُ أنّه مجرّد حلمٍ من ذلك اليوم، لكن……
“هل انتهيتِ من قرص خدّكِ؟”
“آي آي يا…….”
“أأنتِ بحاجةٍ إلى وقتٍ أطول؟”
وهكذا وجدتُ نفسي، بلا سابق إنذار، في أوّل صباحٍ، مُساقَةً إلى أعلى جبلٍ جليديٍّ في الشمال.
“نحنُ… حقًّا سنذهب؟”
“ألسنا نذهب على الحقيقة؟”
السبب في أنّي رافقتُه في هذه الرحلة الجنونيّة هو……
‘أنْ نَصعد إلى قمّة أعلى جبلٍ جليديّ في الشمال، نعلّق قفلًا ونرمي مفتاحه بعد أنْ نتمنّى أنْ تُصبح السيّدة إيرين غنيّة.’
هذا هو الشيء الذي أصرّ الدوق على تحقيقه!
“لكن كان من المفترض أنْ تذهب وحدك.”
“إذن، أين الرومانسيّة في ذلك؟”
“إنّه رومانسيٌّ كفاية…… صدّقني.”
شرح لي أنّ الجبل، الذي يمكنه تسلّقه في نصف يومٍ وحده، سنقطعه معًا بواسطة بوّابةٍ سحريّة يفتحها ساحرٌ مأجور.
“أتدري أنّ ساحرًا رفيع المستوى فتح هذه البوّابة فقط لأجل هذا؟”
“كلّفني بعض المال، أجل. فهلمّي، أمسكي يدي.”
ولأنّه استأجر الساحر بسببي، لم أستطع رفض الأمر.
فالموضوع يُحتسب بالثواني!
وحين سألتُ لماذا لا يفتحون البوّابة إلى القمّة مباشرةً، قال إنّ الأمر يستلزم ساحر البلاط الإمبراطوريّ أو ساحر برج السحر.
“يمكنني استدعاؤهم إذا بعتُ قصري.”
“سأذهب! إيرين ذاهبة الآن~”
وبالفعل، عبرنا البوّابة حتّى وصلنا إلى مكانٍ قريبٍ من القمّة.
كانت المرّة الأولى التي أركب فيها بوّابة……
شعورٌ غريب، وكأنّ جسدي تفتّت ثمّ عاد ليلتحم. لا أريد تكراره أبدًا.
وبينما كنتُ أجرّ نفسي متشبّثةً بطرف ردائه، وصلنا بسرعةٍ إلى القمّة. كنتُ منهكةً، لكنّه قال:
“هنا سنعلّقه.”
“هاه… هااه… هذه أعمدة الأمان؟”
كنتُ أظنّ أنّه سيكون هناك مكانٌ مثل برج لتعليق الأقفال.
لكن لم يكن سوى سياجٍ معدنيٍّ بسيطٍ، وكأنّ عليه أنْ يُكتب: “احذروا السقوط!”
لكن لم يكن ثمّة خيارٌ آخر.
“أيُّ قفلٍ تفضّلين؟”
أخرج قفلًا ذهبيًّا، وآخر فضّيًّا، وثالثًا حديديًّا، كلّها على شكل قلوب بحجم الكفّ.
“الذهبيّ.”
“أحسنتِ. سنعلّق الثلاثة معًا.”
ثمّ علّق الأقفال الثلاثة واحدًا تلو الآخر. فما جدوى سؤاله إذن؟
“الشرط أنْ يُصرخ:
‘أجعل السيّدة إيرين غنيّة!’، ثمّ تُلقي المفتاح.”
“نعم.”
“افعلَِها مرّةً واحدة.”
لم أختر هذا الجبل لأنّه الأعلى وحسب، بل لأنّي قرأتُ في صغري حكايةً عن وحشٍ ثلجيٍّ يحقّق الأمنيات هنا.
وبينما أنا شاردة، كان الدوق يستعدّ للرمي.
ونَفَسُه الأبيض يتصاعد في الهواء البارد.
“السيّدة إيرين—”
‘أجل، أجل، قلها بوضوح، اجعلني غنيّة!’
“بعد زواجي منها، لتزدهر أملاك الشمال—”
“ماذا قلتَ؟”
“اجعلها غنيّة.”
تسلّل بجملةٍ عجيبةٍ في الوسط ثمّ ألقى المفتاح!
تجمّدتُ من الصدمة.
“هذا باطل! باطل!”
