“يقال إن الدودة تتلوّى إذا دُست، لكن لماذا يستمرّ في التلوّي حتّى بعد أن دُستُ عليه مرارًا؟ كنتُ أتمنّى لو يموتُ فحسب.”
“إنّه من العائلة الإمبراطوريّة، أليسَ كذلك؟ ألا تعرفين، يا سيّدتي ليفيا، مدى عنادهم؟”
“حتّى الإمبراطور لا يتحرّك، ومع ذلكَ يجرؤ وليّ العهد على إعاقة أموري.”
كان من الطبيعيّ أن تشعرَ ليفيا بالضيق، فهي صاحبة القوّة المقدّسة التي لا يستطيع حتّى الإمبراطور التّعامل معها.
“اهدئي. لقد وصلت قافلة جوبير من الشرق، والأمور تسير بسلاسة.”
تنفّست ليفيا، التي كانت مليئة بالغضب، بضيق، ثم تحدّثت عن شيء آخر كما لو أنّها تذكّرته للتوّ.
“سمعتُ أنّ هناك حديثًا عن خطّاب في عائلة فالاندي. ما القصّة؟ لن يكونوا قد رتّبوا زواجًا لتلك الفتاة الصغيرة بالفعل.”
كانت تتحدّث عن الشخصيّة التي أثارت ضجّة في راجان مؤخرًا. لم يكن تبنّيها المفاجئ من قبل عائلة فالاندي مفاجئًا فحسب، بل إنّ الماركيز نفسه بدأ بخطبة علنيّة.
كانت راجان ملتهبة بسببِ هذا الخطوبة العلنيّة إلى درجة أنّها تطرّقت إليه بنفسها.
“ربّما لأنّ عائلة فالاندي لم تتح لها فرصة بناء علاقات من قبل، لذا الضجّة أكبر. حتّى الآن، لا يبدو أنّ للماركيز نوايا أخرى.”
“راقبْ الأمر عن كثب. قوّة الماركيز كبيرة. إذا تدفّقت هذه القوّة إلى وليّ العهد، ستصبحُ الأمور أكثر إزعاجًا مما هي عليه الآن.”
“سنبحث عن شخصٍ مناسب من جهتنا ونرسله.”
“إنّها تغيّرات في عائلة فالاندي التي كانت مختبئة و هادئة. يستحقّ الأمر المراقبة.”
رفعت ليفيا زاوية فمها كما لو أنّها لم تكن منزعجة منذ لحظات.
مع تلكَ الابتسامة الساحرة، خفق قلب إيدموند. كان بالفعل راكعًا يدعم قدميها، لكنّه أراد أن يكون أقرب إليها ولو قليلاً.
دعابته كما لو كان حيوانًا أليفًا، ثم لمست ليفي ذقنه برفقٍ و قالت:
“وليّ العهد، الذي يتربّص بي دائمًا، وتغيّرات مفاجئة في عائلة فالاندي… يبدو أنّ الحفل سيكون ممتعًا.”
“هل تنوينَ حضور حفل القصر؟”
“نعم، يجبُ أن أذهب للبحث عن أطفال سيصبحون وقودًا واعدًا للمستقبل. وأيضًا لرؤية وجه تلكَ الفتاة المحظوظة التي تبنّتها عائلة فالاندي.”
“اهتمامكِ بها يجعلني أشعر بالغيرة.”
ضحكت ليفيا وهي تهزّ كتفيها بخفّة ردًا على كلماته الحلوة.
“في مثلِ هذه الأوقات، يجب أن نكونَ حذرين حتّى لا يُمسك بنا. فئران وليّ العهد أصبحت أكثر نشاطًا مؤخرًا. لا مكان للثغرات. ولا تطعميهم.”
“سأحرصُ على ذلك.”
داعبَ إيدموند ساق ليفيا الناعمة بحذر و قبّل ظهر قدمها.
* * *
حفل القصر للأكاديميّة.
بدأ الأمر عندما دعت إحدى الأميرات، التي كانت خرّيجة الأكاديميّة، أصدقاءها الذين درسوا معها إلى القصر لحفلة فخمة. مع مرور الزمن، أصبح هذا الحفل حدثًا دوريًا.
