“أعلم… لقد كنتُ أتحاشى الحديث عن هذا الموضوع لفترةٍ طويلة.”
لم ترد ليليث، أو بالأحرى لم تستطع الرد.
كاليكس أوفاليس، كان صديقها المقرب وخطيبها السابق.
في ذاكرتها، كان دائمًا يبتسم ابتسامة مشرقة.
كلما تذكرت مظهره،
غمرتها مشاعر معقدة لا تستطيع وصفها بالكلمات.
كان الشخص الوحيد الذي يمكن أن يُعتبر نقطة ضعفها،
على الرغم من طبيعتها المتغطرسة التي لا تخشى شيئًا.
نظر الإمبراطور إلى وجه ليليث الذي أصبح شاحبًا كبياض الثلج، وألقى نظرة مشفقة عليها.
“لقد مرت خمس سنوات منذ اختفائه.”
قبضت ليليث يديها على ركبتيها بقوة حتى بدأت ترتجف.
“أفهم جيدًا ما تشعرين به. وأعلم كيف كانت علاقتكما. ولكن…”
“حان الوقت لتتركيه يمضي.”
عضت ليليث على شفتيها، غير قادرة على كبح مشاعرها.
قبل خمس سنوات، اختفى خطيبها بشكل مفاجئ دون أن يترك أي أثر.
لم يعرف أحد إلى أين ذهب أو ماذا حدث له.
أثار اختفاء الأمير الملكي العديد من نظريات المؤامرة.
في البداية، اعتقد البعض أنه مجرد هروب مراهق طائش.
ولكن مع مرور الوقت، بدأت الشائعات الأخرى بالانتشار.
قال البعض إنه هرب مع خادمةٍ عشِقها.
وقال آخرون إنه سئم من كونه أميرًا وقرر البحث عن الحرية.
بينما افترض آخرون أنه تخفى وهرب ليعيش بين العامة، هربًا من صراع العرش.
على الرغم من أن تلك الشائعات بدت سخيفة، إلا أنها كانت جميعها قابلة للتصديق بطريقة ما.
فقد كان كاليكس دائمًا شخصًا متمردًا وغير ملتزم.
لكن ليليث كان لها رأي آخر.
“مع ذلك… خطبتنا لا تزال قائمة.”
كانت تشعر وكأن حلقها يضيق عليها، لكنها انتقت كلماتها بعناية.
“أريد أن أظل وفيةً له. أرجو ألا تطلب مني شيئًا كهذا.”
“حتى لو أمرتُ بفسخ الخطبة؟”
“جلالتك…”
“أعلم أن هذا مؤلم، ولكن هل من المنطقي أن تظلي متمسكة بخطبة مع شخص قد لا يعود أبدًا؟بصراحة، أنا قررت أن أتخلى عنه.”
ارتبكت ليليث تمامًا ولم تستطع الكلام.
تابع الإمبراطور بابتسامة حزينة:
“كوالد، كان هذا القرار مؤلمًا جدًا. لكن كإمبراطور، كان عليّ اتخاذه.”
كانت ملامحه هادئة تمامًا، مما يدل على أنه قد حسم أمره منذ وقت طويل.
“سأعلن قريبًا عن اختياري لولي العهد الجديد. ستكون هناك اختبارات، وسيتم اختيار الأمير أو الأميرة الأنسب لتولي العرش.”
“لن أنتظر كاليكس بعد الآن. هذا هو قراري النهائي.”
شعرت ليليث باضطراب كبير وهي تسمع كلماته.
نظرت إلى فنجان الشاي أمامها، ثم ردت بحذر:
“أتفهم رغبتك يا جلالتك.”
“أشكركِ على تفهمكِ.”
“نعم، خمس سنوات ليست بالمدة القصيرة. وأنا أدرك أن الأمر قد خرج عن إرادتنا.”
“لكن زينون…”
توقفت ليليث للحظة وهي تفكر في كيفية استخدام الألقاب المناسبة.
“…مسألة زواجي من السير زينون أمر منفصل. لا علاقة له بكاليكس.”
“حقًّا؟ إذًا هي مسألة أخرى… هل من الممكن أنكِ لا تحبينه؟”
تناولت ليليث رشفة من الشاي لتهدئ نفسها قبل أن تجيب.
“كيف لي أن أكره بطلًا قوميًّا؟”
“إذًا؟”
“لا شك أن له شريكة أفضل مني.”
“ربما تكونين أنتِ تلك الشريكة المناسبة.”
“لا، أنا لا أستحق ذلك.”
“أنتِ حاسمة جدًا. حسنًا، يبدو أنه لا يمكن فعل شيء حيال ذلك.”
ساد الصمت في غرفة الاستقبال للحظات. في هذا الجو الهادئ، انتظرت ليليث بصبر كلام الإمبراطور التالي.
“حسنًا… فهمت وجهة نظركِ تمامًا. أقدّر قرارك. الزواج أمر مصيري، ولا يمكن فرضه بهذه الطريقة.”
“يمكنكِ الانصراف الآن. لقد استمتعت بالحديث معكِ اليوم.”
شعرت ليليث بارتياح كبير وهي تسمع كلماته.
وقبل أن تخرج من غرفة الاستقبال، سألها الإمبراطور فجأة.
“سؤال أخير… هل ما زلتِ تؤمنين حقًا بعودة كاليكس؟”
لم تجب ليليث. لكنها انحنت برأسها انحناءة قصيرة، ثم خرجت بهدوء من الغرفة.
