لم أستطع نفي الأمر تمامًا. بعد سماع كلام الماركيز، بدأت الأمور المشبوهة تتبادر إلى ذهني واحدًا تلو الآخر.
واصل الماركيز حديثه بسلاسة، كما لو كان يحمل هذه الشّكوك منذ زمن طويل.
“كنتُ أؤمن أن الإنسان هو اتحاد الروح والجسد. لكن من خلال الوثائق القديمة، علمتُ بوجود ظاهرة تُسمى ‘التجسد’… وبعد لقائي بكِ، أصبحتُ مقتنعًا بأن الإنسان يمكنُ أن ينقسم إلى روح وجسد.”
“لأن روحي سكنت في جسد ليفيا، سيدة القوة المقدسة… هل تقول إن القوة المقدسة قد سكنت فيّ أيضًا؟”
“نعم. نعمة الحاكم ليست مرتبطة بروح ليفيا، بل بالدم الذي يجري في جسدها، دم أرفين.”
عبستُ وأنا أضغط على صدغيّ بقوة.
بشكلٍ غريب، بدأت فرضية وكأنها تكتمل في ذهني.
في الواقع، كنتُ أعتقد أن الحاكم يحبُّ دم أرفين، وليس ليفيا، ولهذا استطعتُ استخدام القوة المقدسة.
لم يكن لديّ دليلٌ واضح لإثباتِ فرضيتي على الفور. لكن… كانت نسمة باردة تمر على خدي تشعرني وكأنها إلهام واضح.
“النسب النبيل…”
تذكرتُ محادثتي مع كاليد في حديقة الماء.
الحاكم لا يحب ليفيا، بل الدّم الذي يجري في جسدها.
نعمة الحاكم لم تكن سوى وراثة عبر الأجيال، لم تُمنح خصيصًا لليفيا.
إذن، تلكَ الشكوك التي لم أجد لها إجابة حينها.
لماذا استحوذتُ على جسد ليفيا؟
“…هل أراد الحاكم تغيير سيّدة القوة المقدسة؟”
للحفاظِ على ذلكَ الدم النبيل الذي يحبه كثيرًا.
شعرتُ وكأنني حصلتُ على إدراك عظيم.
اتسعت عيناي وأنا أستدير نحو الماركيز.
“بمعنى آخر… لا أعرف السّبب، لكن الحاكم أرادَ تغيير سيّدة القوة المقدسة لحماية دم أرفين. لكنه لم يستطع قتل ليفيا.”
“لا يمكننا التكهن بإرادة الحاكم، لكن هذا احتمال وارد. ففي النهاية، ظاهرة التجسد لا يمكن أن تحدث إلا باختيار الحاكم.”
أحبّ بيسيا أرفين. أراد منع ليفيا من تدنيس ذلك الدّم النّبيل، لكنه لم يستطع قتل ليفيا التي يجري في عروقها دم أرفين.
إذا كان التجسد هو الحـلّ البديل…
“إذن، يمكن تفسير سببُ تجسّدي المفاجئ.”
“حتى لو كانت الروح و الجسد منفصلين، فإنهما يشكّـلان في النهاية كيانًا واحدًا. تأخر تنبؤ الفيضان العظيم قد يكونُ أيضًا… ردَّ فعل ناتجٍ عن اختلاف الرّوح و الجسد.”
عندما تسللتُ إلى جسد ليفيا، أدركتُ تدريجيًا مع مرور الوقت أن ‘هذه هي القوة المقدسة’ وتعلمتُ استخدامها شيئًا فشيئًا. لأنها لم تكن قوة ولدتُ بها، كنتُ بحاجةٍ إلى وقت للتكيف.
كان كلّ شيء يبدو طبيعيًا جدًا حينها، فلم أفكر في الأمر بعمق. علاوةً على ذلك، كان لدي الكثير من الأمور التي يجب التعامل معها في ذلك الوقت.
“إذا فكرنا بهذه الطريقة… ألا يبدو من الغريب أن أتمكّنَ من استخدام القوة المقدسة الآن؟”
“همم… إذا كان كل هذا اختيار الحاكم، ألا يمكن أن يكون عدم توقعه لانتهاء التجسد… شيئًا غير متوقع؟”
تحدّثَ الماركيز عن الخطأ الذي حدث.
بينما كان يتحدث، لم يستطع إخفاء شعوره بعدم الارتياح، كما لو أن ذلكَ مستحيل.
“على سبيل المثال، أرادَ الحاكم تغيير الرّوح من خلال التّجسد، لكنه لم يحقق هدفه بسببِ متغيرات غير متوقعة. ومع ذلك، إذا كان لا يزال يريد تغيير سيّدة القوة المقدسة، وقد استدعاكِ إلى هذا العالم…”
“تقصد أنه ربما منحني نعمته أيضًا؟”
“نعم. لم نسمع من قبل عن منح نعمة الحاكم مرّةً أخرى، لكنكِ عشتِ في جسد تلقى النعمة لمدّةِ خمس سنوات. إذا كان ذلك قد شكّل أساسًا لمنح الحاكم لنعمته، فيمكن تفسير تلكَ القوة.”
في تلكَ اللّحظة التي رميتُ بنفسي لحمايةِ الفتاة، تلكَ القوة الغامضة التي أحاطتني.
إذا كانت حقًا القوة المقدسة، فكلّ شيءٍ منطقيّ.
