* * *
بسببِ قربها من غابة فيغاس، كانت أسعار الأراضي في منطقة البوّابة الأولى رخيصة. في هذا المكان، بنى الماركيز فالاندي أفخم قصر في الإمبراطورية بثروته الهائلة.
بفضلِ الجدران المتينة و بوابة القصرِ القوية، تحولت هذه المنطقة الخطرة بسرعةٍ إلى أكثر الأحياء حيويّة في الشّمال.
كعائلةٍ ثرية، كانت الحراسة أمام بوابة القصر مشدّدة. لم تكنْ بمستوى القصرِ الإمبراطوري، لكنها كانت أكثر صرامة من قصر أرفين.
كانَ ذلك نابعًا من قلق الماركيز فالاندي تجاه ابنته التي عُثر عليها مؤخرًا.
“…اشتقت إليها.”
كانت علاقتي بالماركيز مميّزة جدًا، و بدأت هذه العلاقة أثناء عملية تصحيح أفعال ليفيا أرفين الشريرة.
كانتْ ليفيا أرفين تقومُ برشوةِ حرّاس البوابات لتهريب بضائع خاصة من الخارج، و صادفَ أن شاهدَتْ طفلةٌ صغيرة هذه العملية بالصّدفة.
في حالة ذعر، قامَ المهرّب بخطف الطّفلة و بيعها في الخارج أثناءَ عمليّة التّهريب.
لكن بعد شهرين، عندما عاد المهرب إلى راجان، اكتشف أن الطفلة لم تكنْ سوى ابنة الماركيز فالاندي المدلّلة.
كانَ قد فاتَ الأوان لإعادة الطفلة، و كانَ خائفًا من إخفاء الأمر أو الكشف عنه، خوفًا من الموت. كانت أيامه جحيمًا.
بعد ثلاثة أشهر، كتبَ ورقة توضح مكان الطّفلة وأرسلها إلى ليفيا أرفين، ثم اختفى.
بعد أيّام، عُثر عليه ميتًا في نزل رخيص.
استغرق الأمر عشرة أشهر أخرى حتّى يجد الماركيز ابنته.
كانتْ تعمل في مطعم أجنبيّ حتى تورمت يداها، و مَن أعادها كانت ليفيا أرفين—أنا بنفسي.
وهكذا، أصبحتْ ليفيا أرفين منقذة ابنة الماركيز، لكنني لم أستطع الابتسام ولو قليلاً.
“لو لم أقرأ تلكَ الورقة المجعدة في الدرج آنذاك… لما عُثر عليها حتى الآن.”
كانت ليفيا أرفين تعرفُ مكانَ الطّفلة من اعتراف المهرب، لكنها لم تبحثْ عنها عمدًا.
بل إنها اغتالت المهرّب الذي اعترف خوفًا، لتضمن ألا يعرفَ أحد غيرها بالأمر.
كانت تخشى أن يكشف البحث عن الطّفلة عن التهريب الذي قامت به. كانت امرأة شريرة حقًا.
كانَ الماركيز فالاندي يعتبرني منقذة ابنته، لكن بما أنني، ليفيا أرفين، كنتُ السّبب في اختطافها أيضًا، كانت لطافته دائمًا تُشعرني بعدمِ الرّاحة.
على الرّغمِ من أنني لم أرتكبْ ذلكَ بنفسي، في عيون الآخرين، لم يكن هناك فرقٌ بين ليفيا في الماضي و أنا الآن.
ومع ذلكَ، لم يهتم الماركيز بذلك. لذا كنت أعتبره شخصًا يستحق الشفقة، لا يميّز بينَ العدوّ و المنقذ.
“حسنًا… كلّ ذلكَ كان مجرد سوء فهم مني.”
لأنهُ كانَ يعرف هويتي الحقيقيّة ومع ذلكَ تصرّف بتلكَ الطّريقة.
“المشكلة الآن هي كيفيّة الدّخول إلى هناك.”
كانَ العثور على شخصٍ يمكنه مساعدتي أمرًا جيدًا، لكن مقابلته فعليًا لم تكن سهلة على الإطلاق.
كانَ موكب عربات الأمتعة الذي رأيته أمام البوابة الثامنة قد عبر البوابة الرئيسية بالفعل و وصل إلى القصر المركزي. كان عليّ الذهاب إلى هناك أيضًا.