***
كان كاليكس أوفاليس رجلًا يشبه الشمس الساطعة.
مشعًا، واثقًا بنفسه، متغطرسًا، لكنه مع ذلك ساحر بطريقة لا يمكن إنكارها.
لم تكن تحبه، لكن كان بينهما عهدٌ من الإخلاص.
الزواج منه كان صفقة رابحة، وكان سيعود عليها بمنافع كبيرة، لذا لم يكن خيارًا سيئًا.
كانت ليليث في وقت من الأوقات ترى حياتها المستقبلية معه أمرًا مفروغًا منه.
في كل صورة رسمتها لمستقبلها، كان كاليكس حاضرًا بجانبها بلا استثناء.
لم تكن هي الوحيدة التي تؤمن بذلك؛ الجميع كانوا يصدقون أن هذا هو مصيرها الحتمي.
حتى زينون ماير نفسه.
سارت ليليث في ممرات القصر وهي غارقة في أفكارها.
تذكرت موقفًا حدث في الماضي، عندما جاء زينون ليبحث عنها بينما كانت برفقة كاليكس.
كان ذلك على الأرجح بأمر من روزالين، التي كانت تستغل زينون كثيرًا في مثل هذه المهام.
في ذلك الوقت، كانت علاقتها بكاليكس تشبه علاقة العشاق إلى حد ما.
لم تكن تحبه بالطريقة التي يحب بها العشاق بعضهم، لكنها لم تكرهه أيضًا إلى درجة تمنعها من التظاهر بذلك.
في ذلك اليوم، عندما جاء زينون، قام كاليكس بتقبيل ليليث أمامه بشكل متعمد، وكأنه يستعرض علاقتهما.
في تلك اللحظة، حاولت ليليث أن تتذكر ملامح وجه زينون حينها… لكنها لم تستطع.
كان الأمر ذكرى قديمة للغاية، ما جعلها تشعر بصداع مفاجئ. عبست ليليث وهي تضع يدها على جبهتها محاولة تهدئة الألم.
فجأة، شعرت بوجود شخص قريب. رفعت رأسها، وعندما رأت من يقف أمامها، تجمدت ملامحها.
كان زينون.
في اللحظة التي التقت فيها عيناهما، عاد غضبها المنسي ليتقد مجددًا.
كيف تجرؤ على رغبة الزواج… مني!
سارت ليليث بخطوات سريعة نحو زينون.
توقفت أمامه مباشرة، نظرت في عينيه وقالت بحدة:
“زينون.”
أشارت ليليث إلى الأرض بنظرة صارمة ووجه خالٍ من التعبير.
“اركع.”
تأمل زينون وجهها الصارم للحظات دون أن يقول شيئًا، ثم جثا على ركبتيه أمامها بهدوء.
وفجأة، رفعت ليليث يدها وصفعته بقوة.
-صفعة!
مع الصوت الحاد للصفعة، انحنى رأس زينون قليلاً.
ومع أنه كان قادرًا تمامًا على تفاديها أو مقاومتها، إلا أنه لم يفعل.
اختار أن يتحمل غضبها بصمت، وهذا جعل غضب ليليث يشتعل أكثر.
نظرت إليه ببرود شديد، ثم أطلقت ضحكة ساخرة:
“هل تظن أنني لعبة؟”
ازداد صوتها حدة مع كل كلمة.
“هل تسعى للانتقام مني؟ أهذا ما تريده؟”
كادت كلماتها الأخيرة أن تكون صرخة مليئة بالغيظ، ومع ذلك، ظل زينون صامتًا، يحدق في الأرض دون أي تعبير على وجهه.
ذلك الوجه الجامد المزعج…
قبضت ليليث أسنانها بقوة.
رغم أن ملامح وجه زينون توحي بالخضوع، إلا أن ليليث لم تخدع بذلك المظهر.
كانت تعلم جيدًا أن هذا الرجل كان دائمًا يخطط في الخفاء بينما يُظهر وجهًا هادئًا لا يُبالي.
في نظرها، لم يكن سوى شخص مخادع يتظاهر بالهدوء.
نظرت ليليث إلى زينون وهو جاثٍ على ركبتيه، وسخرت منه.
“مبروك. لقد نجحت في الانتقام. بفضلك، أصبحتُ الآن في موقف لا يُحسد عليه. هل أنت راضٍ الآن؟”
كان صوتها باردًا، مشبعًا بالاحتقار.
“إن كان لديك ما تقوله، فقله. سأستمع، أو على الأقل سأدّعي ذلك.”
حينها فقط، رفع زينون رأسه لينظر إليها.
التقت نظراتهما؛ ليليث حدقت مباشرة في عينيه الرماديتين العميقتين التي يصعب قراءة ما يدور فيها.
تلك النظرات…
لطالما كرهت ليليث تلك العيون.
سواء قبل أربع سنوات أو حتى من قبل ذلك، كان زينون ينظر إليها دائمًا بتلك النظرات المشحونة، وكأنها تحمل طلبًا غير معلن أو رغبة لا يمكن كبحها.
يا إلهي…
أنا حقًا أكره هذا الرجل.
شعرت ليليث وكأن الزمن عاد بها أربع سنوات إلى الوراء،
أو ربما حتى أبعد من ذلك، لتتذكر كل ما مرَّ بينهما.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 7"
ليليث وش تبين توصلين ؟