كانت جينا تتنفس بصعوبة بالغة، ثم ثبتت نظراتها بصعوبةٍ وفتحت فمها بصعوبة:
“…اه… ار… ارب… اهربي…”
كان صوتها ضعيفًا جدًا، أضعف من النفس نفسه.
أخفضت رأسي ببطء. كانت الدموع تنهمر بلا توقف.
حتى في هذه اللحظة، كانت جينا، التي تحاول إخباري بشيءٍ من أجلي، عزيزة جدًا عليّ.
أمسكت يدها المرتجفة بثوبي.
“…لا… لا يجب… أن تأتي… إلى هنا…”
دوي!
فجأةً ، اهتزت الغرفة بأكملها، وأُغلقَ باب السقف الذي دخلنا منه بصوت قوي.
رفعتُ رأسي بسرعةٍ ونظرت إلى كاليد.
كان قد سحبَ سيفه من خصره بالفعل، و هو يراقب المناطق المحيطة بحذر.
عبسَ ألدين، الذي كانَ يفكّ قيود ذراعيّ و ساقيّ جينا، ونهض.
“هذا…”
شعرَ بشيء ما، فمد يده بسرعة إلى حقيبته.
في تلكَ اللحظة، بدأ دخان أسود غامض ينتشر من الزاوية. كانت سرعة انتشاره بطيئة بشكلٍ غريب، كما لو كان وحشًا سحريًا يتحرك ببطء، مما جعل المشهد مخيفًا.
بدتْ جينا وكأنها فقدت الوعي مجددًا، متراخية. أمسكت بها بسرعة وهي تسقط.
كنت أتوقع أن يكون هناك فخ ينتظرنا. إذا تصرفنا دون ذعر…
“جيرمان!”
رنّ صوت كاليد حادًا كالمعدن.
عندما التفت إلى جيرمان، كان يغطي أنفه و فمه بيده بسرعة.
“…أغ!”
على الرّغمِ من خروجه السريع من الدخان، عبس جيرمان و أطلقَ أنينًا. يبدو أنه استنشق الدخان بالفعل أثناء فحص الجدار الذي كان ينتشر منه الدخان، دون أن يتمكن من التهرب.
“…ها… ها…”
كان يتنفس بقوة وهو يمسكُ رأسه.
“جيرمان؟”
ناداه كاليد بهدوء.
أمسك جيرمان برأسه، يهز رأسه عدة مرات ويطلق أنينًا مؤلمًا.
“آه… أغ!”
لم يجب على نداء كاليد، وفجأةً، سقط على الأرض وهو يضرب رأسه بالأرض بقوة.
“جيرمان!”
عندما اقتربَ كاليد مصدومًا، سحب جيرمان خنجرًا من صدره و هوى به.
كانَ الدخان الأسود الذي يتقدم ببطء يوضح أنه ليس سمًا عاديًا.
“لم أقرأ عن سم مثل هذا في الكتب!”
كانت عينا جيرمان، الذي يتنفس بصعوبة، موجهتين إلى مكانٍ ما في الهواء.
“…ستقتلني مرّةً أخرى؟ إلى متى، إلى متى ستستمر في هذا؟”
ارتجفَ كاليد للحظة عند صرخة جيرمان المليئة باللوم، التي لم يفهمها.
ضيّق حاجبيه و اقتربَ بحذرٍ خطوة.
“…كاليد!”
“لا بأس. يبدو أنه يرى هلوسة.”
كما قال كاليد، كان جيرمان يحدّق في الهواء بعيون مشوشة، كما لو كان غارقًا في هلوسة. ومع ذلك، كان يشعر بالحركة القريبة، فهوى بخنجره مرّةً أخرى عندما اقترب كاليد.
كانت حركات جيرمان السريعة تهديدًا كافيًا. لم يستطع كاليد مهاجمة جيرمان، مفضلاً تفادي هجماته فقط.
ابتلعت ريقي. كانت هذه معركة لا تترك سوى الجروح للطرفين. هل يمكن حتى تسمية هذا معركة؟
ظهرتْ لحظة تردد في عيني كاليد. لم يفوت جيرمان تلكَ اللحظة، وطار خنجره نحوَ صدر كاليد.
حاولت القفز من مكاني من الصدمة، لكنني تذكرت أن جينا في حضني وعضضت شفتي فقط.
“جيرمان… استعد وعيك.”
“…أنتَ مَنْ أنجبتني. فلماذا، لماذا؟”
“جيرمان!”
لم يستطع كاليد مهاجمة جيرمان. حاولَ كسر معصمه الذي يخنقه، لكنه لم يكن قويًا بما يكفي لصد جيرمان الذي يهاجم بكل قوته.
للإفلات، كان عليه أن يطعنه بسيفه.
لكنه لن يطعن صديقه، أخاه.
يجب أن أتدخل.
عندما فكرت في ذلك.
ضربة!
ظهر ألدين من خلف جيرمان وضربه بقوة على مؤخرة عنقه دون رحمة.
“آسف.”
تمتمَ ألدين باعتذار لن يسمعه جيرمان الفاقد للوعي، ثم أومأ برأسه قليلاً إلى كاليد الذي يتنفس بصعوبة.
“…شكرًا.”
