الفصل 38 : فَخُّ الادِّعاء ⁶
[اعترافُ صادم! الجهة التي اقترحت “التلاعب بالنتائج” كانت جهةً أخرى؟]
[“هو من بدأ، ثم أدار لنا ظهره.” – صرخة موزع نادي البطاقات!]
[مقابلة بلا وجه رقم #42: من التهديد بدايةً، إلى الطمع نهايةً، فكانت الكارثة.]
[تهديد ورِشوة! ما حقيقة الأساليب الخبيثة التي عَبَثَت بالموزعين؟]
[قانون مملكةٍ جديد قيد الإعلان؟ وقتٌ ينبغي فيه التوقّف مؤقّتًا.]
***
كانت المقالات تحتوي على أمورٍ لا يتخيّلها عامّة الناس.
اعترافًا بأنّ المدلر قد تعرّض للرشوة من شخصٍ ما.
وعلى الرغم من عدم ذِكر اسمٍ صريح، فإنّ الناس تعرّفوا إلى الجاني سريعًا.
“نادي بطاقات شارع سيناكا؟ مستحيل…… ريغوليتو؟”
“أليس ذاك المكان الذي يديره كارماين بيرس؟!”
لم يكن كثيرون قادرين على تهديد مدلرٍ مخضرم أو إقناعه في شارع سيناكا ليجذبوه إلى صفّهم.
وكلّما كان الناس أكثر اطّلاعًا على طبع كارماين المتسلّط والعنيف، ازداد يقينهم بارتباطه بهذه القضيّة.
“كارماين بيرس، ذلك الوغد هو من دبّر التلاعب بالنتائج دون شكّ! لقد عرقل متجرَنا بدهاءٍ حتى حين افتتحنا!”
“حتى الكونت غودوين لم يُحسِن تربية ابنه. وبهذا الحال، فالبقيّة معروفة. تسك تسك.”
وتوجّه الغضب المكبوت إلى نادي ريغوليتو.
“هل ما ورد في المقالات صحيح؟ قولوا أيّ شيء، قدّموا تفسيرًا!”
“ابني خسر كلّ أمواله هناك! أهذا بسبب اللورد كارماين؟!”
“دعونا نلتقي باللورد كارماين بيرس! أليس من حقّنا أن يُفسِّر الأمر بنفسه؟!”
وسرعان ما امتدّت الإدانات من كارماين بيرس وحده إلى عائلة بيرس بأكملها.
وعندما أدرك الكونت غودوين بيرس حقيقة الوضع، كانت الإهانات قد خرجت عن السيطرة.
***
وفي الوقت نفسه، واجهت ديانا، التي خطّطت لكلّ هذا، خبرًا غير متوقّع.
“آنِستي، آنِستي! هل سمعتِ بالخبر؟”
هرعت سيرا وهي تُثير جلبةً واضحة.
“لقد فُرِضَ طوقٌ على نادي ريغوليتو!”
“ماذا؟”
“أعني نادي البطاقات ذاك! جاء عشرون فارسًا من الفرسان الملكيّين وحاصروا المبنى!”
نظرت ديانا إلى الخادمة بعينين متّسعتين من شدّة المفاجأة.
فرسانٌ ملكيّون فجأة؟
“هل هذا صحيح؟”
“أجل! لا تتصوّري كم الأجواء مشحونةٌ الآن في شارع سيناكا.”
الفرسان الملكيّون هم القوّة المسلّحة الوحيدة المرابطة في العاصمة.
وتحريكهم يعني أنّ هذه القضيّة قد بلغت مسامع الملك.
‘إيان هو من تحرّك.’
لا أحد يملك الجرأة على دخول نادٍ للبطاقات تحاصره فرقة من الفرسان الملكيّين.
وكان من الواضح كم سيحترق صدر كارماين بيرس، الذي أُجبِر عمليًّا على إيقاف نشاطه.
