كانت القصة التي خرجت من فم الأم، الإمبراطورة سيليان، صادمة منذ البداية.
كانت سيليان وريثة عائلة لوكادور الدوقية، وهي عائلة من المؤسسين الأوائل للإمبراطورية. منذُ طفولتها، كانت تُوصف بالجمال والذكاء، وكانت عائلتها من النبلاء الموقرين الذين أنتجوا مواهب متميزة عبر الأجيال.
ربما لهذا السّبب، عندما أصبحَ الأمير الصغير ليونير، الناجي الوحيد من كارثة الوباء التي لم تستثن حتى العائلة الإمبراطورية، إمبراطورًا، وقعت عين الإمبراطورة السّابقة على سيليان.
على الرّغمِ من كونها وريثة لوكادور و تُلقب بالعبقرية، أصبحت سيليان إمبراطورة كوسيلةٍ لتعزيز الأسس السياسية للإمبراطور الشاب ليونير.
كان ليونير، كما توقعت الإمبراطورة السّابقة، رجلاً ضعيفًا للغاية.
كونه الأصغر، بعيدًا عن العرش، كان مدللاً وغير متعلم في فنونِ الحكم، جاهلاً بشؤون الدولة.
بأمرٍ من الإمبراطورة السابقة، ساعدت سيليان الإمبراطور الجاهل من الجانب، و تولت بنفسها العديدَ من شؤون الدولة.
لكن ليونير، بدلاً من تقديرِ تفاني سيليان، شعرَ بالغيرة والكراهية تجاهها. كانَ يحمل ضغينة خاصّة لأنه أُجبرَ على الانفصال عن حبيبته التي أحبها بسببِ زواجه من سيليان، واضطر لمشاهدةِ زواج حبيبته من رجلٍ آخر.
ألقى ليونير باللّوم على سيليان في كل مصائبه. كان يعتقد أنها طمعت في منصب الإمبراطورة بسببِ جشعها.
ومما زادَ من مظلومية سيليان، أن الإمبراطورة السّابقة، التي أرادت تجنّب كراهية ابنها، لم تصحّح سوء الفهم الخاطئ.
وهكذا، كانت حياة سيليان الزوجية السّياسية وحيدة وكأنها جحيمٌ لا نهائي.
مع مرور الوقت، عندما بلغَ ليونير سن الرشد، اضطرا لقضاءِ ليلة زفافهما المتأخرة من أجلِ تأمين وريث وحيد.
كانت تلكَ اللّيلة الوحيدة التي قضياها معًا، وبعدها لم يكن هناكَ ليالٍ مشتركة أخرى، لكن الحاكم منحَ سيليان طفلاً ثمينًا كبركة.
وهكذا وُلد كاليد.
في خمسِ سنوات من الحياة الوحيدة، كان كاليد أوّل عزاءٍ حصلت عليه سيليان.
ومع ذلك، لم يعترف ليونير أبدًا بكاليد، الذي وُلد من ليلة واحدة فقط.
أمامَ الخدم والخادمات، رفضَ ليونير كاليد، على الرّغمِ من أن كاليد كان يحمل الشعر الأشقر، وهو سمة عائلة نومين الإمبراطورية.
كان يشعر بالغيرة حتى من ابنهِ و زوجته، وكان دائمًا مأخوذًا بإحساسهِ بالنقص، يرى كلّ تصرّفات سيليان بامتعاض.
“ليلة واحدة فقط. هل يعقلُ أن تحصلي أنتِ، التي قضيتِ ليلة واحدة معي، على طفلٍ لم تستطع الحصول عليه النّساء اللواتي قضين ليالٍ عديدة معي؟”
“…ما الذي تحاولُ قوله؟ هل تقول أمامي الآن… أن كاليد ليسَ ابنكَ؟”
“إذا كنتِ إمبراطورة ذكيّة، ستفهمين. الطمع المفرط يجلب المصائب. هل هناكَ مَنْ لا يعرف أن الرجال يترددون على قصر بيلديا؟”
“كل هؤلاء جاءوا إليّ لأمور تتعلّق بالإمبراطورية نيابةً عنك! أنتَ الآن تهينني! كيف لا يكون كاليد ابنكَ؟ كيف يمكن أن يكونَ من دم شخصٍ آخر؟”
“يا للوقاحة! كيف تجرؤين على رفعِ صوتكِ على إمبراطور مثلي؟ هذا ازدراء. لا أستطيع الاعتراف به، فكيفَ يكون هذا الطّفل من دمي؟ طفلٌ لا يشبهني ولو قليلاً! هل يجب أن أعترف به؟”
“إنه طفل وُلد بشعرٍ أشقر، سمة العائلة الإمبراطورية!”