كانت النجوم المنقوشة على السقف أجمل من الثريات الفاخرة، و كانت الجواهر التي تزيّن الجدران تلمع بلطف ببريقٍ فاخر.
كانت أجواء قاعة الحفل المبهرة كافية لجعل قلوب الوافدين الجدد إلى المجتمع الراقي تخفق بالحماس.
ربّما كان هناكَ أيضًا توقّع من النبلاء للاستحواذ على مواهب المستقبل، وتطلّع من المدعوّين لجذب الأنظار ليتمكّنوا من حضور مثل هذه المناسبات كثيرًا.
بالنسبة لمن يعرف هذه النوايا، لن تبدو قاعة الحفل هذه جميلة فقط.
“أختي، هل ترينها هناك؟ إنّها ابنة قافلة جوبير.”
مع تذمّر سيريل الهادئ، أدرتُ عينيّ ببطءٍ في قاعة الحفل مع الحفاظ على تعبيري.
في تلكَ اللّحظة، لاحظتُ نظرة ملتهبة تحدّق بي.
عندما نظرتُ إلى هناكَ، اقتربت سيريل وهمست بهدوء:
“الفتاة بجانبها هي أختها الثانية، وتلكَ بجانبها هي الأخت الكبرى.”
على الرّغمِ من اختلاف أعمارهنّ، بدَوَ الثلاثة متشابهات لدرجة أنّهنّ كنّ كدمى منحوتة بأحجام مختلفة.
لم يكن هناكَ حاجة لتوضيحِ سيريل، فقد كان واضحًا على الفور أنّهنّ أخوات.
‘لم أفعل شيئًا، فلماذا يحدّقن بي هكذا؟’
لم أتوقّع أن يعبسنَ علنًا بهذا الشّكل. لا يبدو أنّهنّ تلقّين تدريبًا جيّدًا على آداب المجتمع. بغض النظر عن الواقع، أليس هذا الحفل مخصّصًا للتواصل؟
على الرّغمِ من نظراتهنّ الملتهبة، لم تقترب الأخوات الثلاث بشكلٍ مفاجئ. إذا كانت كلمات سيريل صحيحة، كان ينبغي أن يقتربن ويضايقنها بالفعل.
هل أدركن أنّ هذا هو القصر؟ أم أنّهنّ حذرات منّي بجانبِ سيريل؟
على أيّ حال، لم تُظهر الأخوات الثلاث أيّ تصرّف خاصّ في النهاية. بدت سيريل قد فقدت حماسها، فذهبت لمقابلة أصدقائها واختفت بسرعة.
بينما بقيتُ وحدي بشكلٍ محرج، تجمّعت العديد من النظرات عليّ، لكن سرعان ما اقتربَ الماركيز فالاندي وحجب كلّ تلكَ النظرات.
“هل انتهيتِ من التحيّات؟”
“كم عدد الأشخاص الذين أتواصل معهم حقًا؟”
“بالنسبة لذلك، يبدو أنّ هناك الكثير من الأشخاص الذين جاؤوا لتحيّتكَ.”
“هم مهتمّون بكِ أكثر منّي. رجل كانَ يعيش من أجل زوجته المتوفاة و ابنته فقط تبنّى فجأة ابنة بالغة، فمن الطبيعيّ أن يتساءلوا. كانوا يتساءلون من أين، و كيف، ولماذا تبنّيتكِ.”
“لكي يصبحوا أصدقاء لماركيز فالاندي، يجب أن يصبحوا شركاء تجاريين أوّلاً. لكن بما أنّك لا تهتمّ إلّا بزوجتكَ، فإعادة الزواج صعبة، و بالنسبة لتزويج سيريل، فهي لا تزال صغيرة جدًا.”
“نعم، وفي هذه الأثناء، جاءت ابنة بالتبنّي في سنّ الزواج المناسب تمامًا، لذا يجب أن يكونوا متلهّفين لها.”
لم يكن الماركيز غافلاً عن نوايا النبلاء، فتذمّرَ .
“أليس هذا ما أطلقنا الشائعات من أجله؟ لإيجاد عريسٍ جيّد لابنة بالتبنّي عانت كثيرًا.”
