شعرت وكأن كاليد يمدحني على جهودي، فارتفع مزاجي فجأة.
“إذا كان سيرُو ، التابع، لم يحتفظ بأيّ سجلات، بينما احتفظَ الفيكونت بها… ربما كان الفيكونت يعد نفسه لاحتمال التخلي عنه؟”
كان هذا يعني أيضًا أن الفيكونت لم يكن شخصية مهمّة بالنسبة لليفيا. منصب يمكن استبداله في أي وقت.
ربما لأنه أدركَ ذلك، لم يثق بليفيا تمامًا وتركَ مهربًا له.
في رسالة سيريل من الأكاديمية، ذكرت أن هيلينا وأخواتها، اللواتي كنَّ يضايقنها، توقفنَ فجأةً عن الحضور.
إذا كان الفيكونت قد مات، فلن يتمكن أطفاله من مواصلة الدراسة في الأكاديمية، مما يفسّر اختفاءهم.
هل كانوا يعلمون أن كلماتهم المتغطرسة لسيريل في قاعة الرقص، التي أعلنت النهاية، ستعود إليهم؟
شعورٌ مرير لا يمكن تفسيره أطفأ مزاجي الجيد، فانخفض مرّةً أخرى.
على الرّغمِ من أنها نتيجة قريبة من القصاص العادل، إلا أنني لم أكن لأفرحَ بموت الآخرين.
“هل سمعت عن أخبار سيرُو ؟ قبلَ أيام، وُجد ميتًا في زنزانته.”
“…لابد أنهم استغلوا تراخي الحراسة بسببِ قضية بيلانيف.”
عبسَ كاليد هذه المرة، كأن النتيجة لم ترضه.
حتى لو كانت الحراسة متراخية، فإن قدرة شخص ما على اختراقها وقتلِ سيرُو تعني أنهم كانوا يراقبونَ الوضعَ عن كثب.
‘كان سيرُو في سجن ميرسين. استغلوا فجوةَ تغيير الحراس عندما استُدعي كلّ فرسان إلباردان إلى بيلانيف.’
على الرغم من وجود الدّوقة الكبرى كلاوس في ميرسين حاليًا، إلا أنها كانت مشغولةً بالتفاوض مع السّادة المحليين وإدارة الشّمال و ميرسين، مما جعل من الصّعب عليه التركيز على حراسةِ السجن.
كانت خطوة ليفيا، التي استغلت تلكَ الفجوة بدقة، جادّة للغاية.
كانت عملية “قطع الذيل” مخيفة ببراعتها و كمالها.
شعرت بقشعريرةٍ باردة تسري في عمودي الفقري.
شربت من الشاي البارد لترطيب حلقي، الذي أثقله شعور بالضيق.
على عكسي، بدا كاليد معتادًا على مثلِ هذه المواقف، إذْ استلقى على الأريكة ببطء.
“الأماكن التي حددتِها… هاجمناها جميعًا.”
“…آه.”
أثناءَ مناقشة الخطة، كنت قد حددتُ على الخريطة مواقع يُشتبه أنها تحتوي على حلبات قتال أو مختبرات مثل تلكَ في ميرسين.
كنت أتساءل لمَ تأخّرَ كثيرًا رغمَ أنه كان في طريقه من إقليم أرفين، لكنه يبدو أنه زار بنفسه بعض الأماكن التي حددتها.
‘لا يمكنني شرح مصدر المعلومات الآن. إذا لم تثق بي، سأطلبُ من والدي التحقق بنفسه.’
‘هل تعنين أن هناكَ حلبات قتال أو مختبرات في هذه الأماكن؟’
‘نعم. قد لا تكون موجودة، أو ربما تم إخلاؤها بالفعل. لكن… إذا بقيَ أي أثر، ألا يمكن أن نحصل على دليل صغير على الأقل عما يخططون له؟’
هل كانت كلّها خالية؟ أم أنه سيستجوبني الآن عن كيفية معرفتي بها؟
شعرت بالتوتر لأنه يسأل الآن عن شيء تجاهلته في البداية.
“خمسة عشر مكانًا. دمرنا ثمانية منها. السّبعة الباقية كانت تحتوي على آثار فقط، كما قلتِ.”
ابتلعت ريقي.
كان مثلَ قول “اللص يشعر بتأنيب الضمير”.
كانت معلومات لا يمكن أن يعرفها إلا ليفيا أو أحد رجالها، لذا لو استجوبني الآن، لن أجدَ ما أقوله.
انتظرتُ بقلق كلماته التالية، وكان العرق البارد يتدفق على ظهري. عضضتُ شفتي من الدّاخل بقوّةٍ حتى لا يُلاحظ.
حافظَ كاليد على صمتٍ طويل.
شعرت وكأنه يمدُّ الوقت عمدًا ليدفعني إلى الانهيار والاعتراف.
كنت أنتظر كلماته وأنا مطأطئة الرأس، عندما سمعت صوتًا خافتًا.
رفعت رأسي بدهشة لأرى كاليد يخرجُ لفافة محترقة من جيبه.
فرد ورقة البردي التي تحمل آثار الحريق، لكن المحتوى كان غير قابل للقراءة بسببِ بقع حمراء داكنة.
باستثناء كلمة واحدة.
في اللّحظة التي تعرفتُ فيها على الكلمة، جاءت كلمات كاليد كأنها كانت تنتظر:
“…آدم. ما هو هذا؟”
“…..”.
“أنتِ تعرفين، أليس كذلك؟”
شعرتُ وكأن قلبي يهوي.
كان يسألني وهو يفترض مسبقًا أنني أعرف عن “آدم”.