“لكنّي قلتُ كلّ ما في الشرط.”
“لقد دسستَ لعنةً! أُلغِي الأمر!”
“إذن، أعيدي المفتاح من أسفل الهاوية.”
وأشار إلى الهاوية السحيقة. نظرتُ إليه بغيظ.
“فلننزل الآن…….”
“ما زال.”
أخرج صندوقًا ضخمًا.
“علينا أنْ نتناول وجبة عشر طبقات.”
كدتُ أجنّ.
“أريد العودة إلى البيت…….”
قَرقرَ بطني.
“…….”
“ثَمّة طاولة عرضٍ قريبة.”
“…….”
“إنّها دافئةٌ ومريحة.”
“…….”
“الطعام منظّم من أوّل طبقٍ إلى العاشر.”
“…….”
“ألا يوجد الآن في مكانٍ ما أناسٌ جائعون لا يملكون طعامً؟”
“…….”
“مساكين…….”
لم أستطع إلّا اتّباعه إلى المنصّة. لا يجوز إهدار الطعام.
* * *
وهكذا أنجزنا على عجل مهمّة [إلقاء القفل من أعلى جبل الشمال]،
و
[الذهاب في نزهةٍ مع صندوق غداء عشر طبقات].
فصرختُ:
“إجازة!”
“همم.”
“أقدّم طلب إجازة!”
لو استمرّت الأمور بهذه الوتيرة، فقد أتزوّج به الشهر المقبل!
شعرتُ بالخطر، فلم أجد وصفًا أنسب من “إجازة”.
“أنتِ تصرخينها وأنتِ على ظهري؟ عجيب.”
“آه.”
“أشعرُ كأن أذني انفجرت.”
“أعتذر…….”
بسبب خللٍ في حساب البوّابة، ظهرت عند مكانٍ أدنى، فاضطرّ إلى حملي نزولًا لأنّي كنتُ أتعثّر من التعب.
“لكنّي فعلًا بحاجةٍ لبعض الوقت.”
“لِمَ؟”
“غدًا يعود إخوتي إلى القصر.”
كنتُ أريد منع الدوق من تحقيق الأحلام، لكنّي أيضًا كنتُ بحاجةٍ حقيقيّةٍ لهذا الوقت.
إخوتي الذين يعملون كفرسان في الحرس الإمبراطوريّ سيعودون مؤقّتًا بسبب أمرٍ ما.
من النادر أنْ نجتمع كلّنا لأنّهم دائمًا مشغولون، فكانت فرصةً سعيدة.
“سيلفير فرومروز؟”
“أتعرف أخي الأكبر؟”
“أجل، رجلٌ بارع. أتذكّره.”
يبدو أنّ الدوق يقسّم الناس إلى بارعين وغير بارعين.
بما أنّه ذكّر أخي الأكبر وحده، فهل أخي الثاني سيّئ؟ عليّ أنْ أُغيظه عند عودته.
“لا تُشبيهنهُ كثيرًا.”
“آه، سيلفير يشبه أمّي، خُلقًا وخَلقًا.”
“لكنّك تشبهين الكونت أباكِ.”
“أبي وسيم!”
“لم أقل إنّه قبيح. إذن، لكن أنتِ القبيحة.”
“أنزِلْني حالًا.”
أخذتُ أضرب قدميّ، لكنّه واصل النزول سريعًا بلا أنْ يتأثّر.
“ها هو.”
كان الساحر الذي فتح البوّابة ينتظرنا.
أنزلني الدوق أمامه ومدّ يده إليّ.
“فلنذهب.”
“نعم…….”
رغم أنّي ما زلتُ غاضبة، أمسكتُ بيده خوفًا. راحت يده الكبيرة الدافئة تُغطي يدي الصغيرة.
“آه، طلب إجازتكِ مرفوض.”
“ماذا؟”
وبهذا، لم يبقَ لي سوى صرختي الأخيرة، وأنا أُسحَب ثانيةً إلى داخل البوّابة.
✧───── ⋆⋅☆⋅⋆ ─────✧
ستجدون الفصول دومًا متقدمةً لهذهِ الرواية في واتباد وقناة الملفات،
حَسابي واتباد : _1Mariana1
( حسابي السابق قد حُذف)
وستجدون إعلانات تنزيل الفصول قبل هيزو في الرابط المثبت أول التعليق ~ ❀
التعليقات لهذا الفصل " 16"