“لم أتوقّع أن تكون خادمتك امرأة، بل وذكيّة جدًا. ليست مخطئة، لذا لا داعي لتلكَ النظرات الحادّة.”
بعد أن تأكّد سيرو أنّ الخنجر الأخير الذي رمى به قد صُدّ بيد كاليد، استسلمَ تمامًا.
لم يكن بإمكانه الهروب بجسده هذا، وعلى أيّ حال، لو حاولَ الفرار بعد أن كشفه كاليد، لأُمسك به بسرعة.
استسلمَ بسرعةٍ كبيرة. شكّ كاليد في سبب استسلامه السريع، لكنّه عبسَ عندما رأى عروقًا سوداء تظهر حول عنق سيرو.
“ما الذي فعلتِـه؟”
“قلتُ إنّني سأستعد جيّدًا لأيّ خطر.”
“هل تقصدين أنّك استخدمتِ ذلك الخنجر السخيف؟”
تذكّرَ كاليد الخنجر البدائيّ الذي أعدّته إيرديا قبل قدومهما إلى حلبة التّوكيل، والذي قالت إنّها طلته بالسمّ المخدّر.
لكن قبل أن تجيب إيرديا، قاطعها سيرو بنبرةٍ منزعجة:
“هل تعتقد حقًا أنّني سأُصاب بخدشٍ من خنجرٍ تلوّح به تلكَ الفتاة بشكلٍ أخرق؟”
كأنّ كبرياءه قد جُرح، نظرَ كاليد إلى إيرديا دون كلام.
كانت تضمّ يديها بهدوء، تنظرُ بخلسةٍ إلى كتفِ كاليد النازف.
“كان سيرو من الأفضل في الأكاديميّة. خنجركِ الضعيف لم يكنْ ليمسّ حتّى طرف ثوبه.”
“أعلم. لم أتوقّع أن يُصابَ حرّاسٌ في مثل هذا المكان بخنجري الذي ألوّح به.”
تمتمت إيرديا بشفتين متورّمتين، وكأنّ كبرياءها قد جُرحَ أيضًا.
كيف استطاعت هذه الفتاة الهشّة أن تأخذ زمام المبادرة؟
كان كاليد يتوقّع كلماتها التالية بشيءٍ من الفضول.
“الخنجر كانَ خدعة. من الواضح أنّ شخصًا غير ماهر مثلي لا يمكنه إصابة خصمٍ متمكّن. لكن تلكَ الحركة الخرقاء تجعل الخصم يتهاون و لو للحظة. سيعتقد أنّ بإمكانهِ إنهائي بلمسةٍ واحدة.”
“حيلة للتقليل من شأنكِ؟”
“نعم، بالضّبط. استغللتُ تلكَ اللحظة ورميتُ هذا.”
أخرجت إيرديا من حقيبةٍ صغيرة مربوطة على خصرها أنبوبًا دائريًا بحجم شبر و فتحت غطاءه.
“استغللتُ حركتي الخرقاء لجعلِِ الخصم يسترخي أو يتحرّكُ بشكلٍ مبالغ فيه أو يقترب ليقتلني. السمّ قويّ جدًا… لم أكن أرغب في استخدامه، لكنّه كان يحاول قتلَ شوريل…”
عضّت شفتيها الحمراء بقوّة بوجهٍ شاحبٍ بشكلٍ مخيف.
كانت عيناها المنتفختان من البكاء و المتلألئتين بالدّموع تخترقان قلب كاليد بشكلٍ غريب.
‘يبدو أنّ لديها حياةً واحدة فقط.’
شعرَ بالغضب من تهوّرها غير الضروريّ، لكن يبدو أنّها لم تكن تتجوّل بلا خوف تمامًا.
“بالطّبع، ليستْ مجرّد إبر. مغطّاة بالسمّ. لا أزال لا أميّزها جيّدًا: الأحمر سمٌّ قاتل، الأخضر سمٌّ عصبيّ، الأصفر سمٌّ مخدّر، وهذا… لا أتذكّر. على أيّ حال، يكفي ليمنحني وقتًا للهروب.”
كانت أدواتٍ يستخدمها القتلة المحترفون. لم يتوقّع كاليد ظهور أدوات قتلٍ مجهّزة بهذا الكمال.
هل أعدها الماركيز فالاندي؟ أم أنّها أعدّتها بنفسها؟
‘بالتأكيد، إنّها ليست امرأةً عاديّة.’
أصبحت هذه المرأة الغامضة أكثر إثارةً للفضول.
شعرَ كاليد بالراحة بعد شرح إيرديا، ثمّ ربط سيرو تمامًا تحسبًا لأيّ طارئ.
ربّما بسببِ انتشار السمّ أو إدراكه غريزيًا أنّه لا يستطيع الهروب، كان سيرو يحاول تنظيم تنفّسه قدر الإمكان.
“لم أتوقّع أن تُهزمَ على يد امرأة.”
“اخرس. لقد تهاونتُ فقط.”
“التهاون جزءٌ من المهارة. ألم تُهزم بجمالها؟”
“هل تركتَ عينيك في راجان؟ كيف يمكن لهذه أن تستخدم الجمال؟ إنّها مثل غصنٍ جاف!”
“…..”.
لم يُجب كاليد.
كان سيرو الابن الثاني لعائلة روزيس، إحدى العائلات القويّة بين نبلاء الجنوب. كما يليق بنبلاء الجنوب المتكبّرين، كان لديه ذوقٌ رفيع و كبرياء عالٍ.
