رمشتُ ببطء من المفاجأة بضيف غير متوقع، ثم أفسحتُ المجال لآيشا التي كانت تتفحّصني بحذر.
“بالطبع، آنسة. تفضلي و اجلسي براحتك.”
على الرّغمِ من أنها في الثامنة من عمرها فقط ولم تظهرْ بعد في الأوساط الاجتماعية، كانت وريثة عائلة الدّوق التي تلقت تعليم الآداب من الدوقة. كان عليّ أن أظهرَ اللياقة المناسبة.
جلستْ آيشا بخفة، و كانت حركاتها لائقة و طبيعية، لكنها لم تستطع إخفاء نظراتها التي كانت تتجه نحو الطاولة. بدا أنها تشعر بالحرج من تناول الطعام فور جلوسها، إذ احمرَّ وجهها الصغير النقي قليلاً.
أدركتُ أنها كانت تنظر إلى المعجنات المخبوزة حديثًا.
كون المكان هو قصر أرفين حيث توجد ليفيا ، جعلني هذا الأمر عاجزةً عن فعل أي شيء، لكن على الأقل، في هذه اللحظة، أردت أن تكونَ ذكرى جيدة للطفلة.
شكرتني آيشا بهدوء، و أومأت برأسها، وأخذت البودينغ إلى أمامها.
حاولتُ جعلها مرتاحةً قدر الإمكان بالتّحدث بمواضيع خفيفة، و سرعانَ ما فتحت آيشا قلبها. على عكسِ آدابها المثالية، لم تكن معتادةً على التحدث مع الآخرين، و كلما تحدثنا، ظهرتْ براءتها الطفولية.
“…لذا، لا تزال خالتي تعتقد أنني أحبّ قراءة الكتب. لكنني أقرأ فقط لأنها أسهلُ طريقة لتمرير الوقت.”
“اختياركِ الكتب لتمرير الوقت لا يعني ذلك أنكِ تحبينها؟ أنا عندما أقرأ، لا أستطيع تحمل أكثر من نصف ساعة قبل أن تغمض عيني.”
“حقًا؟ حسنًا… إذن، ربّما أنا أحبُّ الكتب كما تقول خالتي؟”
“لا داعي لتقسيم الأمور إلى ما تحبينه أو تكرهينه. ليسَ من الضروري أن تحبّي الكتب… لكن، على الأقل، وقت قراءتكِ ليس مملًا، أليس كذلك؟”
“نعم. عندما أقرأ، يمرُّ الوقتُ بسرعة. لا وقت للملل.”
“إذن… ألا يمكننا القولُ إنكِ تحبين الكتب؟ كما قلت، بالنسبة لي، نصف ساعة صعبة.”
عندما خفضت زاوية فمي متظاهرة بالبكاء، ضحكت آيشا ببراءةٍ تناسب عمرها واستمتعت بذلك.
كانت آيشا فتاةً بريئة و لطيفة للغاية.
قالت أنّها تخجل كثيرًا، لكن في نظري، لم تكن مختلفةً كثيرًا عن الأطفال الآخرين.
لكن بسببِ ضعفها الصحي، كانت دائمًا محصورة داخلَ القصر، ممّا جعلها تخاف المواقف الغريبة أكثرَ من غيرها من الأطفال.
“قلتِ إن حلمكِ هو الذهاب إلى الأكاديمية؟ أتمنّى أن يتحقّق حلم آيشا.”
“شكرًا! على الرّغمِ من تناولِ الدّواء لفترةٍ طويلة دونَ تحسّن كبير… مؤخرًا، أصبحَ التّنفس أسهل، وتحسنت حالتي لدرجةِ أنني أستطيع الخروج هكذا. ربما لهذا سألتني خالتي إن أردتُ الذّهاب إلى حفل الشاي.”
“ألا تسألكِ عادةً؟”
“لا. كنت دائمًا أنهار عندما أخرج… لذا لا تشجعني إلا على المشي في الحديقة. إنها قلقة جدًا.”
تتبع عائلة دوقية شيرن، النّبيلة الكبرى في الجنوب، تقليدًا يتمّ فيه توريث اللّقب إلى الابنة المولودة من خط الأم.
كانت الدوقة بياتريس هي فعليًا صاحبة لقب “الدّوقة”، سيدة عائلة شيرن الرسمية.
لكن لماذا تُعرف فقط بـ”الدوقة”، ولماذا الوريثة هي ابنة أختها و ليست ابنتها؟ كانت القصة معقدة إلى حدٍّ ما.
“بما أنني استطعت حضور حفل الشاي… ربّما الأكاديمية ليستْ مجرّدَ حلم!”
جلست آيشا و يدها متشابكتان، وخداها محمرتان، وعيناها المتوقعتان تلمعان وكأنَّ حلمها قد يتحقق قريبًا.
بينما كنت أتحدث مع آيشا بهدوء، لاحظت في زاوية عيني حركة ليفيا.
‘إلى أين تذهب مع الدّوقة بياتريس؟’
اختفى الاثنتان جنبًا إلى جنب في الحديقة الخلفية، كما لو كانتا تتمشيان.
تذكرتُ أن الحديقة الخلفية متصلة بممر الحديقة الذي يحيط بالقصر، فقفزت من مكاني فجأةً.
“إ، إيرديا؟”
تفاجأت آيشا، التي كانت تتحدث معي بهدوء، وقامت معي.
شعرتُ بالقلق من اختفاء ليفيا مع الدوقة، لكن غيابها الآن كان فرصةً ذهبية.
حتى لو لم أذهبْ بعيدًا، فإن التجول داخل القصر أثناءَ الحفل مسموح للضيوف. بل إن ليفيا غادرت المكان كما لو كانت تقول: “حاولي التّحرك إن استطعتِ.”
للعثورِ على جينا، كانَ عليّ استكشاف القصر، ولو لفترةٍ قصيرة. لم أستطع بعد معرفة أيّ فخ قد تكون ليفيا قد أعدّته، لكن يبدو أنه ليس الآن.
‘لكن إذا دخلتُ وحدي، سأضطر لترك آيشا بمفردها هنا، حيث لا توجد الدوقة.’
بالطّبع، كانت آيشا فتاة ذكية، وكانت مربيتها تراقبها من مكانٍ قريب، لذا لم تكن وحدها تمامًا. لكن معظم الحاضرين في الحفل كانوا شخصيات بارزة في الأوساط الاجتماعية، وكان من الصّعب على طفلة في الثامنة التّعامل معهم.
لم يكن هناكَ ضمان أن يقترب منها أحد، لكنني شعرت بعدمِ الراحة بشكلٍ غريب.
جعلني التّفكير في أن ليفيا قد تفعل شيئًا لآيشا متردّدة في تركها بمفردها.
خاصة أن آيشا تشبه سيريل كثيرًا، وهي طفلة صغيرة.
‘آه… حقًا.’
عضضت شفتيّ بقوة، ثم استدرت أخيرًا نحو آيشا.
“آيشا، هل… ترغبين في استكشاف الداخل معي؟”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 90"