دوّى صوتٌ قوي في المكتب الذي كان مليئاً بالأصوات.

على الرغم من كون المكان عازلًا للصوت بشكل جيد، إلا أن ذلك الصوت وصل إلى الحراس من خلال الباب.

 

بسرعة، اقتحم الحراس الذين كانوا يراقبون الباب مكتب الإمبراطور.

لكنهم توقفوا على الفور ولم يتمكنوا من مهاجمة الهدف.

 

“……”

 

“……”

 

ما رآوه أمامهم هو “دوق بيرنشتاين” نفسه.

 

لحسن الحظ أو لسوء الحظ، لم يكن يحمل سيفه. 

كان قد حطّم المكتب بيده فقط.

 

في تلك اللحظة الغريبة، كان أول من تحدث هو الإمبراطور.

 

ابتسم بابتسامة مألوفة للحراس وأمرهم بالهدوء.

 

“لا داعي للقلق، ليست هنالك مشكلة كبير.”

 

… لقد حطّم المكتب الخاص المصنوع بأيدٍ ماهرة من الحرفيين في الإمبراطورية بيده العارية، فهل حقًا ليس هناك شيء كبير؟

ومع ذلك، لم يتجرأ الحراس على إضافة أي شيء وخرجوا من الغرفة.

 

ثم أغلق الباب خلفهم، وساد الهدوء بين الاثنين.

 

كان أول من تكلم هو الإمبراطور كاين آفيندل.

 

“هيوغو، هذا ليس من طباعك، تبدو متوتراً.”

 

“هل استخدمت نفس الأسلوب مع أنجيليكا؟”

 

“لقد ذكرت عائلة ويليامز.”

 

“كاين آفيندل، هنا ينتهي صبري.”

 

كأن كلامه هو الذي أعطى صدى لحطام المكتب المكسور الذي سقط إلى جانب كاين.

 

لم يستطع كاين كبح ضحكته، كان من الأفضل إنهاء هذه المزحة هنا.

مهما كان الإمبراطور، إلا أن هيوغو بيرنشتاين كان وجودًا يصعب تصنيفه كـ “خادم”.

 

لم يكن من العائلة المالكة، وكان يُلقب بـ “الدوق” لأن الشمال كان يمثل دولة مقسمة إلى حد ما.

 

في الشمال، لا يسمع الناس إلا لصوت عائلة بيرنشتاين وأتباعها.

إذا كانت نيته سيئة، فلن يبقى الشمال حاميًا للإمبراطورية.

 

“لا يمكننا أن نعامل أميرة ذات عيون الحكمة هكذا. لكن هيوغو، لننتهي من هذه الكذبة. الطريقة الوحيدة لإبقاء الأميرة في أمان داخل الإمبراطورية هي الزواج.”

 

“كيف يمكن لهذا الزواج أن يكون آمنًا وهو لا يختلف عن الزواج القسري؟”

 

كلمة “آمناً”هنا لا معنى لها.

 لم يكن هناك أي شيء يتعلق برغبتها في أن تأتي إلى الإمبراطورية، فبمجرد أن خطفها بأمر الإمبراطور، أصبحت في خطر لا في أمان.

 

“هل أرسلها الآن إلى إمارتها؟ هل هذا ما تريده، هيوغو بيرنشتاين؟”

 

“قل ما تشاء. عيون الحكمة مهمّة، لكن الأميرة أيضًا ثمين جدًا بالنسبة لي.”

 

كما لو أنه كان سيطلق سراح الأميرة إذا أومأ برأسه، ابتسم كاين.

 

“إذا أطلقنا سراحها، ستنتقل إلى إمبراطورية جيرفيه. هنالك يكون حبها الأول منذ عشر سنوات… من يكون ياترا؟ لا أعرف حقًا، هل قد تتمكن من التقائه ام   لا.”

 

“……”

 

“حتى إن وصلت إلى هناك، فالزواج سيكون أمرًا لا مفر منه. هناك احتمال كبير أن تصبح زوجة الأمير الثاني الذي يلفت الأنظار مؤخرًا.”

 

“……”

 

“إذاً هيوغو، هل هذا ما تريده حقًا؟”

 

لا، ليس هذا ما يريده. 

ليس كذلك. 

إذاً، لماذا يقف جامدًا دون أن يستطيع الإجابة؟.

 

كاين، الذي كان ينظر إلى كل شيء من علو، كان قد فهم تمامًا طبيعة هيوغو التي لم يدركها هو نفسه.

 

هو شخص يمكنه تحمل كل شيء، حتى لو كان له رغباته الخاصة، فإنه يستطيع التخلي عنها.

