تحت تأثير موقفه الحازم و كأنّه مصمّم على حسم الأمر، شعرتُ بكتفيّ تنكمشان دونَ قصد.
“أنا قصيرة القامة…”
“تناسبين ذراعـيّ تمامًا، و هذا مُرضٍ جـدًّا.”
“و بشرتـي شاحبة…”
“أشعـرُ بالقلق أحيانًا ممّا إذا كنـتِ مريضة، لكن أليسوا يقولون أنّ هذا النوع من البشرة نقيّة و صافية؟”
“و شعري و عيناي سوداوان، و هما نادران هنا…”
“نادران، لكنهما ليس معدومين. و أيضًا أليس بإمكاننا تسمية ذلك تميّزًا أو سحرًا خاصًّا بـكِ؟”
“…..”
“و مـاذا أيضًا؟”
طوى كاليـد ذراعيه، كأنّه يتحدّاني أن أقول المزيد.
كلّ ما أقوله يتحوّل إلى مديحٍ محرج، فلم أعد أعرف ماذا أقول.
“إيرديا، مهما كان شكلكِ، فأنـتِ ستكونين مشعّة و جميلة. أنا لـم أحـبّ صاحبة القوّة المقدّسة التي يمدحها الجميع، بل أحببتُ جوهركِ الحقيقيّ.”
كانت نظرته الحنونة تلفّنـي بدفءٍ لم أعهده من قبل.
“حتّى عندما رأيتُ ليفيا التي كان الجميع يصفها بالجمال، لم أشعر بشيء. لكن عندما كنتِ أنـتِ في جسدها، كان الأمـر مختلفًا. سُحرتُ بعينيكِ المتألّقتين. ظننتُ أنّني جننتُ، لكن لم أستطع التوقّف. و ما زال الأمر كذلك إلى الآن.”
شعرتُ بالامتنان لقوله إنّه كان سيعرفني بأيّ شكل، لكن كلمة “الاستحواذ” أعادت إحياء شعور الذّنب الذي كنتُ قد دفنته.
“…أنا ممتنّة حقًا، و سعيدة لأنّكَ عرفتني. لكنّني لا أزال أشعر بالأسف لأنّني استوليتُ على وقت تلك الفتاة.”
“لم يكن ذلك إرادتكِ.”
“ومع ذلك، لقد تطفّلتُ على حياةِ شخصٍ آخر.”
“لو لم يحدث ذلك، لكان عدد مَنٔ فقدوا حياتهم على يد تلكَ الفتاة قد تضاعف.”
ربّما… كان ذلكَ صحيحًا.
كانت هذه البلاد مكانًا تفتقر حتّى إلى ملك يصحّح الأخطاء.
كان الإمبراطور غارقًا في الترف و المتعة قبل أن تتدخّل الإمبراطورة لإسقاطه، مستمعًـا فقط إلى الأشخاص المنافقين.
و كما قال كاليـد، لو لم أقضِ خمس سنوات في جسد ليفيا و أنا أفسد خططها، لكـان عدد أكبر قد فقدوا حياتهم.
كاليـد وحده لم يكن قادرًا على مواجهتها إلّا بالكاد.
“أنتِ تفكّرين كثيرًا. تهتمّين بالآخرين أكثر من اللازم و تحاولين حمايتهم. من الجيّد أحيانًا أن تتحرّكي من أجل نفسكِ.”
كانت هناك نبرة أسى في صوت كاليـد.
هل كان حزينًا لأنّني لا أعتني بنفسي، أو لأنّني لا أضع نفسي أولًا؟ أنا أيضًا أشعر بنفسِ الشعور عندما يجهـد نفسه.
كانت معضلة لا يمكنني حلّها. ربّما لأنّ كاليـد ينحاز إليّ تمامًا من وجهة نظري.
لأنّني فهمتُ مشاعره، أومأتُ برأسي و غيّرتُ الموضوع.
“هل تمّت تسوية قضيّة ميرسين بشكلٍ جيّد؟”
بدت تعابير كاليـد و كأنّه ليس سعيدًا بتغيير الموضوع، لكنّه أجـابَ بصدق.
