“الذّكريات المؤلمة مِن الأفضل نسيانها. وإذا لم تستطع النسيان، فإنّ تغطيتها بأشياءٍ جديدة هي طريقة أخرى.”
إيرديا، التي تحدّثتْ وهي تواجهُ ليفيا مباشرةً، بدت و كأنّها تحميه.
شعرَ بالأسف لعدم تمكّنه من رؤية وجهها و هي تتحدّثُ بينما تدير ظهرها له.
‘…الأسف؟ علَى ماذا؟’
بينما كانَ يفكّر هكذا، تحرّك دونَ وعي إلى الجانب ليرى وجهها.
عندما نظر إليها، اختفى الوجه المذهول، و حلّت مكانه نظرةٌ مليئة بالعزم القويّ.
“تغطيتها.”
كرّرَ كاليد كلمات إيرديا كأنّه يتذوّقها، ثمّ نقلَ نظره ببطء.
ضحكتْ ليفيا بسخرية، لكن عينيها كانتا غارقتين في برودةً نادرة. يبدو أنّ كلمات إيرديا أزعجتها كثيرًا.
لسببٍ ما، لم يستطع النّظر إلى وجه إيرديا لفترةٍ طويلة. انتفخ شعور غريب بالانزعاج، واضطربَ قلبه بعنف.
كانَ من الطبيعيّ أن يشعر هكذا بعد أن كاد يُصاب بنوبة قبل قليل، لكن هذهِ المرّة كان الإحساس مختلفًا تمامًا.
هدأ رأسه.
“طريقة ليست سيّئة.”
“هل يُعقلُ أن يقول سموّ وليّ العهد إنّه سيشارك في الخطوبة التي أثارت ضجّة مؤخرًا؟”
“هل هناكَ قانون يمنع ذلك؟”
“و هل تقولُ هذا أمامي الآن؟”
“و إذن! هل هناكَ قانون يمنع ذلك؟”
“ها!”
عند رؤية تعبير ليفيا وهي تضحكُ بسخرية، شعر كاليد برضا لا يُفسّر.
كانَ تعبيرها المتشنّج هذا شيئًا لم يره منذ سنوات.
لم يكن بالطريقة التي أرادها، لكن شعرَ للحظةٍ أنّ صدره المكبوت قد انفتح.
تخلّى كاليد عن هذا الرضا الضحل و رتّب! الموقف.
تجاهل ليفيا، التي كانت تعضّ شفتيها كأنّها تلقّت إهانة كبيرة. وبدلاً من ذلك، وضع يده على كتف إيرديا بسلاسة، كأنّه يرافقها.
“إذن، سأفترض أنّ الدعوة قد رُفضت. سنتحدّث على انفراد. هل هذا مقبول؟”
كانت نبرته مهذّبة، لكنّه نظرَ إلى وجهها الشّاحب بنظرة تعني عدم الرفض.
“حسنًا!”
كان الردّ أكثر إشراقًا وإيجابيّة ممّا توقّع. لدرجةِ أنّ جوّ الضغط بدا بلا معنى.
كانت إجابتها الفوريّة محرجة لدرجة أنّه شعرَ بالحرج من التّفكير فيما سيقوله لو رفضت.
تلاشى شعور الرضا بإيذاء ليفيا، و حلّ مكانه انزعاجٌ غامضٌ مرّةً أخرى.
كيف يمكن أن يشعرَ هكذا تجاه شخص يقابله للمرّة الأولى؟
تنفّس كاليد بعمق، ثمّ تقدّم خطوةً أمام إيرديا.
ومع ذلك، ظلّ حضورها خلفه يجذبُ انتباهه.
كان الشعور الغريب مقلقًا، لكنه شعرَ بالراحة لأنّه نجحَ في وضع أساسٍ للخطّة كما أرادَ جيرمان.
حتّى لو أثار شكوك ليفيا المزعجة، إذا تحوّل انتباهها إلى علاقته بإيرديا، فهذا ما يريده. كان يأمل أن تتأخّر في ملاحظة التّحقيق السرّيّ قدر الإمكان.
شعر أنّ هذا سيكونُ ستارًا جيّدًا.
كان يستغلّ إيرديا، التي كانت تتبعه بحذر، بشكلٍ صريح، لكن بما أنّ الماركيز بدا يهتمّ بها أكثر ممّا توقّع، ربّما يمكن أن يسهّل استغلالها تعاون الماركيز.