وضعت إبهامي و سبابتي على ذقني، ونظرتُ إلى بوابة القصر بعيونٍ نصف مغلقة لفترةٍ طويلة.
لم يكن هناك أي ثقب للتّسلل، و بعد تجربة اختطاف ابنته، كانت الحراسة مشدّدة للغاية.
‘لو أستطيع مقابلة الماركيز فقط، ستنجح الأمور بطريقة ما… ما الطّريقة التي يجب أن أستخدمها؟’
كانت حراسة قصر الماركيز فالاندي صارمة، وكان منصب الماركيز في الإمبراطورية مرتفعًا و بعيد المنال. لم يكن من السهل على شخصٍ مجهول الهوية مثلي أن يلتقيه بمجرّدِ رغبته.
من بين عينيّ النصف مغلقتين، رأيتُ الحراس يتحركون بنشاط، يفحصون عربات الأمتعة واحدة تلو الأخرى.
برز بينهم رجل طويل القامة بشكلٍ خاص.
كان قائد الحراس الموثوق من الماركيز فالاندي، ألدين.
“إذا كان ألدين نفسه يتفقد عربات الأمتعة، فهذا يعني أنها بضائع مهمة جدًا. إذن…”
راقبت بدقّة ملابس التجار الذين ينزلون من العربات و حركات الحرّاس الذين يفتحون الأغطية لتفقد الأمتعة.
لحسنِ الحظّ، لم يكن هناكَ من ينظر إليّ بعناية بمظهري المتسوّل. كان هناكَ على الأقل عشرة متسولين آخرين في هذه المنطقة.
كانَ الماركيز، بثروته وطباعه اللطيفة، يُظهر أحيانًا كرمًا تجاه المتسولين، وكانَ مِن الطبيعي أن يتجمع المتسولون حول قصره لهذا السبب.
“حسنًا، هيا بنا.”
رطّبتُ شفتيّ الجافتين بلساني، و سعلتُ لتصفية صوتي. كنتُ لا أزال أشعر بالإرهاق و الدوار، لكن رؤية بصيصِ الأمل أعطتني بعضَ الطاقة.
كنتُ قد تخلصت بالفعل من الرداء الرث، فكنت أرتدي قميصًا أبيض و بنطال جينز ضيق. شعرت ببعض الأسف لبيع معطفي.
اقتربتُ بجرأة من بوّابة القصر، فنظر إليّ ألدين، ذو المظهر الخشن، وهو يرفع حاجبه.
“…من أين أتيتِ؟”
على الرّغمِ من مظهري البائس، حافظَ على أدبه، على عكسَ موظف المطعم السابق.
رفعت رأسي ونظرتُ إليه بثقة وقد قلت:
“جئتُ لأحضر شيئًا للماركيز.”
“هل لديكِ موعد؟”
“جئتُ على عجل ولم أتمكن من تحديد موعد، لكن إذا سمع قصتي، سيخصّص لي وقتًا.”
“…إذا لم تكوني من الأشخاص الذينَ لديهم موعد، لا يمكنكِ مقابلة الماركيز.”
“وماذا إذا لم يكن لديّ وقتٌ لتحديد موعد؟”
“يمكنكِ القيام بذلك الآن.”
يا له من شخص صارم!
كانَ ألدين حازمًا. لكن بما أنني لم أكن أنوي التغلب عليه ببضع كلمات، نفثت بسخرية.
“القائد ألدين، أنتَ تتمتع بثقةِ الماركيز، و مع ذلك تُعاملني هكذا؟”
“عائلة الماركيز فالاندي لا تسمح بدخولِ أيّ شخص بدون موعد. سواء كنت أتمتع بثقة الماركيز أم لا، فهذا لا علاقة له بمعاملتكِ.”
“هذا لأنني أعزّ أصدقاء الماركيز. أن تعامل صديق سيدكَ بهذه الطريقة!”
“…..”
نظر ألدين إليّ من رأسي إلى أخمص قدميّ دون أن ينطق بكلمة.
لم تكن نظرته كتلكَ التي يقيّم بها موظفو المطعم. كانت نظرة تحمل تساؤلاً: “هل هذا الشخص حقًا صديق سيدي؟”
كنت أعلمُ أن ألدين، بطباعه النبيلة، لن يطردني فورًا قائلاً إنني أتحدّث هراء، لذا تمكنتُ من التّصرف بثقة.
