الفصل 5 : ظُروفُ ديانا وِيلينغتون ⁵
أن يكون الإنسانُ أكثرَ رُعبًا من الأرواح الشرّيرة… لم أكن أظنّ أنّني سأُدرِكَ هذه الحقيقة بهذا الشّكل المُباشر.
هل يجب أن أُغمى عليّ الآن وأتظاهر بأنّني فقدتُ الوعي؟
أم عليّ القفزُ من خلف الحاجز، حتى لو كُسِرَت لي عظمةٌ أو اثنتان؟
“الآنسة ديانا.”
بينما كانت مئاتُ التّصوّرات تَغزو رأسها، كان إيان قد اقترب منها دون أن تشعر، وأمسك بها حتى لا تهرب.
كانت راحتُ يدِه دافئةً على نحوٍ غيرِ طبيعي.
‘لا، لا يجوز أن أبقى صامتة! يجب أن أقول أيَّ شيء!’
إن لزمتِ الصّمت، فلن تَجنيَ سوى الكراهية.
كانت تعلم ذلك، لكنّ إخراج الكلمات كان صعبًا للغاية، وكأنَّ حبلًا قد التفّ حول عنقها.
“لم أسمع… شيئًا.”
“….”
“حقًّا لم أسمع شيئًا.”
قالتها محاوِلةً ألّا ترتجف، ومع ذلك بدا صوتُها غريبًا على أُذنِها.
“أهذا صحيحٌ فعلًا؟”
“…..”
“الأفضل أن تقولي الحقيقة. فاعلمي أنَّ إجابتك قد تَجرّ… “
قد تجرُّ ماذا؟
ما الذي بعد ذلك؟ لماذا لم يُكمل؟!
كادت ديانا أن تبكي.
المرعبُ فعلًا هو أنّها تتوقّع بسهولة ما الذي سيتبع ذلك التّهديد المبتور.
لو قالت كلمةً واحدةً عن خسائر الكازينو أو غيره، فلن يُعثَر على جثّتها حتى.
“حقًّا لم أسمع شيئًا. على كلّ حال، أنت قريبٌ جدًّا… رجاءً أفلِتني…”
أزاحت ديانا يدَه عنها.
أو على الأقل حاولت ذلك.
هل شعر بأنّها تنوي الهرب فورًا إن أفلتها؟
بدلًا من الابتعاد، اقترب إيان منها أكثر، وضمّ خصرها بيديه.
‘من أين تنبثق كلّ هذه القوّة من جسده الرشيق؟!’
بدأ العرقُ البارد يَغمر ديانا.
لكن حينها…
“ديانا، هل أنتِ هنا؟”
انفتح بابُ غرفة الاستراحة كأنّها مُعجزة، وظهر المُنقذ.
كانت والدتها والسّيّدة كروفورد هما من دخلتا الغرفة.
على ما يبدو، كانتا تبحثان عنها بعد أن اختفت فجأة، فلم يصعب عليهما إيجادها.
“يا إلهي، ديانا!”
“…إيان؟”
غرفةٌ مظلمة لا أحد فيها.
رجلٌ وامرأة مُلتصقان ببعضهما.
ديانا تُحاول إبعاده، وإيان متمسّكٌ بها عنوة.
“يا للمصيبة… إيان كروفورد!!”
من الواضح أنًّ المشهدَ قد يُسِيء الفهم.
وقد انعكس الذُّعر في عيني والدة ديانا وكذلك السّيّدة كروفورد.
“أجننت تمامًا؟! ما الذي تفعله هنا بهذا الشكل؟!”
“ليست كما تظنّين، عمّتي. إنّه مجرّدُ سوء فهم.”
“سوء فهم ماذا وقد رأيتُ كلّ شيء؟! لِمَ لم تُبعد يدك عنها في الحال؟!”
صرخت بها السّيّدة كروفورد غاضبةً.
في هذا الوضع، لم يكن بوسع إيان أن يُمسك بها أكثر.
“…أعتذر.”
ورغم أنّ ملامحه توحي بأنّه ما زال لديه ما يقوله، إلّا أنّه أفلتها أخيرًا.
فابتعدت عنه ديانا بخطواتٍ سريعة.
‘نَجَوْت…’
لكن لا مجال لراحة.
فقد وجدت نفسها في مواجهة عينَين تحدّقان بها، إحداهما لوالدتها، والأخرى للسّيّدة كروفورد.