“خيانة أقرب الناس تجعل الشّخص غير حذر.”
“ليست خيانة.”
“صحيح. لكن يبدو أن هذا يجبره على التصرف بغض النظر عن إرادته.”
أعطى ألدين، الذي كان يرتدي قناعًا غريبًا، قناعًا مشابهًا لكاليد.
“الغازُ السّام هو أسهل خدعة تُستخدم في الفخاخ. خاصة في قبو مغلق كهذا، تكون قوته الفتاكة عالية.”
قال ذلك وهو يوزع أقنعة الغاز من حقيبته حسب عدد الأشخاص. أعطى ترياقًا لجيرمان الفاقد للوعي وساعده على ارتداء القناع.
“هذا الترياق يمنح مناعة ضد معظم السموم، وهو نادر جدًا.”
“ترياق شامل؟”
“شامل، لكن يجبُ تناوله قبل التعرض للسم، ومدة تأثيره قصيرة جدًا. لذا، إذا لم يستعد هذا الرجل وعيه بعد مغادرتنا، سنحتاج إلى ترياق آخر.”
“…في الوقت الحالي، هذا هو أكثر شيء نحتاجه.”
“لقد قدّمه الماركيز. إنه عنصر نادر جدًا و يصعب الحصول عليه، لكنه قال إنه من الأفضل أن نأخذه تحسبًا.”
كان الماركيز فالاندي، تاجر القارة الأول، قد أعدَّ حتى هذا.
كنتُ أتساءل لماذا كانت الحقيبة ثقيلة بالنسبة لمهمة تسلل، لكن يبدو أنها كانت مليئة بأغراض اختارها الماركيز خوفًا علينا.
أعطيت جينا الفاقدة للوعي الترياق وساعدتها على ارتداء القناع، ثم نهضت. سلمتُ جينا إلى ألدين للتحرك.
“يبدو أنه سمّ يربك العقل.”
“كان جيرمان يرى شخصًا آخر غير سموك.”
“ربما يرى والده من طفولته التعيسة.”
كان من المفاجئ أن جيرمان، الذي قال كاليد إنه نشأ كأخ له، كان لديه طفولة تعيسة، وأن الشخص الذي يريد قتله بشدّة هو والده.
ربّما مرَّ بطفولة مشابهة لكاليد. هل كانَ ذلكَ الشعور بالتشابه هو ما جعلهما أقرب؟
“ليس هذا هو المهم الآن.”
هززتُ رأسي ونظرتُ حولي.
يبدو أن كاليد كان يفكّر في نفس الشيء، فلم يواصل الحديث.
“لا تطمئني حتى لو تناولنا الترياق. السموم التي تؤثر على العقل قد لا يعمل معها الترياق.”
“حسنًا، سأكونُ حذرة. لكن… يجب أن نخرج من هنا، أليس كذلك؟”
حتى لو كان الدخان ينتشر ببطء، فإن تغطية الغرفة كلها مسألة وقت.
فوقَ ذلك، كانت مدة تأثير الترياق نصف ساعة فقط. كان علينا الخروج خلال هذا الوقت.
“المدخل الذي دخلنا منه ليس بالضرورة المخرج الوحيد. أنا متأكدة أن هناكَ فضاءً مخفيًا آخر…”
كانت المنطقة التي غمرها الدخان الأسود بالفعل غير قابلةٍ للفحص الدقيق. وكما قال كاليد، لم يكن هناك ضمان أنّ الترياق الشامل سيعمل بشكلٍ كامل ضد هذا الدخان الغامض.
في تلكَ اللحظة، لاحظتُ وميضًا خافتًا من المكان الذي كانت جينا مقيدة فيه.
على الأرضية الحجرية حيث تجمعت بركة الدم، كان هناك أثر ذهبي متبقي كظل.
اقتربت من الضوء مفتونة، مع كبح أنفاسي.
“إيرديا؟”
ناداني كاليد بهدوء، لكنني أشرتُ له ليصمت ولم أوقف خطواتي.
“هذه… قوة مقدسة؟”
كان الضوء يمتد على الأرض في اتجاه واحد، كما لو كان أثرًا لشخصٍ ما مشى.
“آه…”
مررت أصابعي بلطف على الأثر الذهبي. ارتجفت يدي تلقائيًا. بالأحرى، كانت السلسلة على معصمي تهتز برنين خفيف.
إنها قوة مقدسة. هذا بالتأكيد أثر تركته قوة ليفيا المقدسة.
“كاليد، هل ترى هذا؟”
“ماذا تقصدين؟”
“هنا، هذا.”
أشرتُ إلى الأثر الذهبي الذي أصبحَ أكثر وضوحًا، لكن كاليد ماله برأسه فقط. التفتُ بسرعةٍ إلى ألدين، لكنه هز رأسه بصمت أيضًا.
“هل ترينَ شيئًا؟”
“نعم. أثر ذهبي. ربّما… قوة ليفيا المقدسة. يبدو كأثر تركته بعد استخدام القوة المقدسة.”
كنتُ الوحيدة التي ترى هذا الأثر الذي لم يرهُ أحد.
تبعتُ الأثر الذهبيّ ببطء، نحوَ المكان الذي كانت أدوات التعذيب المغطاة ببقعِ الدّم مصطفة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 108"