بعد اتخاذ الإجراءات بسرعة، عضت آيشا أسنانها فجأةً بكلّ قوتها. عندما رأيت عينيها المشتتتين، بدا أنها فقدتْ الوعي بالفعل.
“آه…!”
كانت قوّة عضّ الطفلة الفاقدة للوعي أقوى مما كنت أتخيل. تسرب أنين من الألم وكأن أصابعي ستتكسر.
“آيشا، من فضلك!”
كان القلقُ على إنقاذ آيشا أكثر إلحاحًا بكثيرٍ من ألم أصابعي المعضوضة. كنت أتعرقُ بشدة، وكان حضني المغطى بالدم في حالة فوضى، لكن ذلك لم يكن مهمًا.
عضضت شفتي بقوّةٍ للسيطرة على يدي المرتجفة.
ضغطت على ذقنِ آيشا مرّةً أخرى، وفتحت فمها بالقوة.
هذه المرة، تقيأت دمًا أسود أغمقَ بكثير من ذي قبل وانهارت بلا حولٍ ولا قوّة.
بام—
“الآنسة!”
في تلكَ اللحظة، فُتح الباب بعنف، واندفعت مربية آيشا إلى الداخل. يبدو أنها كانت قريبة.
عندما رأت آيشا منهارة في حضني، صرخت بصوت عالٍ.
“آآآه! الآنسة آيشا—!”
كما لو كانت تنتظر هذه اللحظة بالذات.
لم تكن أبدًا توقعاتي السّيئة خاطئة.
ربّما كنتُ كحيوان عاشبٍ ضعيف دخلَ عرين نمر، كان يجبُ أن أكونَ أكثر حذرًا حتى في الأمور الصغيرة.
مع صراخ المربية، تجمّع الناس بسرعةٍ في غرفة الاستقبال. ربّما لأن المكان لم يكن بعيدًا عن موقع حفل الشاي، أو ربما لأن صراخها كان عاليًا جدًا.
تدفّقَ الضيوف المدعوون، و ظهرت ليفيا و الدوقة، اللتين اختفتا في الحديقة، معهم.
وكما لو كان ينتظرُ مقدمًا، هرعَ طبيب القصر المقيم و فحص نبض آيشا.
“لقد تسممت. إنه نوعٌ نادر و معقد من السم. للأسف… لا يوجد ترياق في هذا القصر.”
قبل أن ينتهي الطبيب من كلامه، مسحت المربية دموعها و صرخت بغضب:
“بسببِ تلكَ السّيدة! لا شكَّ أن هذه المرأة سممت آنستنا!”
“ما… ما الذي تقولينه؟”
غطت ليفيا فمها متظاهرةً بالصدمة و سألت. عند هذا الكلام، استدارت المربية نحوي فجأة.
“أطعمتِ آنستنا البودينغ من قبل! الشيء الوحيد الذي أكلته هنا هو ذلك! من أين كان يمكن أن تتسمم؟!”
ثم اقتربتْ الدّوقة، التي كانت في حالةٌ ذعر، ببطء.
صفعة—!
“…كيف تجرؤين!”
احمر خدي و شعرت بتنميل، لكن عيني الدوقة كانتا أكثر! احمرارًا.
كانت أكثر هدوءًا من المربية التي كانت تصرخ بغضب—لكنها كشفتْ عن مشاعر أعمق.
لم أستطع حتّى نطقَ كلمة واحدة لأقول إنني بريئة. كانت سلسلة الأحداث سلسة كما لو كانت سيناريو مكتوبًا مسبقًا، مثل دراما مبالغ فيها.
كانت الأمور تتدفّقُ بشكلٍ سخيف للغاية، ولم تُعطَ فرصةً للتحدث.
صرخات الدّوقة الغاضبة بوجهٍ شاحب، النظرات المليئة بالاحتقار مع الهمسات، وآيشا المتدلية بلا حياة بوجه شاحب.
كنتُ أعرف.
ليفيا، كنتُ أعرف أنكِ مثل هذا النّوع من البشر.
تقفين بعيدًا خطوةً عن الحشد، تغطّينَ فمكِ متظاهرة بالصدمة، و ترفعين زاوية فمكِ سرًّا.
“لطفلة صغيرة و ضعيفة كهذه… ماذا فعلتِ بحق السماء؟”
تعبيركِ المرسوم بدقة بـ”الخيبة” كما لو كان مألوفًا.
في تلكَ اللّحظة، أصبحتُ متأكدة.
بقدر ما أعرفكِ، أنتِ تعرفينني جيّدًا أيضًا.
* * *
يقول العديد من النّاس في الإمبراطورية:
إن بياترس شيرن هي امرأة تعيشُ مع المأساة.
عائلة شيرن، التي تسيطرُ على أراضي الحبوب في الجنوب، هي عائلة نبيلة عريقة تشتهر بنظام الوراثة الأمومية.