“بفضل تدخّل الدّوقة شيرن، تُحلّ الأمور بسهولة. لو تدخّلتُ مباشرةً لدعم الدّوقة الكبرى، لكنتُ واجهتُ ردّ فعل عنيف، لكن الانتظار للوقت المناسب كان قرارًا صائبًا.”
“لم أتوقّع أن تتحرّك الدّوقة بهذه الصراحة.”
تناولَ كاليـد رشفة من الشاي البارد و ضحكَ بخفّة.
“كلّ ذلك بفضلكِ.”
“همم… من الصّعب إنكار ذلك.”
ضحكتُ معه و أومأتُ برأسي.
نفوذ دوقية شيرن يشكّل دعمًا كبيرًا لكاليـد.
كنتُ أتوقّع ذلك عندما ساعدتُهم، لذا تحرّكاتها كانت متوقّعة إلى حـدٍّ ما.
لكن عائلة شيرن أظهرت عزمًا أكبر ممّا توقّعتُ.
تخلّت عن الحياد و أعلنت دعمها الصريح لكاليـد. و بناءً على ذلك، بدأت عائلات الجنوب تبدي تأييدها واحدة تلو الأخرى.
كان ذلك سببَ انشغاله المتواصل مؤخّـرًا.
“بما أنّ المشكلة التي كانت تقيّد الشمال قد حُلّت، يجب أن تشعر الدّوقة الكبرى كلاوس بالراحة الآن.”
“لقد كانوا يبتزّونها بمسألة الطّعام للتحضير للشتاء. كانت مسألة تتعلّق بحياة سكّان الشمال… الآن بعد تـمَّ حـلّ الأمر، يجب أن يكونوا هم مَـنْ يحذرون.”
حرّضت ليفيا اللوردات المحيطين بميرسين لدفع الدّوقة الكبرى كلاوس إلى موقفٍ محرج، لمنع جيش الشمال من أن يصبح قوّة فعليّة لكاليـد.
حتّى لو تحرّكت الدّوقة بناءً على طلب تعاون رسميّ، فإنّ قيادتها للجيش بناءً على طلب وليّ العهد، الذي ليسَ إمبراطورًا بعد، كانت كافية لإثارة الجدل سياسيًا.
لم يفوّت اللوردات هذه الفرصة و نشروا الشائعات.
تجاهل سلطة الإمبراطور، محاولة التمرّد…
كانت اتهامات سخيفة، لكن بالنّسبة للدّوقة الكبرى كلاوس، التي نقلت جيشهـا إلى أراضي لورد آخر دون تنسيق مسبق، لم تكن أمورًا يمكن تجاهلها بسهولة.
ومع ذلك، تحرّكت الدّوقة رغم توقّعها لكلّ هذه الظروف.
وذلك لسببٍ واحد فقط: أنّ شوريل كان محتجزًا في ميرسين.
“لقد أصبحنا مدينين كثيرًا للدّوقة الكبرى.”
“لقد تحمّلت حتّى مسؤوليّة تلكَ الحادثة… التفكير في كيفيّة سداد هذا الدين يثقل قلبي.”
“ستأتي فرصة لسداده بالتأكيد. الدّوقة الكبرى ليس شخصًا يطالب بمطالب غير معقولة.”
تذكّرت الدّوقة الكبرى للحظة، و ضحكت بخفّة فأومأ برأسه.
كان الطقس رائعًا.
حتّى الوقوف تحت الشمس قليلًا كان كافيًا ليتدفّق العرق، فقد كان الجوّ حارًا جـدًا.
ومع ذلك، شعرتُ بأنّه رائع، ربّما لأنّ الوقت الذي أقضيه مع كاليـد كان هادئًا.
“الجوّ أصبح حـارًا جدًا. كما قال تايلون، ربّما يجب أن أتلقّى الدروس في الداخل بدءًا من الغد.”
انتظرتُ قليلًا، لكن لم يـأتِ ردّ، فنظرتُ إليه.
عندما تقابلت أعيننا، أظهـرَ كاليـد تعبيرًا غير معتاد من عدم الرضا.