لم يبقَ الآن سوى مدى قدرة إيان على إقناع جلالة الملك.
“آه، آنِستي! هذه رسالةٌ لكِ.”
قالت سيرا وهي تُقدّم ظرفًا.
“إنّها من منزل الماركيز فالنتاين.”
فتحت ديانا الظرف على الفور بسكّين الورق.
***
الآنسة ديانا ويلينغتون المحترمة،
تحيّة طيّبة، أنا لوكاس فالينتاين.
أودّ أن أُعلِمك أوّلًا أنّ هذه الرسالة كُتِبَت بإملاءٍ من جيديون فالينتاين.
أرجو أن تعذري وقاحتي لعدم تمكّني من زيارتكِ شخصيًّا، مكتفيًا بهذه الرسالة للتحيّة.
***
كانت الرسالة مكوّنة من صفحتين.
واحدةٌ من لوكاس، وأخرى من جيديون.
وبالنظر إلى أنّ جيديون كتب أيضًا نيابةً عن أخيه ذي الذراع المكسورة، فالحقيقتان أنّ الصفحتين من قلمه.
احتوت رسالة لوكاس على عبارات شكرٍ مطوّلة مع كلمات ندمٍ صادقة.
في الموقف الخطر، أظهرتِ شجاعةً وسرعة بديهةٍ أثّرتا في عائلتنا كلّها تأثيرًا بالغًا.
كيف لا نُبدي امتناننا لكِ وقد لم تبخلي علينا بكلمات النصح حتّى آخر لحظة، كي يتصالح أخي وأنا؟
إنّ هذا المعروف أعظم من أن نفيه حقّه بأيّ كلمات.
وانتهت رسالة لوكاس بالتعبير عن ندمه واستعداده لمساعدتها في أيّ أمرٍ دون تردّد.
وعندما التقطت ديانا الصفحة التالية، ارتسمت ابتسامةٌ على شفتيها.
إذ كان أسلوب جيديون واضحًا في السطور.
***
إلى الآنسة ديانا العزيزة،
أنا جيديون فالينتاين.
أودّ أن أُوضِح منذ البداية أنّكِ لستِ مُلزَمة بقراءة رسالة ندم لوكاس تلك بقلبٍ متسامح.
تشرفتُ بمخاطبتكِ، وأرجو أنّكِ بخير.
لقد قضيتُ أيّامًا مزدحمةً في الآونة الأخيرة.
وبعد عودة لوكاس إلى القصر، انشغلتُ بتجهيز أمتعته بدلًا عنه، فتأخّرت رسالتي.
حتى لو لم تكوني بانتظار رسالتي، فقد كان قلقي مُلحًّا.
هل جرحُ ذراعكِ بخير؟
كنت أظنّ أنّ لا شيء أثقل من الاستماع إلى ترّهات أخي بصمت، لكن منذ ذلك اليوم لم أعرف راحة البال.
إن سمحتِ، أرجو أن تُطلعيني على أخبارك.
إنّ حبسي لسيّدةٍ بريئة في التوقيف، ثم انفجاري بالضحك إلى جوارها، من أكثر ذكرياتي بؤسًا في حياتي.
ومع ذلك، لا أكفّ عن استعادتها بدل نسيانها.
إن احتجتِ إليّ يومًا، فارجو أن تُخبريني.
وكما فعلتِ أنتِ، أرغب أنا أيضًا في مساعدتكِ بلا سبب.
أنتظر لقاءنا القادم.
— بانتظار ردّكِ، جيديون.
***
كان خطّ جيديون مستقيمًا وجافًّا مثل طباعه، لكنّ عباراته كانت دافئة.
‘هذا جيد، لقد تصالحا بسلام.’
ورغم المشاحنات، بدا أنّه لا ضغائن عالقة بينهما.
“ذكرياتٌ بائسة…….”
تذكّرت ديانا غيديون وهو يضحك في غرفة التوقيف.
