على الرّغمِ من شعوره بالارتياح في أعماق قلبه، إلا أن الكلمات التي خرجت من فم كاليـد كانت مختلفة تمامًا.
تقاطعت أنظار الدوقة الكبرى كلاوس مع كاليـد وهو يمسح دم الوحش المتدفق على سيفه.
“لقد أنقذتُ حياتكَ، وهذا هو الترحيب الذي أتلقاه؟”
“شكرًا.”
“بهذا، سددتُ الدين الذي كان عليّ من تلكَ المرة.”
“صحيح. لكن الشمال قال إنه لا يسدد الديون بدين واحد، أليس كذلك؟”
ابتسمَ كاليـد بوقاحة، فتجهّمت الدوقة الكبرى.
تذكّرت المحادثة التي أجرتها في ميرسين، فنقرت بلسانها و أدارت رأسها.
“لقد أخبرتكَ بشيءٍ لا داعي له آنذاك.”
“بفضل ذلك، أنا أتلقّى المساعدة بسهولة الآن.”
كان الحديث خشنًا، لكنه ممكن فقط لأنهما يحترمان بعضهما.
كانت فرقة الفرسان التي جاءت مع الدّوقة الكبرى صغيرة العدد، لكنها سمحت لكاليـد و فرسان فيغاس، الذين قاتلوا دونَ توقف، بأخذ قسطٍ من الراحة.
كانوا جميعًا فرسانًا تـمّ تهيئتهم في بيئة الشمال القاسية وفي التوتر المستمر على الحدود، لذا كانت إنجازاتهم رائعة.
“لم أكن أتوقع رؤية فرقة فرسان تقاتل الوحوش فقط في غابة فيغاس هنا. كيف وصلت الوحوش إلى راجان؟”
“يبدو أن هناك مدخلًا يسمح بدخول الوحوش. ربّما استخدموا قنوات المياه الجوفية لربطها بالغابة.”
“هذا ليس جيّـدًا. هل هناك طريقة لإخراج تلكَ المرأة من قصر أرفين؟”
“ليس من السّهل فعل ذلكَ الآن.”
“سمعتُ لمحة عن الوضع أثناء قدومي… لكن الوضع هنا أسوأ من الحدود.”
نظرت الدّوقة الكبرى حولها بعيون حادة، مشيرة إلى المشكلة الأكثر خطورة.
“لم تُحَُل مشكلة الإمدادات بعد؟”
“هذا…”
“لم يجلب جيش الشمال الكثير من المياه. سينتهي إذا قسمناه على مَنٔ يصمدون هنا.”
كان كاليـد أيضًا يعاني من مشكلة الإمدادات.
حاولَ التّواصل بسرعة مع الأراضي المجاورة للحصول على الدعم، لكنه تأكّـد أن الأراضي القريبة من راجان قد تـمّ استمالتها من قبل ليفيا.
على الأقل، اشترى الماركيز فالاندي المياه من إقليم قريب لتغطية الإمدادات، لكن وصولها إلى راجان سيستغرق أسبوعًا.
كان ذلكَ أفضل ما يمكن لعربات الإمدادات القيام به.
على الرّغمِ من تحركهم فور فهم الوضع، إلا أن تأخرهم مقارنة بالعدو كان مؤلمًا.
لكن، مثلما توقّع كاليـد حاجتهم للدعم و أعـدّ جيش الشمال في ميرسين، كان هناك من تحرّك خطوة إلى الأمام.
“سموّك! سموّك!”
بفضل فعالية فرسان الشمال، هدأت المعركة ضد الوحوش مؤقتًا، و ركض جندي مسؤول عن الاتصالات نحو كاليـد.
تفاجأ برؤية الدوقة الكبرى بجانبه، لكنه نقـلَ المعلومات بسرعة:
“عربات كبيرة تصطف عند البوابة الرابعة تطالب بدخول راجان.”
“هل هي من الماركيز فالاندي؟”
“لا! ليست قافلة تجارية، بل عربات خاصة… تحمل شعار عائلة دوقية شيرن!”
شعـرَ كاليـد بقلبه ينبض بسرعة. كان هناك شخص واحد فقط يجعل قلبه ينبض هكذا.
