في أسوأ الحالات، إذا ساءتْ الأمور، يمكن “قطع الذّيل”.
كان ذلك ممكنًا فقط لأنني لست من دم فالاندي الحقيقي.
يكفي أن يقولوا أن “كلّ شيءٍ فعلتهُ إيرديا المتبنّاة كانَ بمفردها”.
أليسَ هذا هو السّبب وراء سماح كاليد لي بالمشاركة علنًا رغمَ أنه لا يثقُ بي تمامًا؟
إمكانيّة التّخلصِ منّي في أيّ وقتٍ تعني أنه يمكن حماية عائلة الماركيز مع إلقاء اللّومِ عليّ إذا ساءت الأمور.
“لا أحدَ يفكّرُ بهذه الطّريقة، إيرديا.”
“أنا بخير. إذا كانَ ذلكَ ضروريًا، يجب استغلال الفرصة. إذا كنتُ مفيدةً، فلابدّ منْ ذلك.”
لم أشعرْ بالإهانة. بغضِّ النّظر عن أفكار كاليد الحقيقية، كنت أعلم أن الماركيز ليس شخصًا سيستخدمني كأداةٍ ثم يتخلّص مني.
“لماذا تستمرّينَ في اختيار هذا الطّريق رغم علمكِ بأنه سيجرحكِ؟ هل تأملينَ أنْ أتخلّصَ منكِ مثل قطع الذّيل إذا فشلَ الأمر؟”
“…أعلم أنكَ لن تفعلَ ذلك.”
“صحيح، تعلمين أنني لنْ أفعل. على أيّ حال، لقد قررتُ الوقوفَ إلى جانب سمو ولي العهد. حتى لو فشلَ هذا الأمر، سأخطّطُ للأمر التالي معه. لكن، هل ستواصلين فعل هذا حتى حينها؟”
كان! الماركيز قلقًا.
كانَ ينظر إلى وجهي المتعب، يسألني بعينيه إذا كنت حقًا بخير.
تنهّدتُ تنهيدةً قصيرة وفركت ساقي المؤلمة بحذر.
كانَ المطر يهطل في الخارج.
تذكّرت فجأةً المشهد خارجَ النافذة الذي كنت أنظر إليه مع كاليد.
الغيوم السّوداء تغطّي السماء، وقطرات المطر تتساقط واحدة تلو الأخرى، حتى تغمر العالم أخيرًا.
“كان المطر يهطل، والعواصف تهب، والثلج يتساقط.”
“…..”.
“الوقت الذي قضيته في البحثِ عنه بلهفة كان يمر ببطءٍ شديد و بسرعةٍ كبيرة في نفس الوقت. كنت أقلق أنني إذا لم أره مرة أخرى حتى أموت، ماذا سأفعل؟”
“…..”.
“تمنيت أن تُؤخذ حتى حياتي التّافهة مقابل رؤيته مرّةً واحدةً فقط.”
“…..”.
ضغطت على زاوية عيني المؤلمة. لم يكن هناكَ شيء يُمسح، لكنني شعرت و كأن يدي مبلّلة.
“لذا، ماذا أفعل؟ حتى لو كانَ الأمر مؤلمًا، متعبًا، ومؤذيًا… أريد رؤيته. ماذا أفعل…؟”
استلقيتُ بنصف جسدي على الأريكة، فأغلقَ الماركيز فالاندي فمه بهدوء.
هل بدوتُ متعبةً إلى هذا الحدّ؟ وضع الماركيز كوبًا من الشّاي الدافئ أمامي دونَ كلام.
ارتشفت من الشّاي الذي قدمه لي. ابتلعت النفس الساخن، و هدّأت قلبي، وتذكّرتُ الغرض الأصلي من قدومي إلى هنا.
“قلتَ أنّ لديكَ أخبارًا لنقلها لي؟”
“نعم.”
سلّمَ الماركيز بعض الأوراق التي أعدَّها مسبقًا وقال:
“لم أتركْ الأمور دونَ مراقبة، لكنني لم أتمكن من وضع أشخاص لتجنّبِ إثارة شكوك ليفيا أرفين.”