إذا كانت هناك متغيرات لم يتوقعها حتى الحاكم….. هل كانَ ذلك الملاذ الذي نشرته في بيلانيف حتى استنفدت القوة المقدسة؟
إذا كان بيسيا قد جعلني أتجسد في جسد ليفيا، وكانت القوة المقدسة هي التي أبقت روحي في ذلك الجسد…
إذا لم أكن قادرة على استخدام القوة المقدسة منذ البداية لأنني كنتُ أستخدمها لتثبيت روحي في الجسد، و ليس لأنني لم أتكيف معها…
ربما أصبحتُ قادرة على استخدام القوة المقدسة مع مرورِ الوقت لأن روحي أصبحت متفاهمة مع الجسد.
لكن خلالَ.الفيضان العظيم، استنفدتُ تلك القوة المقدسة بالكامل، فلم يعد بإمكانها تثبيت روحي في الجسد… وهكذا، كأنني طُردت، عدتُ إلى جسدي الأصلي؟
كانت فرضية يمكن فهمها بسهولة، لكن ظل هناك سؤال لم يُحل.
لماذا أنا بالذات؟
كان بإمكان الحاكم اختيار طريقة أسهل. كان هناك شوريل، الذي يجري في عروقه دم أرفين، والذي كان مناسبًا أكثر من أيّ شخصٍ آخر ليكون سيّد القوة المقدسة.
“وفقًا للوثائق القديمة التي قرأتها، التجسد هو عندما تسكن روحٌ في جسد شخص آخر. لكن… كُتب أنه مع مرور الوقت، تندمج الروح المتجسدة تدريجيًا مع الجسد، حتى تؤمن أخيرًا أنها المالك الحقيقي لذلك الجسد.”
كانت كلمات مخيفة. بمعنى آخر، إذا مر وقت كافٍ، ستؤمن الروح أنها كانت دائمًا ذلك الشخص، ناسيةً حتى أنها استولت على الجسد.
إذا كان ذلك صحيحًا، لو استمررتُ في العيش كليفيا، لكنتُ نسيتُ تمامًا أيامي كجي يونغ… وكنتُ سأؤمن أنني ‘ليفيا أرفين’ وأعيشُ كذلك.
كانت الفكرة التي خطرت لي قبل قليل مشابهة.
“مع مرور الوقت، يصبحان واحدًا…”
ابتلعتُ ريقي. مجرّد التفكير في ذلكَ جعل ظهري يرتجف. لو كنتُ مكان ليفيا—لو سُرقت حياتي بالكامل، لربما حملتُ ضغينةً لن أنساها حتّى في حياتي التالية.
“بالطبع، هذه مجرّد فرضية. لم يتم تأكيد ما إذا كانت تلكَ القوة هي القوة المقدسة بعد. هل استخدمتِها مرّةً أخرى بعد ذلك؟”
“لا. حتى في ذلكَ الوقت، لم أستخدم القوة بقدرِ ما شعرتُ أنها حمتيني من تلقاءَ نفسها.”
“من الأفضل أن تتدربي على استخدام تلك القوة. بما أنكِ استخدمتِها من قبل، إذا كانت حقًا القوة المقدسة، فستتبع إرادتكِ.”
“القوة المقدسة هي قوة تتدفق في دم أرفين. كان هناكَ العديد من الكتب القديمة التي تسجل تاريخ العائلة في قصر أرفين. كان يجب أن أقرأ المزيد منها.”
“من المؤسف، لكن اقتحام قصر أرفين أمرٌ صعب. سأبحث أيضًا عن وثائق متعلقة بهذا. لكن الآن، من الأفضل أن ترتاحي جيدًا.”
“نعم… أعتقد أنني بحاجة لذلك. أشعر أنني وصلتُ إلى حدودي.”
عندما لم أستطع إخفاء إرهاقي وتلعثمتُ في كلامي، نظر إليّ الماركيز بعيونٍ دافئة.
“سنواصل مراقبة تحركات ليفيا. من الأفضل أن تسترخي و تتعافي من إرهاق الرحلة لفترة.”
“صحيح. الخطط التي وضعناها ستُكتمل أيضًا. بما أننا رددنا الصّاع صاعين، ستأتي ردة فعل بالتأكيد.”
“سنعدُّ الاستجابات من جانبنا أيضًا.”
“نعم، جهّز كل شيء. من الأفضل أن نراقب تحركات ليفيا حتى عودة سموّه. لا تفوّت أي شيء.”
“حسنًا، فهمت.”
“آه، و… هل يمكنكَ تعيين معلم لي؟”
مال الماركيز برأسه وهو على وشكِ النهوض.
“معلم لماذا…؟”
“معلم مبارزة. أريد بناء قوتي البدنية… وعلى الأقل أن أكونَ قادرةً على حماية نفسي.”
حتى مع وجود الحراس، ستأتي لحظات الضعف حتماً. في ميرسين وبيلانيف، تكررت تلك اللحظات. الاعتماد على إبرة صغيرة كان خطيرًا جدًا، وهذه المرة أردتُ أن أتعلّم بشكلٍ صحيح.
لأن الاعتماد على قوّةٍ مجهولة لا يمكنني التحكم بها بعد، وقد لا تكون القوة المقدسة.
“هل… هو طلبٌ يثقل كاهلكَ؟”
بما أنني طلبتُ الكثير بالفعل، سألتُ بحذر، فضحكَ الماركيز بحرارة.
“هل سيدة عائلة فالاندي، أغنى عائلة في الإمبراطورية، قلقةٌ بشأن المال؟ هل أكوّن لكِ فرقة فرسان؟”
“لا! لا داعي لذلك..!”
“توقفي عن التّفكير هذه الهموم غير الضرورية، و فكّري فقط في الراحة.”
رؤية الماركيز يضحكُ بحرارة جعلت وجهي يحمر دونَ سبب. أردتُ أن أغوص في الأريكة وأنام، لكنني علمتُ أن جسدي سيصرخ في اليوم التالي، فتوجهتُ إلى غرفتي متثاقلة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 77"