‘أستطيع أن أتخيّل نوع الفهم الخاطئ الذي حصل.’
رجلٌ وامرأة يذهبان في نُزهة، ثم يظهران معًا في غرفةٍ مُظلمة، ويبدوان لصيقَين!
“سأشرح كلّ شيء بنفسي.”
“لا، اخرس أنتَ!”
“لكن عمّتي، قبل قليل…”
“قلت لك اخرس! مهما كنتَ شابًّا مفعمًا بالحيويّة، كيف تجرؤ على التعامل مع النساء بهذه الطريقة؟!”
وهكذا، تلقّى إيان سِهامَ الاتّهام كلّها وحده.
‘أن تُسيء والدتي الظنّ؟ مفهوم. لكن حتّى السّيّدة كروفورد أيضًا؟!’
هل إيان بهذا السّوء فعلًا؟
نظرت إليه ديانا بطرف عينها.
“هل أنتِ بخير، ديانا؟”
“…نعم.”
“حقًّا بخير؟”
سؤالها تضمّن معانٍ كثيرة، منها: هل أُصِبتِ؟ هل ضايقكِ؟ هل هناك شيءٌ خاطئ؟
“أنا بخير فعلًا. لا سببَ لديّ للكذب.”
أومأت ديانا بسرعةٍ لوالدتها.
لا يمكنها أن تجعل إيان كروفورد يظهر بمظهرِ الوغد وتنجو من العواقب!
“لقد ساعدني فقط.”
“…ساعدكِ؟”
“نعم، حذائي تضرّر وفقدت توازني قليلًا، ثم أصابني دوارٌ مؤقّت.”
رفعت حذاءها المُتضرّر وأرته إيّاه.
“أنا آسفة لأنّني أقلقتُكم، لكن حقًّا لم يحدث شيء.”
“هل هذا صحيحٌ يا آنسة ديانا؟ قولي ما شئتِ بصراحة.”
“قلتُ كلّ شيء. أرجو ألّا تُسيئي الظنّ، سيّدتي.”
‘لو قلت الحقيقة كلّها، فقد تُقطَع رقبتي على يد هذا الشّخص الغامض.’
مع هذا، ابتسمت ديانا ابتسامةً مُزيّفة وبدَت هادئة.
“إيان، قُلْ لنا الحقيقة. هل كنت تُرافق الآنسة ديانا فقط؟”
“نعم.”
الشّخص الوحيد الذي يعرف أنَّ هذا كذب، هو إيان كروفورد نفسه.
“كما قالت الآنسة ديانا تمامًا.”
“أنت الذي كنت تتجنّب حتى التّواجد مع امرأة وحدك، والآن تُساعدها بنفسك؟”
عندها، تلاشت نظراتُ الغضب من عيني السّيّدة كروفورد، وظهرت مكانها مشاعرُ أخرى: الدّهشة، وربّما… الأمل.
“قُمتُ فقط بما يَجِب على رجلٍ نبيلٍ فعله. يبدو أنّكِ ما زلتِ تُقلّلين من شأني، عمّتي.”
ابتسم إيان ابتسامةً رسميّة، وعاد إلى شخصيّته المعتادة.
لكن رغم انتهاء هذا الفَهم الخاطئ، بقيت عيناه مُعلّقتَين على ديانا.
حاولت التّظاهر بأنّها لم تلاحظ، لكنّها شعرت وكأنّها بطلةُ فيلمِ رعب.
“أمّي، أظنّ أنًّ علينا العودة الآن.”
“نعم، هذا أفضل. نغادر الآن، سيّدتي.”
“بكلّ سرور. سأتّصل بكِ قريبًا، هيلينا.”
وبينما كانت التّحيّاتُ تتبادل، استمرّت تلك النّظرات الغريبة في ملاحقة ديانا.
“…إلى اللّقاء إذن.”
هل سيكون هذا آخر لقاء بينهما؟ ليت ذلك يكون صحيحًا.
مثل دُميةٍ ملعونة في فيلم رعب، لا تنفكّ عن العودة حتّى لو تمّ حرقها!
“أتمنّى لكِ عودةً سالمة، آنسة ديانا.”
ذلك الإحساس الذي جعلها ترتجف عند رؤية إيان… لم يكن مجرّد وهم.
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
التعليقات لهذا الفصل " 5"