“أفهم.”
فركَ الماركيز لحيته وبدأ يشرحُ محتويات الأوراق ببطء.
“منذ أربع سنوات، ذهبَ الدّوق أرفين و زوجته إلى أراضيهم و أقاموا هناكَ منذُ ذلك الحين. يقال إنهم أخذوا معهم معظم الخدم الذين كانوا يعملون في القصر عندما غادروا، لذا لا داعي للقلقِ كثيرًا.”
“إذًا، مَـنْ بقيَ في قصر راجان؟ لا يمكن أن يكونوا قد أخذوا الجميع. كانوا سيحتاجون إلى شخصٍ ليخبرَ ليفيا عن السّنوات الخمس التي تجسّدتُ فيها.”
خدشَ الماركيز جبهته،و هو ينظر إليّ بحذر.
كانَ ذلكَ كافيًا لأخمّنَ مَن بقيَ في القصر.
“جينا بقيت، أليس كذلك؟”
“يبدو أنها، بصفتها رئيسة الخادمات، كانت الأقرب إليكِ.”
حتّى في الأيّام التي تجسّدتُ فيها، كانت جينا تهتمُّ بي بعناية.
كانتْ الشّخص الوحيدَ الذي بقي بجانب ليفيا الطفلة ذاتِ الطباع السيئة و التي كانت تضرب أيّ أحدٍ بسببِ أتفه الأمور.
عندما سألتها لماذا لم تغادر رغمَ هذه الظًروف الصعبة، أجابت:
“لدي أمّ مريضة و إخوة صغار. الأدوية ليست رخيصة، و إخوتي بحاجةٍ إلى الكثير من المال. لم يكنْ هناكَ مكان يدفع أكثر من هنا.”
لذلك، بغضّ النّظر عن مدى صعوبة الأمر، لم تغادر جينا قصر أرفين.
كلما زادت جروحها، كلما تلقّت المزيد من المال، وهكذا صمدت حتى وصلت إلى منصب رئيسة الخادمات.
كونها رئيسة الخادمات، وهو منصب أدنى من كبير الخدم مباشرة، كان بالتّأكيد دعمًا كبيرًا لعائلتها.
شعرت بالأسى تجاهها، لذا اهتممت بها بعناية.
عندما توفيتْ والدتها أخيرًا بعد أن عاشت بالأدوية، منحتُها إجازة لمدّة شهر مع المال لتتمكّنَ من إقامة الجنازة، وساعدت إخوتها للحصول على تعليم أساسي على الأقل، حتى لو لم يكن في الأكاديمية.
لم يكن ذلكَ معروفًا. كان ذلكَ أكثر من شعور بالذنب تجاه العنف الرهيب الذي تسببت به ليفيا أرفين ضدّها.
ومع ذلك، كانتْ جينا تخدمني دائمًا بإخلاص كما لو أنني قدمتُ لها معروفًا كبيرًا.
كانَ من الطبيعيّ أن أفتحَ قلبي للطف و وداعة جينا، و أنا التي كنتُ متعطّشة للعاطفة.
في يوم زفافي، تذكّرتُ وجهها اللّطيف وهي تمطرني بالمديح قائلة: “أنتِ جميلة جدًا”.
كانت جينا أوّل شخص في هذا العالم فتحت له قلبي، مثل صديقة.
“آمل ألا تكونَ مريضة…”
“إنها لا تزال في قصر أرفين، وتخرج أحيانًا. التواصل معها ممكن.”
“ليس الوقت مناسبًا بعد… في هذه اللّحظة التي تنتشر فيها شائعات مع ولي العهد، التواصل مع شخص من قصر أرفين سيُثير الشّكوك.”
كنت أرغبُ في استدعاء جينا على الفور وإقناعها بأي وسيلة. لكن الآن، لم أستطع التصرف بتهور.
