تحركت فرقة الفرسان التي دخلت القصر لتفتيشه بسرعةٍ و تناغم.
على عكسِ قلقي، أمسكَ كاليـد يدي بهدوء و همس:
“لا داعي للقلق بشأن أمور القصر الإمبراطوري.”
لا داعي للقلق؟
نظرتُ إليه بدهشة.
كنتُ منشغلة بقمع الفوضى أمامي، ولم أتمكن من التعامل مع قضية الإمبراطورة… هل أعـدَّ خطة دونَ علمي؟
“يبدو أن والدتي كانت تعلم أن الأمور ستتطور بهذه الطريقة. لقد ألمحت إلى ذلك، و من المحتمل أنها تتحرّك الآن.”
“ماذا؟ إلى من…؟”
“أنتِ أيضًا متفاجئة أليس كذلك؟ حتى أنا لم أفكر في الأمر إلى أن أخبرتني والدتي. لقد نسيتُ أن لدي عائلة من جهة أمي.”
أملت رأسي متعجبة من كلمات كاليـد، ثم فهمتُ فجأةً و فتحتُ عينيّ على وسعهما.
ضحكَ كاليـد بخفة عندما رأى دهشتي و أومأ برأسه.
“نعم، عائلة لوكادور، التي جُرّدت من لقبها و أُجبرت على الاعتزال من السياسة والعيش في عزلة بسببِ وثيقة سخيفة من الإمبراطور.”
كانت عائلة الماركيز لوكادور.
* * *
نظـرَ ديلان، سيّد إقليم غرينفورد الصغير، من خلال الستائر الثقيلة إلى الخارج.
اختفت المشاهد الجهنمية التي كانت قبل أيام كأنها كذبة، و كانت راجان تُنظَّـم بسرعة.
زار العاصمة و اعتقد أنه سيموت لا محالة. لولا ضوء الحاجز المقدس، لكان هو أيضًا من بين الجثث التي تُحرق.
“كل هذا بفضل سيّدة القوة المقدسة الجديدة، السّيدة إيرديا.”
أومأ ديلان موافقًا عندما تمتم مساعده.
كان الحاجز المقدس مذهلاً حتّى عند التّفكير فيه مجدّدًا.
أشـاد الناس بها كأنها تجسيد لأستيريا، سيّدة القوة المقدسة الأولى، و أمام القوات التي تفتش قصر أرفين، لم يستطع أتباع ليفيا سوى النضال عبثًا.
كانت ليفيا، القائدة، لا تزال فاقدة للوعي، و كان إدموند، مستشارها، قد مـات بالفعل.
و الأهمّ من ذلك، ما حُفـر في ذهن ديلان بعمق كان ما حدثَ في القصر الإمبراطوري.
كان سقوط الشخصية التي كانت في قمة الإمبراطورية في لحظة مشهدًا أقوى من أي شيء آخر.
لم يُتـوّج كاليـد بعدُ إمبراطورًا لأسباب مختلفة، لكنه دعـا النّبلاء الموجودين في العاصمة لتسوية أمور راجان.
دُفع ديلان إلى القصر الإمبراطوري بإلحاح من مساعده، لكنه شعرَ أن القصر أكثر قتامة مما توقع.
ثم حدثَ الأمر قبل حتى أن يبدأ الاجتماع.
تحركت فرقة فرسان القصر الإمبراطوري، مرتدية دروعًا مزيّنة بنقوش ذهبية و أردية حمراء، بحركات منضبطة.
لماذا فرسان القصر يتحرّكون مباشرة؟
ديلان، الذي كان جبانًا و لا يمتلك الجرأة، اختبأ خلف عمود ضخم و راقب المشهد.
لكن….
هل هناك شخصٌ ما يقف في طريقهم؟
كانت امرأة صغيرة بالكاد تصل إلى صدر الفرسان الكبار المدرّعين.
امرأة جميلة ذات شعر و عينين سوداوين نادرتين في هذا المكان، كانت تنظر إلى الفرسان بـوجهٍ غاضب.
“ما هذا التصرّف الوقح؟!”
“نحن نسعى لاعتقال مجرمة وفقًا للإجراءات.”
“بأمـر مَـنْ؟ الإمبراطور قد توفي، و الوحيد الذي يحقّ له التعامل مع جريمة الإمبراطورة هو سموّ وليّ العهد كاليـد.”
“قرار المجلس. الآن بعد أن هدأت فوضى راجان، لا يمكن التأخير أكثر.”
تنهّـد قائد الفرسان، الذي بدا محرجًا، وهو يعبس.
“ابتعدي من فضلكِ. لا نريد إهانة سيّدة القوة المقدسة.”
“حسنًا، هذا جيد. إذا تقدّمتم خطوة واحدة، سأعتبر ذلكَ إهانـة لي.”
“سيدة إيرديا!”
صرخَ قائد فرسان القصر على كلامها العنيد، لكن إيرديا، التي تراجعت قليلاً فقط، لم تتحرك.
علاوةً على ذلك، بدا أن تهديدها قد نجح، إذ لم يستطع الفرسان التقدّم خطوةً واحدة.
‘إنها سيّدة القوة المقدسة الجديدة، التي نشرت الحاجز المعجزة…’
لو تدخّـلَ لمساعدتها، لكانت تلك فرصةً لكسب إعجابها، لكن ديلان، الذي لم يكن لديه الجرأة لمجابهة فرسان القصر، شعـرَ بالأسف على نفسه.
“جريمة تسميم الإمبراطور. لا يمكن ترك مجرمة ارتكبت خيانة عظمى هكذه!”