على الرّغمِ من أنّها كانت شائعة خفيّة، وبما أنّ هناك العديد من الأشخاص في الإمبراطوريّة الذين يرغبون في بناء علاقات مع عائلة فالاندي، انتشرت الشائعة بسرعةٍ دون جهد كبير.
“كلّما زادَ الاهتمام، كان ذلك أفضل. هكذا ستصل إلى أذنيها، و ستولي اهتمامًا لنا ولو قليلاً.”
“أنا قلقٌ لأنّ الأمر قد يصبح خطيرًا. لم يكن عليكِ جذب الاهتمام بهذه الطريقة…”
“يجب أن أتحمّل ذلك. ليفيا هي امرأة تعتقد أنّها الوحيدة الجديرة بالتبجيل في العالم. مثل هؤلاء الأشخاص، إذا لم يستطيعوا امتلاك شيء، يتأكّدون من ألّا يحصلَ عليه أحد.”
“همم… لا أفهم ذلك، لكن يبدو أنّني أستطيع فهمه.”
“نعم. عائلة فالاندي هي قوّة محايدة حاليًا. إذا انتشرت أخبار خطوبة مفاجئة من عائلة محايدة مثل هذه، فقد يُفسّر ذلك على أنّه تحول في القوى. عندها، لن تستطيع ليفي البقاء ساكنة.”
مع طباعها العنيفة التي تدفعها لتدمير كلّ شيء حولها لتحقيق رغباتها، إذا لم تستطع امتلاك عائلة فالاندي، فستتأكّد بالتأكيد من ألّا يحصل عليها أحد.
قوّة عائلة فالاندي ليست أكبر من قوى النبلاء الآخرين، لكنّها كافية لزعزعة القوى المحايدة بشكل كبير.
لذلك، لا يسع ليفيا إلّا أن تراقب هذا الأمر. إذا تحرّكت القوى المحايدة نحو وليّ العهد كاليد، فسيكون ذلكَ مزعجًا جدًا بالنسبة لها.
الآن، قوّة إمبراطوريّة إفيرنيا تتوزّع بين الإمبراطور، و وليّ العهد، و صاحبة القوّة المقدّسة ليفي، في مثلث هشّ.
الإمبراطور الحاليّ عجوز و غير كفء، ومؤخرًا أصيب بمرضٍ جعله لا يختلف عن دمية. ومع ذلك، بسببِ كراهيته الشديدة لوليّ العهد كاليد، ابن الإمبراطورة التي تزوّجها في زواج سياسيّ غير مرغوب، لم يكن ينوي توريث العرش له.
السّبب الظاهريّ هو أنّه خسر حبيبته الحقيقيّة بسبب الإمبراطورة، لكن هناكَ شائعات تقول إنّه يكره الإمبراطورة لأنّها كانت أكثر كفاءةً منه، ممّا أثار غيرته و شعوره بالنقص، لذا الحقيقة غير واضحة.
مهما كانَ الأمر، كان من الواضح أنّ الإمبراطور ليس الشخص المناسب لهذا المنصب.
بسببِ الإمبراطور المغرق في البذخ و الملذّات الذي يتشبّث بالسلطة، نمت قوّة ليفيا بسرعة، وأصبحت الآن تملكُ قوّة أكبر من الإمبراطور.
أصبح الإمبراطور دمية، ولم يستطع كاليد التحرّك بسهولة تحت قمع الإمبراطور. كان هذا سببَ تقدّم ليفيا بعدّةِ خطوات.
كاليد، الذي يملك الشرعيّة، والسلطة المناسبة، و مؤهّلات وريث العرش، لكنّه منعزل.
ليفيا، التي تملك ثقة شعبيّة شبه مطلقة وسلطة مقدّسة.
لم يكن هناكَ حاجة لقياس من يملك القوّة الأكبر.
لذلك، لا يمكن إلّا مراقبة تحرّكات النبلاء المحايدين بحساسيّة.
يحتاج كاليد إلى بناءِ قوّته، ولا تريد ليفيا أن تنمو قوّته.
كنتُ أنوي استغلال هذه النقطة بالذات.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 21"