أنا الآن لستُ كذلك، لكنني كنتُ بالفعل صديقة الماركيز!
علاوةً على ذلك، تغير منصب ألدين من حماية الماركيز إلى حماية ابنته. قد يكون سمع الكثير من الماركيز، لكن من غير المرجح أن يكون على دراية كاملة بعلاقات الماركيز الاجتماعية.
عبسَ ألدين، كما لو كانَ يفكر بعمق.
عدم إصدار حكم متسرع إذا لم يكن متأكدًا—كان ذلكَ موقفًا يليق بألدين الصارم.
“هل يمكنكِ إثبات ذلك؟”
“إثبات ماذا؟”
“أنكِ صديقة الماركيز.”
“هل الصّداقة شيء يمكن إثباته؟”
“إذا لم تثبتي ذلك، لا يمكنني السّماح لكِ بالدخول.”
“قائد، طباعكَ النبيلة دون استثناء هي بالتأكيد رمز للوفاء. لكن إذا كانت مفرطة، قد تصبحُ تشدّدا، وهذا ليس دائمًا ميزة.”
“……”
“فقط كنْ مرنًا قليلاً، و انقل كلامي إلى الماركيز.”
عند كلمة متشدّد ، عبسَ وجه ألدين الخالي من التعبير. أصبحَ وجهه الخشن أكثرَ قسوة، كما لو كان زعيم عصابة لصوص.
عندما تحركتْ يده الضّخمة بحجم وجهي نحو سيفه عند خصره، انتفضَ جسدي غريزيًا.
لكنني تظاهرتُ بالهدوء. لا يجب أن أظهر أي علامة خوف. في اللّحظةِ التي أبدي فيها الخوف، سأثير شكوك ألدين.
إذا اكتُشف كذبي في هذه اللحظة، فلن أحصل على فرصةٌ أخرى لمقابلة الماركيز بهذه الطريقة السليمة.
قمتُ بِعضِّ داخل خدي قليلاً و ابتسمتُ بصعوبة.
“يقولون إن يدي الآنسة سيريل، التي يجب أن تكون ناعمة كزهور الربيع، أصبحتْ خشنةً كرياح الشتاء. جئت من بعيد لأخفّفَ من هذا القلق.”
“……”
“كم أصبح عمر سيريل الآن؟”
تذكرت أميرة عائلة الماركيز، التي ربما كبرت كثيرًا بعد خمس سنوات.
خمّنتُ ارتفاعها عند مستوى خصري براحة يدي، فتحرّك حاجب ألدين مرة أخرى.
“الآنسة سيريل تبلغ من العمر اثنتي عشرة سنة هذا العام. لا أعرف متى رأيتِها آخر مرّة، لكن…”
رفعَ ألدين لوحة صغيرة كانت معلقة عند خصره، و.دفع كف يدي للأعلى.
توقف عندما وصلت يدي إلى كتفي، وقال بهدوء:
“لقد كبرتْ إلى هذا الحدّ.”
“آه….”
يقولون إن الأطفال يكبرون بسرعة. الآن فقط أدركتُ فعلاً مرور خمس سنوات.
مدَّ ألدين اللوحة وقال بهدوء:
“سأنقل كلامكِ إلى الماركيز.”
كانَ يعني أن أكشفَ عن هويتي، فتنفستُ بعمق.
منذ أن جئتُ إلى هذا العالم، كنتُ أفكر دائمًا.
على الرّغمِ من أنني جئت كـكيم جي يونغ ، يجب أن أعيش الآن كشخص من هذا العالم.
منذ تلكَ اللحظة التي قرّرتُ فيها ذلك، تبادرَ إلى ذهني الاسم الذي اخترته في قلبي.
“اسمي إيرديا.”
لن يعرف الماركيز هذا الاسم. ولا بأس بذلك.
“…..”
“أنا الصّديقة الوحيدة التي أقسمت مع الماركيز عهدًا.”
كوني الصديقة الوحيدة التي أقسمت عهدًا هو دليل الصداقة.
عندما وضعتُ قوة في عينيّ و حزمًا في صوتي، شعرتُ بثقةٍ غريبة تنبعث مني.
لا يزال عليّ ألّا أرتاح.
خطّة اليوم تتطلّبُ مقابلة الماركيز و إقناعه.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 10"