كانَ يجب أن يكون شيئًا يمكنه القيام به دون مشكلة، لكن التفكير في استغلالها زاد من انزعاجه قليلاً.
كانَ ذلكَ غريبًا.
* * *
في العربة المتأرجحة، كان صوت تنفّس سيريل الهادئ، التي غطّت في نومٍ عميق، هو الصوت الوحيد الذي يملأ الهدوء.
بالطبع، لم يدم ذلكَ الهدوء طويلاً.
بعد صعودنا إلى العربة، بدأ الماركيز فالاندي، الذي كانَ ينظر إليّ بطرفٍ عينه، أخيرًا بالسعال و فتحَ فمه.
“كح، إذن، ما الذي تحدّثتِ عنه مع سموّه؟”
“أراد عقدَ لقاء سريّة مع الماركي، أقصد… والدي”
“لقاء معي… ما رأيكِ؟”
“يجب أن نفعل ذلك. لقد أشار سموّه إلى خطوبة معي و طلبَ اللقاء.”
“إذن، هو بحاجةٍ إلى مساعدتي.”
“صحيح. شخصٌ تعرّضَ لجرحٍ عميق يجعله يرتعد من النّساء، ومع ذلكَ يخاطر بالارتباط بي، يعني أنّ الأمر يتعلّق على الأرجح بجماعة جوبير.”
نظرتُ من النافذة و رتّبتُ أفكاري، ثمّ نظرتُ إلى الماركيز.
داعبَ الماركيز لحيته وأومأ ببطء.
“منذ عام، انتشرتْ شائعات أنّ هناك قوّةً قويّة تدعم جماعة جوبير من الخلف. لهذا، على الرّغمِ من غطرسة الفيكونت، تجنّبَ الجميع المواجهة المباشرة معه. مؤخرًا، تلقّيتُ طلباتٍ من اتحاد التجّار للعثور على جماعة للتعامل نيابة عنهم مع جوبير، ويبدو أنّ سموّه كانَ وراء ذلك.”
“على الأرجح. حتّى اتحاد التجّار يخمن من هو الدّاعم. لا يريدون التورّط. لذا، يحتاج سموّه إلى مساعدتكَ أكثر.”
كان اتحاد التجّار يتجنّب التورّط في صراعات السلطة. ناهيك عن سيّدة القوّة المقدّسة و الإمبراطور المقبل.
لم يكن هناك سبب لتحديد من هو الصالح ومن هو الشرير. كانَ من الواضح أنّ الطرف الخاسر لن يرى النور مجدّدًا.
في النّهاية ، التجّار يحسبون الأرباح والخسائر. ما لم يتأكّدوا من النصر، سيواصلون المراقبة والحفاظ! على موقفهم الحاليّ.
كان الماركيز فالاندي، المعروف بعبقريّة التجارة، الوحيد القادر على التفاوض أو مواجهتهم مباشرةً.
كانت الشائعة عن البحث عن خاطب نقطة انطلاق لجذبِ أتباع ليفيا. لكن، بشكلٍ غير متوقّع، وقعَ كاليد في الفخّ.
توقّعتُ أنّ شخصًا من جانبِ وليّ العهد سيتواصل إذا احتاج إلى قوّة الماركيز فالاندي. لكن لم أتوقّع أبدًا أن يقترح كاليد الخطوبة بنفسه.
بالطبع، كنتُ سعيدة. لأنّني سأتمكّن من رؤيته عن قرب.
أمّا قلبي الذي سيتآكل و أنا أواجهه، فهذه مسألة أخرى.
“هل لديكِ فكرةٌ عمّا يخطّط له سموّه من خلال جماعة جوبير؟”
“قليلاً. لا يزال مجرّد تخمين، لكن ربّما يتعلّق بأحد الأفعال الشرّيرة التي ارتكبتها ليفيا في الماضي، أو شيء أسوأ.”
تغيّر وجه الماركيز فالاندي فجأة إلى القتامة.
كانَ ذلك متوقّعًا، لأنّ إحدى ضحايا تجارة الرقيق، وهي إحدى الأفعال الشرّيرة التي ارتكبتها ليفيا، كانت سيريل، التي تنامُ بهدوء الآن.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 28"