“شيءٌ لا أملكه.”
“هل هذا… ما تقوله الآن؟”
“أظهري دليلاً على أن كاليد ابني. إذا كان حقًا من دمي، أثبتي ذلك.”
“…ما الذي تطلبُ مني إثباته؟”
“سأخفض رتبة عائلة لوكادور إلى ماركيز. وإذا أحضرتِ وثيقة تعهد بعدم التّدخل في السياسة مرة أخرى، عندها سأعترفُ به.”
“هل جننت؟ تحملتُ علاقاتكَ مع نساء جديدات كل ليلة. تحملتُ اهتزازكَ بتملق النبلاء كل يوم! صبرتُ بصمت! والآن… تريد قتلَ عائلتي الأصلية أيضًا؟”
“إذا لم تستطيعي حتى هذا، فإن كاليد ليسَ من دمي.”
“ليونير!”
“أنا أيضًا فضولي. سيليان، هل الطّفل الذي أنجبتِه هو حقًا ابني؟”
حتى مع وجودِ سيليان كإمبراطورة، دعا ليونير العديد من النساء النبيلات إلى القصر لقضاءِ اللّيالي معهن.
من بينهن كانت حبيبته السّابقة المتزوجة بالفعل، وفتيات مخطوبات.
على عكسِ اسميّ القصرين اللذين يبدوان كزوجين محبين، لم يتوقف ليونير عن أفعاله تلك، حيث كانت أصوات النساء تتردّد في قصر أرسين كل ليلة.
ومن المفارقة أن حياته تلك أدّت إلى كسب تأييد النبلاء. كان ذلك بسببِ طموحهم في أن تصبح بناتهم أو بنات أخواتهم أو حفيداتهم إمبراطورة يومًا ما.
أعطى الأمل في الاستيلاء على مكان سيليان، التي تنحدر من عائلة مؤسسة، قوة لادعاءات ليونير الغريبة.
كانَ الجميع يعرف الحقيقة، لكنهم أغمضوا أعينهم وأغلقوا آذانهم، متجاهلين إياها. كانت الإمبراطورية مليئة بالذين يوجهون أسنانهم نحوَ سيليان.
كان هناكَ وفرة من الفاسدين الذين يتملقون ليونير المتردد لتحقيقِ مكاسب، وتم طرد كلِّ مَن تحدث بالحقيقة من راجان.
في عزلة قاسية، كان على سيليان أن تقاتلَ بمفردها وتتحمل العار المستمر.
لذلك، لم يكن أمام سيليان خيارٌسوى اتخاذ قرار.
“أنا آسفة… أنا آسفة، أبي.”
“بل أنا الشخص الآسف هنا. في ذلكَ الوقت… لم يكن يجبُ أن أوافقَ على هذا الزواج.”
“كاليد، مهما قال الناس، هو من دم ليونير. هذا البلد يتعفن شيئًا فشيئًا. إذا استمرَّ الأمر هكذا، سيزول في التاريخ قريبًا. أؤمن أن كاليد هو الأمل الوحيد.”
“هل يجب عليكِ… سلوكُ هذا الطريق الصعب؟”
“أنا مواطنة من الإمبراطورية و إمبراطورة في نفسِ الوقت. كيف يمكنني الوقوف مكتوفة الأيدي بينما البلاد على وشكِ الانهيار؟”
“…سيليان.”
“لذا أرجوك، أبي. كاليد… يجب أن يصبح إمبراطورًا.”
كانت وثيقة التعهد من عائلة لوكادور بالتنازل عن لقب الدوق طواعية بمثابة رمز للعار والانقطاع الذي عانت منه سيليان.
