استرخت ليفيا في العربة الثابتة، ملقيةً نظرة جانبية.
“أحد الكلاب المطيعة التي كانت تتوقُ للصّعود إلى فراشي؟”
“نعم. أحد أتباعكِ. من أصل نبيل جنوبي، وكان زميلًا للأمير في الأكاديمية. شخص أُوكل إليه ميرسين لقدراته.”
“همم، هكذا إذًا.”
كانتْمثل هذه الأمور كثيرة جدًا، فأغمضتْ ليفيا عينيها نصف إغلاق و تثاءبت بكسل.
“مزعج. تعاملْ معه بنفسك.”
“حسنًا.”
لم يسأل إدموند حتى عما إذا كانت قدراته ستُهدر. كان يعلم أن شخصًا لا تتذكره ليفيا قد فقدَ اهتمامها بالفعل.
أعجبتْ ليفيا بموقف إدموند الذي يطيعُ دونَ شك.
“لقد عملَ بجد، لكن الأمر كانَ سريعًا جدًا. لستُ حزينة عليه، لكن خسارة ميرسين بهذه السّرعة… لم يكن ولي العهد ليفعل ذلكَ بمفرده. مَـنْ ساعده؟”
“دعمته قوات الدوقة الكبرى الشمالية. بسببِ حصار ميرسين، من المتوقع أن يقدم اللوردات المجاورون وثائق احتجاج قريبًا.”
“تلكَ المرأة المتعجرفة أرسلت قوّاتها بنفسها؟ رغمَ علمها بالاحتجاجات؟ لا بد أنّ هناكَ صفقة تمت.”
“فكّرتُ في ذلكَ أيضًا، لكن هناك! شيء غريب. لم ترسل قوات فقط، بل ذهبتْ الدّوقة الكبرى بنفسها إلى ميرسين.”
“ذهبتْ بنفسها؟”
كانت ليفيا تتثاءب بعيونٍ نصف مغلقة كما لو كانت تشعر بالملل، لكنها فتحت عينيها فجأة، وانحنت زاوية عينيها بحدة.
“نعم. يبدو أن هناكَ دافعًا واضحًا دفعها للتّحرك بنفسها.”
“دافع…”
تذكّرت ليفيا شخصًا تركته في ميرسين من الماضي. ارتفعت زاوية شفتيها الناعمتين الحمراوين بابتسامةٍ ماكرة.
“شوريل.”
أومأ إدموند برأسهِ قليلًا كأنّه توقّع ذلك.
“ههه! شوريل، يا له من طفل ساحر. ظننتُ أنّه كان محبوسًا في الحدود و يتظاهر بأنه قديس ، لكنه استحوذَ على الدّوقة الكبرى خلالَ هذا الوقت!”
“لا توجد أدلّة أخرى للتخمين. مجرّد حقيقة أن الدّوقة الكبرى كانت تزور مكان إقامة شوريل باستمرارٍ تؤكد ذلك.”
“مذهل للغاية. كان يُخفي سرًا رائعًا كهذا طوال هذا الوقت. لا عجب أنه اختارَ بسهولة أن يخضعَ لتأثير الدواء و يُطيع كالكلب. كان هناك مَـنْ يُريد حمايته، ذلكَ الأحمق.”
ظنّت أنّـهُ خروف وديع، لكن يبدو أنّـه على الأقل ذئبٌ يعرف كيف يحمي ما يملكه.
لم تستطع ليفيا كبح ضحكتها وهي تتذكّر زيارة شوريل لها قبل مغادرتها لازان.
‘لا يمكن أن تفعلي هذا إلا إذا كنتِ مجنونة. حتى لو فقدتِ ذاكرتكِ، ألم يكنْ ذلكَ الشّخص هو مَـنْ أحببتِهِ كثيرًا؟’
‘منذ متى و أنتَ مهتمٌّ بشؤوني هكذا، شُروريل؟ أخي الصّغير الطيّب السّاذج. لقد مللتُ منكَ.’
‘حقًا لا تتذكرين شيئًا؟ لقد… كنتِ تعتزين به كثيرًا.’
‘هل كانَ ذلكَ الحبّ الصغير صادمًا إلى هذا الحدّ؟ إذا كان ولي العهد ينهار بسببِ أمـرٍ كهذا، ألم يكن غير مؤهّلٍ منذُ البداية؟’
‘ظننتُ أنكِ تغيّرتِ. آمنتُ بتغيّركِ… لكنكِ لا تزالين تلعبينَ بقلوب النّاس. هل فرق وجود ذكرى أو عدمها كبير إلى هذا الحدّ؟’
‘يا للأسف، شوريل المسكين. الناس لا يتغيّرون. ظننتَ أنني كنتُ طيبة عندما فقدتُ ذاكرتي؟ ربّما كان ذلكَ الوجه الطيب مجرّد تمثيل، مثلي الآن.’