بدت إهانة أن يُهزم على يد إيرديا الضعيفة المظهر، فتذمّرَ بغضب.
“المرأة الوحيدة في العالم القادرة على استخدام الجمال ضدّي هي واحدة فقط. لقد تهاونت مع هذه السنجابة المرتجفة لأنّها بدت مضحكة وهي تكافح!”
“مهما كان، لقد هُزمت على يد هذه السنجابة المرتجفة.”
“هاه! هل تعتقد أنّني سأبقى محتجزًا؟ ألا تعلم أنّه سيُطلَق سراحي قريبًا؟ وعندما يحدث ذلك، سأخنق تلكَ السنجابة بنفسي!”
كان حديثه المُهين عن إيرديا وتهديده بقتلها مزعجًا للغاية.
بعد أن أكملَ كاليد ربطه، وضع كمّامة في فمه لإسكاته.
صرخَ سيرو بكلماتٍ غير مفهومة، لكن ذلك لم يُضعف كاليد، بل سيرو نفسه.
نظرَ كاليد إلى سيرو روزيس بعيونٍ باردة و همسَ بما لا يسمعه الآخرون:
“إنّها تبدو جميلة بما يكفي لاستخدامِ الجمال. يبدو أنّ عيون نبلاء الجنوب مجرّد زينة.”
“هممف! همف!”
صرخَ سيرو بعيونٍ جاحظة، لكن كلماته لم تكن مفهومة.
بدا كما لو أنّه يلعن كاليد بـ”الأحمق” بعينيه الجاحظتين، لكن كاليد تجاهله بسهولة.
شعرَ كاليد بالاستياء لأنّه أمسكَ بمسؤول حلبة التّوكيل دون أن يرفع يدًا.
لكن الأمور سارت بسلاسة بفضل المرأة التي أمامه.
“كيف وجدتِ شوريل؟”
“تتبّعتُ الباب السرّي الذي وجدته سابقًا.”
“لم يكن عدد الحرّاس قليلًا.”
“تنكّرتُ بملابس العاملين هنا.”
حينها فقط لاحظ كاليد أنّ إيرديا ترتدي ملابس مختلفة عن تلكَ التي دخلت بها الحلبة.
كون المكان مخصّصًا للّهو والقمار والهوايات السرّيّة، كانت ملابس العاملين فيه مكشوفة للغاية.
مرّت عيناه دون قصد على ذراعيها و ساقيها المكشوفتين، فأدارَ رأسه بسرعة.
“سأعتني بشوريل، فمن الأفضل أن تعودي لملابسكِ الأصليّة.”
“لكن، سموّكَ أنتَ مصابٌ أيضًا… يجب فحص جرحكَ أوّلًا…”
“فرقة الفرسان ستصل إلى هنا قريبًا. هل تنوين أن يروكِ هكذا؟ رغم أنكِ ابنة الماركيز؟”
“آه…”
كأنّها تذكّرت مظهرها، احمرَّ وجه إيرديا فجأةً وقفزت واقفة. أمسكت بحقيبتها التي ألقتها بقوّة و ركضت إلى غرفة أخرى متّصلة بالغرفة الصغيرة.
شعرَ كاليد بشعورٍ لا يستطيع تفسيره. للحظة، بدت لطيفةً بشكلٍ غريب.
‘هل كان هناك سمٌّ على الخنجر؟’
ضغطَ على كتفه المصاب وهو يفكّر أنّه ليس في كامل وعيه. ساعده الألم على استعادة رباطة جأشه.
تنهّدَ كاليد واقترب من شوريل الذي لا يزال غير قادرٍ على التحكّم بجسده.
“بووو-”
في تلكَ اللحظة، تردّد صوت بوقٍ ضخم عبر القبو. اهتزّت الأرض، واختلط صياح الصقر مع الهتافات.
“… الدّوقة… سموّ…”
ردّ شوريل غريزيًا على الضوضاء البعيدة.
كان ذلك لحظة نجاح العمليّة التي استعدّوا لها طويلًا.
* * *
بمساعدة الفرسان، نُقلَ شوريل على الفور إلى منزلٍ آمن. تاركةً كاليد يتعامل مع حلبة التّوكيل تحت الأرض، تحرّكتُ مع شوريل.
لم أستطع مغادرة جانب شوريل الذي فقد وعيه.
“يبدو أنّه كان تحتَ تأثير مخدّر لفترةٍ طويلة. هذه حالةٌ نادرة. إنّه تقريبًا في حالة تسمّم. هناك أيضًا إصابات لم تُعالج في الوقت المناسب…”
“مخدّر؟ لماذا…”
لم يُخفِ الطّبيب الذي يفحص شوريل تعاطفه.
“عادةً، يُعطون المخدّر للمحتجزين هنا الذين يقاومون بشدّة أو لا يتحرّكون كمَا يريدون. يبقون واعين لكن أجسادهم تفقد القوّة فلا يستطيعون المقاومة. هذه الجرعة العالية هي الأولى من نوعها بالنّسبة لي.”
كان المخدّر يُستخدمُ لتهدئة المرضى الذين يعانون من الألم أو للقبض على حيواناتٍ وحشيّة. بما أنّه يمكن إساءة استخدامه بهذه الطريقة، فقلّة من الأطبّاء لديهم تصريح باستخدامه.
‘هل أعطوه مخدّرًا إلى درجة التسمّم؟’
لهذا بدت بشرته الباردة حمراء بشكلٍ غير طبيعيّ.
“العلاج، هل يمكن علاجه؟”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 50"