 

“مضحك، أنت الذي حصلت على كل ما أردته حتى الآن، أليس كذلك؟”

 

لم يفقد هيوغو شيئًا من قبل، سواء كان ذلك من سلطته كحامي الشمال أو من شرفه كأعظم سيف في القارة.

 

حتى الأشخاص الذين أولى لهم قلبه لأول مرة، مثل سيريل روز، كانوا لا يقدرون على منافسته في السيطرة.

 

“إن حلفاء الشمال يرسلون لي تقارير أسبوعية. يحتاجون إلى تحديد شريك زواج للدوق.”

 

“……”

 

“لقد وصلت إلى مرحلة لم أعد أستطيع فيها تجاهل مطالبهم، وسأجعلك تتزوج قريبًا.”

 

ثم ضرب كاين ظهر يد هيوغو التي لم تُصب إلا بكدمة صغيرة بعد تحطيم المكتب.

 

“الزواج الذي يجب عليك القيام به مع الأميرة، سيكون من الأفضل أن يكون مع شخص تعرفه.”

 

مرة أخرى، ظل هيوغو صامتًا.

صمته كان أقرب إلى الموافقة. ابتسم كاين وهو يلتقط ورقة من بين الأوراق المتناثرة.

 

ظهرت كلمة “زواج” في عين هيوغو.

 

“أؤكد لك، ستكون هذه واحدة من أعظم حفلات الزواج في التاريخ.”

 

أمسك القلم الذي سقط على حافة المكتب ووقع بشكل مبالغ فيه.

ومن تلك اللحظة، لم يتمكن هيوغو بيرنشتاين من قول أي شيء.

 

❈❈❈

 

في اليوم التالي.

 

أقوى سيف في القارة، وشيطان ساحة المعركة.

كان من الأنسب أن يُسمى “هيوغو بيرنشتاين” بالوحش أكثر من كونه إنسانًا، وكانت أنباء زواجه تنتشر بسرعة عبر الإمبراطورية.

 

في البداية، كان الجميع ينكرها ظنًا منهم أنها مجرد شائعة، لكن سرعان ما تأكدوا من صحة الخبر عندما اكتشفوا أن الصحيفة التي نشرت الخبر كانت على صلة بالعائلة المالكة.

 

ومن هنا، كان هناك شخص واحد كان متحمسًا أكثر من الجميع.

 

“…هل سأتزوج حقًا؟”

 

بيد مرتجفة.

 بينما كانت أنجيليكا تقرأ الصحيفة التي جلبتها لها إحدى خادمات القصر، انفجرت بتنهيدة مليئة بالدهشة والفرح.

 

على الرغم من مرور يوم كامل دون أي تعليق من جانب هيوغو، ظنّت أنه ربما كان قد ألغى فكرة الزواج.

 

بل وأكثر من ذلك، بما أنه مر بجانبها بسرعة البارحة، اعتقدت أنه قد يكون قد تراجع عن قراره.

 

“ذلك الإمبراطور الملعو.ن…!”

 

كان من الواضح أنه كان متحمسًا جدًا للزواج حتى أنه نسي أن يُخبر المعنية بالأمر!.

 

تذكرت أنجيليكا ابتسامته المزعجة، وجعلت حاجبها يلتوي بغضب.

ومع ذلك، بدأ القلق يتسلل إلى قلبها قليلاً.

 

الصحيفة لم تذكر اسم الشخص الذي سيتزوجها، فهل هي المقصودة؟.

 

“أنا؟ هل هذا يعني أنا؟”

 

“لا يمكن أن يكون. إذا كانت بيني ويليامز هي المقصودة، لكان اسمها مكتوبًا بوضوح.”

 

ومع ذلك، لم تستطع أن توقف رجفان ساقيها القلقتين رغم معرفتها بذلك.

قامت بمضغ شفتيها حتى شعرت بألم في فمها.

 

وفي تلك اللحظة،

طرق الباب برفق.

 

“أنجيليكا، هل أنت هنا؟”

 

“إيزابيل؟ تعالي!”

 

لحسن حظها، كانت قد كانت وحيدة تمامًا في تلك اللحظة. استجابت أنجيليكا بسرور، ودخلت إيزابيل بسرعة.

 

بينما كانت تقرأ الصحيفة اليوم، شعرت أن الرؤية أصبحت أوضح بكثير مقارنة بالأمس.

 

عندما كانت تقف بالقرب منها، أصبحت ملامح وجهها أكثر وضوحًا.

ومع تحسن حالتها يومًا بعد يوم، ظنت أنه ربما مع مرور الوقت، ستعود إلى حالتها الطبيعية في يوم زفافها.