كنتُ خائفة. كان هذا الموضوع الذي تجنبتهُ خوفًا حتى الآن.
جـفَّ لساني ولم أستطع النطق.
ارتجفت أصابعي، وانتشرَ العرق البارد.
كان الحديث عن آدم شيئًا يجب أن أشرحه لكاليد. كنت قد قررتُ ذلكَ قبل مجيئه. كلّ ما عليّ فعله هو الشّرح.
ربما يشكُّ فقط في كيفية معرفتي بهذه المعلومات.
كشف هويتي قد يكون أمرًا جيدًا. لقد أخفيتُ الحقيقة لأنني لم أملك الشجاعة لقولها، لكنني تمنيت مرّاتٍ عديدة أن يكتشفها بنفسه.
لكن…
‘لذا، لا يجبُ أن تخفي عنّي شيئًا بعد الآن. أنا أكره مَنْ يكذب عليّ أكثر مِنْ أيّ شيء.’
كنت خائفة من أن يكتشف أنني خدعته وكذبت عليه حتى الآن.
لكن الآن ليسَ هذا هو الحال…
إذا تمكنت من التغطية عليه، قد يتجاوز الأمر هذه المرة أيضًا.
فتحت شفتيّ بصعوبة وأنا أتمسكُ بهذا الأمل:
“…إنه…”
شعرت بشيءٍ ساخن ومؤلم عالق في حلقي، لا يخرج بسهولة. شعرت بالاختناق.
في اللّحظة التي أغمضت فيها عينيّ وحاولت التحدث، شعرتُ بريح باردة تمرّ على خديّ.
طق!
تفاجأت بصوت عالٍ مفاجئ وأدرت رأسي.
فُتحَ الباب بعنف و اندفع جيرمان إلى الداخل، وهو يلهث، وعلى جبهته عرق بارد نادر.
“سموّكَ! ليفيا… سيّدة القوة المقدسة تحركت!”
أخذت نفسًا عميقًا.
استرخى جسدي المتيبس من التّوتر فجأةّ، فشعرت بألمٍ في أضلعي. يبدو أنني كنت مشدودة إلى هذا الحد.
استمرّ صوت جيرمان:
“…كاتدرائية ديرفولد. يقال إنها ذهبت للصلاة هناك بعد أن سمعت بأخبار بيلانيف وشعرت بالحزن.”
ضغطَ كاليد بقوّةٍ على الطاولة.
“ألم تتوقع أن تتصرف هكذا؟”
نظر جيرمان إليّ، وأنا مَن وضعت الخطة، وأومأ برأسه.
“نعم. هذا بالتّأكيد ضمنَ التوقعات، لكن… لا يبدو أنها غادرت القصر بمفردها كعادتها.”
“ليست بمفردها؟”
“نعم. يبدو أن الأمور قد تسيرُ بشكلٍ مختلف عما توقعنا.”
لهذا هرعَ على كاليد.
قرّرَ أن هذا أمر يجبُ أن يتحقق منه كاليد بنفسه.
عند كلمة “ليست بمفردها”، تذكرت فجأةً الأشخاص الذين بقوا في قصر أرفين. الخادمات اللواتي بقين في القصر بدلًا من الذهاب إلى الإقليم مع الدوق و الدّوقة.
ومن بينهم، ظهر وجه جينا، التي كنتُ أحبّها أكثر من غيرها، في هذه اللّحظة بالذات.
شعورٌ مشؤوم بدأ يتسلل ببطء من أخمص قدميّ. ليس جيدًا. كان لديَّ شعور قوي باليقين.
قبل أن يردّ كاليد، نهضت فجأةً.
“لنذهب لنرى. يجب أن أرى كيف ستردُّ بنفسي.”
تدفّقَ.العرق البارد الذي تكون من التوتر على قفاي. نظرَ كاليد إليّ بعيون لا يمكن قراءتها، ثم نهضَ ببطء.
أمسكتُ بأصابعي بقوّة.
‘سأخبره بعد أن نرى. مهما كانت النتيجة… لا يمكنني الاستمرار في الإخفاء.’
عن آدم، وحتى عن هوّيتي إذا لزمَ الأمر.
“لنذهب. يمكننا رؤية الأمور مباشرةً وتقرير كيفية المضي في الخطة. قد تتغيّرُ الأمور بشكلٍ غير متوقع.”
تمنيت ألا تُضطَر الخطة إلى التعديل.
وأنا أرجو أن تتحركَ ليفيا وفقَ توقعاتي، ركبت العربة التي جاءَ بها كاليد.
* * *
كانت ساحة الكاتدرائية مكتظّةً بالناس بالفعل.
مع الكشف الأخير عن أحداث بيلانيف وتتابع قضية خطاب التوصية، كانت راجان تعجّ بالضجيج.
كان ذلكَ لأن سيدة القوة المقدسة، ليفيا أرفين ، متورطة في هذه الأحداث.
كانت الحشود التي تُرى من نافذة العربة خانقة، وتحولت همهماتهم إلى ضجيج.
مـرَّ نسيمٌ بارد.
حاولت أن أتنفس بعمق، لكن صدري كان مشدودًا فلم أستطع.
ذكّـرتني الحشود اللامتناهية بحفلِ زفافي مع كاليد. ومن بين كل الأماكن، كاتدرائية ديرفولد، حيثُ كان من المفترض أن نقيمَ الزفاف.
كان كاليد ينظرُ من النّافذة بتعبير لا يمكن فهمه، بعيونٍ باردة.
حولت نظري منه إلى النّافذة بجهد، وأمسكت بقماش سروالي على ركبتيّ بقوة.
شعرتُ فجأةً بقلق لأنني لا أزالُ في ملابس تدريب المبارزة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 82"