‘…أرجوكِ، يا أختي’
‘لم أعد أريد الاستماع. إذا واصلتَ التدخل، فلن أترككَ وشأنكَ. إذا كنتَ لا تريدُ ذلك، فالتزم ذيلكَ وارجع إلى الشّمال كما في السّابق.’
‘حقًا… هل ستصلين إلى هذا الحد؟’
لمعة الحقد في عينيه الوديعتين كانت مشابهة لها تمامًا. أثبتَ شوريل أنه يحملُ دم أرفين.
بالنّسبة لليفيا، كانَ شوريل مجرّد قريب.
كلبٌ مزعج يعيقها في كل خطوة، ينبح “لا يمكن” في كلّ وقت.
لم تقتله فقطْ لأنه يشاركها دم العائلة، لكن لم يكن هناك أي عاطفة.
مَن كان يظنّ أن هذا الكلبَ سيصبح عائقًا بهذه الطّريقة؟
“ههه، مثير للاهتمام. كيفَ عرف ولي العهد بعلاقة شوريل و الدّوقة الكبرى؟ بالتأكيد استخدمَ ذلكَ كطعمٍ لكسبِ دعم الدّوقة. وإلا، لم تكنْ تلكَ المرأة لتتحرك بنفسها من أجلِ مجرّد صداقة.”
“يبدو أن هناكَ مساعدًا آخر.”
“مساعد آخر؟”
“نعم. هل تتذكرين؟ الفتاة التي تبناها ماركيز فالاندي.”
تذكّرت ليفيا فورًا تلكَ المرأة المزعجة التي قابلتها في قاعة الحفل.
كانت فتاة عادية كغصن جاف، باستثناء شعرها الأسود و عينيها السوداوين النادرين في راجان. ومع ذلكَ، كان شعور الألفة الغامض يزعجها باستمرار، مما جعلها أكثر إزعاجًا.
“إيرديا… تلكَ الفتاة مع وليّ العهد؟”
تشوّه وجه ليفيا بسببِ تذكّر الإهانة في قاعة الحفل. كأن الإشاعات التي دارت في راجان لم تكن مجرد إشاعات.
“خطوبتهما أصبحتْ أمرًا مؤكدًا. يقال إن الماركيز فالاندي يختار بحماسٍ أغراضًا تليق بالعروس عبر الأبواب الأربعة. كانا معًا باستمرارٍ منذ الحفل… وذهبا معًا إلى ميرسين.”
“إذا كانا يشاركان حتى في مثلِ هذه الأمور، فلا بد أن علاقتهما عميقة.”
“هكذا يُحكم.”
عضّت ليفيا أظافرها بعادة و غرقت في أفكار عميقة.
كانت صورة إيرديا وهي تقول “تذكّريني”، وظهرها وهي تغادر مع كاليد، تدور في ذهنها.
“تلك الفتاة… هناكَ شيءٌ ما بها بالتأكيد.”
شعور الألفة الغامض، والإحساس القوي الذي شعرت به رغم تبادلِ بضعِ كلماتٍ فقط.
كان شعورًا مقززًا كأنّ روحها ترفضه من الأعماق.
حتى لو أقسمت تلكَ الفتاة على الولاء، لم تكن لتقبلها مهما كانتْ مميزة.
كان هذا الشعور الغريب قويًا لدرجةِ أنه لا يُنسى.
لم تشعر ليفيا بهذا الإحساس إلا مرّةً واحدة من قبل.
“ها!”
ضحكت للفكرة سخيفة، لكن زاوية فمها لم ترتفع.
تيك، تيك… لم تُنزل يدها إلا بعد أن أتلفت أظافرها.
مرّت نظرة شرسة مخيفة على وجهها الجميل المبارك إلهيًا.
“تلكَ الفتاة، إنها بالتّأكيد هي.”
مجرّدُ التّفكيرِ بها جعلَ غضبها يغلي وجسدها يرتجف.
إيرديا – فكرة أنّ تلكَ الفتاة هي الروح التي سرقت جسدها.
كل شيء بدا منطقيًا كأن قطع الأحجية تتجمّع.
نظرة إيرديا إلى كاليد في قاعة الحفل، و معرفتها بعلاقة شوريل و الدّوقة الكبرى التي لا يعرفها إلا المقرّبون.
‘إذا كان شوريل يتحدّث عن أخت طيبة حقًا، فقد يكون قد شاركها أسراره عندما كانت في جسدها.’
لهذا السّبب عرفتْ تلكَ العلاقة.
رغم غضبها الذي يكادُ يمزق صدرها، نظّمت ليفيا أفكارها بسرعة.
“يجبُ أن أتأكّـد.”
“أعطيني الأوامر.”
“اجعل ولي العهد يعرف ما يحدث في بيلانيف. أو تلكَ الفتاة، لا يهم. سيعرفان على أيّ حال.”
“هل هذا مناسب؟ إذا اكتشفوا، قد يتم تنظيف بيلانيف أيضًا.”
“لا يهم. الأهمّ هو أن أحصل على التأكيد الذي أريده.”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 57"