وُلدت بياترس كالابنة الكبرى لدوق شيرن، ونشأت وهي تتعلّم مسؤوليات الدوق و كرامته منذ الطفولة.
كانت والدتها دوقةً مثالية، وكانت بياترس مستعدة لخلافتها.
لكن الحبّ غيّرَ كل شيء.
تزوّجتْ من صديق طفولتها، رجلٌ من عائلة متواضعة لكنه شريف الخلق، و كسرتْ بياترس التقاليد. قررت نقل اللّقب إليه، على الرّغمِ من الازدراء الذي تلقاه من الكثيرين بسببِ أصله المتواضع.
على مدى عشر سنوات، تدربا معًا للوراثة. لحسنِ الحظ، أقرّت والدتها بهما قبلَ وفاتها مباشرة. بعد أن ورثت اللقب، أقامت بياترس حفل زفاف متأخر في سن الثلاثين.
كان لدى بياترس أختٌ صغيرة تصغرها بعشرين عامًا. بالنّسبة لها، التي لم تستطع إنجاب أطفال، كانت تلك الطفلة مثل ابنة ثمينة.
لكن السّعادة لم تدم طويلاً.
“في الحقول الذهبية، كانت هناكَ شعلة نار ضخمة. كانت شديدة الحرارة لدرجةِ أنني شاهدتها من بعيد، وكانت هائلة و حارقة. لم تغادر الشعلة حتى تحولت الحقول إلى اللون الأسود.”
بعد أقلّ من عام من الزواج، تحققت النبوءة الأولى لصاحبةِ القوة المقدسة. كانت كارثة الحريق الكبير في الجنوب.
في ذلكَ الوقت، تجاهل الجميع نبوءة صاحبة القوة المقدسة، التي كانت في الخامسة من عمرها، لكن بياترس وحدها شعرت بالقلق و تمكّنت من حماية نصف أراضي الحبوب.
لكن زوجها اندفعَ إلى النيران لحماية أراضي الآخرين ولم يعد.
في اليوم الذي حمت فيه الأرض من الكارثة، فقدتْ بياترس حبَّ حياتها.
كانت تعتقد أن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يحفظ ذكرى زوجها المتوفى هو “اسمه”. لذا، على الرغم من أنها أصبحت في مكانة ‘دوق العائلة’ الآن بدل زوجها ، أرادتْ أن تُدعى بالدّوقة.
هذا هو السّبب في أنّ بياترس تُعرف بالدّوقة.
بعد ذلك، لم تتزوج بياترس مرّةً أخرى و عاشت مع أختها الصغيرة.
عندما بلغت أختها العشرين، وقعت في حبٍّ عاطفي مع شاعرٍ متجوّل التقت به في حفل بلوغ سن الرشد.
سافرَ الاثنان معًا عبر الإمبراطورية، و هما يعيشان حياة حرة.
ثم أنجبا طفلة و عادوا إلى العائلة، منهيين رحلتهما القصيرة. وُلدت آيشا بصحّةٍ جيدة.
مع ولادة الطفلة، بدأت الأخت الصغرى في التحضير بجدية لوراثة اللقب.
منحتها بياترس إجازة هادئة بعد سنوات من الدراسة المكثفة.
لكن القدر داسَ عليها بقسوة مرّةً أخرى. عاد الزوجان، اللذان غادرا بسعادةٍ في رحلتهما الأخيرة الحرة، كجثتين باردتين.
جرفتهما الفيضانات الكبيرة، و نجت آيشا فقط، التي تُركت في القصر لراحة الرحلة.
صرخت بياترس. لكنها لم تستطع الانهيار.
كان لا يزال لديها آيشا، آخر قريبة لها.
نبوءتان، كارثتان كبيرتان.
بالنّسبة لبياترس، كانت صاحبة القوة المقدسة كائنًا يتنبأ بالكوارث و يمنعها، وفي الوقت ذاته “بداية الكارثة” التي تسببتْ ي فقدانها لأعزِّ الناس إليها.
صاحبة القوة المقدسة. كان وجودها دائمًا مصحوبًا بمأساتها.
كبحت بياترس مشاعرها العنيفة و نظّمت أفكارها. كل ذلكَ أصبح من الماضي. على الرّغمِ من عدم رغبتها، كانت مشاركتها في حفل الشاي اليوم بسببِ آيشا.
“كنت قلقة ألا تأتي بعد إرسال الدعوة… شكرًا لقدومكِ. وجودكِ جعلَ حفل الشاي أكثر تألقًا.”
“كنت أفكر في اصطحاب آيشا للخروج، حيث تحسنت صحتها كثيرًا. حفل شاي القدّيسة كان مناسبًا تمامًا.”
“يا لها من مصادفة. سأصلي أيضًا من أجل تحسّن صحة آيشا.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 92"