في ظلام لا نهائي، كان شوريل يلهث بصعوبة وهو يمسكُ سيفه بقوة.
نجـحَ في التّسلل إلى قصر أرفين، لكنه اكتُشف قبل أن يجد الممرّ الجوفي.
على الرّغمِ من اعتقاده أنه يعرف القصر جيّـدًا أكثر من أيّ شخص، إلا أن هذا المكان لم يعد القصر الذي كان يعرفه.
“…ابتعدوا عن طريقي.”
“لا يمكن لأحد الدخول دونَ إذن السيدة ليفيا.”
لم تكن عيون الأتباع الذين يحجبون الطريق حمراء، و لا كانت أجسادهم مغطاة بالبقع السوداء.
لم تكن هناك أي آثار لآدم أو للسّم، كانوا مجرّد أتباع يقدّسون ليفيا بشكلٍ أعمى.
“لا أريد تقطيعكم. هي ليست الوحيدة التي تحمـل دم أرفين.”
“السّيدة ليفيا مختارة. لا تعتقد أنّـكَ مساوٍ لها لأن دمائكما واحدة. إنّهـا مميّـزة.”
لم يكن هناك أمل في التّفاهم معهم.
بعد أن عـزمَ أمره، لم يواصل شوريل الحديث و تخلّص من كلّ مَـنْ يعترض طريقه.
لم يكن هناك مَـنْ يستطيع هزيمة شوريل، نائب قائد فرقة فرسان إلباردان التّابعة لوليّ العهد، والذي نجا من قسوة حدود الشمال.
لكن، على عكسِ أسلوبه الرّحيم في القتال، هاجـمَ الأتباع بلا خوف و بتهوّر، غير مبالين بحياتهم.
كانت هجماتهم المتعصّبة تثقل سيف شوريل تدريجيًّـا.
“اللعنة… لماذا يقدمون هذه التضحيات؟!”
كان المواطنون خارجَ القصر إما مخدرين بآدم أو منهارين بسببِ السم.
كانت الوحوش كارثة أخرى بعد الوبـاء.
ومع ذلك، لم يفكروا في التّغلب على تلكَ المشاكل بأنفسهم. بل كانوا يؤمنون فقط أن سيّدة القوة المقدسة ستنقذهم، فأخدوا يتوسّلون لها.
لم يدركوا حتى أن هذا التفكير خاطئ.
لم يكن هناك أحد بينهم في كامل قواه العقلية.
كل نفس يزفره كان يحمل هواءً باردًا يتغلغل في عظامه.
“يجب قطع مصدر الوحوش بينما تصمد راجان.”
هل كان ذلكَ بسببِ استعجالهم؟
بدأت أخطاء صغيرة تتكـرّر في يديه وهو يطيح بالأتباع المهاجمين.
في النهاية، أصيبت ذراعه بجرح عميق من سيف أحدهم.
“…آه.”
خشية أن يكون السيف مسمومًا، ابتلـعَ بسرعة ترياقًا عامًا. كان الترياق الذي أعطته إياه الدّوقة الكبرى كلاوس قبل قدومه إلى راجان، قائلة: “الأعداء يحتالون كثيرًا، فاحتفظ به.”
كما توقّع، لم يكن تخمينه خاطئًا. رأى الأتباع ينقرون بألسنتهم بنظرات نادمة.
‘….هذا يختلف عما قالته السّيدة إيرديا.’
“ليفيا لن تقتل السير شوريل أبدًا”،
هكذا أخبرته بوضوح، لكن تحركاتهم بدت و كأنها تستهدف حياته فقط.
كًأن هناك مكافأة على قتله.
بينما كان ينهار من الإرهاق بسببِ الهجمات المتواصلة، في تلكَ اللحظة―
“تبدو متعبًا جـدًّا، يا شوريل.”
ظهرت هي، التي كان يفكر في احتمال مقابلتها، في الحديقة الخلفية حيث كانت المعركة على أشدها.
“…أختي.”
” لم نلتقِ منذُ زمن، و للأسف في مثل هذه الظروف.”
“يبدو أنكِ لم تشعري بالأسف عندما ألقيـتِ بـي في حلبة مصارعة الكلاب.”
كانت ترتدي رداء القديسة الذي تلبسه في الكاتدرائية، مما جعلها تبدو مقدسة بشكلٍ لا يتناسب مع راجان التي تشبه الجحيم.
كان ثوبها الأبيض خاليًا من أي بقعة، و التطريز الذهبي كان مبهرًا.
كان هذا المظهر المتناقض مع الجثث و الدماء خارج القصر يشبه مشهدًا من حلم.
لكن شوريل كان يعلـم.
تحتَ هذه القشرة المقدّسة، كم ارتكبت من الأفعال الشنيعة.
“…قبل مغادرتي، هل تتذكرين ما قلته؟”
“ماذا؟ آه، تلكَ الكلمات عن أنّـكَ لن تتسامحني إذا واصلت تدنيس سيّدة القوة المقدسة؟”
“……”
“هه!”
لم تستطع ليفيا كبح ضحكتها.
ضحكَ أتباعها معها، و هم يسخرون من شوريل.
بعد ضحك طويل، مسحت الدموع من عينيها وقالت:
“شوريل… لا زلتَ ساذجًـا.”
“…..”
“كيف تتجرأ على إيقافي؟”
لم يتزعزع شوريل.
كأنه توقّع هذا الرد، ابتسمَ بحزن فقط.
“أنـتِ لم تعـودي ليفيا من عائلة أرفين.”