في تلكَ اللحظة، أضاءت كرة الاتصال المرتبطة بإيرديا.
عندما اتّصـل على الفور، تدفّـق صوت حبيبته التي كانَ يشتاق لرؤيتهـا:
〔هل وصلوا؟〕
“هل هذا من فعلكِ؟”
〔منذُ انتشار السم، فكّرت أن المياه ستكون مشكلة. طلبت من الدوقة بياترس مساعدتنا تحسّبًا لذلك… لحسنِ الحظ، وصلوا في الوقت المناسب.〕
لو كانت بجانبه، لكان قد قبّلـها من شدة الفرح.
بعد وصول الدعم، كانت مشكلة الإمدادات هي العقبة الوحيدة المتبقية.
“أنـتِ حقًّـا…”
لم يستطع إكمال جملته، فقط قامَ بتحريك شفتيه، فضحكت الدّوقة الكبرى بجانبه.
“تبدو كالأحمق أمام حبيبتكَ.”
لم ينكر كاليـد ذلك.
كان غالبًا يتصرّف كالأحمق أمام إيرديا.
لكنه كان يجبُ أن يقول هذا:
“لا أريد سماع ذلكَ منكِ أنتِ تحديدًا.”
أدارت الدّوقة رأسها بسخرية، كأنها تقول إنها ليست كذلك أبدًا.
حُلّـت حتى المشكلة التي كانت تؤرّقـه طويلاً.
نظـرَ كاليد إلى الفرسان المرهقين و هم وشكِ الانهيار، وقال:
“سأترك هذا المكان لكِ.”
“هذه المرة، كـن إمبراطورًا. تأكّـد من أن تحركات جيش الشمال خالية من العوائق.”
“هل تنوين أن تصبحي متمـرّدة؟”
“خطأ. الإمبراطور مـات، و أنتَ الوريث الشرعي. لـمَ سنكون متمردين؟ جيش الشمال هو قوة استكشافية جاءت لمنع المتمرّدين الذين يعيقون تتويج وليّ العهـد.”
ضحكَ كاليـد بخفّة على هذا التبسيط للوضع المعقد.
“سألبّـي توقعاتـكِ. يبدو أنني مدين للشّمال مرّةً أخرى.”
“لديّ بالفعل خطة للسّداد، لذا سوف نتحدّث بعد أن تصبح إمبراطورًا.”
رفعَ كاليـد حاجبيه، لكنه أومأ للدّوقة الكبرى التي تصرفت بثقة، كما لو أن هذا هو الحساب الصحيح.
سحبَ سيفـه، و أخذ نفسًا قصيرًا، ثم صرخ نحو المستريحين:
“يا فرسان، استمعوا! من الآن، ستتولى الدّوقة الكبرى كلاوس القيادة هنا! شجاعتكم لم تذهب هباءً. لا يجب أن يتحول أحد إلى تضحية. تحمّلوا و ابقوا على قيدِ الحياة. أثبتوا ذلكَ لـي!”
وصول إمدادات شيرن غير المتوقّعة أنهى معركة الاستنزاف الجهنّميـة.
كان هذه ثاني بصيص أمل في راجان، أعدّتـه إيرديا مسبقًا.
* * * *
تحوّلَ المكتب تمامًا إلى مركز قيادة ميداني.
بينما كنت أركّـز على التقارير المتدفقة، رفعت رأسي عند كلمات خادم ركض إليّ:
“…الدوقة بياتريس بنفسها؟”
“نعم. إنّـهل تنتظركِ الآن في غرفة الاستقبال.”
وضعت قلم الحبر و توجّهت مسرعة إلى غرفة الاستقبال.
كانت الليلة حالكة السواد. و مع ذلك، كان المكان أمام القصر ممتلئًا بالمواطنين الذين يصطفون لتلقي العلاج.
على عكسِ رغبتي، لم أعد أستطيع استخدام القوة المقدسة بعد غروب الشمس. لذا، من المساء، كان علـيّ التعامل مع التقارير و المهام المتراكمة.
تسبّب استياء المواطنين المنتظرين في فوضى، لكن لم يكن هناك خيار. القوة المقدسة ليست لانهائية. إذا أجبرت نفسي على استخدامها، سأفقد الوعي مرارًا و تكرارًا.