 

“…إذا كان زواجي هو المقصود.”

 

لحسن الحظ، جاءت كلمات إيزابيل لتعزز أملها.

فقد قدمت لها الدعوة، وقالت الكلمات التي كانت تتمنى سماعها.

 

“جلالة الإمبراطورة دعتك لتناول الشاي معها. وتود أن تلتقي بشخص بعروسة، الدوق بيرنشتاين.”

 

“ها، الزواج… هممم، نعم، هذا صحيح؟”

 

الشعور الذي كان يخالج قلبها عندما قرأت الخبر في الصحيفة، كان مختلفًا تمامًا عن سماعه شخصيًا.

 

كان قلبها ينبض بسرعة، لدرجة أن إيزابيل ربما استطاعت أن تسمعه.

حاولت أنجيليكا كتم ابتسامتها التي تسربت منها رغم محاولاتها الحثيثة.

لكنها لم تستطع إخفاء خجلها، فقد احمر وجهها وأذناها.

 

نظرت إلى إيزابيل، وقد تلاشى القلق الذي كان يراودها.

 

“نعم، هكذا كان، أليس كذلك؟”

 

في الأمس، عندما كانت ترى هيوغو بيرنشتاين في غرفة الاستقبال، كان يبدو أنها كانت ترتجف من الخوف، وكان لديها بعض المخاوف الغير مبررة.

 

لكن اليوم، لا شيء من ذلك، كان يراودها.

 

“هل سأتزوج حقًا؟ آه، ماذا سأفعل!”

 

كان رد فعلها مشابهًا تمامًا لما حدث عندما تزوجت الإمبراطورة السابقة، سيريل روز آفيندل.

 

أي أنها كانت مفعمة بالسعادة لدرجة أن ذلك كان واضحًا جدًا.

 

“إذن، لا داعي للقلق حول ما يفكر فيه الإمبراطور.”

 

أدركت إيزابيل الغرض الحقيقي من دعوة الشاي، وهزت رأسها في صمت.

ولكن لم يكن بوسعها أن تتدخل في شؤون جلالتها.

 

سوف تتعرف أنجيليكا على حقيقة شخصية الإمبراطورة قريبًا.

 

بينما كانت إيزابيل تقود أنجيليكا إلى مكان الشاي، بدأ القلق يتبدد في قلب أنجيليكا مع مرور الوقت.

 

كانت المسافة قصيرة جدًا للمواصلات العربة، لذا ساروا معًا حتى استعاد قلبها هدوءه.

 

ولكن، مشاعرها التي حاولت السيطرة عليها لم تدم طويلاً.

 

“ما السر وراء ذلك؟ كنت أعتقد أن كاشان سيكسب هذه المرة!”

 

“إنه يبالغ في بذل جهده.”

 

“متى حدث هذا… آه، معركتنا قد ضاعت مرة أخرى.”

 

“لماذا لا تستسلمين؟ لن تتمكني أبدًا من هزيمتي.”

 

“لهذا السبب، تزيد رغبتك في الفوز، هيوغو.”

 

صوتها جاء من حديقة الزهور التي كانت مزدهرة بالورود الحمراء، حيث كان حديث الإمبراطورة السابقة سيريل روز مع هيوغو بيرنشتاين.

 

“آه…”

 

حاولت أنجيليكا كتم تنهداتها، لكن رؤيته كان لها تأثير عكسي في بعض الأحيان.

 

كانت عينيه الواضحتين أكثر بروزًا، وكان هناك ابتسامة خفيفة على شفتيه التي كانت دائمًا جافة.

 

وكان حديثهما مليئًا بالتجارب القديمة والذكريات.

 

عندما قرأت عن زواجها من هيوغو في الصحيفة، كان الألم يضرب قلبها مجددًا.

 

حتى بعد مرور سنوات طويلة على تلك اللحظة، كان هيوغو ما زال يحمل صورة سيريل روز في قلبه.

 

“هل ستظل تحب سيريل حتى بعد أن أصبحت إمبراطورة؟”

 

لم تستطع أنجيليكا فهم السبب.

 

كان عليها أن تكون راضية فقط لأنها ستتزوج من الشخص الذي كانت تحبه.

لكن قلبها كان لا يزال ينهار، وكأنه يسقط إلى الهاوية.

 

   __________________________________________

 

•فضلاً ضع نجمه واكتب تعليق يشجعني على الإستمرار!!⭐•

 

《لاتدع الرواية تشغلك عن العبادات》

 

ترجمة: ✧𝐀𝐌𝐘✧