“مهما قلتَ، أنا ليفيا أرفين. لا تتصرّف بعجرفة.”
“لا. لا يمكنني الاعتراف بمَنْ ارتكبت أخطاء لا تُغتفر كسيّدة للقوة المقدسة. أنـتِ مجرد… وحش يتحدى إرادة الحاكم.”
المرأة التي أمامه لم تعـد أختـه بعد الآن.
كانت كابوسًا مروّعًا يجمع كل خطايا العالم.
“ما زلـتُ أشعر بالأسف لأن دمنا واحد.”
تشـوّه وجه ليفيا بشكلٍ طفيف. كأنها أدركت أن شوريل يرى شخصًا آخر من خلالها، ارتفعت عيناها الحادتين كالقطط، معبّـرةً عن استياء قوي.
“السّيدة ليفيا!”
ركضَ إدموند إلى الحديقة الخلفية بسرعة.
كان وجهه مليئًا بالصّدمة من حدثٍ لا يُصدق.
“جئـتَ في الوقت المناسب، إدموند. لم نعد بحاجة إلى مراعاة الحاكم. يجبُ التّخلص من شوريل هنا.”
كما سمع شوريل من جريمان ، لم يخفض حذره.
لكن نظرة إدموند العاجلة كانت موجّهة فقط إلى ليفيا.
“هذه ليس المشكلة الآن! سيّدة ليفيا، الحاجز المقدّس في راجان…”
لم يكمل إدموند كلامه.
ووووش.
أضاءت السّماء، و تدفّـق ضوء مبهر يشق الظلام.
تصلّب وجه ليفيا.
تحوّل وجهها الواثق إلى تشـوّه تدريجي، و عيناها الكبيرتان اهتزّتا ببرود.
“…مستحيل.”
ارتجفت الأرض قليلاً.
كأن ضوء الحاجز المقدس، الذي تسلّل إلى أعماق الأرضو أخذ يخترق مصدر الوحوش .
تردّد صوت صراخٍ من مكانٍ ما.
في خِضـمّ هذا الارتباك، عـرفَ شوريل دونَ تفسير.
“أنا مديـن لكِ.”
“مديـن؟ مستحيل! أنا فقط سددتُ ديني لكَ!”
“لن أنسـى ذلكَ أبدًا.”
شعـرَ بدفء يغمر جسده. حتى لو تغيّـرَ مظهرها، أو فقـدَ ذكرياته، كانت هي بالتّأكيد.
“السّيدة إيرديا.”
كان جسد شوريل المرهق يتعافى بمعجزة.
امتلأ صدره بالقوة.
على النّقيض، أصبحَ وجه ليفيا شاحبًا تدريجيًا.
وقـفَ شوريل بثبات و هو ينظر إليها وقال:
“كنـتُ دائمًـا أشعرُ بالنّدم لأن دمنا واحد.”
رفـعَ سيفه بحزم و اندفع نحو الأرض.
شينغ!
رن صوت معدني حاد، لكن طرف السيف لم يصل إلى ليفيا.
تدخّـل إدموند بسرعة ليصـدّه.
“كلب الشمال يجرؤ على رفع أنيابه أمام سيّدته هنا.”
“الشّمال لا يسدد الديـن بدين واحد.”
ردّ شوريل بعبارة حبيبتـه، و صـدّ السيف أمامه برشاقة.
كان سيف إيدموند، على عكسِ الأتباع الآخرين، حادًا، و حركاته سريعة كمدمني آدم ذوي العيون الحمراء.
لكن بفضل ضوء الحاجز، كان جسد شوريل أخفّ من أي وقتٍ مضى.
كأن هناك مَـنْ يضع يده على ظهره و يدفعه، شعـرَ بانبعاث القوة.
على النقيض، كانت ليفيا مختلفة.
اختفى كل ضوء من وجهها الواثق دائمًا.
“لا، هذا غير منطقي… كيف يمكن لهذه الفتاة…!”
هي، التي لم تنظر إلى أحد من قبل، رفعت رأسها إلى السّماء و هزّتـه بنفي.
“آه…! توقفي، توقفي! قلت توقفي!”
صرخت وهي تمسكُ رأسها بوجه شاحب.
على عكسِ صراخها، انفجرت هتافات المواطنين خارج القصر.
أصبح صراخها، الممزوج بأصوات الخلاص، تناقضًا أكثر إيلامًا.
“السّيدة ليفيا!”
عند رؤية انهيارها السريع، تراجع إدموند دونَ تردد، سحب سيفه، و ركض نحوها.
اختفى مظهره الذي كان يقاتل شوريل بحياته قبل لحظات.
لم يكن لدى شوريل نيّـة للسّماح له بالرحيل بهدوء.
شقّ!
قطع طرف سيفه الحاد الهواء، مخترقًا ظهر إدموند بعمق.
“هل علّمتـكَ سيّدتكَ أن تُظهر ظهـركَ للعدو أثناء القتال؟”
لكن إدموند، حتى و هو يبتلع أنينه، احتضن ليفيا المنهارة.
كان ظهره المبلل بالدماء يرتجف بشدة، لكن عينيه كانتا موجهتين إليها فقط.
“كيف يمكنكِ، سيّدة ليفيا؟”
كان صوته، المبلل بالدم، يرتجف بقلق شديد وهو ينهار.
عبـسَ شوريل وهو يرى هذا الهوس.
كان اهتمامه الذي يتجاهل الألم و الكبرياء و كل شيء، و يركّـز فقط عليها، حبًّـا نقيًّـا مشوهًـا بشكلٍ مقزز.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 139"