“التدريب أمر جيّد… لكن لماذا يجبُ أن يكون تايلون بالذات؟”
على الرّغمِ من تظاهره باللامبالاة، كانت نظرته موجّهةً إليّ بوضوح.
تذكّرتُ ما قاله تايلون صباحًا.
تذمّره من شعوره بأنّ حياته في خطر أثناء التدريب جعلني أكافح لكبح ضحكتي.
“ههه… هل أنـتَ تغـار حقًّـا؟”
كان الأمر لطيفًا عندما سمعته بالكلام، لكن رؤيته أمامي جعلـه ألطف بأضعاف.
عبـسَ كاليـد و قال:
“ليست غيرة، بل حكم عقلانيّ. هناك الكثير من السيّافين أفضل منه. من الأساس، يمكنني تدريسكِ بنفسي، فلماذا تحتاجين إلى رجلٍ آخر؟”
“ليس لديكَ وقت، كاليـد. حتّى هذا الوقت أخذته بصعوبة.”
“…يمكنني إيجاد وقت لتدريسكِ.”
شعرتُ بصدقه، لكنّني كنتُ أعرف أنّ ذلك سيكون عبئًا زائـدًا.
حتّى الآن، كان يكافح لإيجاد وقت لرؤيتي، لذاك فإن التدريب سيكون أكثر من اللازم.
من المؤكّد أنّه سيقلّل من نومه أو يتخطّى وجباته لإيجاد الوقت.
“إذن….دعني أختر شخصًا آخًر لكِ.”
إذا اختار كاليـد بنفسه، فسيكون على الأرجح أحد فرسان إلباردان أو أحد أعضاء منظّمة باسلراين التي لا أعرفها جيّدًا.
سيكون ماهرًا بالتأكيد، لكن كاليـد بدا لطيفًا جـدًّا بعبوسه، فسألته مازحة:
“هم… اقتراح جيّد بالتأكيد.”
“…لكن؟”
“لماذا أنتَ غير راضٍ عن تايلون إلى هذه الدرجة؟”
مع كلّ كلمة، كانت حاجباه يرتجفان، و كنتُ أكافح لكبح ضحكتي.
عبسَ كاليـد بشكلٍ واضح وقال:
“لماذا تصرّين على ذلكَ الشّخص؟”
كادت ضحكتي تنفجر عندما تحوّل تايلون من “ذلكَ الرّجل” إلى “ذلكَ الشّخص”، لكنّني كبحتها بصعوبة.
هل يمكن أن تكون غيرة الحبيب بهذا اللطف؟
أردتُ أن أقول لمَـنْ يدّعي أنّ الغيرة قبيحة: كيف يمكن أن تكون غيرة بهذا اللطف و الحبّ قبيحة؟
“أنا مَـنْ سألتُ أوّلًا، كاليـد.”
عندما طالبتُ بإجابة حاسمة، تجنّبَ نظراتي وهو لا يزال بعبوسه.
بين الحرارة الشديدة، سمعتُ صوت الحشرات يتردّد. انتظرتُ إجابته بهدوء، مستمتعة بتردّده.
“…لأنّه.”
ربّما بسببِ ضجيج الحشرات الصاخب، أو لأنّ صوته كان منخفضًا بشكلٍ غير معتاد، لم أسمع إجابته بوضوح، فـمِلتُ برأسي.
قال كاليـد بنبرة عصبيّة:
“لأنّه شـابّ، وسيـم، و ماهـر بشكلٍ مفرط.”
كانت كلمات مديح، لكنّها كانت حادّة جدًا.
“يا إلهي.”
لم أستطع كبح ضحكتي أخيرًا و انفجرتُ.
كانَ الأمر مضحكًا لدرجة أنّ الدموع تجمّعت في عينيّ.
آه، لا ينبغي أن أضحـكَ هكذا…
نظرتُ إليه بنظرةٍ خاطفة، فكان كاليـد قد أدار وجهه كما لو كان يتوقّع ذلك، متكئًا على ذقنه.
لكن أذنيه الحمراوين المكشوفتين جعلتني عاجزة عن كبـح ضحكتي أكثر.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 119"