“لا أتذكر بوضوح، لكن مِن المحتملِ أن يكون هناك شخصٌ ذكيّ وحذر بجانب ليفيا. شخص مليء بالشكوك والحذر.”
لم تكشف ليفيا عن نواياها الحقيقية للآخرين. لكن كانَ هناكَ شخصٌ واحد، ظلٌّ غامض، كان دائمًا موجودًا في ذكرياتها.
كانَ الشّخص الوحيد الذي كشفت له عن نواياها، لكن ذكرياتي عنه كانت غامضة بشكلٍ خاص. لم أعرف مَـن هو حتى الآن.
“هل أتحرّى عنه؟”
“همم، لا.”
ليس بعد.
على عكسِ طباعها السيئة، كانت أفعالها دائمًا منظمة وحذرة. كان من الواضحِ أن لديها مساعدًا حذرًا يتعامل مع الأمور نيابة عنها، لذا لم يكن من الحكمة المساسُ بهِ الآن.
“ربما إذا تحرّكنا، سنلتقي به بشكلٍ طبيعيّ يومًا ما، لذا من الأفضل ألا نتحرّكَ بتهوّرٍ الآن. هناك أمور أخرى لها الأولوية.”
“حسنًا، سأفعل.”
عندما قرأتُ التّقرير الذي يقول ان الدوق و زوجته يعيشان بهدوءٍ في أراضي أرفين الجنوبية كما لو كانا زوجين اعتزلا في الريف، شعرت بدفء في قلبي.
كيف يمكن لزوجين لطيفين مثلهما أن ينجبا مريضة نفسيّة غريبة الأطوار مثل ليفيا؟
“المهم أنّهما بخير.”
حتى في الماضي، لم تمسَّ ليفيا والديها، الدّوق و الدّوقة.
بل إن الدّوق و الدّوقة هما من ذهبا إلى أراضيهما طواعية، مرهقين من أفعال ابنتهما السيئة.
عاشا ببساطة، كما لو كانا يكفّران عن ذنوب ابنتهما، ووزعا ممتلكاتهما بسخاءٍ على الشّعب الجائع.
ابتلعتُ الدموع التي كادتْ أن تظهر وأنا أفكر بهما، وشهقت أنفي، ثم قلبَ الصفحة التالية من الأوراق بسرعة.
كما لو كان ينتظر، تابع الماركيز حديثه.
“بالنّسبة للسّيد شوريل… من المفترض أنه عادَ إلى الحدود، لكن هناكَ شيء غريب.”
“شيء غريب؟”
ضغطَ الماركيز على تجاعيد جبهته وقال:
“عندما تحقّقنا في الحدود، قالوا إن السّيد شوريل لم يعد أبدًا. يبدو أنه بعد مغادرة راجان، ذهبَ إلى مكانٍ آخر.”
كما قالَ الماركيز، كانتْ آخر آثار شوريل في الوثائق تنتهي في أوّل مدينةٍ في الشّمال بعد مغادرته راجان.
“الآثار؟ لم يكنْ هناك أيّ أثر؟”
“نعم. كما لو أن شخصًا ما محاها عمدًا، لم نتمكّنْ من العثور علَى أيّ أثر.”
“إذا كان ذلكَ عمدًا… لا يمكننا الجزم بأن شيئًا قد حدث. ربما أخفى شوريل نفسهُ بنفسه.”
“همم… سأبذل المزيد من الجهد.”
“أرجوك.”
سواء كان ذلك بسببٌ قوّة خارجية أو رغبة شوريل نفسه، أردتُ العثور على أثره.
حتى عندما كان يخدمُ في الحدود، كان شوريل يرسل رسائل إلى والديه مرّتين في العام ليطمئنهم بأنه بخير.
كان منَ المقلق أن يختفي دون أي أخبار.
على الرّغمِ من أن قلبي كانَ ينبض بالقلق، فإن هدوء الدّوق و الدّوقة يعني على الأرجح أن شوريل بخير. تنفّستُ بعمق وهدّأت قلبي.
“هل هناكَ أخبارٌ أخرى لنقلها؟”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 34"