يقولون إنّ كلّ شيء يصبح ذكرى مع مرور الوقت.
وكون تلك الذكريات ليست مخيفةً أو سيّئةً تمامًا، فذلك بفضل وجود جيديون معها آنذاك.
‘مع أنّ السبب كان جيديون نفسه.’
المهمّ أنّها أدركت، من تلك الذكريات وهذه الرسالة، أنّه ليس مجرّد شخصٍ متكبّرٍ وبارد.
وانتشرَت ابتسامةٌ رقيقة على شفتي ديانا وهي تُداعب الرسالة.
“مساعدة جيديون إذًا……”
فكّرت مليًّا، ثم ابتسمت ابتسامةً ذات مغزى.
وبدون تأخير، أمسكت الريشة لتكتب ردّها.
***
طَشّ!
دوّى صوت تحطّم كأسٍ زجاجيّ.
لكن، وعلى غير العادة، لم يهرع أحد لتنظيفه.
إذ كان دخول نادي البطاقات ريغوليتو صعبًا حتّى على الموظّفين، فضلًا عن الزبائن.
“يا جبناء! مجرّد ظهور بضعة فرسان أفقدكم عقولكم؟!”
ركل كارماين كرسيًّا وهو يُثير الشغب في القاعة الخالية.
“تبًّا! لعنةً! آآآه!!”
كان الفرسان الملكيّون المُحيطون بالنادي يُحكِمون الإغلاق بصمت، سواء هدّدهم أو توسّل إليهم.
وبصفته المالك، سُمح لكارماين بالدخول بشقّ الأنفس، لكنّ العمل بات مستحيلًا.
“كم تعبتُ لأصل إلى هنا…… كيف ينهار نادٍ بنيتُه بكلّ هذا الجهد؟!”
سقوط سمعة ريغوليتو لم يكن مجرّد إغلاق نادٍ للبطاقات.
بل كان يعني تحطيم قدرات كارماين وسمعته التي صنعها بيديه.
طوال سنوات، كان كارماين يرفع رأسه عاليًا في العاصمة بفضل العلاقات والخبرة التي بناها في ريغوليتو.
وإذا أُغلق هذا المكان، فلن يكون سوى الابن الثاني لأسرة كونتٍ ريفيّةٍ مغمورة.
“لا…… يكفي أن أصمد أيّامًا قليلة أخرى. بالتأكيد…… ستُنسى هذه الضجّة سريعًا.”
قد تكون أرباح العامّة مقبولة، لكنّ الزبائن الحقيقيّين هنا هم النبلاء المنفيّون.
“إن صمدتُ أيّامًا قليلة، سيعود أولئك المهووسون بالقمار زحفًا من تلقاء أنفسهم.”
لم يكن بوسعه إغلاق النادي هكذا.
غاضبٌ نعم، لكن لا خيار سوى الصمود.
وخلال هذا الصمود، عليه أن يعرف.
“من ذاك الذي يحاول تدمير متجري…… إن وقعتَ في يدي، لأقتلنّك لا محالة.”
صرّ كارماين على أسنانه.
لكن، خلافًا لتمنّياته، مرّ يوم، ثم يومان، ثم ثلاثة، ثم أربعة…… ولم يأتِ أحد.
‘لماذا؟’
حدّق كارماين في المتجر الخالي بذهول.
‘لماذا لا يأتي أحد؟ أين ذهب كلّ أولئك؟!’
وبينما كان يتفقّد المكان بوجهٍ شاحب، لمح رسالةً دخلت من شقّ الباب.
“ما هذا؟ ……إنذار؟”
لم تكن وهمًا.
وكان الختم حقيقيًّا.
بل ويحمل اسم الإدارة.
“ممنوع الدخول…… لماذا؟”
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
《 قناة التيلجرام مثبتة في التعليقات 》
حسابي ✿ 《انستا: fofolata1 》
التعليقات لهذا الفصل " 38"