في البداية، حاولت شفاء شخصٍ إضافي حتى بهذه الطريقة.
عندما علـمَ كاليـد بذلك متأخرًا، غضب و أقنعني بالتوقف. كلّما طـال هذا الوضع، كان هذا الأسلوب يضـرّ أكثر، لذا توقفت عن شفاء الناس بالإجبار.
كان كاليـد يتّصل فورًا عبر كرة الاتصال إذا بـدا أنني سأجهد نفسي، لذا لا بد أنّـه وضعَ جواسيسًا حولي.
ربّما لهذا، عندما عزمت على تنفيذ الخطة التي فكرت بها، توسّـل إليّ كاليـد تقريبًا للتوقف.
عندما لم أتراجع عن عنادي، وافقَ أخيرًا لكن بشرط: “ليس بمفردكِ.”
كانت هناك طريقةٌ واحدة فقط لقلب الوضع دفعة واحدة.
حتّى كاليـد، الذي هدّدني برفضه الحازم، يعلم أننا لا يمكننا الانتظار إلى الأبد.
لكن تجاهـل قلقه عليّ، بينما هو يقاتل الوحوش، لم يكن سهلاً.
كما كنتُ قلقةً عليه، هو أيضًا يقلق عليّ.
كما قال كاليـد، إذا حدثَ خطأ ما، قد أتركه وحيدًا إلى الأبـد.
‘لا يمكنني أن أتركـه هكذا….’
كيف يمكنني ذلكَ بعد أن جئت إلى هنا بهذا القلب؟
“وجه سيدة القوة المقدسة يبدو سيئًا. هل تناميـن؟”
استقبلتني الدوقة بياترس بزي أبسط بكثير من المعتاد.
على الرّغمِ من غياب الزينة الفاخرة، إلا أن هيبتها لم تقـلّ.
ابتسمت بجهد و انحنيت.
“هل تعبتِ كثيرًا؟ الجميع في راجان يعاني، فلا يمكنني النوم براحة. لكن… لم أتوقع حضوركِ بنفسكِ.”
“كيف أظل جالسة في مثل هذا الوضع؟ بل أنا ممتنة لأنكِ أخبرتني بما يمكنني مساعدتكِ به. نظرًا لخطورة الأمر، فضّلت التّحرك بنفسي بدلاً من إسناده إلى الآخرين.”
أجابت الدوقة بياترس بابتسامةٍ ودودة.
مع ضيق الوقت الذي طلبتُـه منها، لا بدّ أنها هرعت دونَ توقف.
لم يكن لديّ حتى الوقت لاستقبال ضيفة ثمينة بشكلٍ لائق. لم يبـقَ حتى مَـنْ يخدم القصر، إذ تـمّ استدعاء جميع مَنٔ يحرسون القصر لمهامٍّ أخرى.
علاوةً على ذلك، كان المصابون بالسم يتدفقون بالمئات يوميًا، ولم يحافظوا جميعًا على النظام.
كان هناك مَـنْ يتسلّلون خلسة، و مَـنْ يثيرون الفوضى، و مَـنْ يركعون متوسلين.
كان على فرسان فالاندي حماية القصر من هؤلاء، بينما توجّـه معظم فرسان لومينتيا المقدسين إلى منطقة البوابة الأولى، حيث بدأت الوحوش تظهر.
“الوحوش كائنات فاسدة. لذا، حماية الناس من الوحوش واجب الفرسان المقدسين حتى بدون أوامر البابا.”
قال بيرين ذلكَ و قـاد فرقته إلى هناك.
في البداية، لم تظهر الوحوش في منطقة البوابة الأولى، شمال راجان، حيث يقع القصر.
لكن مع مرور الوقت، بدأت الوحوش تظهر من الأطراف، وهذا المساء، شوهدت بالقرب من القصر.
كان ذلكَ بسببِ نقص قوتي المقدسة بسبب شفاء الناس.
“قيل إن الوحوش لا تظهر في جنوب راجان. بل لا تقترب من هناك حتى. بما أنها بدأت من هناك، فهذا يعني…”
كان ذلك يعني أن ليفيا لم تستنفد أيّ قـوّة مقدسة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 136"