الثمن الذي حصلت عليه كان تتويج كاليد كوليٍّ للعهد، لكن سيليان اضطرت لمسحِ دموعها بصمت طوالَ تلكَ اللّيلة.
قالت إنها لا تزال لا تندمُ على هذا القرار، الذي اضطرت فيه للتضحية بعائلتها الأصلية والعيش مع وصمة العار من أجل حماية طفلها.
“لم يكن الوقت مناسبًا. كانت عائلة لوكادور قوية بلا شك، لكنها لم تكن كافيةً لمواجهة سلطة الإمبراطور المتحالف مع النبلاء الجدد.”
“…كيف كان من الممكن أن يحدث شيءٌ غير منطقي كهذا؟”
“ألم أقل لك؟ في ذلكَ الوقت، اجتاحت الإمبراطورية كارثة وباء.”
إذا لم تستطع حتى العائلة الإمبراطورية تجنب هذه الكارثة، فكيفَ يمكن لعائلة نبيلة أن تكون آمنة؟
في تلكَ الفترة التي اهتزت فيها العائلة الإمبراطورية، كانت هناك عائلات نبيلة كثيرة مهددة بالانقراض.
في تلكَ الفترة التي اهتزت فيها البلاد بأكملها، كان النبلاء الجدد الذين برزوا يتملقون الإمبراطور الشاب مثل الثعابين.
“في تلك الفترة المتزعزعة، لم يكن لدى أحد، لا الشعب ولا النبلاء ولا حتى المعبد، الرفاهية لمواجهة المتملّقين الذين استولوا على جانب الإمبراطور.”
لذلك، كانَ من الممكنِ أن يتحقق مثل هذا الادعاء الغريب.
من بين نسبِ العائلة الإمبراطورية، كان الوحيدون الذين يمكن أن يصبحوا إمبراطورًا هم أولئك الذين وُلدوا بشعرٍ أشقر غامق.
كان ليونير الشخص الوحيد الذي أصبح إمبراطورًا دونَ شعر أشقر.
ومع ذلك، وُلد كاليد، ابنه، بشعرٍ أشقر. لذلك، نفى ليونير وجود كاليد أكثر، كما لو أنه إمبراطور لم يُعترف به.
“لذلك كانَ يكرهني إلى هذا الحدّ؟”
“ربّما كان الأمر معقدًا. إحساسه بالنقص تجاهي… والغيرة منكَ لامتلاككَ ما لا يملكه.”
شعرَ كاليد بموجةٍ من المشاعر التي لا يمكن تسميتها.
كراهية الإمبراطور له، التي تلقاها دونَ معرفة السبب، تركت جرحًا كبيرًا في طفولة كاليد.
كان والدًا، لكنه لم يستطع مناداته “أبي”، وكان مسموحًا له فقط بلقب “جلالته”. مهما حاولَ، لم يتلقَ مديحًا ولو مرّةً واحدة.
في طفولته، كانت هناكَ أيام كثيرة بكى فيها ومسحَ دموعه دونَ معرفة السّبب… ليكتشف أن السّبب كان هذه الأشياء.
لونُ الشّعرِ الذي وُلد به كان شيئًا لا يمكنه تغييره مهما حاول. كان من السّخرية أن يكون وجوده نفسه سبب الكراهية، وأن يبكي و يحاول بينما لم يكن يعرف ذلك.
كبت المشاعر التي اندفعت فجأةً بجهد. إذا كان هو نفسه يشعر هكذا، فكيفَ كانت مشاعر والدته التي تحملت تلك السنوات الطويلة؟
“بما أن عائلتي لم تعد قادرةً على التّدخل، أصبحت قاعدتكَ ضعيفة حتمًا. كنتَ بحاجةٍ إلى قوة بديلة.”
كان من الطبيعيّ البحث عن عائلة تدعم كاليد. بما أنه لا يمكنه الاعتماد على عائلة والدته، كان يجبُ أن تكون عائلة المرأة التي سيتزوجها قوية.
“عندها وجدتُ هذا.”
مدّتْ سيليان يدها وأظهرت زينةً كانت ترتديها على معصمها.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 102"