“لو كانت الإمبراطورة تريد الهروب، لكانت غادرت عندما كانت راجان في فوضى. إنها هنا لأنّها أرادت حماية الامبراطوريّة حتى النهاية.”
“…..”
“سيبدأ استجواب ليفيا أرفين قريبًا. إذا أخذتم الإمبراطورة قبل كشف الحقيقة، فلن يكون ذلك احترامًا للإمبراطورة التي أدارت شؤون الإمبراطوريّة. حتّى لو كانت متّهمـةً بقتل إمبراطور فاسد.”
كان فرسان القصر يعرفون جيدًا مدى فساد الإمبراطور المتوفى و انغماسه في الملذات.
حتى ديلان سمع شائعات عن سلوك الإمبراطور، فكيف لا يعرف الفرسان؟
“لذا، لا يمكنني التّسامح مع الاعتقال المتسرع. لستُ أعاند بقولي أنّ اعتقالها مستحيل. لكن أرجوكم، انتظروا حتى ينتهي صاحب السّمو من جلسة الإستجواب.”
أمسكَ قائد الفرسان جبهته بمظهر محرج، ثم أومأ برأسه بثقل.
“حسنًا… حتى غروب الشمس فقط.”
حتّى قائد الفرسان لم يستطع رفض تهديد و توسل سيّدة القوة المقدسة إيرديا، التي أنقذت راجان.
كان الفرسان أيضًا جزءًا من راجان، وكان لهم عائلات أنقذتها إيرديا.
على الرّغمِ من موافقته على الانتظار، لم تغادر إيرديا مكانها. بدا أنها تنوي الوقوف في طريق قصر بيلديا حتى غروب الشمس لمراقبتهم.
بينما كان ديلان يفكر بقلق إن كان عليه إحضار كرسي لها، ظهرَ ضوء فجأة في الجو، و كأن ستارة كبيرة تُنشر، عُرضت صورة.
كانت أداة الاتصال المرئي الخاصة بالإمبراطور، التي رآهـا من قبل. أصبحت الصورة الضبابية واضحة، و أظهرت زنزانة مظلمة تحت الأرض.
حتى ديلان البليد أدرك على الفور عند رؤية الجو.
“سيظهر مشهد الاستجواب مباشرة!”
إيرديا، التي كانت تتحقق من الوقت باستمرار، نظرت إلى الجو و ابتسمت بخفة.
كما لو أن كل شيء يسير وفقَ الخطة.
〔إذا اعترفتِ بجرائمكِ، سأضمن لكِ العودة إلى حضن الحاكم دونَ ألـم.〕
تدفق صوت ولي العهد كاليـد الثقيل عبر الصورة.
كان صوته منخفضًا، لكنه واضح بما يكفي ليتعرّف عليه كل مَـنْ يعرف صوته.
استقام ديلان دونَ وعي. شعرَ بتوتر يلفّ جسده كما لو كان في غرفة الاستجواب.
ضحكت ليفيا بخفة، مرفوعة الرأس على الرّغمِ من مظهرها الهزيل.
〔جرائم؟ أي جرائم ارتكبتها؟ هل اتباع إرادة الحاكم جريمة؟〕
الكلمات التي خرجت من فمها لم تكن الكلمات الرّحيمة و اللّطيفة التي يعرفها الجميع.
رفعت زاوية فمها و نظرت إلى وليّ العهد بسخرية.
〔لقد حاولتِ جعل نبوءة كاذبة حقيقة بنشر السّم في راجان و تمويهه كوبـاء. كما حاولتِ التحكم بالناس بمخدّرٍ مروّع يُدعى آدم. هل لا زلتِ تقولين إنكِ لم ترتكبي جريمة؟〕
〔كنتُ أحاول فقط منح القوة للعاجزين و الأدنى مرتبة، و تنقية الأوغاد القذرين. أنا، المميزة، اخترتُ الأدنى مرتبة، فكيف تكون تلكَ جريمة؟!〕
〔…إذن، لن تعترفي بجرائمكِ.〕
〔أنا، المميزة، اخترتُ الأدنى مرتبة، فأي جريمة ارتكبتها؟! ما الضّـرر في موت بعض الأرواح الحقيرة؟ أقولها مرارًا، كنتُ أنفّـذ إرادة الحاكم فقط!〕
لمـع نور شرس في عينيها.
كان من الصّعب تصديق أن هذه الكلمات خرجت من فم من كانت تُدعى القديسة. كان ديلان يشتبه أن ليفيا أرفين ليست جديرة بلقب “القديسة”، لكنه لم يتوقّع أن تكون بهذا السّوء.
“يا إلهي! هذه المرأة هي مَـنْ خططت لأحداث راجان؟”
حتى هو صُدم، فكيف بشعب راجان الذي آمـنَ بها و مجّدها؟
كما توقع، بدا حتى فرسان القصر الذين كانوا يواجهون إيرديا مرتبكين.
〔المجرمة ليفيا أرفين خدعت الإمبراطورية بلسانها الشرير. لقد دنست الحاكم بنبوءات كاذبة لا يجب أن تصدر من سيّدة القوة المقدسة، و يجب أن تدفع ثمن جرائمها و أفكارها الخاطئة التي تسبّبت في التّضحية بالعديد من الأبرياء.〕
بتلك الكلمات التي ترددت كإعلان، ابتلعَ ديلان ريقه دونَ وعي.
〔أعلن باسم وليّ العهد كاليـد نومين إيفيرنيا. المجرمة ليفيا أرفين ستُعاقب بالإعدام. وبما أنها كانت سيّدة القوة المقدسة التي تلقّـت نعمة الحاكم، ستُحال إلى محاكمة مقدّسة نظرًا لتفردها.〕
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات